ترامب لتايوان: ادفعي ثمن الحماية.. نحن لا نختلف عن شركات التأمين
تاريخ النشر: 18th, July 2024 GMT
الجديد برس:
صرح الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الرئاسي الحالي عن الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، بأن تايوان “يجب أن تدفع تكاليف ضماناتها الدفاعية لحمايتها من الصين”.
وأثارت تصريحات ترامب الرعب في تايوان، الأمر الذي سلط الضوء على مخاطر الانتخابات الرئاسية المقبلة بالنسبة لحلفاء واشنطن وشركائها في دول آسيا.
وانخفضت أسهم شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات، أكبر شركة لصناعة الرقائق في العالم من حيث المبيعات، بنسبة 2.4% بعد تصريحات ترامب لـ”بلومبرغ بيزنس وويك”، والتي قال فيها إن “تايوان سرقت أعمال الرقائق لدينا واستولت على نحو 100% من هذه الصناعة، والآن الولايات المتحدة تعطيهم مليارات الدولارات لبناء رقائق جديدة”.
وأضاف ترامب أنه “يجب أن تدفع للولايات المتحدة مقابل الدفاع عنها”، في إشارةٍ إلى الضمان الأمني الضمني الذي قدمه الجيش الأمريكي لها، متابعاً: “كما تعلمون، نحن لا نختلف عن شركات التأمين، وتايوان لا تُقدم لنا أي شيء”.
ورد رئيس الحكومة التايوانية، تشو جونج تاي على تصريحات ترامب، اليوم الأربعاء، بقوله إن “الدفاع عن الجزيرة، والحفاظ على السلام والاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ مسؤولية مشتركة مع الولايات المتحدة.
وقال تشو للصحافيين في تايبيه “عززت تايوان بشكلٍ مُطرد ميزانيتها الدفاعية وأظهرت مسؤوليتها تجاه المجتمع الدولي”، مضيفاً: “نحن على استعدادٍ لتحمل المزيد من المسؤولية، فنحن ندافع عن أنفسنا ونضمن أمننا”.
والولايات المتحدة هي الداعم الدولي ومورد الأسلحة الأكثر أهمية لتايوان، لكن لا توجد اتفاقية دفاع رسمية بينهما على غرار ما أبرمته واشنطن مع كوريا الجنوبية واليابان.
وطالبت الصين أكثر من مرة واشنطن إلغاء صفقات الأسلحة مع تايوان، على اعتبار أن صفقات السلاح هذه تدعم الرغبة التايوانية في الانفصال عن الصين.
يُشار إلى أن تايوان تخضع للحكم بشكلٍ مُستقل عن البر الرئيسي للصين، منذ عام 1949، وتنظر بكين إلى الجزيرة باعتبارها مقاطعة تابعة لها، بينما تؤكد تايوان أنها دولة تتمتع بالحكم الذاتي، ولكنها لم تصل إلى حد إعلان الانفصال.
المصدر: الجديد برس
إقرأ أيضاً:
لماذا لا ينتصر ترامب على الصين؟
في تصعيد بالغ الخطورة في سياق الحرب الاقتصادية الممتدة بين الولايات المتحدة والصين، أعلنت بكين عن استخدام واحد من أخطر وأهم أسلحتها الاقتصادية: المعادن النادرة.
هذا القرار الصيني لم يأتِ في سياق مناورة سياسية أو خطوة رمزية، بل يُعد تحولا استراتيجيا يعكس استعداد الصين للمواجهة المفتوحة مع واشنطن، وبالأدوات التي تؤلمها حقا.
فالمعادن النادرة -والتي قد لا يعرف الكثيرون أهميتها- هي مجموعة من 17 عنصرا كيميائيا تدخل في صميم الصناعات المتقدمة، من تصنيع المحركات الكهربائية والهواتف الذكية والطائرات المقاتلة والغواصات، إلى أنظمة الدفاع الصاروخي والطاقة المتجددة وحتى الذكاء الاصطناعي. بكين، التي تعمل على استخراج هذه المعادن منذ خمسينيات القرن الماضي، أصبحت اليوم أكبر منتج ومُعالج لها في العالم.
الصراع بين القوتين العظميين لم يعد مجرد خلافات تجارية أو منافسة على الأسواق، بل بات أشبه بحرب باردة جديدة، لكنها حرب تكنولوجية - صناعية بامتياز. كل طرف يُشهر أوراق قوته: الصين تُهدد بإغلاق صنبور المعادن النادرة، وأمريكا تُحاصر صناعة الذكاء الاصطناعي في بكين
وقد وصف الرئيس الصيني السابق دنغ شياو بينغ هذه المعادن وصفا دقيقا في عام 1992 حين قال: "الشرق الأوسط لديه النفط، أما الصين فلديها المعادن النادرة". واليوم، يبدو أن الصين قررت استخدام "نفطها التكنولوجي" لتعيد رسم موازين القوى العالمية.
الصين تُنتج اليوم ما يعادل 61 في المئة من إجمالي إنتاج المعادن النادرة عالميا، بحسب بيانات الهيئة الجيولوجية الأمريكية (USGS)، ولكن الأكثر إثارة هو أن بكين تتحكم في 98 في المئة من عمليات معالجتها وتنقيتها، وهي المرحلة التي تضيف القيمة الصناعية الحقيقية لهذه المواد.
في تموز/ يوليو 2023، فرضت الصين قيودا على تصدير عنصري الغالوم والجرمانيوم، الضروريين في صناعة أشباه الموصلات، قبل أن توسّع لاحقا هذه القيود لتشمل سبعة عناصر نادرة إضافية. هذه الخطوة شملت ضرورة حصول الشركات -سواء الصينية أو الأجنبية- على تصاريح حكومية لتصدير تلك المعادن، ما يعني عمليا وضع اليد الصينية على عنق الصناعات الأمريكية المتقدمة.
الأسبوع الماضي أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا بفتح تحقيق في أسباب اعتماد الولايات المتحدة على الصين بشكل كبير في قضية المعادن النادرة، ولماذا تأخرت الولايات المتحدة حتى الآن في الاعتماد على نفسها في إنتاج ما تحتاجه من تلك المعادن.
الحقيقة أن ترامب محق في إجراء هذا التحقيق. الولايات المتحدة ليست فقط متضررة من هذه القيود، بل هي رهينة لها. بين عامي 2020 و2023، استوردت أمريكا نحو 70 في المئة من احتياجاتها من المعادن النادرة من الصين. وعلى الرغم من إدراك واشنطن لهذا الاعتماد الخطير، فإن محاولات تقليل هذه الفجوة تسير ببطء.
فبداية من عام 2020، خصص البنتاغون حوالي 439 مليون دولار لدعم بناء سلسلة توريد محلية لهذه المعادن، لكن المشروع لا يزال في مراحله الأولى، بسبب القيود البيئية الصارمة، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وصعوبة توفير عمالة رخيصة كما هو الحال في الصين.
حتى الآن، لا توجد بدائل قادرة على سد الفراغ الصيني. أستراليا وكندا تحاولان تطوير مناجم نادرة، إلا أن مرحلة المعالجة تبقى معضلة معقدة، لأن نقل التكنولوجيا والمعالجة خارج الصين ما يزال محدودا جدا.
الصين تعتمد على مجموعة من أوراق القوة، أولها واهمها انخفاض تكلفة العمالة بالمقارنة بالأسواق الأمريكية، أضف إلى ذلك أن عملية إنتاج واستخراج ومعالجة المعادن تستلزم قيودا بيئية ومناخية صارمة، وهو ما لا تلتزم به الصين بشكل كبير.
الرد الأمريكي.. من بوابة الذكاء الاصطناعي
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ يدركان أن هذه المعركة ستحدد شكل النظام العالمي الجديد. والأخطر من كل ذلك أن المواجهة باتت بلا قواعد ولا حدود.. وكل الخيارات على الطاولة
واشنطن لم تصمت، فقد اختارت في المقابل الرد عبر أخطر الملفات الحساسة للصين: شرائح الذكاء الاصطناعي. فقد فرضت الإدارة الأمريكية قيودا مشددة على تصدير شرائح شركة Nvidia إلى الصين، خصوصا شريحة H100 وH20، التي تُعد أساسية في تشغيل الخوارزميات المتقدمة، لا سيما في شركات صينية مثل "Deep Seek" و"Alibaba Cloud".
هذه الخطوة أدت إلى خسائر مباشرة تُقدّر بـ5.5 مليار دولار لشركة Nvidia، لكنها كانت محسوبة ضمن استراتيجية أوسع لكبح جماح التطور العسكري الصيني، حيث تخشى الولايات المتحدة من تسخير هذه التقنيات في تطوير أسلحة ذكية ومنظومات قتالية مستقبلية.
الصراع بين القوتين العظميين لم يعد مجرد خلافات تجارية أو منافسة على الأسواق، بل بات أشبه بحرب باردة جديدة، لكنها حرب تكنولوجية - صناعية بامتياز. كل طرف يُشهر أوراق قوته: الصين تُهدد بإغلاق صنبور المعادن النادرة، وأمريكا تُحاصر صناعة الذكاء الاصطناعي في بكين.
هذا التصعيد المتبادل يفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر خطورة، فإذا استمرت التوترات بهذا الشكل، فإن الاحتمال الكبير هو أن تنزلق المواجهة من حرب اقتصادية إلى صراع جيوسياسي صريح، خاصة في ملفات حساسة مثل تايوان وبحر الصين الجنوبي.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ يدركان أن هذه المعركة ستحدد شكل النظام العالمي الجديد. والأخطر من كل ذلك أن المواجهة باتت بلا قواعد ولا حدود.. وكل الخيارات على الطاولة، ولكن ما يبدو حتى الآن أن ترامب لا ينتصر على الصين.