زعماء تغير مصيرهم .. كيف تؤثر محاولة الاغتيال على مستقبل ترامب؟
تاريخ النشر: 18th, July 2024 GMT
أثارت محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الحالي في الانتخابات الرئاسية، دونالد ترامب، تساؤلات عدة حول تأثير تلك الأحداث على الانتخابات المقرر أقامتها في تشرين الثاني/ نوفمبر القادم.
ونشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن تأثير محاولات الاغتيال على الشخصيات السياسية، مشيرة إلى أن محاولة اغتيال دونالد ترامب قد تؤثر على نتائج الانتخابات الأمريكية المقبلة لصالحه.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه مع بقاء أقل من أربعة أشهر عن الموعد النهائي للانتخابات اتخذت المبارزة بين الرئيس السابق والرئيس المنتهية ولايته جو بايدن منحى جديدا على أي حال. قبل الهجوم، كان دونالد ترامب يتمتع بتقدم طفيف في استطلاعات الرأي على منافسه (46 بالمئة مقابل 44 بالمئة، حسب توقعات مجلة الإيكونوميست). وعلى الرغم من أنه لم يقم أي معهد بنشر دراسات بعد محاولة الاغتيال، فإن نسب المراهنات ارتفعت فجأة.
من جانبها، تتوقع منصة المراهنة "بوليماركت"، الأكبر في العالم، أن يتمتع دونالد ترامب بفرصة 71 بالمئة للفوز بالانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر، بزيادة 11 نقطة مقارنة باليوم السابق للهجوم. ومن جهة أخرى، أكد المتخصص في الشؤون الأمريكية لوريك هينيتون في مقابلة مع صحيفة "لوفيغارو" أنه "لا يزال هناك أشهر طويلة حتى 5 تشرين الثاني/ نوفمبر، والتي ستكون مليئة بالأحداث التي يمكن أن تصب في صالح أي معسكر". فهل سيستفيد دونالد ترامب رغم ذلك من نوع من هالة الناجي وزخم التعاطف؟ هذا ما تعلّمنا إياه السوابق التاريخية.
رونالد ريغان، الذي أصبح "غير قابل للمساس سياسيا"
أوردت الصحيفة أن أحدث مثال على محاولة اغتيال مسؤول سياسي كبير في الولايات المتحدة يعود إلى 30 آذار/مارس 1981. ولا يتعلق الأمر بمرشح بل برئيس منتخب حديثا: رونالد ريغان. عندما عاد إلى سيارته بعد إلقاء خطاب في فندق هيلتون في واشنطن، تعرض رئيس الدولة لإطلاق النار بين الحشد الذي كان يرحب به خارج المبنى. أصيب رونالد ريغان في جانبه الأيسر جراء ارتداد الطلقات، ونجا من الموت لكنه أصيب بثقب في الرئة ونزيف داخلي قضى بسببه 13 يوما في المستشفى.
وعلى الرغم من أن الظروف تختلف بوضوح عن تلك التي عاشها دونالد ترامب، إلا أن الرئيس ريغان تمكن من تحويل هذه المأساة إلى انتصار سياسي. خلال أول خطاب علني له أمام الكونغرس، تلقى تصفيقا من الحزبين لعدة دقائق. وحتى رئيس مجلس النواب الديمقراطي تيب أونيل قال مادحا: "لقد أصبح الرئيس بطلا. لا يمكننا الجدال مع رجل يتمتع بشعبية مثله".. وبعد مرور ثلاثين سنة على هذه الواقعة، قال ديفيد برودر، الصحفي السياسي الشهير في صحيفة واشنطن بوست: "منذ تلك اللحظة فصاعدا، أصبح ريغان غير قابل للمساس سياسيا".
في ذلك اليوم، تمكن رونالد ريغان من "توطيد الروابط مع الشعب الأمريكي (...) لأنهم رأوا شخصا أصيلا"، على حد تعبير كاتب سيرة ريغان، لو كانون. على الأقل لفترة من الوقت: وبينما كانت شعبيته قد بلغت ذروتها عند 73 بالمئة بعد إصابته، انخفضت إلى 42 بالمئة خلال فترة الركود التي بدأت... بعد أربعة أشهر.
وفي حالة ترامب "يجب ألا ننسى أن الناخبين الأمريكيين لديهم ذاكرة قصيرة، وفي الأسبوعين الأخيرين قبل التصويت تكون لتحركات الرأي التأثير الأكبر على النتيجة النهائية"، كما يؤكد لوريك هينيتون.
جايير بولسونارو، الفائز في الانتخابات الرئاسية البرازيلية
أضافت الصحيفة أنه في 6 أيلول/ سبتمبر 2018، تعرض جايير بولسونارو للطعن في البطن وسط حشد من الناس شمال ريو دي جانيرو، بينما كان يقوم بحملته الانتخابية ليصبح رئيسا. دخل الرجل الملقب بـ"ترامب المناطق الاستوائية" إلى المستشفى وهو في حالة حرجة، وخضع لثلاث عمليات جراحية ولم يغادر المستشفى إلا بعد 23 يوما. طوال الفترة المتبقية من الحملة، تجنب جميع المناقشات والاجتماعات العامة رسميا بناء على نصيحة أطبائه.
كان بولسونارو يتصدر بالفعل استطلاعات الرأي في اليوم السابق لمحاولة اغتياله. ووفقا لاستطلاع للرأي نُشر في 5 أيلول/سبتمبر 2018، حصل على 22 بالمئة أي أكثر بحوالي 10 نقاط من أقرب منافسيه، سيرو جوميز، مرشح حزب العمال الديمقراطي. ومع ذلك، فإن هذا الاستطلاع نفسه جعله الخاسر في الجولة الثانية أمام جميع المنافسين الآخرين. لكن بعد أربعة أيام من تعرضه للطعن، ارتفعت نسبة تأييد المرشح الشعبوي إلى 30 بالمئة من نوايا التصويت. وحصل في النهاية على 46 بالمئة من الأصوات في الجولة الأولى، و55 بالمئة في الجولة الثانية.
لكن، هل محاولة اغتياله هي التي أوصلته إلى السلطة؟ على الرغم من أنها ربما ساهمت في ذلك، فينبغي أيضا البحث في أسباب تتعلق بمنافسيه. في 30 آب/أغسطس، تم إبطال ترشيح منافسه الرئيسي، الرئيس السابق (الذي أعيد انتخابه سنة 2022) لولا. ورغم الحكم عليه بالسجن 12 سنة وسجنه منذ أبريل/نيسان 2018، إلا أن الأخير كان على رأس نوايا التصويت في ذلك الوقت. ولا يتمتع بديله فرناندو حداد بمكانة لولا، كما أن اليسار البرازيلي منقسم حول عدة مرشحين. ووصل حداد أخيرا إلى الجولة الثانية، لكنه لم يستطع حشد الدعم الكافي لمنع انتصار بولسونارو.
روبرت فيكو "المثال المضاد"
في أيار/مايو الماضي، نجا رئيس الحكومة السلوفاكية من محاولة اغتيال، حيث أصيب بأربع رصاصات أطلقت من مسافة قريبة. لكن هذا الحدث الدرامي لم يكن لصالحه سياسيا.
بعد العملية، انطلق روبرت فيكو في الحملة الأوروبية، داعمًا حزبه "سْمير – الديمقراطية الاجتماعية"، الذي واجه منافسة جدية من حزب المعارضة الرئيسي، سلوفاكيا التقدمية. واستغل رئيس الوزراء الهجوم عليه بالكامل، واتهم المعارضة السلوفاكية بإثارة الكراهية ضده وطالب بالانتقام. وبدا أن هذا الخطاب نجح لبعض الوقت، مع ارتفاع استطلاعات الرأي التي وضعت حزبه في المقدمة على منافسه، قبل أيام قليلة من الانتخابات.
لكن في النهاية، فشل حزب "سْمير" حيث احتل المرتبة الثانية بعد "حزب سلوفاكيا التقدمي" بنسبة 24.8 مقابل 27.8 بالمئة. وبالتالي، فإن تأثير محاولة الاغتيال لم يلعب دورا هنا. لكن من الواضح أن الوضع مختلف عما عاشه دونالد ترامب، إذ لم يكن روبرت فيكو يسعى للحصول على أي منصب في الانتخابات الأوروبية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الرئيس الأمريكي الانتخابات الرئاسية ترامب محاولة الاغتيال الانتخابات الرئاسية الرئيس الأمريكي ترامب محاولة الاغتيال صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة محاولة اغتیال دونالد ترامب
إقرأ أيضاً:
كيف يعيد دونالد ترامب إحياء الأسطورة الأمريكية المتعلقة بـ الحدود؟
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريراً ناقشت فيه كيفية استغلال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أسطورة "الحدود" في الخطاب السياسي الأمريكي، مستحضراً روح التوسع التاريخي للولايات المتحدة لتبرير طموحاته الجيوسياسية وتبرير انتهاكاته المختلفة للمعايير الأخلاقية، مثل محاولته ضم غرينلاند.
وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه وفي 4 آذار/مارس، وخلال خطاب أمام الكونغرس، وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسالة تهديدية قال فيها: "إلى شعب غرينلاند الرائع"، هذا "الإقليم الكبير جدًا" الذي يحتاجه الأمريكيون "لأمنهم الدولي": "أعتقد أننا سنحصل عليه بطريقة أو بأخرى، سنحصل عليه. سنضمن لكم الأمن، وسنجعلكم أغنياء، وسنرفع غرينلاند إلى مستويات لم تكونوا تتخيلونها من قبل".
وأشارت الصحيفة إلى أن الطموحات التوسعية المتكررة لترامب سواء تجاه غرينلاند، أو كندا أو قناة بنما يمكن تفسيرها من خلال مبررات اقتصادية وجيوسياسية واضحة. لكن هذه الطموحات تتصل أيضًا بخيال وطني قديم: أسطورة "الحدود"، التي تجعل من أمريكا دولة لا تتوقف عن توسيع أراضيها.
ترامب وأسطورة الحدود
وذكرت الصحيفة أنه من الصعب تخيل شخصية أبعد عن أسطورة "غزو الغرب" من دونالد ترامب، الذي وُلد مليارديرًا في نيويورك ويمتلك شقة فاخرة في قمة ناطحة سحاب، وكان معروفًا حتى ذلك الحين بتركيزه على تعزيز الحدود الجنوبية للبلاد بجدار.
ومع ذلك، صرح ترامب في خطاب تنصيبه: "روح الحدود مكتوبة في قلوبنا"، مؤكدًا أن "دعوة المغامرة الكبرى المقبلة" تدوي في أعماق نفوسنا. وأضاف أن أسلاف الأمريكيين حولوا مجموعة صغيرة من المستعمرات على حافة قارة شاسعة إلى جمهورية قوية تمتد على آلاف الكيلومترات عبر أرض وعرة.
وفي 14 كانون الثاني/يناير، نشر إريك تيتسل، نائب رئيس مركز تجديد أمريكا، مقالًا في مجلة "World"، حيث وضع اقتراح ترامب بشأن غرينلاند في تقاليد "المستكشفين الذين يواجهون المصاعب في السعي وراء حياة أفضل". وقال تيتسل في مقاله: "لسنوات طويلة، كانت السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة مدفوعة بمطلب السيطرة على مصيرنا من محيط إلى آخر. ترامب يعيد إحياء هذه الروح".
أسطورة الحدود والتاريخ الأمريكي
ووفقا للصحيفة؛ تعتبر "نظرية الحدود" التي وضعها المؤرخ فريدريك جاكسون تيرنر في 1893 أحد الركائز الأساسية في الفهم الأمريكي للهوية الوطنية. حيث يعتبر أن استعمار الحدود الأمريكية كان حاسمًا في تشكيل ثقافة الديمقراطية الأمريكية وتميزها عن الدول الأوروبية.
ويعرض تيرنر الغرب وأوروبا كقوى متعارضة، حيث يسعى الأول نحو الحرية، بينما الثاني يسعى للسيطرة عليها. مشيراً إلى أن "الديمقراطية الأمريكية لم تولد من حلم نظري؛ لقد وُلدت من الغابة وزادت قوتها كلما وصلت إلى حدود جديدة".
وافترضت فرضية تيرنر أن التحليل التاريخي يتجاوز ليأخذ طابع الأسطورة منذ طرحها: "الغرب هو منبع الشباب السحري الذي يعيد شباب أمريكا"، كما قال في خطاب له عام 1896، إلا أن أسطورة الحدود قد تم استبدالها بصورة قوية أخرى ناتجة عن الحرب العالمية الثانية، مثل أمريكا زعيمة العالم الحر".
الحدود كاستراتيجية سياسية
وأفادت الصحيفة أن جون كينيدي، في خطاب تنصيبه كمرشح ديمقراطي في 1960، استخدم صورة "الحدود الجديدة"، للإشارة إلى مجالات العلم والفضاء، وقضايا السلام والحرب، والفقر.
وفي عام 1993، قال الرئيس بيل كلينتون "الاقتصاد العالمي هو حدودنا الجديدة". من جانبه، استخدم ترامب هذه الصورة في أبسط صورها، كما يراها ريتشارد سلوتكين: أمريكا التي ازدهرت من خلال التوسع غير المحدود والبحث عن الطاقة الأحفورية.
وكتب المؤرخ غريغ غراندين في مجلة نيويورك تايمز. "يبدو أنه يعلم أن القومية الغاضبة والمنطوية على نفسها التي سمحت له بالوصول إلى السلطة قد تكون مدمرة ذاتيًا".
وفي عام 1787، كتب جيمس ماديسون: "وسّعوا الأراضي، وسوف تضعفون التطرف السياسي وتمنعون الصراع الطبقي"، فيما قال توماس جيفرسون في 1805: "كلما كانت أمتنا أكبر، قلّ تأثير النزاعات المحلية".
ترامب رجل الحدود
وأضافت الصحيفة أن ترامب، الذي يعيد صياغة صورته من خلال أسطورة الحدود، يستخدم هذه الصورة لتبرير خروجه عن القواعد الأخلاقية والقانونية.
كما تلاحظ عالمة الاجتماع أولينا ليبنيك، فإن تضمين ترامب في هذه الأسطورة حوّل غموضه الأخلاقي إلى دليل على أصالة بطل الحدود، حيث يتم تصوير "رجل الحدود" كرمز للاستقلال والفردية.
لكن هذه الصورة تتجاهل الحقيقة التاريخية بأن التوسع في الغرب تم بفضل دعم حكومي، من خلال بناء السكك الحديدية وحماية الجيش. ورغم ذلك، لا تزال هذه الصورة تجد صدى في بعض الأوساط، مثل وادي السيليكون، حيث يموّل رجال الأعمال مشاريع تهدف إلى الهروب من القيود المفروضة من قبل الديمقراطيات الليبرالية.
نحو حدود جديدة: الفضاء
ونوهت الصحيفة إلى أنه بالنسبة لترامب، فإن غرينلاند تمثل مجرد بداية نحو "حدود" جديدة، وهي الفضاء. وقد صرح في خطابه الافتتاحي: "سنتبع مصيرنا المحتوم حتى النجوم"، في إشارة إلى عقيدة "القدر المتجلي" التي استخدمها الأمريكيون في القرن التاسع عشر لتبرير الاستعمار الأبيض لأمريكيا الشمالية، وألهمت سياسات أدت إلى إبادة السكان الأصليين.
واختتمت صحيفة "لوموند" تقريرها بالتأكيد على قول ريتشارد سلوتكين أن فكرة ترامب تظل ثابتة: "من غرينلاند إلى كندا، ومن غزة إلى الفضاء؛ نستولي على هذه الأرض البدائية، وسنجعلها جنة، كل ما عليكم فعله هو طرد السكان الأصليين منها".
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)