بدعم روسي.. هكذا يتسلل حفتر من ليبيا إلى الساحل الأفريقي
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على تحركات قوات المشير خليفة حفتر، التي تسيطر على شرق ليبيا ويتوسع نفوذها في منطقة الساحل الأفريقي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه يوم الثلاثاء 9 تموز/ يوليو هبطت طائرة خاصة من طراز "جلفستريم جي 450"، غالبا ما يستخدمها أقارب المشير خليفة حفتر، في واغادوغو وكان على متنها أحد أبناء رجل شرق ليبيا القوي صدام حفتر.
ولم تعلن السلطات في بوركينا فاسو ولا في بنغازي رسميا عن رحلته، وهي الأولى له إلى بوركينا فاسو منذ أن تمت ترقيته من قبل والده إلى منصب رئيس أركان الجيش الوطني الليبي في منتصف مايو/أيار.
ولم تتسرب على مواقع التواصل الاجتماعي سوى صورة لصدام حفتر بالزي العسكري إلى جانب الكابتن إبراهيم تراوري، رئيس المجلس العسكري في بوركينا فاسو.
وتوضح زيارة نجل حفتر الطموحات المتزايدة لحكومة بنغازي الموازية في منطقة الساحل. في سعيها الدائم لاكتساب الشرعية على الساحة الدولية، قام قادة شرق ليبيا، الذين يعارضون "حكومة الوحدة الوطنية" المتمركزة في غرب طرابلس والمعترف بها من قبل الأمم المتحدة، بتعزيز علاقاتهم الدبلوماسية مع الأنظمة العسكرية في منطقة الساحل في الأشهر الأخيرة.
وفي بداية يونيو/ حزيران، ذهب صدام حفتر إلى انجامينا للقاء الجنرال محمد إدريس ديبي، رئيس تشاد المنتخب في أيار/مايو.
وفي هذه الإقامة الأولى في الخارج منذ ترقيته إلى منصب قائد الجيش، قام باستبدال ملابسه العسكرية ببدلة داكنة. وحسب الخبير في الشأن الليبي ولفرام لاشر من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، هذه علامة إلى "الطموحات السياسية" للرجل الذي يتولى الآن دور مبعوث خليفة حفتر.
ويوضح الباحث من ليبيا أن "زيارات صدام حفتر لمنطقة الساحل تظهر أنه يسعى إلى تعزيز مصداقيته على الساحة الدولية في وقت بدأ فيه الاستعداد لخلافة والده، والتي يمكن أن يطالب بها العديد من إخوته".
مذكرة اعتقال
مع أنه لم يتسرّب شيء من التبادلات مع الزعيمين في نجامينا وواغادوغو، فإن الحكومة التشادية ستسعى إلى الحصول من جارتها الليبية على استمرار احتجاز مقاتلي جبهة التناوب والوفاق التشادية المتمردة.
وهذه المجموعة المتمردة، التي أنشأت قاعدتها الخلفية في المناطق الحدودية الليبية التي تسيطر عليها عشيرة حفتر، هي أصل هجوم نيسان/ أبريل 2021 الذي أودى بحياة الرئيس السابق إدريس ديبي إتنو، والد رئيس الدولة الحالي.
وحسب ولفرام لاشر فإنه "بالنسبة للنظام التشادي، فإن تعزيز التعاون مع بنغازي يمكن أن يكون وسيلة لضمان عودة بعض مقاتلي "فاكت" إلى البلاد. وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2023، اعتقل رجال المشير حفتر، طاهر وجدي، رئيس أركان القوات المسلحة الكونغولية، ثم سلموه إلى تشاد. وبعد أسبوعين، قصفت انجامينا مواقع الجماعات المتمردة في جنوب ليبيا.
وفي النيجر المجاورة، قام الانقلابيون الموجودون في السلطة، والذين يتعيّن عليهم أيضا التعامل مع الهجمات المتفرقة التي تنفذها الجماعات المتمردة التي لها فروع في المناطق التي تسيطر عليها عشيرة حفتر، بتعزيز روابطهم مع بنغازي مؤخرا.
وفي السادس من حزيران/ يونيو، أصدر الجيش الوطني الليبي، بناء على طلب نيامي، مذكرة اعتقال بحق محمود صلاح، زعيم جبهة التحرير الوطني، الذي أعلن مسؤوليته عن هجوم على جزء من خط الأنابيب الذي ينقل النفط النيجيري إلى بنين. وتأمر هذه الوثيقة، التي اطلعت عليها صحيفة لوموند أفريك، قوات الأمن الليبية بـ "متابعة تحركاته" و"اعتقاله".
ومنذ وصول الجنرال عبد الرحمن تياني إلى السلطة في انقلاب قبل سنة تقريبا، تتولى الحكومة الموازية في بنغازي رعاية علاقاتها مع النيجر.
وفي نهاية حزيران/ يونيو، قام بتسليم 33 طنا من المواد الغذائية إلى نيامي لمساعدة المجلس العسكري في دعم آلاف النازحين الذين فروا من قراهم بسبب عنف الجماعات المسلحة.
وفي وقت سابق، في الفترة المتراوحة من 26 كانون الثاني/يناير إلى الثاني من شباط/ فبراير، خلال المؤتمر الإفريقي للهجرة الذي نظم في بنغازي، استضاف المشير حفتر وفدا من الحكومة النيجيرية. وتهدف هذه الزيارة - وهي الثانية لمسؤولين نيجيريين إلى شرق ليبيا منذ انقلاب تموز/يوليو 2023 - إلى حل "المسألة الحاسمة المتعلقة بإدارة الحدود" وتحديد معالم "تعزيز التعاون بين البلدين"، وذلك وفقا لبيان الحكومة النيجيرية.
العراب الروسي
مع حدودها المشتركة مع ليبيا التي يبلغ طولها حوالي 340 كيلومترا، تعد النيجر شريكا استراتيجيا لعشيرة حفتر، لا سيما فيما يتعلق بالهجرة. وقد رحّب نظام المشير، الذي يتم تمويله جزئيا من خلال تهريب المهاجرين غير الشرعيين الذين يمرون عبر شمال النيجر، بإلغاء المجلس العسكري بقيادة عبد الرحمن تياني، في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، قانون سنة 2015 الذي يجرم المهربين الذين ينقلون المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا.
وأوردت الصحيفة أن هذا القرار صدم العديد من دول الاتحاد الأوروبي. فهم يشتبهون في أن روسيا دفعت حليفتها النيجرية الجديدة إلى تبني هذا الإجراء في اليوم التالي للإطاحة بالجنود الفرنسيين والسفير الفرنسي سيلفان إيتيه. وفي النيجر، كما هو الحال في مالي وبوركينا فاسو، تتظاهر موسكو بأنها الأب الروحي للانقلابيين وتلعب دور الوسيط بين المجلس العسكري وعشيرة حفتر، التي عززت روسيا شراكتها معها في الأشهر الأخيرة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه تمت مناقشة المحاور الرئيسية للاستراتيجية الأفريقية للثنائي الذي شكله فلاديمير بوتين وخليفة حفتر، اللذين التقيا في موسكو نهاية أيلول/سبتمبر ومن بينها،استخدام عاصمة برقة، حيث ينتشر مرتزقة فاغنر الروس منذ سنة 2019، كمنصة لوجستية تخدم الطموحات العسكرية الروسية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
في الأثناء، وصلت العديد من المعدات والرجال المنتشرين كجزء من فاغنر أو الفيلق الأفريقي، الجهاز شبه العسكري الروسي الجديد في أفريقيا، إلى باماكو وواغادوغو ونيامي على متن طائرات روسية توقفت في بنغازي.
وفي مذكرة نُشرت في 10 أيار/مايو، أفادت مجموعة التحقيق الدولية "كل العيون على فاغنر" أنه تم "نقل آلاف" المرتزقة الروس إلى ليبيا منذ بداية السنة. بعد ذلك تم نشر معظم هؤلاء الرجال، "المتجمعين معا بشكل رئيسي في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي التابع لخليفة حفتر"، حيث يستفيدون من التدريب في البلدان الأفريقية المتحالفة مع موسكو (بوركينا فاسو، جمهورية أفريقيا الوسطى، مالي، النيجر، السودان).
ونقلت الصحيفة عن الباحثة إيما فيغلينو في مقال نُشر يوم 20 حزيران/ يونيو بمجلة "كونفليكت" أن "هذه العودة الملحوظة لروسيا إلى ليبيا ليست قليلة الأهمية لأنها جزء من ديناميكية أوسع لبسط نفوذها في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل". وحسب الباحثة، فإن موقع ليبيا الاستراتيجي "مع صعوبة مراقبة حدودها ودورها المركزي في طرق الهجرة، أصبح نقطة محورية للاستراتيجية الروسية في أفريقيا" ويمكن استخدامه "كرافعة دبلوماسية أو أمنية" في مواجهة روسيا مع الأوروبيين".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية حفتر ليبيا الساحل الأفريقي روسيا ليبيا روسيا حفتر نفوذ الساحل الأفريقي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجلس العسکری بورکینا فاسو شرق لیبیا فی بنغازی
إقرأ أيضاً:
لبينة السودان.. هل يجاور غرب حميدتي شرق حفتر؟
على وقع المعارك في السودان وتقدم الجيش في العاصمة ومحيطها بدأ الحديث يدور عن سعي قوات الدعم السريع بزعامة "حميدتي" لتشكيل حكومة موازية في الغرب توازي حكومة الخرطوم، في مسعى يشبه إلى حد كبير الوضع الليبي، حيث تنقسم البلاد بين الجنرال خليفة حفتر شرقا وحكومة الوحدة غربا.
ورغم أن الفكرة طرحت في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، إلا أنها بدت الآن ربما اكثر واقعية مع تراجع الدعم السريع نحو الغرب، وفقا لمصدر مطلع تحدث لـ "عربي21”.
حكومة موازية
وقال المصدر، إن سير المعركة المتجه غربا نحو إقليم دارفور يجعل من الفكرة أقرب للواقع، خصوصا بعد الهزائم المتتالية في الخرطوم وأم درمان، مبينا أن الغرب يمثل حاضنة شعبية للدعم السريع باعتبار حميدتي من تلك المنطقة وله نفوذ قبلي داخلها منذ أيام مليشيا الجنجويد.
وأحدثت الخطوة انقساما داخل تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، التي تضم عدة كيانات من ضمنها تيار رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، حيث أعلنت لجان المقاومة في "تقدم" رفضها لأي خطوة نحو تشكيل حكومة في الوقت الحالي.
وسبق أن قدمت "الجبهة الثورية" إحدى أبرز مكونات "تقدم" مقترحا لتشكيل حكومة في المنفى خلال اجتماعات الهيئة القيادية للتحالف في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
وأكدت لجان المقاومة رفضها القاطع لتشكيل حكومة موازية في هذا التوقيت، مشددة على أن مثل هذه الخطوة ستؤدي إلى تفاقم الانقسام، وإطالة أمد الحرب، وتعقيد فرص التوصل إلى حل شامل وعادل.
وأشار البيان إلى أن الشرعية الحقيقية لا تُستمد إلا من الشعب السوداني عبر عملية سياسية مدنية ديمقراطية، منتقدًا محاولات فرض الأمر الواقع بالقوة العسكرية أو الاصطفاف مع أي من أطراف الصراع.
كما جددت لجان المقاومة دعوتها لكل القوى الثورية والمدنية إلى التمسك بوحدة الصف، والعمل على إنهاء الحرب بالوسائل السلمية، مؤكدة التزامها بمقاومة الحرب والانقسام، والسعي بكل السبل السلمية لتحقيق السلام الدائم وبناء دولة مدنية تضمن حقوق جميع السودانيين.
بدوره يقول الكاتب السوداني خالد شمس الدين، إنه لا يعتقد حاليا إمكانية تشكيل حكومة في الغرب
لاسيما أن حميدتي لا يمتلك جسما سياسيا للاستناد عليه بعد انسحاب "تقدم" ورفضها للفكرة.
لكنه استدرك قائلا، إن الموازين قد تتغير في حال تثبيت حميدتي سطيرته على إقليم دارفور بشكل واضح واتساع خط الإمداد من تشاد والشرق الليبي.
وأوضح في حديث لـ "عربي21”، أن الجيش يمتلك الإمكانية للتقدم أكثر وربما استعادة حتى دارفور، لكن قبل ذلك تطهير العاصمة بالكامل ثم الانتقال للهجوم نحو الغرب.
وتمكن الجيش السوداني خلال الأيام الماضية، من تحقيق تقدم ملموس في العاصمة الخرطوم، حيث استعاد السيطرة على مناطق استراتيجية كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع، أبرزها مقر القيادة العامة للجيش السوداني وسلاح الإشارة وغيرها من المناطق.
العودة للخرطوم
وتابع، "عقب سيطرته على العاصمة وما حولها، سيعيد الجيش المؤسسات السيادية من بورسودان شمال شرق البلاد، ومن ثم يبدا العمل من الخرطوم لاستعادة باقي المناطق عسكريا، خصوصا أن استعادة القيادة العامة وسلاح الإشارة يمثلان رمزية عسكرية للجيش، فيما ينتظر استعادة وزارة الخارجية وبعض الوزارات والمقار التي تخضع لسيطرة الدعم السريع حتى الآن".
وتوقع شمس الدين، أن الأيام القادمة ستشهد ازدياد الدعم لحميدتي عن طريق حفتر سيما بعد سيطرة الروس على قاعدة السارة بين الحدود التشادية السودانية، وهذه ربما تمثل نقلة ودعما لوجستيا جديدا للدعم السريع لقربها من اقليم دارفور.
وسبق أن ذكرت صحيفة "سودان تربيون" بأن قوات الدعم السريع بدأت في نقل معدات ثقيلة وأسلحة نوعية من قاعدة السارة، الواقعة على الحدود السودانية التشادية، إلى إقليم دارفور، قبل أيام، ويأتي هذا التحرك في ظل انسحابات متتالية لقوات الدعم السريع من مناطق في العاصمة الخرطوم.
ومطلع كانون الثاني/ يناير 2025، أفاد ياسر العطا، عضو مجلس السيادة ومساعد قائد الجيش السوداني، بأن 25% من قوات الدعم السريع هم من المرتزقة القادمين من ليبيا تحت قيادة حفتر، بالإضافة إلى عناصر من تشاد ودول أخرى، وأشار العطا إلى أن هذه القوات تتلقى دعمًا مباشرًا من حفتر، بما في ذلك الأسلحة والعتاد.
في المقابل، نفى حفتر مرارًا هذه الاتهامات، ففي يونيو 2024، صرح خلال لقاء مع قادة قواته بأنه لا يدعم أي طرف في السودان، مؤكدًا أن قواته تلتزم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وفي كانون الثاني/ ديسمبر الماضي، كشفت تقارير عن هروب جنود من قوات "الدعم السريع" السودانية، التي يقودها محمد دقلو "حميدتي"، إلى مدن ليبية تقع تحت سيطرة المشير الليبي، خليفة حفتر.
وأكدت القوة المشتركة السودانية "أنها تمكنت من صد هجمات مرتزقة ومقاتلي الجنجويد بقوات "الدعم السريع"، ما دفع إلى فرار بعضهم إلى الأراضي الليبية التي تقع تحت نفوذ "خليفة حفتر"، مؤكدة أنها تمكنت من صد هجوم مليشيا الجنجويد عندما حاولت التسلل من الحدود الليبية باتجاه مثلث الحدود الدولية السودانية - الليبية – التشادية.
وأكد بيان القوة المشتركة أن "دولة الإمارات كانت تحضّر منذ شهور في شرق ليبيا لشن مثل هذه العمليات العسكرية من أجل إنقاذ قوات "حميدتي"، لكن تم إفشال هذه المحاولة اليائسة"، وفق البيان.
الإمارات.. هي المشترك
وكما هو معروف فإن قوات حفتر وحميدتي على حد سواء تحظيان بدعم إماراتي كبير، كما تم بإشراف الأخيرة افتتاح خط إمداد بري وجوي من شرق ليبيا إلى الدعم السريع مرورا بمطارات تشاد وبمساندة روسية.
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلت عن مصادر مطلعة قولها، إن حفتر المدعوم روسيا وإماراتيا، أرسل شحنات ذخيرة، من ليبيا إلى السودان، لتعزيز إمدادات الجنرال حميدتي، وقال الجيش السوداني إن حميدتي يحشد قوة كبيرة في قاعدة جوية شمالية، لتأمين هبوط طائرة مساعدات عسكرية كبيرة من جهات إقليمية.
ولفتت الصحيفة إلى أن حميدتي سبق له مساعدة حفتر، في عمليته الفاشلة من أجل الاستيلاء على العاصمة الليبية عام 2019.