لجريدة عمان:
2025-03-19@21:02:37 GMT

اجتماع أديس أبابا .. فشل جديد!

تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT

لا تعكس مشاركة بعض القوى السياسية السودانية مؤخرا في الاجتماع الذي نظمته «الآلية الإفريقية» رفيعة المستوى المعنية بالسودان، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا خلال الفترة من 10 إلى 15 يوليو الحالي. اختبارا حقيقيا من تلك القوى لجدوى البحث عن وقف الحرب في السودان، لاسيما وأن الاجتماع أعطى أولويةً للحل السياسي، كما أن الكتل التمثيلية المتعددة التي شاركت في الاجتماع لا تعبر كلها عن كيانات سياسية حقيقية ووازنة، ولعل في إدانة البيان الختامي للاجتماع؛ انتهاكات أحد طرفي الحرب (قوات الدعم السريع) دون إدانة الطرف الآخر (الجيش السوداني) ما يكفي لمعرفة توجهات المجتمعين في أديس أبابا لناحية اصطفافهم لجانب الجيش، خلافاً لإدانات تقارير المنظمات الحقوقية والمنظمة الدولية التي كانت واضحة في إدانتها طرفي الحرب لممارستهما انتهاكات ضد حقوق المواطنين، كما أن العقوبات الدولية التي صدرت عن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي شملت أشخاصا وشركات من طرفي الحرب.

لذلك كانت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) - إلى جانب قوى سياسية أخرى - واضحة في موقفها الرافض للمشاركة في اجتماع أديس أبابا نظراً لأن منظمي الاجتماع (الاتحاد الإفريقي) لم يكشف لـ«تقدم» عن هوية المشاركين، فيما كانت تصريحات بعض رموز المؤتمر الوطني المحلول (عناصر نظام البشير) كشفت عن دعوة حزب المؤتمر الوطني للمشاركة في الاجتماع، وكان ذلك بذاته كافيا لرفض تنسيقية (تقدم)، كما كان واضحا محاولات إعادة إنتاج رديئة لممارسات سياسوية سابقة - قبل الحرب - بهدف إغراق الحل السياسي بواجهات للنظام القديم، هذا إلى جانب تجاوز المجتمعين في أديس أبابا للجند الأول المفترض لأي اجتماع للقوى السياسية (وقف الحرب) - كما حدث في مؤتمر القاهرة - قبل الخوض في نقاش أوضاع العملية السياسية لما بعد الحرب.

لقد كشفت نية عدم الخوض في الجند الأساسي (وقف الحرب) من قبل المجتمعين في أديس أبابا عن محاولة مكشوفة للتغطية على جهات سياسية شاركت في الاجتماع فيما هي لا تزال منخرطة في الحرب بالاصطفاف إلى جانب الجيش!

كل هذه المعطيات تمنح التبرير الكافي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) وقوى سياسية أخرى (حزب البعث العربي - الحركة الشعبية - وحركة جيش تحرير السودان) كي تنأى عن المشاركة في هذا الاجتماع، وكان لمقاطعة اجتماع المؤتمر من طرف القوى المشار إليها آنفاً أثر في المحاولة الخادعة التي أراد بها المجتمعون في إديس أبابا - لاحقا - الإيحاء بأنهم قرروا عدم إشراك المؤتمر الوطني (حزب نظام البشير) في المرحلة السياسية المقبلة - بعد الحرب - لكن بعبارات ذات مبادئ عامة فضفاضة .

إن تعدد مبادرات الحلول الإقليمية والدولية للأزمة في السودان (جدة - القاهرة - جنيف - أديس أبابا) يعكس عمق الأزمة، من ناحية، كما يعكس تدخل بعض الأطراف الإقليمية والدولية في هذه الحرب من ناحية أخرى.

فالتدخل الإقليمي والدولي نشأ بالأساس من آثار ممارسات السياسة الخارجية المعطوبة لنظام المؤتمر الوطني ومجازفاته على مدى ٣٠ عاماً، وهي تدخلات استدعاها العبث والتخريب في ملفات كحرب الجنوب - قبل انفصاله - وحرب دارفور ٢٠٠٣ إلى جانب ملفات الإرهاب الدولي وعناصره التي استضافها في التسعينيات مما أدى إلى وضع نظام المؤتمر الوطني في قائمة الدول الراعية للإرهاب. لذا لا يمكننا اليوم بعد الثورة والحرب في السودان؛ فصل التدخل الدولي عن علاقاته القديمة بتاريخ السياسات الخارجية المعطوبة لنظام المؤتمر الوطني على مدى 30 عاماً. ومع ذلك يعتمد نجاح المبادرات الإقليمية والدولية لحل مشكلة الحرب في السودان على أمرين؛ الأول اضطلاع القوى السياسية السودانية جميعاً بواجبها حيال تحدي الاصطفاف وقف الحرب في جبهة واحدة (وهذا متوفر جزئيا في تنسيقية تقدم) لكنه غير كاف حتى الآن، والثاني؛ توافق الأطراف الدولية والإقليمية على وقف الحرب خشية من وصول انفجار الحرب الأهلية إلى نقطة اللاعودة.

هناك اتجاه إقليمي ودولي واضح لوقف الحرب في السودان، لاسيما بعد مؤتمر القاهرة للقوى المدنية والسياسية السودانية الذي انعقد في 6 يوليو الجاري وما تلاه من حراك إقليمي نشط؛ كزيارة كل من نائب وزير الخارجية السعودية، ورئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد إلى بورتسودان، ولا شك أن في ذلك ما ينبئ بتطورات إيجابية محتملة قد تساعد في وقف الحرب والتهيئة لمرحلة سياسية جديدة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الحرب فی السودان المؤتمر الوطنی فی الاجتماع أدیس أبابا وقف الحرب إلى جانب فی الحرب

إقرأ أيضاً:

قاسم الظافر يكتب: بلد أكبر من وعي أهله به !

في عام 2009م وعلي هامش فعاليات إحدى مؤتمرات الصيرفة الإسلامية بالعاصمة الماليزية كوالالمبور، علقت في ذهني محاضرة متميزة قدمها مدير البنك المركزي النيجيري وقتها (محمد لميدو سنوسي)، كانت كلمة ضافية ومختلفة عن سابقاتها غنية في لغتها وموضوعها.. وحالياً هو أمير لإمارة كانو – نيجيريا

دهشت عندما عرّف نفسه بأنه خريج جامعة أفريقيا العالمية – السودان.
وكان مشاركاً في ذات المؤتمر دكتور رفعت عبدالكريم الذي يعتبر من أهم المساهمين في تشريعات الصيرفة الإسلامية علي المستوي العالم، وله مساهمات مقدرة في تطور صناعة المصارف الاسلامية في ماليزيا وغيرها من دول منظمة المؤتمر الإسلامي، وهو سوداني خريج جامعة الجزيرة.

تذكرت هذه المواقف، وأنا أتابع لقاءت وتجمعات مختلفة بمناسبة الشهر رمضان الفضيل لنخب لقادة أفارقة من مختلف الأقطار (الصومال، أرتريا، نيجيريا) يتبؤون مناصب مرموقة في بلدانهم، وجميعهم خريجوا المعاهد العليا السودانية.

ما هذا البلد.. بالرغم من إمكانياته المتواضعة والشحيحة، إلا أنه قدم الكثير والكثير من العلم والثقافة والأدب..
وليس لأفريقيا وحدها..

(السودان دا قيمته وعظمته وإمكانياته، وحدود تأثيرة أكبر بكتير من وعي السودانيين أنفسهم، وأكبر بكتير من وعي النخبة الحاكمة)
لذلك.. لازم نصر علي البقاء وعلي العطاء الثر..

قاسم الظافر

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • إريتريا تنفي الاتهامات بالتورط في النزاع الإثيوبي وتحذر من طموحات أديس أبابا
  • الدكتور عبد الرحمن الخضر يكتب للمحقق: الوطني والتفكير في اليوم التالي (1- 3)
  • مناقشة التحضيرات الإعلامية النهائية لمؤتمر فلسطين الثالث
  • ورقة للمؤتمر الوطني تطرح رؤية لما بعد الحرب في السودان
  • اتفاقية سلام جوبا: التمادي في بذل العهود المستحيلة (6-7)
  • خطاب الفوضى- كيف تحوّل الصراع السياسي في السودان إلى حرب لغوية مفتوحة؟
  • أي فرصة سياسية للحكومة الموازية في السودان
  • وزير خارجية السودان: القوى المدنية مسؤولة عن الحرب.. ومصر المستهدف الرئيس مما يجري حاليًا
  • قاسم الظافر يكتب: بلد أكبر من وعي أهله به !
  • روية احادية مرفوضة