تعزيز القيمة المضافة للنخلة والتمور العمانية
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
ورد ذكر كلمة «النخلة» ومشتقاتها ما يزيد على إحدى عشرة مرة في القرآن الكريم، وذلك لعظيم شأنها، وفوائدها الغذائية للإنسان، ومقاومتها للأجواء البيئية المتقلبة. النخلة تُزرع في جميع المحافظات، لذا لا يكون هناك أدنى استغراب في اهتمام العمانيين وغيرهم من الشعوب بالنخلة التي يرجع تاريخها آلاف السنين. ولعل منتجات النخلة من الرطب وما يتبعها من التمور لا يخلو منها أي بيت في سلطنة عُمان.
هناك اهتماما مستمرا من الحكومة والجهات المعنية بقطاع النخيل. حيث يتم تخصيص موازنات سنوية للمشروعات المتصلة بالنخيل، منها ما يتعلق بصيانة وترميم الأفلاج التي تُعتبر المصدر الرئيسي لري النخيل، وأيضًا شراء محصول البسور ومكافحة الآفات الزراعية. ولعل أضخم تلك المشروعات مشروع زراعة المليون نخلة، الذي كان تحت إشراف ديوان البلاط السلطاني، والذي تم تحويله لشركة تنمية نخيل عمان. الهدف من المشروع هو زيادة وإكثار أشجار النخيل بعد النقص الشديد الذي خلفه إعصار جونو، ورفع الإنتاجية، وتعزيز القيمة المضافة لتمور المائدة، وأيضًا التخطيط لتصنيع المنتجات الغذائية الناتجة من التمور للاستخدام المحلي، ورفع نسبة التصدير الخارجي.
يتكون مشروع المليون نخلة من (10) مزارع تقريبًا موزعة في أغلب المحافظات وهو من المشروعات الاستراتيجية الواعدة في الأمن الغذائي التي تساهم في زيادة القيمة المضافة للنخلة والمنتجات الغذائية المرتبطة بها. بدأ الإنتاج التشغيلي بالمجمع الصناعي للتمور بولاية نزوى وهي إحدى المزارع التابعة لتنمية نخيل عمان في (2021) بطاقة إنتاجية تصل إلى (30) ألف طن سنويا، كما أن متوسط الإنتاج السنوي في مركز عمليات بركاء يبلغ (6) آلاف طن. إضافة إلى ذلك فإن مزرعة النخيل في محافظة الظاهرة بها ما يزيد على (34) ألف نخلة، وهذا العدد وعند احتساب إنتاج النخلة الواحدة، فمن المتوقع أن يكون الإنتاج السنوي (1,734) طن تقريبًا لتلك المزرعة. وعلى الرغم من أن محافظة الداخلية احتلت النسبة الأكبر في إنتاج التمور، إلا أن الزيادة في إنتاج المحافظة كانت (821) طن تقريبًا. بالرجوع لبيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات فإن الزيادة في الإنتاج الوطني من التمور في عام (2022) كانت في حدود (2,734) طن مقارنة بالعام الذي سبقه، وبالتالي البيانات والأرقام السابقة، قد لا تعكس القيمة المضافة للكميات المنتجة (بالأطنان) من مزارع المليون نخلة، مما يعطي مؤشرًا بأن بيانات الإنتاج الوطني من التمور لا يتم تحديثها بشكل منتظم.
هناك أصنافًا كثيرة للرطب العماني ينتج في أغلب المحافظات، إلا أن هناك ضعفا في قنوات التسويق والترويج لهذا المنتج الغذائي، بحيث يكون موجودا ومنتشرًا في جميع الولايات وفي متناول يد المستهلك. فمع انتشار المحلات التجارية فمن النادر أن تجد أرففا مخصصة لبيع الرطب، وفي المقابل تجده مع الباعة المتجولين وقد يكون غير مغلف بطرق صحية أو غير جاذبة للشراء؛ عليه قد يكون مناسبًا البدء في مبادرات وطنية تقوم بها الوزارات والوحدات الحكومية بالولايات والمحافظات بتضمين شراء الرطب العماني؛ ليكون ضمن قائمة المواد الغذائية عند إقامة الفعاليات والاجتماعات والدورات التدريبية التي تعقدها الوحدات الحكومية؛ تشجيعًا للمزارع العماني الذي يتكبد مبالغ ليست قليلة في سبيل المحافظة على زراعة النخيل، وليكون ذلك دعمًا ماليًا له. كما أن بعض الوحدات الحكومية لا تعطي المنتج العُماني الأولوية في الشراء أثناء إقامة الفعاليات والمناسبات والتوجه لشراء منتجات غير عمانية، وبالتالي فحسب التعاميم الحكومية، يجب أن تكون الأولوية في الشراء للمنتج العُماني وخاصة الرطب والتمور العمانية. وإن كان لجمعية المزارعين العُمانية دور بارز في التسويق الزراعي، إلا أن هناك غيابا في التسويق والترويج للرطب ومنتجات التمور. عليه نرى أن تكون هناك فعاليات ومهرجانات بجداول زمنية محددة يتم فيها التسويق والترويج للرطب بكافة المحافظات كما هو المعمول به للتمور العمانية. بحيث تُقام تلك الفعاليات بشكل سنوي حسب فترات الحصاد لمحصول الرطب. وأيضا مثلما يحدث في تسويق الأسماك، نقترح قيام الجهات الحكومية المختصة بالتفكير في مبادرات مرادفة لتسويق محصول الرطب بحيث يكون متوفرًا في المراكز التجارية بجميع الولايات والمحافظات.
سلطنة عُمان منذ القدم تعتبر من الدول التي ساعدت دول الجوار في أن تكون لديها مزارع واسعة من أشجار النخيل، وبالتالي أصبحت بعض تلك الدول يتعدى إنتاجها الإنتاج المحلي من التمور، كما أنها تفوقت في عمليات التسويق وأيضا في إيجاد الصناعات الغذائية التي تعتمد على التمور. عليه فإن نسبة التصنيع المحلي للتمور بلغت (4%) من الإنتاج الوطني، أو ما يعادل إنتاج (15) ألف طن تقريبا في عام (2022)، وبمقارنة هذه النسبة مع كميات الإنتاج الوطني وأيضًا البدء في التشغيل التجاري لبعض مزارع المليون نخلة، وما يقوم به القطاع الخاص من مشروعات تتعلق بتصنيع منتجات التمور، فإن نسبة التصنيع والقيمة المضافة التي تدخل فيها التمور تعتبر متواضعة مقارنة بالتكاليف المالية. وبالتالي فمن أجل تعزيز القيمة المضافة، يجب عمل دراسة وافية للتحديات التي تحول دون تغطية السوق المحلي من النقص في الصناعات الغذائية التي تساهم فيها التمور بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وللمقارنة فهناك دولاً ومنها: إيران وتونس والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية، بدأت في مراحل متقدمة في مجالات التصنيع الغذائي الذي يعتمد على منتجات التمور، وأيضًا بدأت تلك الدول في التصدير الخارجي، فكانت منتجاتها من التمور الحاضرة في الأسواق الخارجية وعلى سبيل المثال في المملكة المتحدة، بينما لا يوجد المنتج العماني. وإن كانت هناك مشروعات لرواد الأعمال وخاصة في محافظة الداخلية في إنشاء مصانع لإنتاج التمور، ولكن هذه المصانع بحاجة إلى خطة وطنية تسويقيه فاعلة تغطي جميع ولايات السلطنة، وأيضًا السوق الخارجي. كذلك من الملاحظ أن أصناف التمور أو المنتجات الغذائية التي يدخل في صناعتها والتي تستورد من بعض دول الخليج تكون متوفرة بشكل واسع في السوق المحلي أكثر من المنتجات العمانية، وبأسعار أقل.
النخلة من الأشجار الثمينة التي حافظ عليها الأجداد وبالتالي يجب على الشباب الاستمرار على النهج نفسه، لذا يعتبر مشروع رؤية النخيل لنظام متعدد الوظائف الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي في القطاع الزراعي للنخيل بسلطنة عمان الفائز ضمن مشروعات التخرج الطلابية لعام (2024) دليلا على اهتمام الشباب بالنخيل وفي الاستفادة من هذا المشروع لتكوين شركات ناشئة. إضافة إلى ذلك فهناك حاجة لمشروع استراتيجي يضع رؤى تنفيذية بالخطة الخمسية الحادية عشرة يتم من خلالها وضع أهداف تشغيلية سنوية للترويج والتسويق الفعال لمحصولي الرطب والتمور، وأيضًا الاستفادة من مخلفات أشجار النخيل لتعزيز القيمة المضافة التي تدخل في تلك الصناعات. والمقصد ألا تكون النخلة فقط رمزًا من التراث الثقافي المادي ينادى عليها في موسم «الطني» بثمن بخس وإنما لتكون شامخة باسقة لها طلع نضيد يكون رزقًا للعباد، لكي تستطيع النخلة المساهمة في الاكتفاء الذاتي من الغذاء على المستوى المحلي. وأيضًا أن تكون منتجات التمور والصناعات العُمانية، بها ميزات تنافسية وجودة عالية، لتأخذ حصتها في السوق الخارجي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الإنتاج الوطنی القیمة المضافة منتجات التمور أشجار النخیل من التمور فی جمیع أن تکون إنتاج ا وأیض ا
إقرأ أيضاً:
حلقة الامتياز التجاري تناقش تطوير الشركات العمانية في شمال الشرقية
انطلقت اليوم حلقة عمل برنامج الامتياز التجاري في فرع غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة شمال الشرقية، حيث تم تسليط الضوء على مزايا الامتياز التجاري وفوائده لقطاع الأعمال.
وفي كلمته الافتتاحية، استعرض قيس بن عامر بن قيس الشيباني، نائب رئيس مجلس إدارة فرع غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة شمال الشرقية، جهود الغرفة في تنظيم النسخة الثالثة من برنامج الامتياز التجاري، مشيرًا إلى أهمية تطوير الشركات العُمانية للاستفادة من فرص الامتياز التجاري، وأكد دور الغرفة في دعم مؤسسات القطاع الخاص وتمكينها من دخول أسواق إقليمية وعالمية جديدة.
وتضمنت الحلقة عرضًا مرئيًا قدمته فاطمة الشاوي من شركة "فرانشايزمي"، حيث أوضحت الفوائد التي يجنيها مانح الامتياز وصاحب الامتياز، بالإضافة إلى القطاعات المعنية بنظام الامتياز التجاري، وجرى نقاش مثير حول قصص نجاح تحققت من خلال البرنامج، مما أسهم في تعزيز جاهزية بعض المشاريع لمنح الامتياز التجاري.
شهدت الحلقة حضور عدد من أعضاء مجلس إدارة فرع الغرفة، ومديري عموم المؤسسات الحكومية، بالإضافة إلى عدد من أصحاب وصاحبات الأعمال، مما يعكس الالتزام الجماعي بتعزيز ثقافة الامتياز التجاري في المنطقة.