توقف المطابخ.. سودانيون يواجهون شبح الموت جوعاً!!
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
أدى توقف العديد من المطابخ الشعبية لتقلص فرص كثير من السودانيين في تناول وجبة واحدة على الأقل يومياً، مما يهددهم بالموت جوعاً.
تقرير: التغيير
كالعادة يستيقظ الطفل أحمد خالد ذو العشر سنوات، صباح كل يوم، للذهاب إلى المطبخ الشعبي الذي يعرف محلياً بـ”التكايا” بعد أن نزح برفقة والدته وشقيقاته الثلاث من منزلهم بأحد الأحياء الواقعة تحت نيران القتال المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل 2023م.
وقف خالد، مع أقرانه في الصف ينتظر حصته لإطعام أمه وشقيقاته، ولكن هذه المرة لم يفلح في ذلك نتيجة عدم توفر الأموال التي تساعد في استمرار عمل “التكايا”.
ورجع الصغير بـ”الماعون” الذي أتى به فارغاً، لا يدري ماذا يفعل لإطعام أسرته التي تنتظره لتناول الوجبة الوحيدة طوال اليوم، كحال كثيرين غيره بات يتهددهم خطر الجوع بعد تناقص المطابخ التي كانت توفر لقمة تسد الرمق.
تفشي الجوعحالة الطفل أحمد، تجسد حال الكثير من الأسر التي تعتمد بشكل أساسي على هذه المطابخ، بعد أن فقد أرباب الأسر وسائل الدخل وتوقف المرتبات لأكثر من 14 شهراً، وأصبح توقف المطابخ يهدّد الأطفال وكبار السن خاصةً بالموت جوعاً.
ودقت المنظمة الدولية للهجرة، الثلاثاء، ناقوس الخطر، وقالت إن أكثر من 10 ملايين سوداني نزحوا من مدنهم وقراهم منذ بداية الحرب في أبريل 2023م، في حين يتفشى الجوع تفشياً كبيراً بين السكان.
ويمثل عدد النازحين 20% من سكان السودان، وقالت المنظمة في تقرير نصف شهري إن أكثر من 2.2 مليون شخص فروا إلى دول أخرى منذ أن تفجرت الحرب، في وقت نزح فيه نحو 7.8 ملايين داخلياً.
وأفادت المنظمة بأن نصف السكان البالغ عددهم نحو 50 مليون نسمة، يواجهون أزمة جوع وبحاجة إلى مساعدات إنسانية أكثر من أي دولة أخرى في العالم.
مجاعة مدمرةوالشهر الماضي تحدثت ثلاث وكالات أممية عن توقعات جديدة مثيرة للقلق بشأن الأمن الغذائي في السودان، وقالت إن هذا البلد يواجه “كارثة مجاعة مدمرة” لم يسبق لها مثيل منذ أزمة دارفور مطلع العقد الأول من القرن الحالي.
وحذّرت كل من منظمة الأغذية والزراعة (فاو) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي، من التدهور السريع في أوضاع الشعب السوداني، وخصوصا الأطفال، مع انهيار الأمن الغذائي جراء الحرب التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عام.
نفي حكوميورغم تلك التحذيرات التي أطلقتها المنظمات الدولية العاملة في هذا المجال، إلا أن الحكومة السودانية التي يسيطر عليها الجيش، نفت رسمياً وجود مجاعة في البلاد، وقالت إن معاناة المواطنين بسبب منع قوات الدعم السريع إدخال السلع والمعونات إلى بعض المناطق التي تسيطر عليها، خاصة ولايات الخرطوم والجزيرة ودارفور، بما شكّل تهديداً للأمن الغذائي.
وكانت الأمم المتحدة، أعلنت وصول وفدي الحكومة والدعم السريع إلى جنيف لحضور مباحثات غير مباشرة، يعقدها المبعوث الشخصي للأمين العام للسودان، بشأن الأوضاع الإنسانية.
وتعهدت بتذليل العقبات التي تواجه تقديم المساعدات الإنسانية للمواطنين، فيما أكد نائب رئيس مجلس السيادة الانقلابي مالك عقار، الإثنين، سعي وحرص الحكومة على إيصال المساعدات الإنسانية وتسهيل عمل فرق الإغاثة والفرق الطبية وموظفي المنظمات العاملة في المجال الإنساني.
توقف المطابخوبعد 15 شهراً من القتال في السودان بات خطر الجوع يهدد حياة الملايين من السكان الذين يعيشون تحت وطأة الفقر والجوع وتقزمت أحلام الكثيرين في الأمن الغذائي وليس هناك ما يسد الرمق ويحفظ النفس من الانقراض.
وفي أقل من اسبوع توالى خروج المطابخ الشعبية عن العمل بسبب انعدام المواد الغذائية وتوقف الدعم.
والثلاثاء، أعلن متطوعون في لجان مقاومة جنوب الحزام بالعاصمة الخرطوم، توقف جميع المطابخ المشتركة في عموم المنطقة، لعدم توفر الموارد المالية ونفاد مخزون المواد الغذائية.
وقال الناشط محمد يوسف لـ(التغيير)، إنهم كانوا يعتمدون على أبناء المنطقة بالداخل والخارج والخيرين في عمل المطبخ، ولكن بعد توقف التحويلات الخارجية والارتفاع الجنوني للأسعار في الأسواق التي تعمل بالمنطقة، اضطروا لإيقاف المطابخ التي تتكفل بإطعام آلاف الأسر.
وتخوف يوسف، من ارتفاع نسب الوفيات وسط الأطفال وكبار السن بعد انتشار سوء التغذية والأمراض.
وناشد المتطوع، المنظمات المحلية والدولية والخيرين بالداخل والخارج بمواصلة الدعم حتى تعود هذه المطابخ للعمل من جديد، حفاظاً على كثير من الأرواح التي أصبحت مهددة بالموت جراء الجوع أكثر من الحرب.
مناشداتكما توقف مطبخ الوادي الأخضر بمحلية شرق النيل لذات الأسباب التي ذكرها المتطوع بجنوب الحزام.
وقال المتطوع عباس محجوب عباس، إن منطقة الوادي الأخضر بها آلاف الأسر السودانية، لم يخرجوا منها لظروف مختلفة.
وأوضح أن المنطقة استقبلت الآلاف من النازحين، والمطبخ في اليوم يقدم خدماته لأكثر من 684 أسرة، وظل مستمراً لـ8 أشهر من الحرب، وأن أطول فترة لتوقف المطبخ كانت 13 يوماً بسبب توقف الدعم.
وأشار إلى وجود عدد من حالات سوء التغذية بالمنطقة والعشى الليلي وسط الأطفال، ولفت إلى أن أغلب الموجودين بالمنطقة فقدوا وظائفهم والمطبخ المنقذ الوحيد لهم، وأن عدداً من الأسر تعتمد طوال اليوم على الوجبة التي يقدمها المطبخ.
وناشد محجوب، المنظمات الدولية والمحلية وجميع السودانيين بالداخل والخارج لإسعاف منطقة الوادي الأخضر.
نقص الإمكانياتوفي السياق، أعلنت غرفة طوارئ محلية الطويشة بولاية شمال دارفور، توقف مشروع المطبخ المشترك في مراكز الإيواء بالمدينة، وذلك لنقص الإمكانيات المالية.
واستمر المطبخ في تقديم خدماته للمواطنين لما يقارب 40 يوماً، بعد نزوحهم من الفاشر التي تشهد نزوحاً مستمراً بسبب القتال الدائر بين الجيش السوداني والحركات المتحالفة معه ضد قوات الدعم السريع والمليشيا المساندة لها.
وقالت الغرفة إن أوضاع النازحين المقيمين في مراكز الإيواء كانت بالفعل صعبة قبل توقف أعمال المطابخ الخيرية، ونوهت إلى تدهور الأوضاع بشكل أكثر حدة الآن. وناشدت جميع منظمات المجتمع المدني والمنظمات الإنسانية بتقديم الدعم لمساعدة النازحين في مراكز الإيواء.
تحرك الجميعحالة الجوع المتفشية في البلاد أودت بحياة الكثيرين وأصابت من بقي منهم على قيد الحياة بسوء التغذية الحاد، قلة الغذاء وعدم توفره لعدة أشهر جعلت أصحاب الأمراض المزمنة يعانون الأمرين، حيث لجأ الأهالي لأكل ورق الأشجار، بحسب الناطق الرسمي باسم منسقية النازحين واللاجئين آدم رجال.
وأكد رجال لـ(التغيير)، أن النازحين أصبحوا يأكلون أوراق الشجر بعد توقف المساعدات الإنسانية منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل من العام الماضي.
وأوضح أن أوضاع النازحين داخل المخيمات صعبة جداً ولم يتغير أي شئ رغم المناشدات المستمرة.
وناشد طرفي النزاع بفتح مسارات آمنة للمنظمات لإيصال المساعدات للإقليم.
وشدد رجال، على أن الوضع يحتاج إلى تحرك الجميع للضغط على طرفي النزاع لإيصال المساعدات الإنسانية لمواطني دارفور بشكل فوري دون قيد أو شرط.
يبقى أن توقف الدعم يجعل إغلاق أبواب المطابخ في وجه من هم في أشد الحوجة لها نتيجة حتمية، ولكن آمال الناس معلقة بفرج قريب ودعم آتٍ يبعد شبح الموت جوعاً.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: المساعدات الإنسانیة الدعم السریع أکثر من
إقرأ أيضاً:
منظمة هالو تراست: النازحون السوريون يواجهون شبح الألغام في طريق العودة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق - إمكانات الإزالة محدودة أمام حجم المخاطر ومطالبات بزيادة الدعم الدولي
حذرت منظمة "هالو تراست" الخيرية المتخصصة في إزالة الألغام الأرضية، في تقرير لها، من تزايد عدد القتلى والجرحى جراء الألغام الأرضية والمتفجرات التي خلفتها الحرب الأهلية السورية، مؤكدة أن أعداد الضحايا وصلت إلى مستويات الأزمة.
وذكرت المنظمة أن الأسبوع الماضي وحده شهد مصرع 39 شخصًا بالغًا وثمانية أطفال بسبب انفجارات ناتجة عن الألغام الأرضية وبقايا المتفجرات الأخرى، مشيرة إلى أن إجمالي عدد الضحايا المدنيين الذين قتلوا أو أصيبوا منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024 تجاوز 400 شخص.
وأوضحت المنظمة أن هذه الأرقام قد تكون أقل من الواقع، نظرًا لصعوبة الإبلاغ عن الحوادث في المناطق النائية، حيث لا تزال العديد من الإصابات والوفيات غير موثقة رسميًا.
مخاطر متزايدة مع عودة النازحينوقال مؤيد النوفلي، مدير عمليات منظمة "هالو" في سوريا، إن أعداد القتلى والمصابين بإصابات خطيرة تتزايد بشكل ملحوظ، رغم أن نسبة صغيرة فقط من النازحين قد عادوا حتى الآن.
ومع تحسن الطقس بعد الشتاء القارس، نتوقع عودة ملايين اللاجئين السوريين والنازحين داخليًا إلى ديارهم من أجل زراعة محاصيلهم وإعادة بناء منازلهم. كما أن العديد من الأسر تنتظر انتهاء الفصل الدراسي الثاني ليعود الأطفال إلى أهاليهم، لكن المشكلة تكمن في أن هؤلاء سيخاطرون بعبور حقول الألغام المنتشرة في مناطق عودتهم.
وتتألف فرق منظمة "هالو تراست" في سوريا حاليًا من حوالي أربعين متخصصًا فقط في إزالة الألغام، ورغم تواضع هذا العدد، فإن المنظمة تلقت زيادة كبيرة في طلبات الاستغاثة منذ سقوط النظام، حيث ارتفع عدد الاتصالات طلبًا للمساعدة بمقدار عشرة أضعاف.
وبسبب تعقيد الصراع وتعدد الأطراف المسلحة، تقتصر عمليات المنظمة حاليًا على شمال غرب سوريا، وتحديدًا في المناطق الواقعة شمال وغرب مدينة حلب، حيث تعمل هناك منذ عام 2017. لكنها تسعى إلى توسيع عملياتها لتشمل مناطق إضافية في الشمال الغربي، وكذلك محافظات سورية أخرى تشهد ارتفاعًا في أعداد الحوادث.
وتشير التقديرات إلى أن الخطوط الأمامية الحالية والسابقة تمتد عبر مئات الكيلومترات في سوريا، وهي مليئة بالمتفجرات، وكثير منها غير مرئي، مما يعقّد عمليات إزالة الألغام ويجعلها أكثر خطورة.
الدعم الدوليوأكدت منظمة "هالو تراست" أنه في حال توفير المزيد من الموارد، فإنها ستكون قادرة على مضاعفة فرق إزالة الألغام وزيادة عدد خبراء المتفجرات للعمل على تأمين المناطق الخطرة، بالإضافة إلى نشر فرق توعوية لتحذير المدنيين من الأماكن غير الآمنة.
وفي هذا السياق، أعرب مؤيد النوفلي عن تقديره للدعم الذي تلقته المنظمة من المانحين حتى الآن، لكنه شدد على أن هذا الدعم لا يزال غير كافٍ لمواجهة حجم التحدي القائم. وأوضح أن المنظمة قادرة على توسيع فرق إزالة الألغام لتضم المئات من العاملين، غير أن تحقيق هذا الهدف يتطلب تمويلًا سنويًا يقدر بنحو 40 مليون دولار.
وأضاف أن المنظمة تتمتع بالخبرة والمعرفة اللازمتين لجعل المناطق أكثر أمانًا، وإذا تمكنا من تأمين الأراضي للزراعة والأنشطة الاقتصادية، فسنساهم في إعادة بناء سوريا وتعزيز انتعاشها الاقتصادي، ما قد يمهد الطريق لتحولها مجددًا إلى دولة ذات دخل متوسط.
وتؤكد المنظمة أن إزالة الألغام لا تقتصر على كونها إجراءً ضروريًا لحماية أرواح المدنيين، بل تمثل أيضًا خطوة حاسمة لتمكين السوريين من استعادة حياتهم الطبيعية والمشاركة الفاعلة في إعادة إعمار بلادهم.