سوف تفاجئنا كثيرا شواطئ المستقبل
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
في ديسمبر الماضي هبَّت عاصفة مفاجئة على مقاطعة يابلس في فلوريدا، فاجتثت في طريقها الشواطئ، وسلبتها نصف الكثبان الرملية فيما بين سان بطرسبرج وكليرووتر. كان الضرر جسيما، وشديد الإيلام، لأن المقاطعة كانت قد أنفقت للتو قرابة ستة وعشرين مليار دولار على نقل الرمال دعما للكثبان بعد أن ضربها إعصار في أغسطس.
ولكن هذا الحدث أبعد ما يكون عن الاستثنائية.
بالنسبة لكثير من مجتمعات تلك الشواطئ، تستحق إصلاحات الشواطئ الثمن الباهظ الذي يبذل لحماية الممتلكات العقارية والسياحة فيها. لكن مع تسارع تآكل تلك الشواطئ بسبب التغير المناخي، من المرجح أن يكون نقل أو شحن كميات ضخمة من الرمال لتجديد الشواطئ أمرا غير محتمل اقتصاديا وغير عملي لوجستيا. وقد يجد صناع السياسات أنفسهم مرغمين عما قريب على قرارات أليمة بشأن الشواطئ والهياكل التي يمكن إنقاذها.
وليس هذا وبالا على محبي الشواطئ بالضرورة. فالشواطئ بطبيعتها تتنقل، ويحسن حالها ويسوء. وخلافا لبعض آثار التغير المناخي الأخرى التي تبدو أشد جهامة كلما أوغلنا النظر في المستقبل، يمكن للشواطئ المهاجرة في نهاية المطاف أن تجعل سواحل أمريكا أفضل صحة بتوفيرها مواطن جديدة تزدهر فيها الشعاب المرجانية والحياة البرية اللتان تتأثران سلبا بتجديد الرمال.
لقد تعين في السابق على أهالي الشواطئ أن يقوموا بصيانة الرمل على سواحلهم نظرا لتحول الشواطئ في بواكير القرن العشرين إلى مقاصد مثلى للإجازات. وبحلول أواسط ثلاثينيات القرن العشرين كان العمران الشاطئي في كوني آيلند ونيويورك ووايكيكي وهاواي وأطلنطيك سيتي بنيوجيرزي قد أتى على الشواطئ فاستوجب ذلك تلقيها الدفعات الأولى من الرمال.
وازدادت الحكومة الفيدرالية انخراطا في تلك الجهود بحلول منتصف القرن العشرين، حينما أصبحت حماية الشواطئ الأمريكية من الكوارث الطبيعية جزءا من تكليفات سلاح المهندسين الذي يتحمل في العادة أكثر من نصف تكاليف مشروعات تجديد الشواطئ، في حين تتولى وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية المهمة في الغالب عندما تتضرر الشواطئ بسبب الأعاصير.
وقد بات أهالي الشواطئ يعتمدون الآن أكثر من ذي قبل على هذا الدعم في جذب السياح المحبين للمنتجعات الشاطئية، وبيوت الإجازات، وتأجير العقارات. وفي الولايات المتحدة وحدها، تبلغ الضرائب المحصلة من السياحة الشاطئية ستة وثلاثين مليار دولار سنويا. وإذن فمن المنطقي أن تكون الحكومة قد أنفقت ما يقدر بـ8.2 مليار دولار على تجديد الشواطئ في هذا القرن وحده، مقارنة بما لا يزيد إلا عن 3.6 مليار دولار في كامل القرن العشرين.
وسوف تحتاج الشواطئ إلى المزيد من التغذية مع تفاقم العواصف التي تجرف رمالها، وازدياد صعوبة الحفاظ على هذه الرمال في أماكنها بسبب ارتفاع منسوب البحر، ولأن الإفراط في استخراج المياه الجوفية يؤدي إلى غرق الأرض وجفاف الأنهار التي كانت ذات يوم تنقل الرمال إلى الساحل. ونحن نشهد بالفعل أن الشواطئ القريبة من سان دييجو وسان كليمنت في كاليفورنيا تتقلص بمتوسط 4.75 أقدام في العام. وفي غياب هذه الشواطئ، لا يبقى شيء يقي البيوت والمنتجعات وغيرها من المباني المنتشرة على الشاطئ من غضب المحيط.
بل إن العثور على الرمال بات أكثر صعوبة، فكثير من مصادره البحرية استنزفت، مما أجبر سفن الجرف على الإيغال في البحر بحثا عن الرمل واستخراجه من قاع المحيط. في بعض الأماكن تحتم نقل الرمل بالشاحنات من البر بتكلفة أكبر كثيرا، بل تحتم في بعض الحالات شراؤه من بلاد أخرى. فقد استورد منتجع «جويل جراندي» في خليج مونتيجو على سبيل المثال رمالا من جزر البهاماس لصيانة شواطئه قبل افتتاحه للعمل في عام 2017.
تتنافس البلدات الشاطئية بالفعل مع الشركات التي تستعمل الرمل في تصنيع ما لا يقتصر على الخرسانة والزجاج والأسفلت بل يمتد إلى تصنيع الهواتف المحمولة وأشباه الموصلات والرقائق الدقيقة. لقد تزايد الطلب على الرمل خلال العقدين الأول والثاني من هذا القرن إلى ثلاثة أمثال ما كان عليه. وأدت المنافسة إلى ما يعرف بعصابات مافيا الرمل التي تجرفه بشكل غير شرعي في بلاد كثيرة من المغرب إلى إندونيسيا، مما أسفر إلى رفع أسعاره في العالم.
بالنسبة لكثير من المجتمعات الأمريكية التي يقوم اقتصادها على السياحة الشاطئية، قد يكون إنفاق أموال الضرائب على تجديد الشواطئ أمرا مستحقا الآن، ولكن هذه الاقتصادات تقل جاذبية من عام إلى عام. في جنوبي كاليفورنيا، من المرجح أن ترتفع كمية الرمال اللازمة لتجديد الشواطئ إلى ثلاثة أمثالها بحلول عام 2050، وقد ترتفع التكلفة إلى خمسة أمثالها، وفقا لدراسة حديثة. وكثير من المناطق الشاسعة في ساحل جيرزي تستوجب بالفعل إصلاحا كل سنة أو سنتين، وفي حال ارتفاع منسوب البحر هناك قدما واحدا خلال الأعوام الثلاثين القادمة، بحسب ما تنبأت به الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، فسوف تتعاظم الحاجة. وسرعان ما ستستحيل المواكبة.
سوف تتوقف بعض المجتمعات الشاطئية في نهاية المطاف عن ترميم شواطئها، إما فجأة أو من خلال ما يعرف بالانسحاب المدار، وهو ابتعاد مرتب وتدريجي عن الشواطئ يجتنب إحداث صدمات لملاك العقارات والمقيمين فيها. في هذه الحالات، يمكن إعادة توجيه الأموال المخصصة حاليا لدعم الشواطئ إلى إقامة مبان مؤقتة كالمنازل النموذجية والخيام التي يسهل نقلها من أماكنها. كما يمكن توجيه التمويلات إلى برامج حكومية تشتري العقارات، وبخاصة من أصحاب المنازل الذين يمكن أن ينقلوا بيوتهم إلى أماكن أخرى أو يستأجرونها من الحكومة وتبقى في الوقت نفسه مرنة. والانسحاب المدار يتسبب في تثبيط التطوير خلافا لتجديد الشواطئ التي تشجع التطوير.
طبعا، سوف تختفي الشواطئ. لكنها قد تظهر في أماكن أخرى، وبهذا قد يفيد تآكل الشواطئ اليوم سواحل أخرى غدا.
وفي حين أن التغذية متجذرة في إصرارنا على أن تبقى الشواطئ في مكان معين، فالحقيقة هي أن الشواطئ لم تكن مثلما نتخيلها، فلو تركت الشواطئ وشأنها لأدواتها، فإنها ببساطة سوف تتنقل، مع ارتفاع منسوب البحر، وبعضها سوف ينجرف صعودا أو هبوطا، أو يتقلص ثم يعود فيتوسع في ظل أن قوة الرياح والأمواج والمد تمضي بالرمل في وجهات عديدة. بعض الشواطئ سيتوغل في البر، وسعيد الحظ منها سوف يتسع. ومثل هذه الهجرات طبيعية، بل هي صحية من وجهة النظر الجيولوجية، إذ تتيح للشواطئ دعم الطيور والأسماك والشعاب المرجانية التي تعتمد عليها.
في بعض الأماكن، يحدث هذا بالفعل. ففي جنوب لوس أنجلوس يتسع شاطئ هنتنتن كل عام. وفي هولندا، تتعامل جزيرة شيرمونيكوج بسهولة مع ثلاثمائة ألف زائر كل سنة وتتسع شواطئها سنويا. والجزر الحاجزة البرية قبالة ساحل جورجيا متماسكة تماما ومتاح لها من خلال المد والجزر التكيف مع الظروف الطبيعية المتغيرة. كما وجد الباحثون الذين درسوا 184 جزيرة غير مأهولة تقريبا في المالديف أن 42% منها تتآكل، لكن 39% مستقرة نسبيا و20% تنمو.
لا يمكننا أن نتنبأ لأي شاطئ معين كيف سيكون سلوكه حينما يترك وشأنه، ولا نعرف بالضبط أي شكل سوف تأخذه السواحل الجديدة. لكن إنهاء التغذية لا يعني أن نودع بهجة قضاء يوم على الرمل. فلو أننا تنحينا جانبا، سوف تستمر الشواطئ.
سارة ستودولا مؤلفة «الملاذ الأخير: وقائع الجنة والربح والخطر في الشاطئ».
خدمة نيويورك تايمز
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: القرن العشرین ارتفاع منسوب ملیار دولار الشواطئ فی
إقرأ أيضاً:
بعضها مدى الحياة.. أطول عقود اللاعبين في القرن الـ21
أعاد العقد الجديد وطويل الأمد الذي وقّعه النرويجي إيرلينغ هالاند مع فريقه الحالي مانشستر سيتي الإنجليزي مؤخرا إلى الأذهان اتفاقات سابقة من هذا النوع، عرفها تاريخ كرة القدم.
ولا يُعد مانشستر سيتي هو أول فريق يبرم عقدا طويل الأجل مع أحد اللاعبين، بل سبقه إلى ذلك العديد من الأندية في إنجلترا وأوروبا التي سعت من جهتها إلى الاحتفاظ بأبرز لاعبيها ونجومها، وإبقائهم لأطول فترة ممكنة في صفوف الفريق.
???? 9.5 years. Erling Haland just signed the longest contract in Premier League history. pic.twitter.com/Q8yBCBU430
— The Sportsman (@TheSportsman) January 17, 2025
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نصفهم مغاربة.. أعلى 10 لاعبين عرب أجرا في العالمlist 2 of 2هل تعرّض برشلونة لظلم تحكيمي أمام خيتافي؟end of list وتاليا نُلقي نظرة على أطول 10 عقود تمت في القرن الـ21: أندريس إنييستا (برشلونة- مدى الحياة)في عام 2017 فكرت إدارة جوزيب ماريا بارتوميو الرئيس السابق لبرشلونة تكريم إنييستا عبر تقديم عرض لمدى الحياة لواحد من أبرز نجوم النادي في التاريخ، وهو ما تم بالفعل.
إنييستا وقع عقدا مدى الحياة مع برشلونة عام 2017 (غيتي)لكن الصادم أن إنييستا غادر برشلونة بعد عام واحد فقط، حيث انتقل لفريق فيسل كوبي الياباني.
إيكر كاسياس (ريال مدريد- مدى الحياة)يُعتبر كاسياس واحدا من أساطير ريال مدريد وعليه قررت إدارة النادي الملكي مكافأته من خلال توقيع عقد لمدى الحياة، وهو مقترح تحوّل إلى حقيقة عام 2008.
إعلانلكن كاسياس فضّل الرحيل عن الميرنغي في عام 2015 بعد أن فقد مكانته كحارس أساسي، لينتقل إلى صفوف بورتو البرتغالي.
راؤول غونزاليس (ريال مدريد- مدى الحياة)في الوقت نفسه اتبعت إدارة ريال مدريد النهج نفسه مع راؤول الذي خطف قلوب مشجعي الفريق الملكي على مدى 14 عاما (1994-2008)، فوقّع اللاعب بدوره على عقد يبقيه في سانتياغو برنابيو حتى اعتزاله كرة القدم.
لكن وبعد عامين فقط من ذلك (2010) غادر راؤول ريال مدريد وإسبانيا، وبدأ تحديا جديدا في ألمانيا وبالتحديد مع فريق شالكه.
إيرلينغ هالاند (مانشستر سيتي- 9.5 مواسم)هو الاسم الأحدث في هذه القائمة، حيث وقّع هالاند عقده الجديد مع مانشستر سيتي يوم الجمعة 17 يناير/كانون الثاني 2025، والذي يربطه بالسيتزنس لمدة 9 مواسم ونصف الموسم أي حتى يونيو/حزيران 2034.
هالاند يمكن أن يستمر مع مانشستر سيتي بموجب العقد الجديد حتى عام 2034 (مواقع التواصل)هالاند بالأساس انضم لمانشستر سيتي في صيف 2022 قادما من بوروسيا دورتموند الألماني، وحقق معه العديد من الألقاب أبرزها الدوري الإنجليزي الممتاز (2) ودوري أبطال أوروبا (1).
ليونيل ميسي (برشلونة- 9 مواسم)نثر ميسي سحره في الملاعب منذ أول مباراة خاضها مع برشلونة في عام 2003، ومع مرور الوقت جعل من نفسه أسطورة حقيقية للنادي الكتالوني، وربما اللاعب الأفضل في تاريخ البلوغرانا.
وحرصا منها على إبقاء ميسي لأطول فترة ممكنة في كامب نو وقعّت معه إدارة برشلونة عقدا يمتد لـ9 مواسم، لكنه رحل إلى باريس سان جيرمان الفرنسي عام 2021 بطريقة صادمة بعد فشل البلوغرانا في توقيع عقد جديد معه بسبب مشاكله الاقتصادية.
كول بالمر (تشلسي- 9 مواسم)بعد الاتفاق مع مودريك وانزو فيرنانديز على توقيع عقود طويلة الأمد اتبعت إدارة تشلسي برئاسة الأميركي تود بويلي السياسة نفسها مع كول بالمر، ولكن هذه المرة في سوق الانتقالات الصيفية لعام 2023.
وانضم بالمر إلى تشلسي قادما من مانشستر سيتي، ووقّع مع الأول عقدا يبقيه في ستامفورد بريدج لمدة 9 سنوات أي حتى صيف عام 2032.
إعلان إينياكي ويليامز (أتلتيك بيلباو- 9 مواسم)بدأ ويليامز مسيرته الكروية مع أتلتيك بيلباو حتى تم تصعيده إلى الفريق الأول عام 2015، وبعد ذلك بـ4 سنوات وقعت معه الإدارة عقدا يمتد لـ9 سنوات.
ويعود سبب ذلك إلى أن جماهير الفريق الباسكي ترى في ويليامز أسطورة حقيقية لذا تمنت لو يعتزل بقميص أتلتيك بيلباو.
SPORTS:Atlethic Bilbao and Ghanaian Striker Inaki Williams ???????? holds the record for the Most Consecutive La Liga Games with 251 appearances from 2016-2023.
He signed a 9-year deal with the club in 2019 which includes a £119 million release clause. pic.twitter.com/afTTBepVrH
— AYOOBA. (@ayooba00) March 3, 2023
إنزو فيرنانديز (تشلسي- 9 مواسم)دخل تشلسي ميركاتو الشتاء من عام 2023 بقوة، وتعاقد مع عدد من اللاعبين، من بينهم إنزو فيرنانديز المتوج قبلها بأيام قليلة فقط بكأس العالم 2022 مع منتخب الأرجنتين.
وحصل تشلسي على توقيع إنزو في 30 يناير/كانون الثاني 2023 قادما من بنفيكا البرتغالي وربطه بعقد يمتد حتى شتاء 2032، أي لـ9 سنوات.
ميخايلو مودريك (تشلسي- 8.5 موسم)حصل تشلسي على توقيع مودريك في 15 يناير/كانون الثاني 2023 قادما من شاختار دونتيسك الأوكراني، حينها كان اللاعب خامس صفقة "للبلوز" في ميركاتو الشتاء.
ووقّع مودريك على عقد يبقيه في ستامفورد بريدج مدة 8.5 سنوات، أي حتى يونيو/حزيران 2031.
In Chelsea blue! ???? pic.twitter.com/JYvnVmjCfZ
— Chelsea FC (@ChelseaFC) January 15, 2023
سيسك فابريغاس (أرسنال- 8 مواسم)يُعد فابريغاس من اكتشافات أكاديمية لاماسيا التابعة لنادي برشلونة، لكنه رحل عن النادي الكتالوني في عام 2004 إلى أرسنال، وبعد عام واحد فقط أبرمت معه إدارة الغانزر عقدا طويل الأمد استقر عند 8 سنوات.
لكن اللاعب لم يقاوم إغراءات العودة إلى ناديه الأم، فحزم حقائبه وسافر إلى برشلونة عام 2011 من أجل ارتداء قميصه مجددا.