فى انتظار استراتيجية قومية لنهضة التعليم
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
التعليم قضية حياة أو موت. لا يصح أن تبقى مشروعًا مؤجلًا، ولا ينبغى أن تظل قضية ثانوية، فكل تقدم لا يستند إلى تعليم جيد ومتميز هو تقدم مؤقت.
أقول ذلك، وأنا حزين، لأننا على الرغم من مرور أكثر من عشر سنوات على العهد الجديد، وبعد ثورتين عظيمتين، وتعاقب حكومات عديدة، لم نبدأ بعد فى تنفيذ مشروع وطنى لنهضة تعليمية غير مسبوقة.
إننا لم نبدأ فتح ملف التعليم رغم القناعة العامة لدى الجميع، حكامًا ومحكومين بأنه طوق النجاة الوحيد القادر على تحقيق العبور بالإنسان المصرى نحو التقدم والحياة الكريمة.
قلنا، وكررنا، واتفقنا جميعًا على أن التعليم هو أساس النهضة فى أى أمة، وأنه لا عبرة لإنجازات عمرانية، ومشروعات بنية تحتية كبيرة، وتشريعات ملائمة ومستقرة، دون إيجاد الإنسان الواعى المتزن القادر على استيعاب تطور العالم.
ومثل هذا المشروع العملاق، والقومي، ليس مشروعًا لوزارة محددة أو وزير بعينه، وإنما هو مشروع دولة فى الأساس، ويبدأ بالمعلم والمدرسة، وينطلق بلا حدود ليفتح للطالب سماوات الابتكار والبحث والتطور، وينقل شباب الغد إلى مستويات متميزة فى الوعى والفهم والتعامل مع مستجدات العالم.
ولا شك أنه يحتاج لمجلس أعلى يترأسه رئيس الجمهورية بنفسه، ويكون لديه صلاحيات وسلطات واسعة، وتخصص له موارد حقيقية، تستهدف نتائج عملية من خلال برنامج زمنى محدد.
وأتصور أننا يجب أن نبدأ مشروعًا قوميًا لتأهيل المعلمين وتدريبهم وتطويرهم ثقافيًا ومعرفيًا، ومنهجيًا. فصناعة العقل البشري، والتكوين الثقافى تبدأ من عنده، وكافة الدول التى حققت تنمية حقيقية اعتمدت مشروعات وبرامج تطوير حقيقى للتعليم وتركيز كبير على تحسين أوضاع المعلمين لديها.
وإذا كانت السنوات الماضية قد شهدت تركيزًا واهتمامًا كبيرًا بقطاع البنية التحتية باعتباره قطاعًا أساسيًا لتحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات، وإذا كنا قد استنفدنا وقتًا وجهدًا وكلفة مالية كبيرة فى تحقيق إنجازات عمرانية لا تخطئها عين، فإنه آن الأوان لإطلاق أكبر مشروع حضارى مصري، وهو إصلاح التعليم وتطويره ليصبح عصريًا، ومناسبًا للمستقبل القريب والقادم بأسرع مما نتصور.
لقد كانت أساس النهضة المتحققة فى بلدان عديدة فى العالم ترتكز على التعليم، كما أن محاولات النهضة فى التاريخ المصرى نفسه اعتمدت على التعليم وإرسال البعثات، ونحن لدينا كوادر مهمة وعقول عظيمة وخبراء ومفكرون نابهون فى هذا المجال يُمكن أن نستفيد من جهودهم فى إطلاق أول استراتيجية قومية للنهضة التعليمية.
وسلامٌ على الأمة المصرية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د هانى سرى الدين التعليم قضية مشروع ا مؤجل ا العهد الجديد أساس النهضة المشروع العملاق مشروع ا
إقرأ أيضاً:
ألغام في طريق سلام وترشيح حزبيين بهويات تكنوقراط
كتب رضوان عقيل في" النهار":لم يتوقع أحد أن تكون طريق تأليف الحكومة معبّدة وسلسة أمام الرئيس المكلف نواف سلام، وبدا واضحا أن مهمته محفوفة بألغام نيابية ومناطقية عدة.
والواقع أن الكلام المعسول الذي سمعه، سواء من الكتل التي أيدته أو تلك التي لم تسمّه، لا يُطبّق ولا يستقيم على أرض الواقع عند توزيع الحقائب وإسقاط الأسماء عليها. وإذا كان سلام يريد تأليف حكومة بعيدة عن الأطر التقليدية التي مارسها أسلافه، فسيجد نفسه أمام أحد أمرين: السير بما يتلقاه من الكتل "على بياض"، أو تقديم تشكيلة تكون له الكلمة الأولى في أسمائها.
والحال أن ثمة من يمارس لعبة التمويه مع بعض الأسماء المطروحة، إذ ينزع عنها الصفات الحزبية ويقدّمها في قالب التكنوقراط. ولوحظ طرح شخصيات لعدد من الحقائب من غير أهل الاختصاص، ما يشي بقابلية الجميع للمضي في سياسة التنفيعات ومحاولة كل فريق ححز أكبر حصة من الكعكة الحكومية.
في غضون ذلك، وجّهت أكثر من جهة خارجية كانت لها أدوار في انتخاب رئيس الجمهورية وأخرى ليست بعيدة عن تسمية سلام، رسائل من طريق ديبلوماسيين تحذر من الإتيان بوجوه مستهلكة، وهكذا يواجه سلام أكثر من حاجز على خطوط الطوائف والكتل. وإذا كانت الأمور سارت بإيجابية بينه وبين ثنائي "أمل" و"حزب الله" فلا شيء محسوما بعد مع هذا المكون سوى إبقاء حقيبة المال للشيعة، من دون أن يبت سلام الأسماء المطروحة أمامه.
أما على خط توزير السنّة، فيواجه صعوبات أيضا. وإذا جاء بوزير من بيروت وثان من صيدا وثالث من البقاع، فلن يبقى إلا وزير واحد للشمال، علما أن طرابلس وعكار تطالبان بوزير لكل دائرة، مع التذكير بأن نحو نصف عدد سنّة لبنان من الشمال. وكانت أصوات سنّية طالبت بالحفاظ على وزارة الداخلية والبلديات وعدم إعطائها لمسيحي مقابل الخارجية.
صحيح أن "تيار المستقبل" خارج لعبة التأليف، لكنه يراقبها بعناية شديدة ولم يخف على سبيل المثال اعتراضه على شخصية مطروحة لحقيبة الداخلية، نظرا إلى أهميتها في الانتخابات النيابية المقبلة.
وإذا كان سلام مصمما على الإتيان بوجوه "مضيئة" ولا غبار على مسيرتها، ويتم لهذه الغاية تداول أسماء تكنوقراط، فثمة من يدعوه إلى التدقيق جيدا في هويات المطروحين للتوزير لأنهم ليسوا من "المضيئين"، مع الإشارة إلى أن أحدهم في حقه دعاوى قضائية.
في موازة ذلك، لا يزال المعارضون لتسلم "الثنائي" حقيبة المال يعتبرون أن تثبيتها للطائفة أدى إلى إسقاط طرح المداورة، فيما وصلت رسالة نيابية سنية إلى سلام تدعوه إلى إبقاء الداخلية من حصة الطائفة. وتصدر أصوات عدة منبهة إلى النواب "التغييريين"، إذ يتحدث كل واحد منهم، فضلا عن ناشطين شيعة وغيرهم، كأن سلام لا يتخذ أي خطوة من دون التشاور معهم على مستوى توزيع الحقائب وتمثيل الأفرقاء.
وبالوصول إلى اختيار الوزراء المسيحيين، تبرز عقبات مستجدة لكثرة الكتل الطامحة إلى حجز مقاعد لها في جنة السلطة، مع التساؤل عما إذا كان "التيار الوطني الحر" سينضمّ إلى الحكومة أو سيغادر إلى المعارضة.
اختصارا، إذا لبّى سلام مطالب كل الكتل تصبح الحكومة "ميني برلمان".