نقاد: كاظم الساهر أنقذ القصائد الغنائية من الاندثار بعد رحيل «حليم»
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
«أخذ على عاتقه فكرة إحياء القصائد منذ سنوات طويلة»، بهذه الكلمات وصف عدد من نقاد الفن المسيرة الفنية لقيصر الغناء العربى كاظم الساهر قبل أن يحيى، الليلة، أمسيته المنتظرة ضمن فعاليات النسخة الثانية لمهرجان العلمين، البداية مع الناقد محمود فوزى السيد، الذى قال إن القصائد الغنائية كادت تندثر بعد رحيل العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، لأنه لم يكن هناك أحد يتصدر لغنائها، ولكن كاظم الساهر أخذ على عاتقه منذ سنوات طويلة إحياء غناء القصائد مرة أخرى من خلال غنائه لأشعار نزار قبانى، وكذلك التوأمة التى كونها مع الشاعر كريم العراقى.
وأشار «السيد» إلى أن اتجاه كاظم الساهر لتلحين القصائد أعطى له قيمة وانطباعاً كبيراً جعله المطرب الذى نلجأ له عندما نحب الاستماع إلى غناء قصيدة قوية والاستمتاع بها، ولذلك فهو له تأثيره الخاص فى الغناء وله منطقته الخاصة ما بين كل مطربى الوطن العربى. ولفت إلى أن اختيار «القيصر» ضمن فعاليات مهرجان العلمين يكشف حرص القائمين على المهرجان على التنوع واختيار فنانين مختلفين فى شكل الموسيقى.
وقال الناقد مصطفى الكيلانى إن الفنان «الساهر» واحد من أهم مطربى الفترة الذهبية فى التسعينات والألفينات، ووجوده على الساحة رقم مهم، لنجاحه فى الحفاظ على غناء القصائد، الأمر الذى حمل تأثيراً كبيراً فى المنطقة العربية، متابعاً: «نشعر أحياناً بأن أعمال (الساهر) قليلة فى وقت معين، نظراً لغياب توأمه الشاعر كريم العراقى، ولكنه تمكن من العودة مجدداً بأفكار جديدة ومواكبة للعصر».
وأكد «الكيلانى» أن مصر احتضنت موهبة الشاعر العراقى، لينطلق من أرضها إلى سموات المجد: «كاظم الساهر ابن ليالى التليفزيون وأضواء المدينة، وبدأت شهرته الأساسية من الحفلات فى مصر، والتى أصبحت انطلاقته للعالم كله، ولذلك (مصر وش الخير عليه كعادتها مع على كل مطرب عربى»، وأرجع «الكيلانى» اختيار «الساهر» للمشاركة فى مهرجان العلمين فى نسخته هذا العام لحرص المهرجان على إرضاء كل الأذواق والأعمار.
من جانبها، وصفت الناقدة دعاء حلمى حفل كاظم الساهر بالحدث العظيم، مشيرة إلى أن «القيصر» صاحب منطقة خاصة باسمه ولديه جمهوره العاشق لأغنياته، بحسب قولها، وأضافت «حلمى»: «استطاعت مصر جذب النجوم الكبار مرة أخرى لمنارة الشرق الأوسط، وهذا يؤكد الريادة المصرية فى مجال الفن، واحترافية الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية راعية الفن المصرى».
وعن مسيرة «الساهر»، قالت: «تجربة ثرية بدأت فى العراق، وكنت وقتها طفلة صغيرة بالكويت التى كانت تستضيفه باعتباره نجماً صاعداً فى بداية مشواره الفنى، حتى تألق واستطاع الصمود لسنوات طويلة». وتابعت: «الساهر فنان «براند» له اسمه وبصمته وتاريخه العريض، ومن أهم نقاط نجاحه تحوله من الأغانى العراقية لأغانى اللغة العربية، فهذا التحول تعلق الجمهور به»، لافتة إلى أن غناء «القيصر» لكلمات الشاعر نزار القبانى أحبها المستمعون، وكذلك الأغنيات التى لحنها وكانت على قدر عالٍ من الاحترافية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مهرجان العلمين العالم عالمين مدينة العلمين الجديدة کاظم الساهر إلى أن
إقرأ أيضاً:
الجانب الإنساني في شعر عقيل بن ناجي المسكين
د. جمال فودة **
إن تكثيف بنية دلالية ما في نص شعري يوحى بأنها ظاهرة متميزة ينسجها الشاعر في حالة وجدانية خاصة، حيث تنصهر هذه الدلالة في سياق التجربة، وبفعل إبداعية اللغة داخل النص تحمل إيحاءات ثرية تضفي على النص حيوية متجددة، وحضوراً لا يبلغه النص بدون هذا الترابط بين مبناه ومعناه، وتلك إحدى ميزات العمل الفني الناجح.
وهذا ما نجده عند الشاعر (عقيل المسكين) عندما يوظف الشعر الاجتماعي في كتاباته؛ إذ يستقي المعاني والموضوعات من محيطه الشخصي والاجتماعي، ويعتمد في تصويره على الخيال والملاحظة على نحو يستطيع من خلاله إبراز الدلالة الكامنة وراء الألفاظ، ويتمتع شعراء الشعر الاجتماعي بملكات نفسية يستطيعون من خلالها التعبير عن المواقف الاجتماعية المتفاوتة بل والمتناقضة.
وجاء اعتماد (المسكين) على هذه السمة الدلالية في قصائده، كأداة تعبيرية تسهم في كشف رؤيته لواقعه هذا من ناحية، كما تعين المتلقي على استكشاف أبعاد التجربة واستنطاق الدلالة من ناحية أخرى، وقد استطاع "المسكين" استغلال هذه البنية الدلالية استغلالاً أضحى واضحاً في إبداعه، وأصبح من الملامح الأسلوبية التي تشكل بنية النص في شعره.
فتبدو قصائده حافلة برموز إيحائية ودلالات نفسية، واستبطان لخلجات الوجدان وومضات الفكر، ذلك أن الشاعر مادامت قد أصبحت له رؤية خاصة في إطار تجربته، ومادام يستعين باللغة الإيحائية وليس باللغة المعجمية وسيلة للكشف والتعبير، فإن اللفظة تتجاوز معناها المعجمي إلى دلالة خاصة تتسق ورؤية الشاعر.
إن ما يسميه البعض بـ (شعر المناسبات) كما هو عند (المسكين) ليس مجرد خطرات فكرية اهتدى إليها بتأملاته وتجاربه، بل وعاء انصهرت فيه ثقافته وشخصيته، فكانت خير منهل ارتوى منه وصدر عنه إنتاجه الشعري، فعبر عنها تعبيراً إنسانياً من الناحية الفكرية والأدبية، حيث كان يزاوج بين العقل والحس، وتميزت قصائده بكونها وليدة الوجدان والفكر معاً، فهي تزخر بالمعاني الدقيقة، وتنضج بالعاطفة، وتزدهي بالإيقاع الموسيقي المنتظم، الأمر الذي جعلها تجمع بين قوة الإقناع وجمال الامتاع.
ولسنا ممن يُؤيد رأي بعض النقاد في اتهام الشعر الاجتماعي بالسطحية والتكلف، وأن عناصر وحيه وقف على مواقف يحددها الزمان والمكان، فلا يأتي عفوًا، ولا من فيض الخاطر، في ظننا أن هذا تجنٍ واضحٌ، وظلمُ فادحُ؛ لأن ما يقوله الشاعر من فيض إحساسه بعد معايشة موقفٍ أثرفي نفسه، وأثار وجدانه وفكره، فنظم فيه شعره مثل قصيدة (وُلد الهدى) في مدح النبي - صلى الله عليه وسلم- لأحمد شوقي، و مثل رثاء (ابن الرومي) لابنه، ورثاء (الخنساء) لأخيها، ورثاء (نزار قباني) لزوجته بلقيس ... هذه كلها وغيرها الكثير من شعر المناسبات، لكنها تجسد تجربة ناجحة ؛ لأنها صادقة، لم يُجبر قائلها على نظمها؛ فقد قالها من فيض خاطره ورهافة مشاعره، وصدق احساسه، وهذا ما ألفيناه جلياً عند ( المسكين).
فمثلاً قصيدته (شيخ المكارم) في مدح الدكتور المهندس (عبد الله السيهاتي) التي نرى الشاعر فيها حريصاً على ذكر مناقب الممدوح من نبلٍ وكرم، ومكارم، وحسن خلق وغير ذلك من الصفات الإنسانية، فإن قصائده امتازت بدقة التفكير، وبعد الخيال، هذا إلى جانب صدق العاطفة بعيداً عن المغالاة والتملق، ففي مدحه تحس نبض قلبه يخفق حباً وتقديراً واحتراماً لمن هو لذاك أهل .
يقول:
شيخ المكارم والندى والجود
شيخ تألق في ذراه نشيدي
وحدود حب الأصدقاء أخوة
والشعر إخوته بغير حـدود
أرضيت ربك طاعة وأمـانة
والربح يبقى جـنة المـعبود
وفي الختام نقول: إن (عقيل المسكين) شاعر لا يُعرف وإنما يُتعرف عليه، من خلال رصد الدلالات التي يبثها في بنية النص الشعري؛كتقنية أسلوبية تشير إلى استرفاد الشاعر من ينابيع ثقافية متباينة؛ سعياً إلى تشكيل الدلالة النصية التي تتكون لبناتها من جمل وتعابير دلالية خاصة، تنتظم في سياق التجربة الشعرية وتنصهر في بوتقتها.
** عضو الاتحاد العالمي للغة العربية