غزة - صفا

رغم إعاقته التي يعاني منها منذ ولادته، يصرّ الفتى الفلسطيني أسامة أبو معوض على تلبية بعض احتياجاته الخاصة بنفسه داخل خيمة يسكنها رفقة عائلته بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة، بعد نزوحهم إليها من شماله بداية الحرب الإسرائيلية قبل 10 شهور.

أبو معوض (15 عاما) المولود بلا ذراعين يرجع سبب إعاقته - وفق ما أبلغهم أطباء - إلى استنشاق والدته حينما كانت حاملا به للغازات السامة والفوسفور الأبيض الذي ألقاه جيش الاحتلال على منطقة إقامتهم في حرب العام 2008.

وشنّت قوات الاحتلال في 27 ديسمبر/ كانون أول لعام 2008 حربا على قطاع غزة، استمرت 23 يوما، وأسفرت عن استشهاد 1436 فلسطينياً، وإصابة أكثر من 5400 آخرين؛ نصفهم من الأطفال، فيما قتل 13 إسرائيلياً، وأصيب 300 آخرون.

وتؤكد تقارير أن "إسرائيل" استعملت ضد الفلسطينيين قنابل الفوسفور الأبيض الذي يعرض المدنيين لإصابات خطيرة وطويلة الأمد، ويمكن أن يشمل تأثيره المتأخر اضطرابات القلب والأوعية والانهيار القلبي الوعائي، وتلف الكُلَى والكبد وانخفاض مستوى الوعي والغيبوبة، وقد تحدث الوفاة بسبب الصدمة أو الفشل الكبدي أو الكُلَوي أو تلف الجهاز العصبي المركزي أو عضلة القلب.

وسبق وأن حذر أطباء فلسطينيون بغزة من آثار هذه المادة على النساء الحوامل وأجنتهن، معربين عن تخوفات من وجود علاقة بين التعرض له وإعاقة أطفالهن.

القدمان عوضا عن الذراعين

في كافة تفاصيل حياته، يعتمد أسامة على قدميه بدل الذراعين، فتارةً يمسك بهما "الفرشاة والمعجون" لتنظيف أسنانه، وتارة أخرى يستعملهما لتصفيف شعره.

كما يستعمل قدميه لتجهيز الطعام وتقطيع الكميات القليلة المتوفرة من الخضروات والفواكه، وكتابة كل ما يجول في خاطره من أفكار على الورق.

لكن الحياة داخل خيمة النزوح تفاقم من معاناة الفتى الذي يصفها بأنها "قاسية بالنسبة للإنسان السليم غير المعاق، فما بالكم بمن لديه إعاقة!".

ويقول "في الوضع الطبيعي، شخص بمستوى إعاقتي يحتاج إلى رعاية خاصة بكافة تفاصيل يومه، وهذا ما حرمتني منه الحرب".

ويشير إلى إصابته برأسه برصاصة مباشرة أطلقتها صوبه القوات الإسرائيلية، خلال رحلة نزوحه من بلدة بيت لاهيا شمال القطاع إلى دير البلح.

معاناة داخل الخيمة

وعن معاناة حياة النزوح، يوضح أسامة بأن الخيمة المصنوعة من النايلون والأقمشة الرديئة "تتحول مع ساعات نهار الصيف إلى ما يشبه الفرن بفعل ارتفاع درجات الحرارة".

ولا تكون الخيمة في الشتاء أحسن حالا من الصيف، إذ يقول أسامة إنهم يعانون فيها من تسرب المياه ومن البرودة الشديدة.

ويضيف "تساعدني والدتي في إنجاز ما أعجز عنه خلال اليوم خاصة دخول المرحاض وتبديل الملابس وتناول الطعام أحيانا".

ويناشد أسامة للضغط من أجل نقله للعلاج خارج قطاع غزة وتركيب أطراف صناعية له كي تساعده في ممارسة تفاصيل حياته.

إصابة رغم الإعاقة

بدوره، يقول عطية أبو معوض، والد أسامة إن جيش الاحتلال تعمد إصابة نجله بشكل مباشر خلال رحلة النزوح إلى جنوب وادي غزة بناء على إنذار الجيش آنذاك.

ويتابع للأناضول: "توجهنا بداية هذه الحرب إلى المنطقة الآمنة التي أعلنها الاحتلال جنوب وادي غزة، لكن في الطريق تم استهداف أسامة بإطلاق نار صوب رأسه رغم وضوح إعاقته وفقدانه أطرافه العلوية".

ورغم أن الحرب فاقمت من الضغوط النفسية على المواطنين الفلسطينيين إلا أن تأثيرها يبقى مضاعفا على ذوي الإعاقة، بحسب والده.

لذا يضطر الوالد لقضاء أغلب ساعات يومه داخل الخيمة بجانب أسامة، في محاولة للتخفيف عنه ومواساته في ظل ما يعاني منه بسبب ظروفه الخاصة.

وعن وضع نجله، يقول أبو معوض: "الحسرة تأكلني كلما شاهدت المعاناة التي يعيشها أسامة وأنا أقف عاجزاً عن مساعدته".

ويطالب أبو معوض أهل الخير بضرورة النظر إلى حالة نجله ومساعدته على السفر لتركيب أطراف صناعية والعودة لحياة شبه طبيعية بعد ما عاشه من ظروف قاسية بهذه الحرب.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول تشن "إسرائيل" حربًا وحشية على غزة بدعم أمريكي وترتكب مجازر خلفت أكثر من 127 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: طوفان الاقصى العدوان على غزة

إقرأ أيضاً:

40 ألفا و476 شهيدا ضحايا الحرب الإسرائيلية

#سواليف

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، الثلاثاء، ارتفاع حصيلة #ضحايا #الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع #غزة إلى “40 ألفا و476 شهيدا و93 ألفا و647 مصابا” منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وقالت وزارة الصحة بغزة في تقريرها الإحصائي لليوم 326 من الحرب، عبر منصة تلغرام: “ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 40435 شهيدا و93647 إصابة منذ السابع من أكتوبر الماضي”.

وأوضحت أن “ #الاحتلال الاسرائيلي ارتكب 3 #مجازر ضد عائلات في قطاع #غزة وصل منها للمستشفيات 41 شهيدا و113 إصابة خلال الـ 24 ساعة الماضية”.

مقالات ذات صلة إحدى قصص الألم الموجعة بغزة.. خالد التتري فقد ابنه وذراعه وكف بصر أمه 2024/08/27

ولفت التقرير إلى أنه “لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم”.

وتشن إسرائيل بدعم أمريكي حربها الدموية على قطاع غزة، التي دخلت شهرها الـ11، وأدت إضافة للشهداء والمصابين، ومعظمهم أطفال ونساء، إلى دمار هائل ومجاعة قاتلة.

وتواصل إسرائيل هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني بغزة.

مقالات مشابهة

  • 40534 شهيدا بغزة ضحايا الحرب الإسرائيلية
  • صحة غزة: 40 ألفا و534 شهيدا ضحايا الحرب الإسرائيلية
  • بمبادرة من معوض... لقاء مصارحة بين عقيص واسطفان والحشيمي
  • ترى الولْدان شيبا بغزة.. مهام ثقيلة يقوم بها الأطفال
  • محافظ البحيرة تستمع لمطالب أهالى وادى النطرون داخل خيمة بدوية
  • 40 ألفا و476 شهيدا ضحايا الحرب الإسرائيلية
  • «القاهرة الإخبارية»: آلة الحرب الإسرائيلية تفتك بكل مقومات الحياة في غزة
  • أستاذ علوم سياسية: نتنياهو يريد استمرار الحرب بغزة حتى نهاية نوفمبر 2026
  • الدويري: لهذه الأسباب خسائر الاحتلال بغزة أكبر مما يعلنه
  • شاهد.. خيمة لعلاج أمراض الحرب بالطب البديل والشعبي