فتى بلا ذراعين يقاوم مصاعب الحياة في خيمة بغزة
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
غزة - صفا
رغم إعاقته التي يعاني منها منذ ولادته، يصرّ الفتى الفلسطيني أسامة أبو معوض على تلبية بعض احتياجاته الخاصة بنفسه داخل خيمة يسكنها رفقة عائلته بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة، بعد نزوحهم إليها من شماله بداية الحرب الإسرائيلية قبل 10 شهور.
أبو معوض (15 عاما) المولود بلا ذراعين يرجع سبب إعاقته - وفق ما أبلغهم أطباء - إلى استنشاق والدته حينما كانت حاملا به للغازات السامة والفوسفور الأبيض الذي ألقاه جيش الاحتلال على منطقة إقامتهم في حرب العام 2008.
وشنّت قوات الاحتلال في 27 ديسمبر/ كانون أول لعام 2008 حربا على قطاع غزة، استمرت 23 يوما، وأسفرت عن استشهاد 1436 فلسطينياً، وإصابة أكثر من 5400 آخرين؛ نصفهم من الأطفال، فيما قتل 13 إسرائيلياً، وأصيب 300 آخرون.
وتؤكد تقارير أن "إسرائيل" استعملت ضد الفلسطينيين قنابل الفوسفور الأبيض الذي يعرض المدنيين لإصابات خطيرة وطويلة الأمد، ويمكن أن يشمل تأثيره المتأخر اضطرابات القلب والأوعية والانهيار القلبي الوعائي، وتلف الكُلَى والكبد وانخفاض مستوى الوعي والغيبوبة، وقد تحدث الوفاة بسبب الصدمة أو الفشل الكبدي أو الكُلَوي أو تلف الجهاز العصبي المركزي أو عضلة القلب.
وسبق وأن حذر أطباء فلسطينيون بغزة من آثار هذه المادة على النساء الحوامل وأجنتهن، معربين عن تخوفات من وجود علاقة بين التعرض له وإعاقة أطفالهن.
القدمان عوضا عن الذراعين
في كافة تفاصيل حياته، يعتمد أسامة على قدميه بدل الذراعين، فتارةً يمسك بهما "الفرشاة والمعجون" لتنظيف أسنانه، وتارة أخرى يستعملهما لتصفيف شعره.
كما يستعمل قدميه لتجهيز الطعام وتقطيع الكميات القليلة المتوفرة من الخضروات والفواكه، وكتابة كل ما يجول في خاطره من أفكار على الورق.
لكن الحياة داخل خيمة النزوح تفاقم من معاناة الفتى الذي يصفها بأنها "قاسية بالنسبة للإنسان السليم غير المعاق، فما بالكم بمن لديه إعاقة!".
ويقول "في الوضع الطبيعي، شخص بمستوى إعاقتي يحتاج إلى رعاية خاصة بكافة تفاصيل يومه، وهذا ما حرمتني منه الحرب".
ويشير إلى إصابته برأسه برصاصة مباشرة أطلقتها صوبه القوات الإسرائيلية، خلال رحلة نزوحه من بلدة بيت لاهيا شمال القطاع إلى دير البلح.
معاناة داخل الخيمة
وعن معاناة حياة النزوح، يوضح أسامة بأن الخيمة المصنوعة من النايلون والأقمشة الرديئة "تتحول مع ساعات نهار الصيف إلى ما يشبه الفرن بفعل ارتفاع درجات الحرارة".
ولا تكون الخيمة في الشتاء أحسن حالا من الصيف، إذ يقول أسامة إنهم يعانون فيها من تسرب المياه ومن البرودة الشديدة.
ويضيف "تساعدني والدتي في إنجاز ما أعجز عنه خلال اليوم خاصة دخول المرحاض وتبديل الملابس وتناول الطعام أحيانا".
ويناشد أسامة للضغط من أجل نقله للعلاج خارج قطاع غزة وتركيب أطراف صناعية له كي تساعده في ممارسة تفاصيل حياته.
إصابة رغم الإعاقة
بدوره، يقول عطية أبو معوض، والد أسامة إن جيش الاحتلال تعمد إصابة نجله بشكل مباشر خلال رحلة النزوح إلى جنوب وادي غزة بناء على إنذار الجيش آنذاك.
ويتابع للأناضول: "توجهنا بداية هذه الحرب إلى المنطقة الآمنة التي أعلنها الاحتلال جنوب وادي غزة، لكن في الطريق تم استهداف أسامة بإطلاق نار صوب رأسه رغم وضوح إعاقته وفقدانه أطرافه العلوية".
ورغم أن الحرب فاقمت من الضغوط النفسية على المواطنين الفلسطينيين إلا أن تأثيرها يبقى مضاعفا على ذوي الإعاقة، بحسب والده.
لذا يضطر الوالد لقضاء أغلب ساعات يومه داخل الخيمة بجانب أسامة، في محاولة للتخفيف عنه ومواساته في ظل ما يعاني منه بسبب ظروفه الخاصة.
وعن وضع نجله، يقول أبو معوض: "الحسرة تأكلني كلما شاهدت المعاناة التي يعيشها أسامة وأنا أقف عاجزاً عن مساعدته".
ويطالب أبو معوض أهل الخير بضرورة النظر إلى حالة نجله ومساعدته على السفر لتركيب أطراف صناعية والعودة لحياة شبه طبيعية بعد ما عاشه من ظروف قاسية بهذه الحرب.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول تشن "إسرائيل" حربًا وحشية على غزة بدعم أمريكي وترتكب مجازر خلفت أكثر من 127 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: طوفان الاقصى العدوان على غزة
إقرأ أيضاً:
واشنطن: حجم الضحايا بغزة كارثي ونبحث إيجاد إجماع لإنهاء الحرب
قالت الخارجية الأميركية إن حجم الضحايا في غزة كارثي، وإنها تواصل البحث عن طرق لإيجاد إجماع في مجلس الأمن الدولي بشأن إنهاء الحرب، وذلك بعد أن استخدمت الولايات المتحدة، اليوم الأربعاء، حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في القطاع.
وأوضحت الخارجية الأميركية أن واشنطن مستمرة "في الإصرار على أن تتخذ إسرائيل جميع الاحتياطات لتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين، قائلة إن "الخسائر البشرية في غزة جعلتها تكرس الجهود الدبلوماسية لإنهاء هذه الحرب".
وأضافت أنها تريد رؤية المزيد من الهدن الإنسانية المؤقتة في حرب غزة، وتواصل الدفع نحو حل دبلوماسي لوقف تبعات الحرب المأساوية في القطاع، مشيرة إلى أن واشنطن "لن تتخلى عن الرهائن الأميركيين" في غزة.
وفيما يتعلق بالجبهة اللبنانية، قالت الخارجية الأميركية إنها تواصل ما سمته تحقيق تقدم للتوصل إلى حل دبلوماسي في لبنان، وأنها ستناقش في إسرائيل الخطوط العريضة لاتفاق دبلوماسي محتمل بلبنان.
وأضافت أنها تركز على ما سمته إمدادات السلاح الإيرانية لحزب الله، وأنها لا تزال ترى في إيران "تهديدا كبيرا في الشرق الأوسط، وتواصل دعم إسرائيل في الدفاع عن نفسها".
ويأتي ذلك في حين تتواصل الغارات الإسرائيلية على لبنان مع تبادل القصف مع حزب الله، إلى جانب مواصلة إسرائيل حربها المدمرة على غزة، مخلّفة أكثر من 148 ألف شهيد وجريح فلسطيني، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة متفاقمة تخيم على القطاع المحاصر.