سواليف:
2024-08-28@11:34:00 GMT

وماذا بعد؟

تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT

#وماذا_بعد؟ د. #هاشم_غرايبه

مع مرور كل يوم على العدوان الهمجي على القطاع الصامد، يزداد إلحاح السؤال: ما الذي يريد ه الغرب من وراء إطالة أمد المعاناة تقتيلا وتدميرا وتجويعا لهذا الشعب، بعد أن ثبت له أنه رغم أنه أشرس عدوان في التاريخ وأشدها تنكيلا، إلا أنه لم يفلح في كسر إرادة هذا الشعب، ولم يضعف عزيمته الصامدة، رغم علمه بعدم قدرته على صد المعتدين، هل ما زال يأمل باستسلامهم؟.


منذ البداية كان المعتدون يشكون في قدرتهم على استئصال روح المقاومة والتحدي للمحتل، لكنهم كانوا يراهنون على أمرين: أولهما أن تشكل المعاناة التي فوق قدرة البشر على التحمل ردة فعل لدى المدنيين، بتحميل المقاومة وزر وتبعات العملية الجريئة الناجحة في السابع من تشرين، مما ينقل النقمة المفترض ان تكون على العدو المعتدي، لتصبح على قيادة المقاومة التي اتخذت القرار بتنفيذ تلك العملية، وبالتالي يحدث الشرخ بين المقاومة والشعب، وعندها يسهل استصالها.
الأمر الآخر كان بافتراض أن الحصار المشدد على القطاع بتضافر جهود العدو وعملائه من الأنظمة العربية المجاورة، إضافة الى الرقابة المتطورة التي تضطلع بها أمريكا وأعوانها الغربيون، لذلك كان افتراضهم بأنه مهما كان مخزون السلاح والعتاد فهو محدود ولن يكفي شهرا أو شهرين، ومهما كانت قدرات المجاهدين التصنيعية المحمية تحت الأرض، فإن لها حدودا، وستنفد بعدها المواد الأولية، فالوقت يمر لصالح المعتدي الذي يملك قدرات أضعافا مضاعفة، كما أن المدد متاح له من جميع الجهات.
وإذا أضفنا الى ذلك المخزون الهائل من الدعم المادي والمعنوي من التظام العربي، المتاح لأمريكا استعماله وقت الحاجة، كون قيادات هذ الأنظمة مرتبطة بمواثيق سرية وبمعاهدات رسمية معها، تصل لدى أغلبها الى درجة التحالف العسكري المعلن، والذي يعني تطبيقيا أن هذا البلد يضع نفسه رهن الطلب لأمريكا، وبالطبع فهذا ليس متبادلا، أي أن أمريكا لن تهب لنجدة هذا البلد إلا ان كان المهدد هو نظام الحكم الموالي لها، مما يعني أن هذا التحالف لصالحها في الحالين.
وفوق ذلك هنالك وفرة في الدعم والتمويل والسيطرة الإعلامية الكاملة على كل وسائل الإعلام والتواصل والمنظمات الدولية، مضافا إليه غياب شبه كامل لكل القوى الدولية التي تشكل مشروع قطب كوني ثان.
لكل ذلك فليس هنالك عنصر ضاغط لإنهاء العدوان.
لكن في حقيقة الأمر هنالك أكثر من عنصر مضاد لاستمراره يحاول المعتدون التعمية عنها، وأهمها هو الخسارة التي تلحق بالكيان اللقيط يوميا، بالطبع فالخسارة العظمى هي في العنصر البشري نتيجة سقوط قتلى وجرحى وما تنتجه الحرب من حالات إعاقة جسدية ونفسية لا إصلاح لها.
العنصر الآخر الذي يليه أهمية هو الخسارة الاقتصادية بسبب التعبئة العسكرية العامة التي استهلكت أكثر من نصف الطاقة الانتاجية لكيان ليس له ارتباط ديموغرافي بالمنطقة، ولا عمق استراتيجي مزود له، لذلك يعاني من ضعف مزمن لتجدد الرصيد السكاني.
ويلي ذلك في الأهمية التآكل المتزايد في الصورة الأخلاقية التي بذل راعو الكيان الكثير في تزويقها وترويجها في المجتمعات الخارجية.
ولأن فشل أي عدوان عسكري في تحقيق أهدافه يعتبر هزيمة معنوية، لا تقل في أثرها عن الهزيمة العسكرية، لذلك رأينا رأس الشر أمريكا وأتباعها يهرولون لأجل إنهاء هذه المغامرة الدموية التي ثبت لكل الأطراف فشلها، لكن يحاولون جهدهم الخروج بأقل الخسائر الممكنة.
لأجل ذلك استثمرت كل قدراتها السياسية، واستخرجت رصيدها من ولاء الأنظمة العربية لأجل الضغط على المجاهدين للقبول بنصف انتصار، أثبته التراجع عن مطلب استئصال العقيدة الجهادية من شعب القطاع بعد ثبت ثبت استحالته ، فهي التي بثت فيهم روح التحدي، وصنعت تلاحما لا مثيل له بين القيادة والشعب، وهذا هو الفشل الأكبر لهذه الحملة الصليبية الأخيرة، لأن ذلك ينبئ بتنامي هذه العقيدة، التي ثبت بالتجريب المر أنها هي صانعة المعجزات في صنع انتصار المستضعف غلى القوي المتجبر. لذلك فهم يحذرون انتشارها وتعمقها في نفوس بقية الأمة الذين طال استضعافهم لهم، وبالتالي ستنتج تحولا جذريا في المنطقة لصالح نهضة الأمة.
إذا فتأخر الوصول الى اتفاق ينهي هذا العدوان سببه محاولة التقليل من نتائج هذه الهزيمة المعنوية، التي تحققت بشائرها يوم أن حضر مدير الاستخبارات الأمريكية الى قطر.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: وماذا بعد

إقرأ أيضاً:

"المقاومة ومزيد من المقاومة"

 

سالم الكثيري

سُئِل المُفكِّر المصري الراحل الدكتور عبدالوهاب المسيري في لقاء تلفزيوني، عن أفضل طريق للتخلص من الاحتلال الإسرائيلي، فجاءت إجابته مباشرة ومختصرة إلى حد بعيد قائلًا "المُقاومة ومزيد من المُقاومة".

المسيري- الذي يُعد من أشهر الباحثين في الشأن الإسرائيلي في القرن العشرين من خلال موسوعته المعروفة "اليهود واليهودية والصهيونية" التي قضى ربع قرن في تأليفها- فسَّر رؤيته بأنَّ الجيوب الاستيطانية مآلها إلى الزوال حتمًا؛ حيث قسّم هذه الجيوب إلى قسمين؛ قسم قائم على إبادة السكان الأصليين، وأبرز مثالين على ذلك أمريكا وأستراليا، وقسم آخر لم يتمكن من إبادة السكان الأصليين بحُكم انتشار وسائل الإعلام في العصر الحديث التي لم يُعد ممكنًا معها إخفاء جرائم الإبادة، مثلما حصل في حالتي أمريكا وأستراليا، وتمثل هذا القسم الثاني: جنوب أفريقيا وإسرائيل، اللتان تنتميان إلى النمط الإحلالي. ومن هنا تُعتبر إسرائيل كيانًا دخيلًا مثله مثل أي جيب إحلالي لا يمكنه العيش إلّا بالحروب والاستيطان واستجلاب المُهاجرين باستمرار.

وفي حالة توقف أحد هذه العناصر أو أحدهما لا بُد وأن ينتهي هذا الجيب الاستيطاني مهما طال بقاؤه، وهذا ما بدأت تخشاه إسرائيل حاليًا؛ فلم تعد الرغبة في الهجرة من أوروبا وغيرها من الدول مثلما كانت عليه في بداية تأسيس الكيان المحتل، وقد اتضح لكثير من هؤلاء المهاجرين أنَّ إسرائيل لم تعد ذلك الفردوس المفقود الذي يبحثون عنه، وإنما باتت ساحة حرب شرسة ومعركة خاسرة. كما إن مقولة "أرض بلا شعب" لم تكن إلّا كذبة كبرى؛ حيث تبيّن مع الأيام أن فلسطين أرض مليئة بالسكان الأصليين.

وفي إجابة عن سبب هذا التعنُّت الإسرائيلي، أجاب المسيري أن السبب هو الدعم الأمريكي اللامحدود والغياب العربي اللا محدود، وبغياب هذين العنصرين أو أحدهما أيضًا لن تقوم لهذا الكيان قائمة. وبحسب المسيري، فإن أمريكا تنظُر إلى إسرائيل باعتبارها حاملة طائرات، وبدونها ستضطر أمريكا لإرسال 5 حاملات طائرات لحماية مصالحها في البحر الأبيض المتوسط، تُكلِّف كل واحدة منها 10 مليارات دولار؛ بما مجموعة 50 مليار دولار سنويًا، بينما هي لا تمنح إسرائيل سوى 10 مليارات دولار فقط، هذا فضلًا عن المواجهة المباشرة مع العالم العربي التي لا تود أمريكا أن تُجاهر بها علنًا، وهي التي تمثل العالم الحُر المسالم والمتسامح بحسب زعمها.

تشير بعض التقارير إلى أنَّ إسرائيل حصلت منذ الحرب العالمية الثانية على 145 مليار دولار كدعم مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية؛ وهي بذلك تكون أكبر مُتلقٍ للمساعدات الأمريكية الخارجية على مستوى العالم. وقد يُفسِّر لنا هذا الدعم الهائل ما صرّح به الرئيس الأمريكي جو بايدن، عندما كان عضوًا في مجلس النواب في ثمانينيات القرن الماضي، قائلًا بصريح العبارة "لو لم تكن إسرائيل موجودة لكان على أمريكا أن تُوجدها؛ وذلك لحماية مصالحها في المنطقة"، مشيرا في ذات الوقت إلى أن أفضل 3 مليارات استثمرتها أمريكا في حينه هي تلك التي قدمتها دعمًا لإسرائيل، وهذا في سياق الدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيل.

أما في سياق الغياب العربي، فإنَّ الأمر وإن بدا مُحيِّرًا ومُحرجًا على مستوى الشعوب والجماهير، فهو ليس بمستغرب أو جديد على مستوى معظم النخب العربية الحاكمة. فلا يخفى على كل متابع للقضية الفلسطينة منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي إلى اليوم، ما عاناه الشعب الفلسطيني من خذلان. فلم تكن مواجهة الجيوش العربية للجيش الإسرائيلي في حرب 1948 إلّا مواجهة شكلية ضعيفة، افتقدت للقيادة المُوحَّدة والرؤية الواضحة؛ بل وحتى العزيمة الأكيدة للتصدي للاحتلال، لتبدأ نكبة الشعب الفلسطيني إلى يومنا هذا. تلتها حرب 1967، التي وصلت بالأمة إلى أسوأ حالاتها سياسيًا وعسكريًا ومعنويًا؛ حيث استطاعت إسرائيل في ظرف 6 أيام- فيما عرف بـ"نكسة يونيو"- هزيمة كل دول الطوق واحتلال الجولان السورية وسيناء المصرية وجنوب لبنان وغزة؛ لتصيب الأمتين العربية والإسلامية في مقتل، وتُلحق بهما هزيمة نفسية بالغة الأثر.

أما في شأن أحقية الشعب الفلسطيني في الدفاع عن أرضه؛ فهو حقٌ مشروع تُقرُّه كل القوانين والأعراف الأممية، وإن حاولت إسرائيل نكرانه برعاية أمريكية فظة وصارخة، فقد برَّر أول تصريح للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش بعد عملية "طوفان الأقصى" بما لا يدع مجالًا للشك حق هذا الشعب في مقاومة الاحتلال؛ حيث أكد أنه "لا بُد من الإقرار بأن عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حماس في السابع من أكتوبر لم تأت من فراغ؛ حيث تعرض الشعب الفلسطيني لاحتلال خانق منذ 56 عامًا وشاهد المستوطنات تلتهم أراضيه بشكل مضطرد، وعانى من العنف، وتلاشت آماله في الوصول إلى حل سياسي".

وقد سبقت هذا التصريح الأخير على مدى عقود العشرات من قرارات الأمم المتحدة التي تقف في صف الشعب الفلسطيني، إلّا أن إسرائيل لم تلتزم بتنفيذ هذه القرارات مطلقًا، بدعم منقطع النظير من أمريكا؛ سواءً أكان عسكريًا من خلال التزويد بالسلاح، أو سياسيًا باستخدام حق النقض "فيتو" في حالة طرح أي مشروع قرار قد يهُز من تواجد إسرائيل.

وعلى ما نراه من خذلان لم نشهد أو نسمع له مثيل على مدار التاريخ لهذا الشعب الأعزل من قبل الأمة؛ بل وحتى التواطؤ مع الكيان المحتل من قبل بعض الأنظمة، إلّا أن ما تكبدته إسرائيل من خسائر مادية وبشرية لم يسبق أن تعرضت لها حتى في حروبها المذكورة مع كل الدول العربية مجتمعةً، بحسب تقارير مؤكدة، هذا فضلًا عن استعادة القضية الفلسطينة بريقها وألقها عالميًا، وتعرُّف شعوب العالم على عدالتها، بعدما ضلَّلَهُم الإعلام الأمريكي والأوروبي لما يزيد عن 7 عقود.

قد يقول قائل إن الدعوة إلى المقاومة في ظل عدم الاستعداد التام للحرب يُعد ضربًا من التهور وذهابًا إلى الهاوية، وإن كنتُ قد مِلتُ شخصيًا إلى هذا الرأي منذ بداية الأمر خوفًا من عواقب "طوفان الأقصى" بعكس جليسي ليلتها، والذي ردَّد مقولة "ما أُخِذَ بالقوة لا يُسترد إلّا بالقوة"، غير أن واقع الحال في غزة لم يعد يحتمل أكثر من خيار واحد، وهو المقاومة؛ فالغزاويون محاصرون منذ عقود حتى من بني جلدتهم، قبل الإسرائيليين، ولم يكونوا يعيشون طيلة هذه السنوات إلّا في سجن كبير، ثم تبين لهم بعد "الطوفان" بما لا يدع مجالًا للشك، أنه لم يعد لديهم ما يخسرونه واقعيًا، وقد تكالبتْ عليهم كل أحزاب الأرض وكلابها. لهذا.. فإنه كان عليهم التعايش مع قدرهم أخذًا بمقولة "ليس بعد القاع قاع"، وحمل لواء الجهاد دفاعًا عن الأرض والعرض.

لقد أثبتت تجارب التاريخ وتحليلات المفكرين أن الشعوب لا تتحرر إلّا بالمقاومة، ومزيد من المقاومة، وأن الاحتلال سيزول، طال الوقت أم قصر، ولن تكون إسرائيل استثناءً لقاعدة التاريخ، كما هي قناعة المُفكِّر الكبير عبدالوهاب المسيري، وغيره من أصحاب الرؤى المُستَنِيرة والآراء الثاقبة.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • السعودية تعلن إعدام سوري كاشفة اسمه وماذا فعل
  • فوائد مذهلة لتضمين المكسرات في نظامك الغذائي
  • استقبال فاتر لسينر في «فلاشينج ميدوز»
  • "المقاومة ومزيد من المقاومة"
  • رونالدو يقيم فرصه كمدرب.. وماذا سيفعل بعد الاعتزال؟!
  • مهدري فرص السلام من هم وماذا يريدون؟؟
  • سلوت معلقا على غضب ارنولد بعد التغيير : نحن بحاجة له
  • أجساد تتراقص في الألم ،،، بقلم: سهله المدني
  • الصبر مفتاح الفرج
  • عادات تؤثر سلبا على عمل الكلى البشرية