#وماذا_بعد؟ د. #هاشم_غرايبه
مع مرور كل يوم على العدوان الهمجي على القطاع الصامد، يزداد إلحاح السؤال: ما الذي يريد ه الغرب من وراء إطالة أمد المعاناة تقتيلا وتدميرا وتجويعا لهذا الشعب، بعد أن ثبت له أنه رغم أنه أشرس عدوان في التاريخ وأشدها تنكيلا، إلا أنه لم يفلح في كسر إرادة هذا الشعب، ولم يضعف عزيمته الصامدة، رغم علمه بعدم قدرته على صد المعتدين، هل ما زال يأمل باستسلامهم؟.
منذ البداية كان المعتدون يشكون في قدرتهم على استئصال روح المقاومة والتحدي للمحتل، لكنهم كانوا يراهنون على أمرين: أولهما أن تشكل المعاناة التي فوق قدرة البشر على التحمل ردة فعل لدى المدنيين، بتحميل المقاومة وزر وتبعات العملية الجريئة الناجحة في السابع من تشرين، مما ينقل النقمة المفترض ان تكون على العدو المعتدي، لتصبح على قيادة المقاومة التي اتخذت القرار بتنفيذ تلك العملية، وبالتالي يحدث الشرخ بين المقاومة والشعب، وعندها يسهل استصالها.
الأمر الآخر كان بافتراض أن الحصار المشدد على القطاع بتضافر جهود العدو وعملائه من الأنظمة العربية المجاورة، إضافة الى الرقابة المتطورة التي تضطلع بها أمريكا وأعوانها الغربيون، لذلك كان افتراضهم بأنه مهما كان مخزون السلاح والعتاد فهو محدود ولن يكفي شهرا أو شهرين، ومهما كانت قدرات المجاهدين التصنيعية المحمية تحت الأرض، فإن لها حدودا، وستنفد بعدها المواد الأولية، فالوقت يمر لصالح المعتدي الذي يملك قدرات أضعافا مضاعفة، كما أن المدد متاح له من جميع الجهات.
وإذا أضفنا الى ذلك المخزون الهائل من الدعم المادي والمعنوي من التظام العربي، المتاح لأمريكا استعماله وقت الحاجة، كون قيادات هذ الأنظمة مرتبطة بمواثيق سرية وبمعاهدات رسمية معها، تصل لدى أغلبها الى درجة التحالف العسكري المعلن، والذي يعني تطبيقيا أن هذا البلد يضع نفسه رهن الطلب لأمريكا، وبالطبع فهذا ليس متبادلا، أي أن أمريكا لن تهب لنجدة هذا البلد إلا ان كان المهدد هو نظام الحكم الموالي لها، مما يعني أن هذا التحالف لصالحها في الحالين.
وفوق ذلك هنالك وفرة في الدعم والتمويل والسيطرة الإعلامية الكاملة على كل وسائل الإعلام والتواصل والمنظمات الدولية، مضافا إليه غياب شبه كامل لكل القوى الدولية التي تشكل مشروع قطب كوني ثان.
لكل ذلك فليس هنالك عنصر ضاغط لإنهاء العدوان.
لكن في حقيقة الأمر هنالك أكثر من عنصر مضاد لاستمراره يحاول المعتدون التعمية عنها، وأهمها هو الخسارة التي تلحق بالكيان اللقيط يوميا، بالطبع فالخسارة العظمى هي في العنصر البشري نتيجة سقوط قتلى وجرحى وما تنتجه الحرب من حالات إعاقة جسدية ونفسية لا إصلاح لها.
العنصر الآخر الذي يليه أهمية هو الخسارة الاقتصادية بسبب التعبئة العسكرية العامة التي استهلكت أكثر من نصف الطاقة الانتاجية لكيان ليس له ارتباط ديموغرافي بالمنطقة، ولا عمق استراتيجي مزود له، لذلك يعاني من ضعف مزمن لتجدد الرصيد السكاني.
ويلي ذلك في الأهمية التآكل المتزايد في الصورة الأخلاقية التي بذل راعو الكيان الكثير في تزويقها وترويجها في المجتمعات الخارجية.
ولأن فشل أي عدوان عسكري في تحقيق أهدافه يعتبر هزيمة معنوية، لا تقل في أثرها عن الهزيمة العسكرية، لذلك رأينا رأس الشر أمريكا وأتباعها يهرولون لأجل إنهاء هذه المغامرة الدموية التي ثبت لكل الأطراف فشلها، لكن يحاولون جهدهم الخروج بأقل الخسائر الممكنة.
لأجل ذلك استثمرت كل قدراتها السياسية، واستخرجت رصيدها من ولاء الأنظمة العربية لأجل الضغط على المجاهدين للقبول بنصف انتصار، أثبته التراجع عن مطلب استئصال العقيدة الجهادية من شعب القطاع بعد ثبت ثبت استحالته ، فهي التي بثت فيهم روح التحدي، وصنعت تلاحما لا مثيل له بين القيادة والشعب، وهذا هو الفشل الأكبر لهذه الحملة الصليبية الأخيرة، لأن ذلك ينبئ بتنامي هذه العقيدة، التي ثبت بالتجريب المر أنها هي صانعة المعجزات في صنع انتصار المستضعف غلى القوي المتجبر. لذلك فهم يحذرون انتشارها وتعمقها في نفوس بقية الأمة الذين طال استضعافهم لهم، وبالتالي ستنتج تحولا جذريا في المنطقة لصالح نهضة الأمة.
إذا فتأخر الوصول الى اتفاق ينهي هذا العدوان سببه محاولة التقليل من نتائج هذه الهزيمة المعنوية، التي تحققت بشائرها يوم أن حضر مدير الاستخبارات الأمريكية الى قطر.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: وماذا بعد
إقرأ أيضاً:
كيف استخدمت المقاومة النار خلال معاركها مع الاحتلال؟
#سواليف
تتواصل لليوم الثاني على التوالي محاولات قوات #الاحتلال الإسرائيلي لإخماد #الحرائق_الضخمة المشتعلة في منطقة جبال ا#لقدس، والتي امتدت حتى أطراف “تل أبيب”، وسط عجز واضح عن السيطرة الكاملة على #النيران واتساع دائرة الأضرار.
وأفادت صحيفة هآرتس العبرية أن نحو 24 ألف دونم من الأراضي قد احترقت حتى الآن نتيجة الحرائق، التي وُصفت بأنها من بين الأكبر التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة.
وتتسع التقديرات حول وجود حرائق أُشعلت بشكل متعمد. حيث نقلت القناة 14 العبرية أن بعض الحرائق “ليست عفوية”، فيما دخل جهاز “الشاباك” على خط التحقيقات لتقصي وجود خلفيات قومية محتملة.
مقالات ذات صلة الأجواء الربيعية تعود للمملكة نهاية الأسبوع 2025/05/01وفي هذا السياق، أعلن قائد شرطة الاحتلال في منطقة القدس أن عدة حرائق اندلعت في أماكن متفرقة بالتزامن مع الحريق الرئيسي، وهو ما زاد من صعوبة السيطرة على الوضع، بحسب قوله. كما أعلنت الشرطة اعتقال ثلاثة فلسطينيين بزعم تورطهم في إشعال النيران.
وأشارت القناة 12 العبرية إلى أن صندوق تعويضات ضريبة الأملاك سيعوض المتضررين من الحرائق، في حال ثبت أن لها دوافع “قومية”.
خلال الطوفان: الحرائق ممتدة
خلال #طوفان_الأقصى، شهدت الضفة المحتلة تصعيدًا في استخدام الحرائق كإحدى أدوات المقاومة ضد #مستوطنات_الاحتلال وقواعده العسكرية، من طولكرم شمالًا وصولًا إلى بيت لحم والخليل جنوبًا.
ففي 10 شهر حزيران\يونيو 2024، ادعت هيئة البث العبرية أن مسلحين كانوا يرتدون الزي العسكري والسترات الواقية، أشعلوا الليلة الماضية النار في مقطورة ببؤرة “سدي إفرايم” الاستيطانية المقامة على أراضي رام الله.
ونقلت الهيئة عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين قولهم: “إن واحداً على الأقل من المهاجمين كان مسلحًا“، قبل أن تغتال أربعة شبانٍ في في قرية كفر نعمة عبر قوة خاصة من جيش الاحتلال أطلقت وابلًا كثيفًا من الرصاص تجاه مركبة قرب القرية.
وفي 26 حزيران\يونيو 2024، اندلع حريق في محيط مستوطنة حريش المقامة على أراضي بلدة قفين شمال طولكرم المحتلة، في اليوم ذاته، اندلع حريق ضخم قرب قاعدة “أوفريت” العسكرية التابعة لجيش الاحتلال، في مدينة القدس القدس المحتلة.
وقالت مواقع عبرية، إن عشرات طواقم الإطفاء والإنقاذ، تعمل على إخماد الحريق الكبير بسبب صعوبة السيطرة عليه، والذي نشب بالقرب من قاعدة عسكرية للاحتلال، وسط خشية من وصول الحريق للقاعدة العسكرية والجامعة العبرية في القدس.
بعدها بيومين، في 28 من الشهر ذاته، ذكرت القناة 14 العبرية أن جيش الاحتلال أجلى جنودًا من داخل معسكر عتصيون جنوبي الضفة الغربية بعد اندلاع حريق كبير في المنطقة.
ونقلت القناة أن الحريق وصل إلى داخل المعسكر، وأفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” بأن جيش الاحتلال استدعى 20 فرقة إطفاء وأمر بإجلاء 200 جندي بعد وصول النيران إلى معسكر عتصيون، وذكرت القناة 14 أن السلطات تشتبه في أن الحريق متعمد، فيما قال شهود عيان إنهم شاهدوا سيارات مدنية تشارك في إخلاء المعسكر والسجن.
الحرائق كسلاح مقاومة
ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها الفلسطينيون الحرائق كسلاح للمقاومة، ففي حزيران/يونيو 1988، دخل الحرائق رسميًا في سلاح المواجهة خلال الانتفاضة الأولى، حيث صنع الفلسطينيون “المولوتوف”، وهي زجاجات حارقة كانوا يرمون بها سيارات جيش الاحتلال وسيارات المستوطنين، واعتمدوا على سياسة الحرائق التي بدؤوها بعد 6 أشهر من الانتفاضة، فأحرق المقاومون الغابات والأحراش، ودمروا منشآت زراعية وصناعية للاحتلال، وتجاوزت الحرائق مناطق الخط الأخطر ووصلت إلى تل أبيب المحتلة، وأسدود، وغيرها من المدن.
والزجاجات الحارقة عبارة عن زجاجة تحتوي على مواد وسوائل قابلة للاشتعال، كالبنزين والكيروسين، ويُشعل قاذف الزجاجة قطعة القماش الخارجة من غطائها، والتي تكون مغموسة بأحد أنواع الوقود، ثم يلقيها سريعا تجاه هدفها، وبدورها تنفجر وتسبب الحريق.
البالونات الحارقة
لاحقًا، ومع بدء مسيرات العودة في قطاع غزة في مارس\ آذار 2018، بدأ الفلسطينيون بإطلاق البالونات الحارقة تجاه مستوطنات غلاف غزة، حيث تطايرت هذه البالونات في سماء غزة مدفوعة بالرياح الغربية نحو الأراضي المحتلة في مستوطنات غلاف غزة، واندلعت الحرائق عدة مرات بشكل واسع، في أعوام 2018 و2019 و2020 و2021 و2023.
واضطرت سلطات الاحتلال في يونيو/حزيران 2019، بوقف عملية تقديم الوقود الضروري لتشغيل محطة توليد الكهرباء الواقعة في قطاع غزة بهدف الضغط على حماس، وجاء هذا القرار بعد إطلاق العديد من البالونات الحارقة باتجاه الأراضي المحتلة.
كما صرّح وزير حرب الاحتلال بيني غانتس عام 2020، “في منطقة الجنوب، حماس تسمح بإرسال بالونات حارقة بشكل متواصل محملة بمتفجرات باتجاه إسرائيل. نحن لسنا مستعدين لقبول ذلك“.
وفي 2021، أطلق الفلسطينيون في قطاع غزة بالونات حارقة في في 16 و17 يونيو/حزيران استهدفت مناطق في القدس المحتلة، تنديدًا بمسيرة الأعلام التي نظمها مستوطنون في المدينة المحتلة.
وقبل طوفان الأقصى بشهر واحد، في سبتمبر\أيلول 2023، قالت قناة كان العبرية، إن حريقاً كبيراً اندلع في محيط مستوطنة ”كيسوفيم“ إحدى مستوطنات غلاف غزة، وإن فرق الإطفاء هرعت للموقع محاولة السيطرة على الحريق.
وأضافت قناة كان، أن الحريق ناجم عن إطلاق “بالونات حارقة” من قطاع غزة، وكانت المرة الأولى منذ عامين يطلق قطاع غزة بالونات حارقة باتجاه المستوطنات الإسرائيلية، وفق لقناة “كان”.
شمال فلسطين المحتلة يحترق أيضًا
وخلال معركة طوفان الأقصى، استخدم حزب الله اللبناني الحرائق في إطار جبهته المساندة لقطاع غزة، أفضت عن اندلاع أكثر من 96 بؤرة حريق في مناطق شمال فلسطين المحتلة، وأسفرت عن إصابة جنودٍ في جيش الاحتلال بإصابات جراء الحرائق المندلعة.
وقال رئيس “الصندوق اليهودي القومي” إن الأضرار الناجمة عن الحرائق في الشمال تفوق الأضرار التي خلفتها حرائق حرب لبنان الثانية بمرتين.
وذكرت هيئة البث العبرية نقلًا عن رئيس الصندوق اليهودي القومي أن 90% من غابة جبل نفتالي احترقت.
وكانت القناة 14 العبرية قالت في أكتوبر 2024، إن 200 ألف دونم اشتعلت فيها النيران بفعل الصواريخ في شمال فلسطين المحتلة منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023.