كيف تحولت رابطة مكافحة التشهير لأداة قمع المؤيدين لفلسطين في أمريكا
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
نشرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" مقال رأي للناقد الثقافي مارك ديري تساءل فيه عن رابطة مكافحة التشهير في أمريكا المعروفة اختصارا بـ"إي دي أل" ونشاطها غير المعتاد في ملاحقة الناشطين المؤيدين لفلسطين أو الناقدين لـ"إسرائيل" والشكاوى المتكررة ضد الكليات الموجودة بمنطقة لوس أنجلوس.
وجاء في مقاله إن رابطة مكافحة التشهير انغمست في عملية التشهير.
وفي ظل رئيسها الحالي، جوناثان غرينبلات، شنت الرابطة حملة ضد أي نقد موجه على ما يبدو لـ"إسرائيل" بشكل يثير السخرية من مهمتها المعلنة وهي ليس "وقف التشهير ضد الشعب اليهودي" ولكن "تحقيق العدل والمعاملة المنصفة للجميع".
ويقول ديري: "اليوم تطلق المنظمة تهمة معاداة السامية ضد أي شخص يتجرأ على انتقاد إسرائيل، بمن فيهم الأصوات التقدمية والمعادون اليهود للصهيونية، مثل (أصوات يهودية من أجل السلام). وشجعت الجامعات على تحويل قوانين مكافحة الإرهاب إلى سلاح بهدف إسكات الجماعة المؤيدة لفلسطين (طلاب من أجل العدالة في فلسطين)، وتقوم بالتلاعب في بياناتها عن جرائم الكراهية التي يتم الاستشهاد بها على نطاق واسع من خلال وضع اليهود الليبراليين الداعين لوقف إطلاق النار في نفس الفئة لكارهي اليهود مما دفع محرري ويكيبديا من التحذير أنها [ الرابطة] نشرت وبشكل متكرر معلومات غير صحيحة ومضللة عن معاداة السامية والنزاع في إسرائيل/فلسطين".
وتحولت الرابطة وبشكل متزايد إلى قاتل مأجور للمكارثية الصهيونية. ولم يتردد موظف في الرابطة للحديث إلى صحيفة "الغارديان" والقول إن "إي دي أل" متحيزة مع "إسرائيل" ولديها أجندة لقمع النشاط المؤيد لفلسطين. وبالتأكيد فقد تعهد غريبنبلات بـ"استخدام مزيد من الطاقة المركزة لمواجهة التهديد الراديكالي المضاد للصهيونية". وتحركت المنظمة لتنفيذ تهديدها في جنوب كاليفورنيا. ومن بين أهدافها هي كلية اوكسيندنتال، فقد أعلنت الرابطة في أيار/ مايو أنها رفعت مع مجموعة أخرى وهي مركز "لويس دي برانديس" لحقوق الإنسان شكوى ضد كلية أوكسيندتال وكلية بومونا إلى وزارة التعليم، بتهمة سماح الكليتين "بتحرش قوي ومميز ضد الطلاب اليهود في خرق واضح للبند السادس من قانون الحريات المدنية لعام 1964"، وهو ما يسمح للسلطات الفدرالية حرمان المؤسسات من التمويل لو ثبت أنها مارست التمييز.
واحتوت الشكوى على شهادة مظللة بالأحمر من أربعة طلاب لم يكشف عن هويتهم، وهي واحدة من عدة شكاوى تقدمت بها الرابطة ضد جامعات وكليات أمريكية، وتزعم الشهادات بأن الطلاب اليهود في كلية أوكسيدنتال عانوا بعد هجمات حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر من "التمييز ومعاملة متباينة وتحرش بناء على أصلهم" وأن إدارة الكلية سمحت "بانتعاش المناخ المعادي".
وزادت الشكوى من إشعال النيران من خلال تصوير الملصقات الطلابية بأنها "مؤيدة لحماس" ، واعتبرت الطلاب الذين احتلوا بناية في الكلية في الخريف الماضي بأنهم محتجون مؤيدون لحماس وقاموا بلصق منشورات معادية للسامية ومعادية لـ"إسرائيل" على جدرانها.
ويعلق الكاتب أن الاحتلال المشار إليه كان سلميا وقصيرا. ولا تحتوي الشكوى على تفاصيل أخرى، أوصاف وصور أو أي دليل يدعم التعاطف مع حماس أو معاداة السامية.
وعندما تحدث الكاتب مع رئيس فرع منظمة طلاب من أجل العدالة في فلسطين، ماثيو فيكرز، قال إنه وزملاؤه الطلاب معادون لـ"إسرائيل" ويشجبون القصف السجادي للمدنيين ويعتبرونه إبادة جماعية. ويشجبون التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية باعتباره استعمار عنف، ويستنكرون هيمنة "إسرائيل" على الفلسطينيين وتجريدهم من إنسانيتهم باعتباره شكلا من التمييز العنصري. ولكنه نفى بشكل قاطع وجود ملصقات معادية للسامية أثناء احتلال للمبنى أو في مسيراتهم، علاوة على أي مناخ معاد للسامية في المبنى. ويعلق الكاتب أن شكوى رابطة مكافحة التشهير ضد كلية اوكسيدنتال، لا علاقة لها بمعاداة السامية، بل بتسليح اتهامات معادات السامية لتشويه وتكميم ومعاقبة نقاد "إسرائيل" في وقت أثارت فيه أفعال "إسرائيل" احتجاجات في الجامعات.
ويقوم زعم الرابطة بوجود "مناخ عداوني ضد الطلاب اليهود والإسرائيليين" في الكلية بناء على افتراض أن "الصهيونية هي مكون رئيسي للهوية الإثنية والتشارك في الأجداد لليهود الأمريكيين"، وحتى وقت قريب فقد كان هذا الافتراض الوارد في الشكوى، مقبول وعلى نطاق واسع، وبناء على دراسة لمركز بيو عام 2020. إلا أن الرد الإسرائيلي الفظيع وغير المتناسب على هجمات حماس حوّل الصهيونية إلى عامل انقسام حاد ومثير للخلافات حتى بين اليهود وبين الفلسطينيين والعرب والمسلمين. وقالت واحدة من الطلاب الذين وردت أسماؤهم في شكوى الرابطة ضد كلية اوكسيدنتال أنها قررت عدم ارتداء عقدها بنجمة داوود، بعدما تعرضت للنقد في قاعة الطعام. وقالت إنها شعرت بعدم القدرة على تأكيد هويتها اليهودية بدون التعرض للتحرش. ويجب عدم التحرش بأي شخص بناء على هويته. لكن إن "كانت الرابطة بدولة إسرائيل مرتبطة عضويا بهوية الشخص"، كما تؤكد الرابطة، فيجب أن يكون هذا، إلا أن "إسرائيل" تشن حربا إبادية ولا أبالية ضد مدنيين، فعندها تصبح الأمور فوضوية. و"عندما يتم استهداف إسرائيل بسبب الكراهية المعادية لليهود، فهذه معاداة للسامية"، كما تؤكد رابطة مكافحة التشهير في شكواها بوضوح شديد. وهذا صحيح جدا، كما هو الحال دائما: الكراهية المعادية لليهود هي في الواقع معاداة للسامية. ولكن، رغم أنه قد يكون من الصعب على رابطة مكافحة التشهير أن تتخيل أسبابا أخرى لاستهداف "إسرائيل"، وأهمها مقتل أكثر من 37 ألف شخص على يد القوات الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر، وفقا لوزارة الصحة في غزة.
إن شكوى "إي دي أل" تجعل الكثير من الطلاب اليهود والإسرائيليين يشعرون بعدم الأمان في كلية أوكسيدنتال، ولكن يبدو أن قلقها على سلامة اليهود يقتصر على الصهاينة ذوي التفكير الصحيح. فماذا عن الطلاب اليهود المناهضين للصهيونية الذين قد يواجهون ضررا بسمعتهم أو ما هو أسوأ من ذلك من وصفهم بـ "معاداة السامية" بسبب حملة الضغط التي تمارسها رابطة مكافحة التشهير؟ ووفقا لفيكرز، مسؤول فرع "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" في كلية أوكسيدنتال فإن المشاركين في مخيم الاعتصام كان منهم يهودا. ويعلق بيري قائلا إن هجمات الرابطة على الخطاب الذي لا يعجبها، وخلط غرينبلات ما بين خطاب معاداة الصهيونية ومعاداة الحرب باعتباره معاد للسامية لا يضر فقط بالطلاب اليهود بل وبالمثليين والملونين الذي شاركوا وبأعداد كبيرة في التظاهرات.
ويشعر الطلاب بحس من التضامن مع الناس المستضعفين ويعيشون في النصف الآخر من الكرة الأرضية، وهم مستعدون للمعاقبة من الإدارة الجامعية ومواجهة العنف على يد الشرطة والتظاهرات المضادة لمؤيدي فلسطين، كما حدث مع جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، إلى جانب تنمر رابطة التشهير، وهم يفهمون عميقا أكثر من غرينبلات بأنك "لا تستطيع تحقيق العدالة والمعاملة المنصفة للجميع" عندما تقرر الدفاع عن حقوق البعض.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية معاداة السامية فلسطين امريكا فلسطين معاداة السامية ابادة صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رابطة مکافحة التشهیر معاداة السامیة الطلاب الیهود من أجل
إقرأ أيضاً:
ترامب بين “أمريكا أولاً” و”إسرائيل أولاً”: كيف سيتعامل مع حلفائه الخليجيين؟
يمانيون – متابعات
تواجه سياسة “الضغط الأقصى” التي ينوي الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، إعادة تطبيقها على إيران تحديات كبيرة في ظل التغيرات العميقة في المشهد السياسي في الشرق الأوسط. ووفقًا لصحيفة “التلغراف” البريطانية، فإنّ التحولات الأخيرة في العلاقات الإقليمية وتراجع الثقة في واشنطن يهددان قدرة الإدارة الأمريكية على حشد الدعم لاستراتيجيتها الصارمة تجاه طهران.
تغيرات إقليمية وتحولات في التحالفات
شهدت منطقة الشرق الأوسط تغيرات جذرية خلال السنوات الأخيرة، أبرزها تقارب السعودية مع إيران بوساطة صينية، مما يعكس انفتاحًا على سياسات جديدة بعيدة عن الاعتماد المطلق على واشنطن. الاتفاق السعودي الإيراني لاستعادة العلاقات الدبلوماسية العام الماضي، الذي رُعِيَ من قبل الصين، يشير إلى ظهور لاعبين دوليين جدد في صياغة التوازنات الإقليمية.
وفي تطور لافت، اجتمع وزراء خارجية دول الخليج لأول مرة ككتلة واحدة مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي، مما يدل على بدء عهد جديد من الحوار بين الأطراف الإقليمية، بعيدًا عن الهيمنة الأمريكية التقليدية.
شكوك إزاء إدارة ترامب المقبلة
الدبلوماسيون والمحللون يشيرون إلى أنّ ترامب قد يواجه صعوبة في حشد الحلفاء الخليجيين خلف نهجه تجاه إيران. وأحد أسباب هذه الشكوك هو تزايد الاعتقاد بأنّ إدارة ترامب قد تولي اهتمامًا أكبر لمصالح “إسرائيل”، وهو ما يقلق الشركاء الخليجيين. هذا التوجه برز في تصريحات دبلوماسي غربي ذكر أن دول الخليج تخشى أن “ترامب يختار مسؤولين يبدون أكثر ميلًا إلى (إسرائيل أولاً) من (أمريكا أولاً)”.
العلاقة مع “إسرائيل” والتوتر مع السعودية
الصحيفة لفتت إلى أن السعودية صعّدت انتقاداتها لرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، خاصة على خلفية الحرب على غزة. ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وصف سياسات نتنياهو بأنها “إبادة جماعية”، مما يعكس تحولاً جذريًا في موقف السعودية، التي كانت شريكًا رئيسيًا لترامب خلال فترته الأولى.
وبينما كانت العلاقات بين ترامب ودول الخليج في 2016 قوية، تبدو هذه العلاقة الآن متوترة في ظل المتغيرات الإقليمية واتهامات الرياض لواشنطن بالتغاضي عن مصالحها.
توازنات معقدة وتوقعات متباينة
مع عودة ترامب إلى المشهد السياسي، تبدو سياسته تجاه الشرق الأوسط محاصرة بين تحقيق وعوده المعلنة لدعم “إسرائيل” وتشجيع التصعيد ضد إيران، وبين الالتزام بتوجهاته الانعزالية السابقة التي ترفض التورط في صراعات الشرق الأوسط.
خبيرة الشرق الأوسط في “تشاتام هاوس”، سنام فاكيل، ترى أن ترامب قد يكون أقل ميلًا لمنح “إسرائيل” حرية التصرف المطلقة، محذرة من تداعيات كارثية لمنح تل أبيب “شيكًا مفتوحًا”. وتضيف أن الإدارة القادمة ستوازن بين دعمها التقليدي لـ”إسرائيل” ورغبتها في تجنب الانخراط في حروب جديدة في الشرق الأوسط.
تحديات أمام واشنطن
تشير هذه التطورات إلى أن الإدارة الأمريكية المقبلة ستواجه مشهدًا إقليميًا أكثر تعقيدًا، حيث تتشابك فيه المصالح الدولية والإقليمية. قدرة واشنطن على إدارة هذا الملف ستكون محدودة ما لم تعالج التصدعات في تحالفاتها التقليدية وتتبنى استراتيجية تراعي الواقع المتغير في الشرق الأوسط.