الفرق في استثمار الإجازة
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
سلطان بن ناصر القاسمي
هل هناك فرق في البيئة العمانية؟ وهل تختلف نظرة الأسر نحو المستقبل؟ وهل هناك تباين في تحقيق الأهداف التربوية وتخطيط واستثمار الأوقات المُفيدة للأبناء؟ فمع بداية إجازة الصيف، تبدأ الأسر والأفراد في وضع خطط لاستثمار هذه الفترة. وهنا يبرز السؤال: كيف يمكن استثمار أوقات الصيف للأطفال؟ وما هي الاختلافات التي نلاحظها؟ هذا المقال يسعى لاستكشاف هذه التساؤلات وتحليل كيفية استثمار الأسر والمحافظات المختلفة في عُمان لأوقات الصيف.
وفي بعض المحافظات، هناك اهتمام كبير بالمراكز الصيفية ومراكز تعليم القرآن الكريم. هذه المراكز لا تقتصر على تعليم القرآن فقط، بل تشمل أيضًا تعليم أمور الدين، وتنظيم رحلات دينية إلى الديار المقدسة لأداء العمرة. هذا النوع من الأنشطة ليس فقط يعزز المعرفة الدينية، بل يقدم أيضًا تجربة تحفيزية للطلاب تشجعهم على التعمق في فهم دينهم والتواصل مع مجتمعهم. ويُعتبر هذا التوجه نموذجاً إيجابياً يُعزز القيم الدينية والأخلاقية لدى الشباب، ويشجعهم على تكوين علاقات إيجابية مع أقرانهم.
ومن المحافظات التي تميَّزت باستثمار الإجازة الصيفية تلك التي تفتح مراكز لتعليم اللغة الإنجليزية. حيث يقضي الطالبات والطلاب شهراً كاملاً في هذه المراكز وكأنهم في إحدى الدول الأوروبية؛ حيث يتم تنظيم برنامج متكامل يركز على تعلم اللغة الإنجليزية من خلال الحياة اليومية. هذه المراكز تقدم بديلاً فعالاً عن السفر إلى الخارج لتعلم اللغة، مما يُقلل من تكاليف السفر ويوفر بيئة تعليمية محفزة وقريبة من المنزل. بالإضافة إلى ذلك، تساعد هذه البرامج في تعزيز الثقة بالنفس لدى الطلاب من خلال تمكينهم من التواصل بلغة أجنبية، مما يفتح أمامهم آفاقاً جديدة في المستقبل الأكاديمي والمهني.
وكذلك، إن بعض الأسر تفضل استثمار الإجازة الصيفية في السياحة، سواء السياحة الداخلية على سبيل المثال في محافظة ظفار، أو الخارجية. حيث إن السياحة الداخلية توفر فرصة لاستكشاف جمال البلاد وتعزيز الروابط الأسرية من خلال الأنشطة الترفيهية والرحلات. بينما السفر إلى الخارج يقدم تجربة ثقافية غنية وفرصة لتعلم أشياء جديدة والتعرف على ثقافات مختلفة. كما أن الرحلات السياحية، سواء داخلية أو خارجية، تساهم في توسيع مدارك الأطفال وتعليمهم تقدير الثقافات المتنوعة واحترامها، كما تعزز الترابط العائلي من خلال قضاء وقت ممتع ومفيد معًا.
وفي بعض المحافظات والولايات، نجد أن الاهتمام الأكبر يكون بقضاء أوقات الأبناء في لعب كرة القدم وتشجيعها. حيث يتم تنظيم مسابقات كروية للفرق الأهلية بكافة فئاتها، وتصبح هذه الأنشطة محور حياة الشباب. صحيح أن الرياضة أمر مهم، إلا أن الاقتصار عليها دون استثمار الوقت في أنشطة تعليمية أو تطويرية أخرى قد يؤدي إلى فقدان التوازن في تنشئة الأطفال، مما يؤثر سلباً على تحصيلهم الدراسي ومستقبلهم الأكاديمي. كذلك الأنشطة الرياضية توفر فرصة لتطوير المهارات البدنية والعمل الجماعي، ولكن يجب أن تكون جزءًا من برنامج شامل يشمل الجوانب الأكاديمية والتطويرية الأخرى.
فرسالتي إلى أولياء الأمور هي ضرورة الاهتمام بأبنائكم والتخطيط لاستثمار أوقاتهم الصيفية بالشكل الذي يعود عليهم بالفائدة. عليكم أن تدركوا أن إدارات الأندية الرياضية والفرق الأهلية لا تهتم بمستقبل أبنائكم الأكاديمي أو التربوي، إذ تقتصر اهتماماتها على إقامة المسابقات وتسجيل الأنشطة الرياضية والشبابية دون النظر إلى مستقبل الشباب الأكاديمي والتربوي. فالاهتمام الكبير من قبل الأندية بزيادة المسابقات الرياضية لا يعدو كونه هدفاً مادياً وسعياً لإيجاد عناصر جاهزة لتمثيل الأندية في مسابقات الاتحاد المختلفة والمتنوعة.
لذا، أنادي إدارات الأندية بأن تسعى لتحقيق التوازن بين الأنشطة الرياضية والثقافية، وأن يكون التنوع هدفهم الأساسي. كما أشجع أولياء الأمور على تبني نهج متوازن في تنظيم أنشطة أبنائهم خلال الإجازة الصيفية، بحيث تشمل الأنشطة اليومية تعليم القرآن في فترة الصباح، وممارسة الرياضة ومتابعة المسابقات الرياضية في فترة العصر أو المغرب. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأسرة استثمار الإمكانيات المادية للسفر للسياحة الخارجية أو الداخلية، مما يساهم في تحسين نفسية الأبناء بعد عام دراسي مليء بالجد والاجتهاد.
وعليه، فإنَّني أدعو وزارة الثقافة والرياضة والشباب الموقرة إلى التفكير الجاد في فتح مراكز صيفية متكاملة في كافة ولايات السلطنة. هذه المراكز يجب أن تكون ممنهجة ومبرمجة لتستوعب العديد من الشباب والشابات. وكذلك يجب أن تشمل البرامج محاضرات توعوية، تعليمية، وتثقيفية تحت إشراف مشرفين أكفاء. هذه المراكز يمكن أن تساهم في تنمية مهارات الشباب وتحفيزهم على استثمار وقتهم بفعالية لتحقيق أهدافهم المستقبلية. وجود مثل هذه المراكز يمكن أن يكون بمثابة الحل الأمثل لتوجيه طاقات الشباب نحو الأنشطة البناءة والمفيدة.
وعلاوة على ذلك، يُمكن لهذه المراكز أن تقدم برامج متنوعة تشمل تعليم اللغات، المهارات الحياتية، الرياضة، والفنون. يمكن تنظيم ورش عمل لتعليم الحرف اليدوية والفنون التشكيلية، بالإضافة إلى دورات تدريبية في التكنولوجيا والبرمجة. هذا التنوع في الأنشطة سيمكن الشباب من اكتشاف مواهبهم واهتماماتهم وتطويرها، مما يساهم في بناء جيل متعلم ومبدع. كذلك، يمكن لهذه المراكز تنظيم مسابقات وجوائز تشجيعية لتحفيز الشباب على المشاركة بفعالية وإظهار أفضل ما لديهم.
إنَّ استثمار الإجازة الصيفية بشكل فعال يمكن أن يعزز معرفة الأطفال ومهاراتهم. من خلال المشاركة في المراكز التعليمية والأنشطة المختلفة، يمكن للأطفال تعلم أشياء جديدة وتوسيع آفاقهم. هذا لا يساعد فقط في تحسين تحصيلهم الأكاديمي، بل يساهم أيضًا في تطوير شخصياتهم وزيادة ثقتهم بأنفسهم. الأطفال الذين يتم تحفيزهم على استثمار وقتهم بفعالية يظهرون تحسناً في مهاراتهم الاجتماعية والأكاديمية، ويكونون أكثر استعداداً لمواجهة تحديات المستقبل.
وفي الختام.. أسأل الله تعالى أن يحفظ أبناءنا وبناتنا من كل سوء، وأن يرزقهم العلم والحكمة والقدرة على استثمار أوقاتهم بشكل يعود عليهم وعلى مجتمعهم بالنفع والفائدة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
جامعة الجلالة تنفذ سلسلة من الأنشطة ضمن "بداية"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
نفذت جامعة الجلالة الأهلية، برعاية الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، على مدار 100 يوم سلسلة من الأنشطة والمبادرات الهادفة إلى تحسين جودة الحياة وتعزيز الاستدامة البيئية والاجتماعية والثقافية، وذلك في إطار تنفيذ المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان"، التي تستهدف تطوير مهارات الأفراد ورفع الوعي المجتمعي.
وأشار الدكتور محمد الشناوي رئيس جامعة الجلالة، إلى أنه تم تنفيذ هذه الأنشطة من خلال عدة محاور منها الأنشطة البيئية والاستدامة؛ حيث تم زراعة 300 شجرة داخل الحرم الجامعي بالتعاون مع وزارة البيئة، بالإضافة إلى حملات تشجير بمشاركة الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، ورعاية دورية للنباتات من خلال فرق متخصصة، بالإضافة إلى تنظيم و عمل حول التغير المناخي وأهمية الحفاظ على البيئة، بالإضافة إلي إطلاق مشاريع لإعادة التدوير والمشاركة في الحفاظ على جمال ونظافة الحرم الجامعي.
وأضاف رئيس الجامعة أنه تمت الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي لتقليل استخدام المواد الكيميائية في المختبرات، وذلك عبر منصة Prexilab، بجانب تنفيذ العديد من الأنشطة الصحية والرياضية؛ ومنها تنظيم فعاليات لتعزيز النشاط البدني وتشجيع الطلاب على أساليب الحياة الصحية، من خلال إقامة بطولات رياضية مختلفة.
كما تم إطلاق حملات طبية لفحص وعلاج الطلاب والعاملين بالجامعة والمنطقة المحيطة بها، ومنها التوعية بأهمية النظافة الشخصية والصحة العامة، بالإضافة إلى تقديم خدمات طبية مجانية.
وفي إطار دمج الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة بالبرامج الدراسية، فقد تم استخدام منصات رقمية حديثة لتوفير محتوى تعليمي يدمج الذكاء الاصطناعي، بجانب عقد ورش عمل لتطوير مهارات التدريس باستخدام أدوات تكنولوجية متقدمة، منها ورشة بالتعاون مع الوكالة الجامعية للفرنكوفونية.
كما شاركت الجامعة بـ 306 بحثًا علميًا خلال عام 2024، يغطي مجالات متعددة، مثل (الهندسة، والطب، وعلوم المواد) مثل: مشروع Green Shield الذي يهدف إلى تطوير روبوت يعمل بالذكاء الاصطناعي لإزالة الأعشاب الضارة، مما يسهم في زراعة نظيفة ومستدامة، ومشروع Sugar Heal، الذي يعمل على تحويل مخلفات قصب السكر إلى ضمادات طبية صديقة للبيئة، بالإضافة إلى التكامل بين الذكاء الاصطناعي والعلوم الصحية؛ من خلال تنظيم ورش عمل متخصصة مثل ورشة "تطبيق الذكاء الاصطناعي في تصميم الأدوية"، بمشاركة خبراء وطلاب من كليات الصيدلة وعلوم الحاسب.
كما نظمت الجامعة حملات للتبرع بالدم وورش عمل صحية حول تقييم اللياقة البدنية، من خلال إشراك الطلاب في مبادرات تطوعية لتعزيز القيم الاجتماعية والعمل الجماعي، فضلًا عن تنظيم زيارات ميدانية لواحة سيوة لاستكشاف التحديات البيئية المحلية وابتكار حلول تنموية مستدامة تتماشى مع التراث الثقافي، وإطلاق برامج قيادية للطلاب تشمل تدريبهم على مهارات التخطيط والتنظيم، بالتعاون مع مؤسسات دولية مثل آيسيك AIESEC.
ونظمت الجامعة حفلًا لأعضاء هيئة التدريس والطلاب، لعرض أبرز الفعاليات وإنجازات الجامعة، ومنها: تحسين البيئة الجامعية وزيادة الوعي البيئي بين الطلاب، ودعم الابتكار من خلال مشاريع علمية فازت بجوائز دولية، مثل Startup Olympics، بالإضافة إلى تقديم خدمات صحية وتعليمية مبتكرة.