الجزيرة:
2024-08-28@09:34:57 GMT

دواء التخدير.. كيف يُفقدنا الوعي؟

تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT

دواء التخدير.. كيف يُفقدنا الوعي؟

هناك العديد من الأدوية التي يمكن لأطباء التخدير استخدامها لإفقاد المرضى وعيهم، لكنّ سؤالا مهما يتبادر للباحثين وهو: كيف تتسبب هذه الأدوية بالضبط في فقدان الدماغ للوعي؟

هذا ما عكف على دراسته علماء الأعصاب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالنسبة لأحد الأدوية المستخدمة بشكل شائع في التخدير. وباستخدام تقنية جديدة لتحليل نشاط الخلايا العصبية، اكتشف العلماء أن دواء البروبوفول يُفقد الوعي عن طريق تعطيل التوازن الطبيعي للدماغ بين الاستقرار والاستثارة، ويتسبب الدواء بأن يصبح نشاط الدماغ غير مستقر بشكل متزايد حتى يفقد الوعي.

اقرأ أيضا list of 3 itemslist 1 of 3علاجات جديدة تخفف من معاناة مرضى الصداع النصفيlist 2 of 3الدوار والدوخة.. الأسباب والعلاجlist 3 of 3‫الصرع.. الأعراض والعلاج‬end of list

وفي موقع يوريك أليرت، يقول إيرل كي ميلر أستاذ علم الأعصاب في بيكوور وأحد أعضاء معهد بيكوور للتعلم والذاكرة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وأحد الباحثين الرئيسيين في الدراسة: "يجب أن يعمل الدماغ على هذه الحافة الحادة بين الاستثارة والفوضى. يجب أن يكون مستثارا بما يكفي لتؤثر خلاياه العصبية في بعضها البعض، ولكن إذا أصبح مستثار جدا فإنه يدور في الفوضى. يبدو أن البروبوفول يعطل الآليات التي تحافظ على الدماغ في هذا النطاق الضيق للعمل".

ويمكن لنتائج الدراسة الجديدة التي نشرت بمجلة نيورون في 15 يوليو/تموز الحالي، أن تساعد الباحثين على تطوير أدوات أفضل لمراقبة المرضى أثناء خضوعهم للتخدير العام.

هناك العديد من الأدوية التي يمكن لأطباء التخدير استخدامها لإفقاد المرضى وعيهم (الألمانية) هل السبب الاستثارة أم الاستقرار؟

البروبوفول دواء يرتبط بمستقبِلات في الدماغ تسمى مستقبلات جابا، الأمر الذي يثبط الخلايا العصبية التي تحتوي على هذه المستقبلات. وتعمل أدوية التخدير الأخرى على أنواع مختلفة من المستقبلات، ولم تُفهم الآلية التي تُنتج بها كل هذه الأدوية فقدان الوعي بشكل كامل.

وافترض الباحثون أن البروبوفول -وربما أدوية التخدير الأخرى- تتداخل مع حالة الدماغ المعروفة باسم "الاستقرار الديناميكي"، ففي هذه الحالة تُستثار الخلايا العصبية بصورة كافية للاستجابة للمدخلات الجديدة، ولكن يمكن للدماغ بسرعة استعادة التحكم ومنعها من أن تصبح تفرط في الاستثارة.

ووجدت الدراسات السابقة عن كيفية تأثير أدوية التخدير في هذا التوازن نتائج متضاربة، فأشارت بعض الدراسات إلى أن الدماغ أثناء التخدير يتحول ليصبح مستقرا جدا وغير مستجيب مما يؤدي إلى فقدان الوعي، بينما وجدت دراسات أخرى أن الدماغ يصبح مستثار جدا مما يؤدي إلى حالة فوضوية ينتج عنها فقدان الوعي.

وجزء من سبب هذه النتائج المتضاربة صعوبة قياس الاستقرار الديناميكي في الدماغ بدقة، فقياس الاستقرار الديناميكي مع فقدان الوعي يساعد الباحثين على تحديد ما إذا كان فقدان الوعي يَنتج عن استقرار مفرط أو استقرار قليل جدا.

وفي الدراسة الجديدة التي نحن بصددها حلل الباحثون التسجيلات الكهربائية التي أجريت في أدمغة الحيوانات التي تلقت البروبوفول على مدار ساعة، وفقدوا خلالها الوعي تدريجيا. وتمكن الباحثون من قياس كيفية استجابة الدماغ للمدخلات الحسية مثل الأصوات، أو للاضطرابات العفوية للنشاط العصبي.

وفي الحالة الطبيعية يستجيب النشاط العصبي للدماغ بعد أي مدخل، ثم يعود إلى مستوى نشاطه الأساسي. ومع ذلك، بمجرد أن بدأت جرعة البروبوفول، بدأ الدماغ يأخذ وقتا أطول للعودة إلى خط الأساس بعد هذه المدخلات، ويظل في حالة استثارة بشكل مفرط. وأصبحت هذه الظاهرة أكثر وضوحا حتى فقدت الحيوانات الوعي.

ويشير ذلك إلى أن تثبيط نشاط الخلايا العصبية بواسطة البروبوفول يؤدي إلى عدم استقرار متزايد، مما يتسبب بفقدان الدماغ للوعي، حسب الباحثين.

تحسين التحكم في التخدير

وللتحقق مما إذا كانوا يستطيعون تكرار هذا التأثير في نموذج حسابي، أنشأ الباحثون شبكة عصبية بسيطة، وعندما زادوا من تثبيط بعض العقد في الشبكة كما يفعل البروبوفول في الدماغ، أصبح نشاط الشبكة غير مستقر، وهو ما يشبه النشاط غير المستقر الذي رآه الباحثون في أدمغة الحيوانات التي تلقت البروبوفول.

يقول خريج في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والباحث ما بعد الدكتوراه في المعهد وأحد باحثي الدراسة آدم إيسن: "نظرنا إلى نموذج دائرة بسيط للخلايا العصبية المترابطة، وعندما زدنا التثبيط فيها رأينا عدم استقرار. لذا فإن أحد الأشياء التي نقترحها هو أن زيادة التثبيط يمكن أن تولّد عدم استقرار، وهذا مرتبط بفقدان الوعي".

ويشتبه الباحثون في أن أدوية التخدير الأخرى التي تعمل على أنواع مختلفة من الخلايا العصبية والمستقبلات، قد تتجمع على التأثير نفسه بآليات مختلفة، وهو احتمال يدرسه الباحثون الآن.

وإذا تبين أن هذا صحيح، فقد يكون مفيدا لجهود الباحثين المستمرة لتطوير طرق للتحكم بشكل أكثر دقة في مستوى التخدير الذي يعاني منه المريض. وتعمل هذه الأنظمة -التي يعمل عليها ميلر المشار إليه سابقا مع إيمري براون أستاذ الهندسة الطبية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا- عن طريق قياس ديناميكيات الدماغ ثم ضبط جرعات الأدوية وفقا لذلك في الوقت الفعلي.

يقول ميلر: "إذا وجدت آليات مشتركة تعمل عبر أدوية التخدير المختلفة، فيمكنك جعلها جميعا أكثر أمانا عن طريق تعديل بعض الأزرار، عوضا عن الاضطرار إلى تطوير بروتوكولات أمان لكل تخدير مختلف على حدة. لا نريد نظاما مختلفا لكل تخدير يستخدمونه في غرفة العمليات، نريد نظاما واحدا يناسب الجميع".

كما يخطط الباحثون لتطبيق تقنيتهم لقياس الاستقرار الديناميكي على حالات الدماغ الأخرى، بما في ذلك الاضطرابات النفسية العصبية.

تقول إيلا فيتي أستاذة علوم الدماغ والعلوم الإدراكية ومديرة مركز كي ليزا يانغ للتكامل الحسابي لعلوم الأعصاب وأحد أعضاء معهد ماكغفرن لأبحاث الدماغ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وأحد الباحثين الرئيسيين في هذه الدراسة: "هذه الطريقة قوية جدا، وأعتقد أنه سيكون من المثير جدا تطبيقها على حالات الدماغ المختلفة، وأنواع مختلفة من التخدير، وأيضا حالات أخرى من الاضطرابات النفسية العصبية مثل الاكتئاب والفصام".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی معهد ماساتشوستس للتکنولوجیا الخلایا العصبیة أدویة التخدیر فقدان الوعی

إقرأ أيضاً:

شُبهات الماعز والوعي المثقوب

 

 

ماجد المرهون

majidomarmajid@outlook.com

 

 

حاولت الثَقافة اليونانية القديمة الخروج من ضَبابِّية تجريد الحزن لديها إلى واقعية تَشخيصه في محفل "أغنية الماعز" وتجسيد أحزانهم في ذلك الحيوان عبر طقوس دينيةٍ تنتهي بذبحه، وهي رمزيةٍ للعب على الوعي الذاتي المتصل بالجانب المادي في تفاعل الروح مع الجسد وتُوحي بنهاية الأحزان، حتى باتت تُعرف بالتراجيديا في السرديات القصصية الحزينة، والحقيقة أن الحزن لا يُذبح بموت الماعز مثلما يُذبح الموت المُجسَّد في الآخرة بعد الانتهاء من الحساب، وإنما هو عزاءٍ مؤقت وأمنية دنيوية استأثر بها وعي العامَّة في محاولة إقناع النفس بإقصاء الحزن، لما تعود به من راحة وهمية وطمأنينة زائفة وإن كانت لحظية.

لِكثرة التفكُّر في غُموض الوعي، فقد اعتقد الكثير بأنَّه وهمٌ كالسراب لا وجود له، والواقع أنه موجود ولكنه مفهوم لا يُعرف له تفسير ثابت وتحليل صلب أو تعريفٍ متفق عليه، إذ يختلف الانطباع من إنسانٍ إلى آخر وتحدد الفطرة قابليته ومن حيوان إلى آخر وتحدد الغريزة أهميته، فإذا تسنى لأحدنا مشاهدة منظرٍ جميل لمروجٍ خضراء شاسعة وبجانبه يقف ماعزٌ يرقب نفس الحدث فإنَّ وقع تلك المشاهد وبكل تأكيدٍ سيختلف بين الإنسان والحيوان وهذا المثال مبني على قصة حقيقية، وربما يكون الانطباع الأول لدى الماعز بالهروب والعودة إلى القطيع هو الأكثر ترجيحًا من أكل الأعشاب والحشائش، بينما قد يُفكر الإنسان بأكل الماعز نفسه وكلا الانطباعين حرَّكتهما الغريزةِ والفطرة، وفجأة تلاشت السهول المروج الخضراء.

وهكذا تَسرَّب من ثقوب وعينا تصديقُ كل قِصة تسبقها مقولة "مبني على قصةٍ حقيقية" وهو أمر شائع في عالم الروايات والسينما، لنشرع بفرضية أن كل ما نقرأه ونراه حقيقيًا وكل المشاهد واقعية وقد حدثت بالفعل، وإن لم تحدث إلّا في خيال الكاتب أو المؤلف المحتمل معايشته للقصة أو جزء منها ومُعظمها من وحي الخيال وإن فرض المحال ليس بمحال، ولازلنا نتابع معتقدين بأنها حدثت بالفعل، كما إن احتمال كذب المؤلف وارد جدًا بما أنه سيُضفي على حبكةِ قصته لمسة التشويق المطلوبة قياسًا على "أعذبُ الشعر أكذبه" كما يظهر في السينما الهندية، وقد يصل في مرحلةٍ من مراحل نبوغه التأليفي إلى سبر غور تفكير قطيعٍ من الماعز مثلًا وتشبيه وعيه الذاتي بالوعي الإنساني، أو إيصال راعي القطيع في مرحلة يأسٍ إلى حدود الكفر أو الإلحاد وقد لا يكون للمؤلف قصد من وراء ذلك ولكن وقع تلك المشاعر على المتلقي سيحدث التأثير العميق المنشود.

لا يُمكننا اليوم نُكران التقارب بين سينما بوليوود الهندية وهوليوود الأمريكية، ونلاحظ انعكاسات هذا التفاهم والتعاون على مستوى الممثلين الهنود المشاركين في السينما الأمريكية التي ما انفكت تسيء للإسلام عمومًا والمسلمين خصوصًا والعرب تحديدًا ولا زالت تفعل ولا يخفى ذلك على المُتابع كما لا يخفى سلوك بوليوود الهندية مؤخرًا نفس النهج من خلال مجموعة غير قليلةٍ من أفلامها، إذ تُظهر علامات تبطين الإساءة للإسلام والمسلمين لا سيما الأفلام التاريخية إبان الحكم المغولي الإسلامي للهند مع إهمال فضائل تلك المرحلة، ويتبين فيها التزييف والتدليس المتعمد بكل جلاء والأمثلة عليها كثيرة ولكن نتجاوز ذكرها تجنبًا للترويج لها.

مُعظم القِصص التي تتخذ مسار السردية الذاتية إن لم يكن كلها تتبنى القانون الأزلي للخير والشر وهي أبسط صورة لاستدراج الوعي وتضع المُتابع في حالةِ تعاطف وترجيح أحد الأطراف المُتضادة، وبالتالي سيُعمد إلى شيطنة الطرف المُمثل للشر ليكون مكروهًا ويتوجب عليه نيلُ جزاءه وغالبًا ماتميل النهاية إلى كفَّة الطرف الذي يُمثل الخير، وهذه الصورة النمطية التقليدية تتشكل في الوعي الإنساني السليم منذ بداية القصة وربما قبل بدايتها مع ظهور إشارة "مبني على قصة حقيقية" حيث تستحوذ هذه المقولة بسرعة قياسية على الذهن، وتُدخل انفعالات المتابع في دائرة التصديق التام والقبول الكامل بأن ما يشاهده هو أقرب للواقع منه للخيال أو الكذب.

وكل ذلك في حيثيات تلك القصة بشخوصها وزمانها ومكانها لا يزال في النطاق التجريدي وهو مقبول جدًا في حدودها، ولكن ما هو غير معقول أن تخرج القصة من حدود إطارها الكتابي أو التمثيلي إلى نطاق التشخيص الواقعي لتسقط شخصية واحدة مُنتقاه بعناية على المجتمع وكأنها تُمثله وفجأةً تلاشت القصة الطويلة مع استيقاظ المعرفات القمَّامة، فتتدخل أقلامها الطفيلية والتي لاغرض لها سوى التكاثر على أجساد الماعز في حياته وبعد مماته وتحللهِ بالنَّيل من الشخصية التي مثلت دور الشر وتعميمها بكل صلافةٍ على الجميع، وكأنها ترغب بالانتقام من تلك الشخصية بإخراجها من القصة وتجسيدها على الواقع ومواصلة الانتقام منها بتأليب الرأي العام حولها ويأبى الكفيل لتلك الأقلام إلا أن تكون النهاية على الواقع مناصرة للشر ومناقضة للقانون الأزلي، وهذا افتِعالٍ في منتهي المكر والعنصرية.

لا يمكن سَوق الشعوب الواعية خلف آراءِ رعاعٍ لا يعلمون شيئًا عن النقد الفني والأدبي، وأفواهٍ صفراء لا يُعلم عنها شيء سوى سعيها الدؤوب لإشاعة البغضاء والكراهية في المجتمعات النقية، عندما تستهدفها في ظاهر كلمة حقٍ أريد بها باطل، وقد بان عوار تلك الأسماء والمُعرفات وبات غرضها معلومًا لدى البعيد قبل القريب، فهي وبكل بساطة لا تتردد في النيل من بلادٍ بأسرها وسياستها العامة بناءً على أسخف وأتفه الأسباب، وحتى لو وصل بها الأمر للاستعانة بأقصوصة لاتخلو من الخرافة أو التلفيق، وبما أن ذلك قد عُلم وأصبح واقعًا وتأكدت لنا توجهات الأقلام القمَّامة المأجورة فإننا وصلنا هنا إلى النهاية السعيدة للقصة، وهي مرحلةٍ متقدمة من الحصانة بحيث لم يعد ينطلي على وعينا أباطيلها وتضليلها، ولكن تبقَّت هناك شرذمة أشبه بقطيع الماعز يسوقها الراعي بعصاه وكلبه تحت ترهيب وترغيب الكفيل حيثما شاء وكيفما أراد وجب إيقاظ الوعي لها، فإذا نزعنا عصا الراعي من يده وحجبنا عنه كلبه فإنَّ القطيع من حوله سيتشتت، وهو ماعلينا فعله في مواجهة المعرفات الوهمية التي ترعى حول الحمى وتعتاش بالمفتريات والإفتآت على القيل والقال وتتغذى على الشبهات وتكره الطيبات وتُحرم الحلال.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • تأثير الأشعة الكونية على خلايا الدماغ
  • مضادات الاكتئاب تهدد بانقرض الأسماك .. كيفت تصل إليهم وما تأثيرها؟
  • هل تتجدد خلايا المخ عند الأطفال؟ (تفاصيل)
  • «القومي لحقوق الإنسان» ينعى نبيل العربي: فقدنا أحد الرجال المتميزين
  • تنبأ بالزلازل بدقة غير مسبوقة.. الذكاء الاصطناعي يفاجئ العلماء
  • قبل بدء الدراسة.. 7 أطعمة مهمة تساعد ابنك على التركيز
  • نوع من الأطعمة يؤثر على الدماغ والبنكرياس.. احذر الإفراط في تناوله
  • لماذا يقل حرق الدهون عندما نصوم؟
  • شُبهات الماعز والوعي المثقوب
  • اكتشاف علمي جديد يوضح آلية معقدة لتخزين الذكريات في الدماغ