قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن الزيارة التي قام بها صدام حفتر، أحد أبناء رجل شرق ليبيا القوي خليفة حفتر، لواغادوغو تمت خلسة، ولم تعلن عنها السلطات في بوركينا فاسو ولا في بنغازي رسميا، وهي الأولى له لهذا البلد منذ أن رقّاه والده إلى منصب رئيس أركان الجيش الوطني الليبي.

وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم مورغان لو كام- أن زيارة نجل حفتر تبرز الطموحات المتزايدة لحكومة بنغازي الموازية بتعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع الأنظمة العسكرية في منطقة الساحل.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2البشر وما يملكون.. أوريان 21: بالنسبة لنظام الأسد كل شيء يجب أن يختفيlist 2 of 2من هو فانس ولماذا اختاره ترامب نائبا له؟ 4 كتاب أميركيين يجيبونend of list

ولفتت إلى أن ذلك يدخل في إطار بحثها الدائم عن الشرعية على الساحة الدولية، ومعارضتها "حكومة الوحدة الوطنية" المتمركزة في طرابلس والمعترف بها من قبل الأمم المتحدة.

وكان صدام حفتر قد زار نجامينا في بداية يونيو/حزيران للقاء الجنرال محمد إدريس ديبي بعد انتخابه رئيسا لتشاد في مايو/أيار، في أولى زيارة له في الخارج منذ ترقيته إلى منصب قائد الجيش.

ويقول الخبير في الشأن الليبي ولفرام لاشر من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية إن "الطموحات السياسية" للرجل الذي يتولى الآن دور مبعوث خليفة حفتر، تظهر أنه يسعى لتعزيز مصداقيته على الساحة الدولية في وقت بدأ فيه الاستعدادَ لخلافة والده.

مذكرة اعتقال

ومع أنه لم يتسرب شيء من التبادلات مع الزعيمين في نجامينا وواغادوغو، فإن الحكومة التشادية ستسعى إلى الحصول من جارتها الليبية على استمرار احتجاز مقاتلي جبهة التناوب والوفاق التشادية المتمردة، التي كانت وراء الهجوم الذي أودى بحياة الرئيس السابق إدريس ديبي.

وكانت قوات حفتر قد اعتقلت قائد جبهة التناوب والوفاق التشادية المتمردة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وسلمته لنجامينا التي قصفت مواقع الجماعات المتمردة في جنوب ليبيا بعد ذلك بأسبوعين.

وبالنسبة للنيجر المجاورة، يتعين على الحكام العسكريين الجدد التعامل مع الهجمات المتفرقة التي تنفذها الجماعات المتمردة التي لها فروع في المناطق التي تسيطر عليها قوات حفتر، وبالتالي تعزيز روابطهم مع بنغازي، بعد أن أصدروا مذكرة اعتقال بحق محمود صلاح، زعيم جبهة التحرير الوطني، الذي أعلن مسؤوليته عن هجوم على قسم من خط الأنابيب الذي ينقل النفط النيجري إلى بنين.

وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة الموازية في بنغازي تتولى رعاية علاقاتها مع النيجر منذ وصول الجنرال عبد الرحمن تياني إلى السلطة قبل عام تقريبا، وقد سلمت بالفعل 33 طنا من المواد الغذائية إلى نيامي لمساعدة المجلس العسكري في دعم آلاف النازحين الذين فروا من قراهم بسبب عنف الجماعات المسلحة.

العراب الروسي

وتعد النيجر، بحدودها المشتركة الطويلة مع ليبيا، شريكا إستراتيجيا لجماعة حفتر التي تمول جزئيا من خلال تهريب المهاجرين غير النظاميين الذين يمرون عبر شمال النيجر، وقد ألغت نيامي القانون الذي يجرم المهربين الذين ينقلون المرشحين للهجرة غير النظامية مما صدم العديد من دول الاتحاد الأوروبي.

ويشتبه الأوروبيون -حسب لوموند- في أن روسيا هي التي دفعت حليفتها الجديدة النيجر إلى تبني هذا الإجراء في اليوم التالي لطرد الجنود الفرنسيين، كما يرون أن موسكو تتظاهر بأنها الأب الروحي للانقلابيين، وتلعب دور الوسيط بينهم مع جماعة حفتر التي عززت شراكتها معها في الأشهر الأخيرة.

وأشارت الصحيفة إلى أن الإستراتيجية الأفريقية نوقشت محاورها الرئيسية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وخليفة حفتر في موسكو نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، ومن ضمنها استخدام بنغازي حيث تنتشر مرتزقة فاغنر الروس منذ عام 2019، كمنصة لوجستية تخدم الطموحات العسكرية الروسية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

وخلصت لوموند إلى أن "هذه العودة الملحوظة لروسيا إلى ليبيا ليست قليلة الأهمية لأنها جزء من ديناميكية أوسع لبسط نفوذها في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل"، كما قالت الباحثة إيما فيغلينو في مقال بمجلة كونفليكت.

وأوضحت أن الموقع الإستراتيجي لليبيا على طرق الهجرة "جعلها نقطة محورية للإستراتيجية الروسية في أفريقيا" ويمكن استخدامها "كرافعة دبلوماسية أو أمنية في مواجهة روسيا مع الأوروبيين".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات إلى أن

إقرأ أيضاً:

التخريب المتعمد لمحاولات النجاح يخدم من ؟

ليس من المبالغة في شيء القول: إنه ليس مصادفة أن عوامل الفشل المتشابهة تؤدي إلى نتائج متماثلة في البيئات المتشابهة اجتماعيا وسياسيا وثقافيا أيضا، ومن ثم فإنه برغم إدراك أن عوامل متشابهة لعبت وتلعب أدوارا محددة للتدخل في شؤون دول ومجتمعات عربية معينة، على الأقل في المرحلة الراهنة، فإن تشابه المخرجات بين المجتمعات العربية يفرض ضرورة التفكير في الأسباب التي أدت إلى ذلك، ونعني بذلك ما جرى ويجري في الشقيقتين ليبيا والسودان في السنوات الأخيرة خاصة على الصعيد السياسي والاقتصادي والأمني الذي يضع كلتا الدولتين على حافة الخطر بالمعنى الكامل، وفى مختلف المجالات أيضا.

ومع الوضع في الاعتبار ما شهده السودان الشقيق منذ انقلاب الفريق عمر البشير عام 1989 من ناحية وما تعرضت له ليبيا منذ الإطاحة بالعقيد القذافي الذي تولى حكم ليبيا في انقلاب الفاتح من سبتمبر عام 1969 من ناحية ثانية، فإن الواقع العملي في البلدين الشقيقين يكاد يكون متماثلا في العديد من الجوانب المأساوية. وإذا كنا في غير حاجة للمقارنة بين ما جرى في البلدين الشقيقين فإن من أهم جوانب التشابه أن كليهما خضع للحكم العسكري سنوات طويلة تحت حكم القذافي في ليبيا وحكم البشير في السودان وتكونت بالفعل دوائر مصالح مختلفة وذات ارتباطات داخلية وإقليمية ودولية ذات أبعاد متعددة تستوجب الحفاظ عليها بكل السبل المختلفة وهو ما أثار في الواقع صراعات المصالح المباشرة وغير المباشرة، المعلنة والمستترة كذلك. وكانت هذه الصراعات، ولا تزال هي المدخل للتخريب المتعمد لمحاولات بناء نماذج ناجحة أو محاولة ذلك على الأقل، وفيما يتصل بالتطورات في ليبيا في الآونة الأخيرة على الأقل فإنه يمكن الإشارة إلى عدد من الجوانب لعل من أهمها أولا، أنه منذ رحيل القذافي بشكل مأساوي بعد تدخل الناتو والغرب في ليبيا بحجة حماية الشعب الليبي من بطش قوات القذافي، وبحكم اتساع الأراضي الليبية والقلة النسبية لعدد السكان من ناحية وطريقة تشكيل القوات المسلحة الليبية والاعتماد على وحدات عسكرية منفصلة ولا يربط بينها إلا قيادة القذافي نفسه، ومع انتشار السلاح في أيدي الكثيرين من المواطنين الليبيين خاصة في الأقاليم والمناطق الليبية المتباعدة، ومع وجود طموحات لدى شخصيات غذتها تطلعات الصراعات في ظل حكم القذافي الذي تلاعب بتطلعات المكونات الاجتماعية والقبلية للشعب الليبي واستخدام عائدات النفط الليبية في ذلك وعدم استخدامها في تمويل التنمية وبناء حياة جديدة، انتشرت الميليشيات والمجموعات المسلحة في المناطق والأقاليم الليبية وزاد الاعتماد على قيادات الميليشيات في حماية الأمن في المدن والقيادات الجديدة التي فرضت نفسها بشكل أو بآخر لشغل فراغ السلطة الذي تكرس بعد رحيل القذافي ومن ثم ظهرت حالة أقرب إلى الفوضى التي أتاحت الفرصة لقوى إقليمية ودولية للتسلل إلى داخل ليبيا والتحالف على حساب المصالح الوطنية والأمن القومي وحتى الجغرافيا الليبية بما تحويه من موارد نفطية كبيرة ومعروفة وقصة ترسيم الحدود البحرية بين ليبيا وتركيا كادت تؤدي إلى صدام عسكري بين مصر وتركيا بسبب اتفاقية ترسيم الحدود بين تركيا وحكومة عبدالحميد الدبيبة في طرابلس لخدمة مصالح حكومة الدبيبة والاستقواء بها في مواجهة خصومها من داخل وخارج ليبيا الذين عارضوا ترسيم الحدود بموجب الاتفاقية المشار إليها. وليس من المبالغة في شيء القول: إن تركيا أصبحت بالفعل بمثابة المقاول الرئيسي للكثير من المشروعات في ليبيا خاصة مشروعات التدريب العسكري ومجالات النقل والطرق والصناعات العسكرية وإنشاء القوات المسلحة وكذلك في مجالات المياه والسدود وحتى في مجالات المشروعات المدنية الأخرى على تنوعها وتعددها وهو ما تعمل تركيا بكل السبل من أجل الحفاظ عليه وإبعاده عن تدخل أو حتى اقتراب قوى أخرى قادرة على المنافسة فيها مثل مصر والجزائر على سبيل المثال.

وبينما انعكست المنافسة المصرية التركية على علاقة مصر وتركيا في الفترة الماضية، وعلى علاقة كل منهما بحكومة الدبيبة، فإن التحسن النسبي في العلاقات المصرية التركية في الأشهر الأخيرة انعكس بشكل واضح في تحسن العلاقات بين القاهرة وأنقرة وعلى نحو يفتح المجال أمام تعاون أكبر وأوسع لخدمة المصالح المشتركة والمتبادلة بين مصر وتركيا خاصة في ظل الزيارة المرتقبة للرئيس المصري لتركيا وتطوير التعاون الصناعي والتكنولوجي والزراعي لصالح الدولتين والشعبين الصديقين.

يضاف إلى ذلك أن مصر وتركيا ستميلان على الأرجح إلى تعزيز التعاون ومحاولة حل المشكلات العالقة بينهما في الفترة القادمة بعد ظهور الفوائد الجمة لتعاونهما المشترك والحد من مجالات التنافس المباشر وغير المباشر بينهما ليس في ليبيا فقط ولكن في السودان وإفريقيا بوجه عام وعلى الوضع الإقليمي في المنطقة بوجه خاص بعد أن تنضج وتتكامل الجوانب المختلفة لأبعاد هذا التعاون الإيجابي والبناء الذي تتحمس له الدولتان اللتان تعرفان قيمة كل منهما للأخرى في المجالات المختلفة خاصة في ظل الظروف والتطورات الإقليمية الجارية والمتوقعة اليوم وغدا أيضا.

من جانب آخر فإن من أهم السمات في المشهد الليبي هو الانقسام والتعدد بين المؤسسات الليبية، وهو ما أثر على العلاقات بينها وعلى إدارة الأزمة الليبية أيضا، فإلى جانب مجلس النواب المنتخب الذي يترأسه المستشار عقيلة صالح، ومقره بنغازي هناك حكومة الوحدة الوطنية التي انتخب رئيسها عبد الحميد الدبيبة في فبراير 2021 من أجل إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في موعد غايته 31 ديسمبر عام 2021، وقد حظيب حكومة الدبيبة باعتراف دولي من أجل إجراء الانتخابات التي ينظر إليها على أنها بوابة حل الأزمة ومن ثم يعلق عليها أمال كثيرة - الانتخابات - لحل الأزمة عبر التوافق بين المؤسسات الليبية. ومن خلال سيطرة الدبيبة على مؤسسات الدولة سيطر على ميزانية ليبيا ومجالات إنفاقها كما سيطر على الميليشيات التي تكونت في طرابلس ووفرت الحماية الأمنية له مقابل الإنفاق عليها كما قام بتعزيز علاقاته مع تركيا والدول الغربية كسند غربي له في مواجهة خصومه ومنهم عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، الذي حاول إقالة حكومة الدبيبة بحجة فشلها في تنظم الانتخابات مع نهاية عام 2021 ولكن المحاولة فشلت بسبب رفض الدبيبة وتمسكه بأنه لن يسلم السلطة إلا لحكومة منتخبة، ولذا رفض الاعتراف بحكومة فتحي باشاغا المؤقتة التي شكلها مجلس النواب في فبراير 2022 لتحل محل حكومة الدبيبة وهو ما لم يحدث أيضا حتى الآن. وخلال الأسبوع الماضي كرر عقيلة صالح المحاولة مرة أخرى بإعلان إنهاء ولاية حكومة الدبيبة بقرار أصدره مجلس النواب الليبي بالإجماع يوم 20 أغسطس الجاري واعتبار حكومة «أسامة حماد» هي الحكومة الشرعية في ليبيا حتى تشكيل حكومة جديدة. وقال عقيلة صالح: إن المجلس يسعى لتحقيق «سلطة واحدة قادرة على السيطرة والعدالة بين الشعب». ولكن الدبيبة القوي في طرابلس لم يأبه للقرار الأخير ووصفه بأنه «مجرد وجهة نظر» ومن ثم فإنه لن يستجيب على الأرجح له ولن يترك موقعه حسبما أعلن من قبل .

ثانيا، إن من أهم عناصر إضعاف الوضع في ليبيا أن هناك هيئتين تنفيذيتين أيضا هما المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي ومجلس الدولة برئاسة خالد المشري ويتردد أن مجلس الدولة تهيمن عليه عناصر ذات توجهات إسلامية ومن ثم ظهرت خلافات بين مجلس النواب المنتخب من الشعب الليبي وبين مجلس الدولة حيث يعارض مجلس النواب مشاركة مجلس الدولة في مشاورات اختيار رئيس الحكومة أو التشكيل الوزاري وهو ما يضع مزيدا من العقبات أمام إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة إذا قدر لها أن ترى النور.. من جانب آخر ونتيجة للأوضاع الليبية في ظل حكم القذافي وبعده، ظهرت العديد من اللجان لتسهيل الاتفاق على الأسس التي ستجري الانتخابات على أساسها فهناك على سبيل المثال لجنة (5+ 5) ولجنة (6 + 6) ولجنة خارطة الطريق، فضلا عن اللجان الثنائية بين مجلس النواب والمجلس الرئاسي لوضع الأسس التي ستجري الانتخابات على أساسها. وتجدر الإشارة إلى أن حكومة الدبيبة ومجلس النواب ومجلس الدولة والمجلس الرئاسي انتهت صلاحيتها جميعها ولكنها في السلطة بحكم الأمر الواقع حتى يتم التوصل إلى توافق بين المسؤولين الليبيين..

على أية حال فإن الانتخابات هي العقبة التي تدور حولها مختلف الجهود منذ نحو أربع سنوات تقريبا وبرغم تعدد الوسطاء وتكرار المحاولات إلا أنه يبدو أن الوضع الراهن يخدم مصالح من يعملون على الحفاظ عليه بغض النظر عن هوياتهم وشعاراتهم والشعب الليبي هو من يدفع الثمن في النهاية.

وإذا كانت التدخلات الخارجية وتعارضها والمصالح الذاتية وأنانيتها والافتقار إلى الإرادة السياسية هي المسؤولة فإن هناك حاجة إلى شخصية وطنية لبيبة مخلصة وقادرة على تحقيق طموحات الليبيين قبل فوات الأوان.

مقالات مشابهة

  • زعيم حماس في الضفة: سنواجه الاحتلال بكل الطرق والتعويل على الشرعية الدولية استسلام
  • المشير حفتر لـ خوري: يجب احترام الجهات الشرعية والدستورية المخولة بالنظر في المناصب السيادية
  • التخريب المتعمد لمحاولات النجاح يخدم من ؟
  • أزمة المركزي.. أهم محاور لقاء «حفتر» و«خوري»
  • المشير “حفتر” و”خوري” يبحثان أزمة مصرف ليبيا المركزي
  • إغلاق جميع حقول النفط شرقي ليبيا
  • توقيف 110 شخصًا بسبب شغب مباراة الرجاء وحرس النيجر
  • حكومة شرق ليبيا تعلن إغلاق جميع حقول النفط
  • حنان كشك تكتب: الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر
  • بعد قرابة العام.. البعجة يخرج من سجون حفتر واثنان من رفاقه