قراءة في تصريحات فيدان حول التطبيع مع سوريا
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
عقد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مساء الأحد، مؤتمرا صحفيا في إسطنبول مع نظيره السعودي، فيصل بن فرحان، وتطرق فيه إلى موقف تركيا من فصائل الثورة السورية واللاجئين السوريين، ردا على سؤال حول لقاء محتمل يجمع رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان ورئيس النظام السوري بشار الأسد. وكانت تصريحاته تجيب على أسئلة عديدة أثيرت بعد إعلان أردوغان استعداده للقاء الأسد.
فيدان، في بداية جوابه على السؤال، لفت الانتباه إلى حاجة المنطقة للسلام والاستقرار، في ظل المتغيرات التي يشهدها العالم، كما أشار إلى أن رغبة أردوغان في لقاء الأسد ليست نابعة من نقطة ضعف، وأن رئيس الجمهورية التركي لا يتهرب من المواجهة، إلا أنه يترك دائما قناة للحوار، ولو كانت المواجهة في عزها. وذكر أن تركيا حققت مكاسب استراتيجية عديدة خلال المحادثات المباشرة وغير المباشرة التي جرت بين الطرفين على مختلف المستويات. ثم عرج على موقف بلاده من اللاجئين السوريين والفصائل المعارضة للنظام السوري.
التصريحات الأخيرة التي أدلى بها فيدان وبشار الأسد، تشير إلى أن عملية التطبيع بين تركيا والنظام السوري في طريق مسدود، وأن هناك بونا شاسعا بين أهداف الطرفين وموقفيهما من حاضر سوريا ومستقبلها وثورتها المجيدة، يجعل التقريب بينهما أمرا مستحيلا. وبالتالي، تبدو التصريحات التي تظهر الاستعداد للقاء بين أردوغان والأسد، مجرد مناورة تفرضها الظروف لإرضاء الوسطاء.إعلان أردوغان عن استعداده للقاء الأسد أثار تساؤلات حول وجود تغيير في موقف تركيا من الثورة السورية. وأكد فيدان أن موقف أنقرة من فصائل الثورة السورية التي يطلق عليها أيضا "المعارضة السورية"، لم يتغير. كما شدد على أن فصائل الثورة حرة في قراراتها، وأن قرارها هو الأساس في طبيعة علاقاتها مع النظام، مشيرا إلى أن تركيا ستلعب دورا بناء في أي قرار يتخذه المعارضون. وبعبارة أخرى، أكد أن تركيا ليست "وصيا" على فصائل الثورة السورية، وأنها لن تضغط عليها بأي اتجاه، بل تحترم قراراتها. وكما أكد وزير الدفاع التركي، ياشار غولر، أمس الثلاثاء، أن الشعب السوري هو الذي سيقرر مصير سوريا.
الأهم في تصريحات وزير الخارجية التركي هو تطرقه إلى قتال فصائل الثورة السورية جنبا إلى جنب مع الجيش التركي ضد التنظيمات الإرهابية، مثل حزب العمال الكردستاني وداعش، في عفرين وتل أبيض ورأس العين وغيرها، وسقوط شهداء من الجنود الأتراك والثوار السوريين في تلك المعارك، في إشارة إلى متانة العلاقات بين تركيا وفصائل الثورة السورية. وأكد أن تركيا، كدولة كبيرة ووفية، لا يمكن أن تنسى تلك التضحيات، كما لا يمكن أن تخذل هؤلاء الثوار. ومن المؤكد أن هذه الشراكة الأخوية التي كتبت بدماء الشهداء غالية وأن حمايتها لصالح الطرفين.
وفي رسالة إلى المجتمع التركي، لفت فيدان إلى أن فصائل الثورة السورية تخدم في المناطق المحررة مصالح بلاده الإستراتيجية من خلال الحيلولة دون حدوث موجات نزوح جديدة نحو تركيا، والتعاون مع قوات الأمن والاستخبارات التركية في مكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة وشبكات التهريب، مضيفا أن هناك اجتماعات دورية تعقد بمشاركة مسؤولين أتراك وقادة الفصائل لمتابعة هذه الملفات وغيرها. كما شدد على أن موقف تركيا من اللاجئين السوريين لم يتغير، وأنه لن يتم ترحيل أحد من اللاجئين لا يرغب في العودة إلى بلاده.
تركيا نصحت بشار الأسد في بداية الثورة السورية أن يقوم بإصلاحات يطالب بها الشعب السوري، إلا أنه اختار أن يمزق سوريا ويحرقها بدعم من روسيا وإيران. وها هو اليوم في موقف أضعف، ونظامه غير قابل للإصلاح وإعادة التدوير والتأهيل. وأما تصريحاته المطالبة بانسحاب القوات التركية فينطبق عليها المثل القائل: "إذا أعطيت الحمار قيمة أكثر مما يستحقها يظن نفسه خيلا".تصريحات فيدان دحضت كافة المزاعم والشبهات التي بدأ الموالون للنظام السوري وحلفائه يثيرونها في الآونة الأخيرة، وخيبت آمال العنصريين، كما نفت الشائعات القائلة بأن تركيا ستتخلى عن الوقوف إلى جانب فصائل الثورة السورية وستقوم بترحيل جميع اللاجئين إلى سوريا بالتعاون والتنسيق مع النظام السوري. وبعثت رسائل هامة لتطمئن فصائل الثورة السورية واللاجئين السوريين. وإضافة إلى ذلك، رسمت تلك التصريحات أطر أي لقاء محتمل يجمع أردوغان والأسد.
التصريحات التي أدلى بها فيدان في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع وزير الخارجية السعودي، لم تعجب النظام السوري الذي يعتبر فصائل الثورة السورية "تنظيمات إرهابية". وفي رد غير مباشر على تلك التصريحات، ذكر بشار الأسد، بعد الإدلاء بصوته في مسرحية الانتخابات البرلمانية، أن انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية وتخلي تركيا عن "الإرهابيين"، في إشارة إلى الثوار، يجب أن تتم مناقشتهما في أي لقاء مع أردوغان، ما يعني أن النظام السوري تخلى عن اشتراط انسحاب القوت التركية قبل اللقاء، ولكنه يشترط أن يكون اللقاء بذات الأجندة.
التصريحات الأخيرة التي أدلى بها فيدان وبشار الأسد، تشير إلى أن عملية التطبيع بين تركيا والنظام السوري في طريق مسدود، وأن هناك بونا شاسعا بين أهداف الطرفين وموقفيهما من حاضر سوريا ومستقبلها وثورتها المجيدة، يجعل التقريب بينهما أمرا مستحيلا. وبالتالي، تبدو التصريحات التي تظهر الاستعداد للقاء بين أردوغان والأسد، مجرد مناورة تفرضها الظروف لإرضاء الوسطاء.
تركيا نصحت بشار الأسد في بداية الثورة السورية أن يقوم بإصلاحات يطالب بها الشعب السوري، إلا أنه اختار أن يمزق سوريا ويحرقها بدعم من روسيا وإيران. وها هو اليوم في موقف أضعف، ونظامه غير قابل للإصلاح وإعادة التدوير والتأهيل. وأما تصريحاته المطالبة بانسحاب القوات التركية فينطبق عليها المثل القائل: "إذا أعطيت الحمار قيمة أكثر مما يستحقها يظن نفسه خيلا".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تركيا سوريا العلاقات سوريا تركيا علاقات رأي مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللاجئین السوریین النظام السوری بشار الأسد أن ترکیا إلى أن
إقرأ أيضاً:
فيلم “٣٠٠ميل”… رصد لمحطات في الثورة السورية من درعا إلى حلب
دمشق-سانا
من بين الأفلام الوثائقية العديدة التي وثقت للثورة السورية بعدسات مخرجين سوريين وأجانب، يتميز فيلم “300 ميل” للمخرج عروة المقداد برصده جبهات القتال المشتعلة بين الثوار وجيش النظام البائد في مختلف المناطق السورية.
الفيلم الذي عرض في دمشق للمرة الأولى خلال تظاهرة “بداية” المقامة حالياً في بيت فارحي، يمتد على 36 دقيقة، ويبدأ من مشهد إنساني مؤثر يجمع بين المخرج المقداد وابنة شقيقه نور، التي تسأل عمها ببراءة: “من أين أبدأ الحكاية؟”.
ينتقل الفيلم من درعا، حيث تولى التصوير فراس ونور المقداد، إلى حلب شمالاً التي صور مشاهدها المخرج نفسه، ليكون عنوان الفيلم مستوحى من المسافة بين حلب في الشمال وحوران في الجنوب “300 ميل”، حيث كان من المستحيل على المدنيين قطعها، ولكنها بالوقت نفسه هي مسافة مكونة من خطوط الجبهات والحواجز والمعارك.
وتظهر الطفلة نور بعدة مشاهد لتحدثه عن الأهل وأحوال حوران، ولتصف له تغيرات الأماكن وقطع الشجرة المحببة لها، بينما تسمع أصوات الانفجارات والقنابل.
لقد تغيرت اهتمامات الطفولة البريئة لدى نور كسائر أطفال سوريا، فلم تعد تعنيها أرجوحتها القديمة، بل تتساءل عن معاني ومصطلحات الحرب، فما هي “التصفية؟ ..الهدنة؟ قصف؟ الطيران؟…”، وكأنها تحاسب الضمير الإنساني عن سكوته أمام معاناة السوريين.
نسمع في الفيلم أحاديث الثوار وتساؤلاتهم الدائمة بلا أجوبة: “أين العدل؟…إلى متى؟…ماذا سيحدث إذا خرج كل العالم مظاهرات داعمة لنا؟…هل مكتوب على الإنسان أن يموت كي يكون حراً؟.
شخصية القائد الثوري الشريف كانت عبر “أبو يعرب” الأربعيني الذي يصف المحاربين الأوفياء للمبادئ التي قامت عليها الثورة، وهو الذي يلخص البطولة والشجاعة والإقدام: “جيش عرمرم مدجج بأعنف الأسلحة، ويقف بوجهه بارودة عمرها ٥٠ سنة بيد شاب ٢٠ سنة، أليس ذلك إنجاز أسطوري؟”… “سأحارب الجميع قدر الإمكان.. الثورة غربلت كل شيء”، ثم أخيراً يختفي وسط الضباب.
ونرى أحلام الشباب عبر “عدنان” الطالب الجامعي الذي ترك دراسته والتحق بالثورة وبأهدافها السامية، مع أصدقائه الشبان وهم يهتفون للحرية، مع تعليقات ساخرة كئيبة تعبر عن الواقع الأليم في ظل تفشي إجرام النظام بحق المدنيين.
نسافر في الفيلم ما بين واقع مدينة حلب التي يطالها قصف النظام وواقع حوران، ما يؤكد التمازج بين أوجه الثورة المتعددة، كما نعيش جبهات القتال ويوميات الثوار، وظروفهم الصعبة، وحركة الكاميرا المهتزة التي ترافقهم في حركاتهم بين الركام، مؤكدين أنهم مصممون على تخليص سوريا من براثن الظلم.
هدوء الفيلم رغم تصويره من جبهات القتال كان لافتاً، ومن الأصوات غناء جدّة المخرج ذات الأصول الفلسطينية من الفلكلور الحوراني بصوت مليء بالحزن والأسى، على بلد يحترق بنيران القصف وشباب يرحل.
وفي المشاهد الأخيرة .. صمتٌ غداة القصف، لتخترقه أصوات سيارات الإسعاف التي تهرع لنجدة الناس، ودمار وخراب، ثم سنابل القمح الصفراء تعلن النهاية الممزوجة بالأمل.
وفي رسالة أرسلها المخرج لتظاهرة بداية ولسوريا كلها، وبحضور والدته، أكد فيها أن ١٤ عاماً خسرنا فيها الكثير، أحبة وأحلاماً وذكريات، لكننا مازلنا هنا وإن حال النظام البائد بيننا وبين أحلامنا وأحبتنا، ووجدنا طرقاً كثيرة لنلتقي ومنها السينما التي نختصر فيها ما قد يستحيل قوله.
ولفت المقداد إلى أنه أنتج الفيلم وهو مختبئ في بيت، ممنوع من المغادرة، ثم دار الفيلم العالم ولم يستطع أن يكون معه، لكن هذا التوقيت هو الأحب للقلب لأنه “يسبقني لدمشق، ربما لأن الفن في جوهره قادر أن يكون أكثر حرية من صانعه”.
يُشار إلى أن الفيلم عرض في العديد من المهرجانات العالمية المهمّة مثل مهرجان “لوكارنو- سويسرا”، وحائز عدة جوائز، منها جائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان “دوك ليزبوا – البرتغال”.
تابعوا أخبار سانا على