عبقريّة ابن غفير تُعلن الحرب على مُعزّز عبيّات
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
مع الوضع المأساوي الذي بتنا نراه على الأسرى المفرج عنهم من سحق لكل مكوّنات الروح الإنسانية والاعتداء عليها بكل صنوف ما تنتجه هذه العبقرية، والتي كان آخرها معزز عبيات وذلك بعد إنزال تطبيقات ابن غفير العبقريّة على السجون، لو حاولنا نبش ما في عبقريّة هذا الإبن غفير الذي جاء جدّه من أقصى بلاد كردستان العراق فأنجب لنا ولدا في القدس حيث نشأ أبوه في بيئة متديّنة متعصّبة تتنكّر للأصل وتتبنّى على ما بنت أفكارها المغلقة، لا تنتج إلا عنصرية مغلقة شديدة التطرّف والانفجار بجينات تفوق جينات الحيوانات البشرية! وتتيح لهم ازدراء وتعذيب وسحق هذه الحيوانات وكأنّ الله لم يخلق غيرهم ولم يعد أرض الميعاد إلا لهم، الجنّة لهم وكلّ المخلوقات قد خلقها الله لجحيمهم ليفعلوا بهم ما يحلو لهم.
معزّز عبيّات لم يأتنا من كردستان العراق بل هو من صلب هذه الأرض من سلالة عائلة عريقة يعود جدّها إلى كنعان، ولد مرابطا في بيت المقدس ونشأ وترعرع في كنف تربية متسامية متسامحة في بيئة مسلمة مسيحية تقوم على السماحة الدينية وكلّ من فيها يحترم ديانة الآخر، بيت لحم مدينة فلسطينية تجسّد هذه الروح ولا وجود لروح عنصريّة سوداء بين الأديان التي تقطن هذه المدينة من قديم الزمان، منذ نشاة الأديان وحلولها في أرضنا ونحن على هذه التربية إلى أن جاء هؤلاء الغرابيب السود الذين أرادوا بعنصريّتهم أن يبسطوها ويفرضوها على الناس، فصار القتل والاعتقال والاضطهاد وسحق الآخر بقوّة السلاح هو الذي يتقنه هذا الاحتلال، وصار من تجليّاته العظيمة أن تولد وتتكاثر مثل هذه العبقرات!
ولدت عبقريّة ابن غفير في هذه البيئة اليهودية المتعصّبة ولم تعد لها أية صلة بأصله، ترعرعت في وسط كتلة شديدة العدوانية لا تنظر للحياة إلا بعيون تلموديّة عنصريّة تستبيح الأغيار وتستحلّ دماءهم وأموالهم وأعراضهم، أمّا بقية التعاليم السماوية التي تحويها كتبهم من أخلاق وقيم روحية تسمو بالمشاعر الإنسانية (وهذه نحن لا ننكرها بل نعتبرها كتبا سماوية في الأصل وهي من ذات المصدر لكتابنا القرآن الكريم) ولكنهم حرفوها عن مسارها وجعلوها خاصّة لهم وبقيّة البشر لا يستحقونها لأنهم ما خلقهم الله إلا ليسخّرهم لخدمة بني إسرائيل.
معزّز عبيات مع تأثره بقيم السماحة الدينية وحب الخير لعباد الله إلّا أنه أيضا رضع من هذه البيئة أنفة وكبرياء ورفضا قاطعا لظلم الاحتلال، لم يكن في هذه البيئة من السّهل أن يحوّلهم الاحتلال إلى قطيع أو حشرات أو فئران كما تحلو لعبقرية ابن غفير، بل هي التي تحافظ على شهامة الرجال وصدق الانتماء إلى هذه الأرض وروح تأبى الذل والخنوع والهوان.
وقد يكون سرّ عدوان هذه العبقريّة منقطعة النظير هو الاغتياظ من هذا الاسم الذي حمله معزّز، هذه العبقريّة لا تريد للفلسطيني أن يكون إنسانا فكيف إذا كان إنسانا ومعزّزا، لا هذه كثيرة أن تحتملها هذه العبقريّة، إنّها لا ترى الفلسطيني إلا مهانا ممسوخا مقرفا مقزّزا مخربا ليس له إلا أن يكون مسخّرا عندهم للأعمال التي تأباها نفوسهم ومضطرين لذلك، أمّا أن يسمّى بهذا الاسم فهذه جريمة ما بعدها جريمة، الفلسطيني يسمّى معزّزا وكريما وناصرا وفاديا وساميا وسلاما وسالما ومحمّدا ومحمودا.. الخ، وصلت هذه العبقرية إلى تغيّير اسم الفلسطيني، مُحتلّا مهانا ذليلا خاضعا مسحوقا بائسا مشتتا لاجئا مستعمرا مستحمرا.. الخ.
معزّز عبيات مع تأثره بقيم السماحة الدينية وحب الخير لعباد الله إلّا أنه أيضا رضع من هذه البيئة أنفة وكبرياء ورفضا قاطعا لظلم الاحتلال، لم يكن في هذه البيئة من السّهل أن يحوّلهم الاحتلال إلى قطيع أو حشرات أو فئران كما تحلو لعبقرية ابن غفير، بل هي التي تحافظ على شهامة الرجال وصدق الانتماء إلى هذه الأرض وروح تأبى الذل والخنوع والهوان.برعت عبقريته في تصدير خطاب كراهية منقطع النظير وعزّزت تجمعا يعرف تماما وجهته في نفي كلّ شيء سوى ما عندها من تصوّرات عقائدية تتيح لها ممارسة الجريمة والسطو على كلّ من يخالف هذه التصوّرات حتى في داخل المجتمع اليهودي الذي يختلف معهم ولو شيئا قليلا في تحديد الهوية العنصرية والوجهة العدوانيّة.
معزّز عبيات يأبى الانكسار فتهاجمه ما تتفتّق عنه عبقرية ابن غفير بكلّ ما لديها من جحافل الظلام، تعتقله، تسحق عظامه، يضعه ابن غفير في كيس ويغلق عليه ويدوسه بأقدامه منتظرا لفظ أنفاسه، يبصق عليه، يفعل ما لم يفعله أحد من قبل، لا يثق ببساطير جنده، هو بنفسه يدعّس عليه ليخرج كلّ سموم حقده الممتدة من كردستان إلى اسرائيستان، ويبقي الله نفس معزّز رغم أنف ابن غفير ليخرج ويروي الحكاية، العنصرية الصادمة لكل معاني الإنسانيّة الباسلة.
أبدعت هذه العبقرية ما يزيد عن 50 قضية جنائية وعدوانية قبل تقلّده وزارة رسمية في حكومة لا تقلّ عنه تطرفا إلا أنّ خطابها مختلف قليلا، وللسياسة كذلك عندهم شأن آخر حيث وجدت لآرائها المتطرّفة جمهورا وحزبا يهوى تلك الروح المتطرّفة والتي نشأت في بيئة حزب كاخ القومي المتطرف الذي تزعَّمه الحاخام المتطرف مائير كاهانا وولدت من رحم هذه الحركة المتطرفة والمسؤولة عن أعمال إرهابية كثيرة هنا وفي أمريكا.
أبدع معزّز بقيمه وأخلاقه العالية أن يكون صامدا مرابطا رافع الرأس شامخا، رياضيّا ناجحا وعاملا في بلده مثابرا، صاحب فكرة وعقيدة ومبدأ ثابت لا تغيب عنها القدس ثانية، يقف شمعة تحترق وسط ظلامهم ويصر على منح الضوء مهما علت أدغال الظلام، يُعتقل المرّة تلو الأخرى وفي كلّ مرّة تعود الروح أقوى في جسد لا يتغيّر أمام قهر السجن والسجّان، إلا المرّة الأخيرة وهو في عهدة ابن غفير تبقى الروح نابضة واللسان صادعا بالحق بينما الجسد يكاد يهوي من شدّة القصف، كأبراج غزّة التي طالتها صواريخهم ولكنّ أهلها متمسكون في ردمها والأرض التي تقف عليها .
لو كان في عبقرية ابن غفير هذه بقايا من أصله أو بقايا من أفكار دينية كما يزعم ولها صلة بالسماء أو حتى بقايا مشاعر انسانية يتمتع بها كلّ البشر لخاطبناه بها ولكنه كما وصفهم القرآن: "وقالوا قلوبنا غلف" أيّ أغلقت على ما هي عليه وأصبحت كتلة من السواد الذي لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا، لا شيء فيه إلا ماكينة لانتاج العذاب والويل والثبور "للجويم" أو الأغيار. لذلك لن ينفع معه أي خطاب أو دعوة للعقل والاتزان أو حتى للتفكير ومراجعة الحساب.
فقط ما نقوله أن الحياة دول بين الناس وأن الذي يداولها بين الناس هو ربّ النّاس، ستدور عليهم الدائرة ولن تبقى الحياة لمخرز الظلمة الجبناء.. ستنتصر الأكفّ الطاهرة البيضاء وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون.
وما نقوله لمعزّز وكل أسرانا الابطال، لن يترك الله أعمالكم وصبركم وجهادكم واستمساككم بحقكم وقيمكم وروحكم العظيمة، أنتم بهذا العذاب تسارعون بهم إلى مزابل التاريخ، وأنتم بذلك تسطرون أعظم صفحات المجد في هذه الملحمة البطولية التي سيكتب عنها التاريخ كثيرا، أنتم في ذات الخندق الممتدّ من أنفاق غزة إلى هذه السراديب التي أقامها الاحتلال لخيرة هذا الشعب العظيم، وأمّة فيها أمثالكم حتما ستنتصر بإذن الله.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطينية الاحتلال اسرى احتلال فلسطين أوضاع مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذه البیئة العبقری ة ز عبیات فی هذه
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: قَدَر البرهان وعفوية حماد عبد الله
في مشهد بدا عفويًا، التقى رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، خلال زيارته أمس لمنطقة الدندر، بالمواطن “حماد عبد الله حماد” الذي اشتهر قبل أشهر بمقطع متداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عقب ظهوره بشكل عفوي أمام كاميرا تلفزيون السودان بعد اندلاع الحرب. الرجل بدأ حديثه حينها بتمجيد الجيش السوداني، لكنه سرعان ما أطلق عبارة مباشرة، وغير محتشمة تجاه مليشيا الدعم السريع، أربكت المذيع، ومنعها لاحقًا الإعلام الرسمي من البث، لكنها انتشرت مجتزأة وأصبحت مادة واسعة التداول بين جمهور منصات التواصل الاجتماعي.
تلك الواقعة تعود إلى لحظة صادقة انفجرت من وجدان مواطن سوداني بسيط، عايش بمرارة فظائع هذه الحرب، وذاق، كما غيره من السودانيين، مرارة الانتهاكات التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع بحق المدنيين والبنى التحتية، في تعدٍّ لا يُمكن وصفه إلا بأنه ممنهج وبعيد عن كل قواعد القانون الدولي والإنساني.
زيارة البرهان للدندر، ولقاؤه بحماد عبد الله، وإن أثارت الكثير من التفاعل، يجب أن تُقرأ في سياقها الإنساني أكثر من كونها موقفًا سياسيًا. فالمنطقة، كغيرها من بقاع السودان، لم تكن بمعزل عن تداعيات الحرب، ومواطنوها، الذين عانوا من التهجير والانتهاكات، ربما وجدوا في ذلك اللقاء رسالة تضامن، أو اعترافًا ضمنيًا بما عاشوه من أهوال.. وكان من الطبيعي أن تكون القيادة قريبة من شعبها في هذه اللحظات الفارقة.
لكن تبقى هناك حساسية رمزية لا يمكن إغفالها، إذ إن اللقاء، دون ضبط لسياقه الإعلامي أو توضيح لمقاصده، منح صدىً متجددًا لخطاب شعبي عُرف بفجاجة مفرداته، التي حاول البعض اتخاذها تجريمًا للموقف. وهنا يبرز التحدي الحقيقي: كيف نوازن بين التعبير الشعبي المشروع، والارتقاء بخطاب الدولة، دون أن نُسقط من حسابنا الجراح التي ما زالت تنزف؟
وفي هذا السياق، تبرز دلالة الآية الكريمة من سورة النساء، حيث يقول تعالى: ﴿لَا يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوٓءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا﴾ (الآية: 148).
وهي آية عظيمة تُرشد إلى أن الجهر بالسوء – وإن كان مكروهًا – فقد يُباح للمظلوم، دون أن يتجاوز. فالظلم لا يُعطي الإنسان تفويضًا مفتوحًا في القول، بل مساحة من التعبير المشروط بالعدل وضبط اللسان، لأن الله سميع لما يُقال، عليم بما تُخفي الصدور.. وإن صبر فهو خير له.
لذلك ليس من العدل تحميل رئيس مجلس السيادة وزر كل انفعال شعبي، خصوصًا في ظل الفظائع المتكررة التي ارتكبتها المليشيا بحق الوطن والمواطن، لكن من حقنا، في المقابل، أن نتساءل عن ملامح الخطاب العام الذي يُبنى في هذه المرحلة المفصلية. فالحرب ليست فقط معركة على الأرض، بل معركة في المعنى واللغة والمستقبل.
السودان اليوم لا يحتاج إلى بطولات لفظية، بل إلى خطاب رصين يُواسي المنكوبين، ويؤسس لمشروع وطني جامع. أما الذين صنعتهم الصدف الإعلامية، فمكانهم ربما في ذاكرة الطُرفة والمزاح العفوي ، لا على منابر القرار أو رمزية المشهد الوطني.
دمتم بخير وعافية..
إبراهيم شقلاوي
الوان