السيد الجنرال ياسر العطا (هل تسمعني؟!
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
كلمة و”غطايتا”
في العام ٢٠٢٢م نفذت لجنة المعلمين السودانيين إضرابا شهيرا استمر لشهرين، وكان السبب في طول أمد هذا الإضراب، هو رهان الحكومة على عدم قدرة المعلمين على الاستمرار في الإضراب؛ بسبب الإجراءات الإدارية التي كان يعول عليها وزير التربية والتعليم، الذي تصدى بصورة شخصية. لهذا الإضراب، دافعه في ذلك الرغبة في الانتقام لنفسه من مواقف اللجنة المناوئة للانقلاب منذ ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م، الأمر الذي عده خصما من رصيده أمام قادة الانقلاب، (أولياء النعمة)، فقد عمد السيد الوزير إلى رفع تقارير مضللة للحكومة، عن دوافع وتأثير الإضراب، حتى أصبح الأمر فوق مستوى قدرة الجهات ذات الصلة، ولم يعد إخفاء تأثيره أو الحد منه ممكنا، بسبب صمود المعلمين السودانيين، والمشاركة الفاعلة والواسعة التي أكدت قدرة الجماهير على فعل المستحيل، متى ما توفرت الظروف المناسبة.
تم التواصل بين لجنة المعلمين السودانيين ومجلس السيادة بمبادرة من شيخ الطريقة القادرية الشيخ أزرق طيبة، وعقد لقاء في القصر الجمهوري، أثمر عن تكوين لجنة برئاسة الفريق ياسر العطا وعضوية وكلاء وزارات المالية والتربية والتعليم والحكم الاتحادي وثلاثة أعضاء من لجنة المعلمين السودانيين، وقد أسندت لي مهمة مقرر اللجنة لاحقا.
عقدت اللجنة عدة اجتماعات في القصر الجمهوري، وقد حرصنا من خلال هذه اللجنة على طرح قضية التعليم وشرح وضعه، مع طرح أسس الحل، حتى نستطيع وضع التعليم في مكانه الصحيح، وقد استبشرنا خيرا بالتجاوب الذي أظهره السيد الفريق ياسر العطا، وسررنا بتفهمه لرؤية اللجنة وحماسة للإصلاح.
كان يستقبلنا الفريق في مكتبه وهو يردد أشعار محجوب شريف
(حارنك نحن ودايرنك
ألما من شعبنا مأمنك
عشقا جوانا اتارنك
حزباً في القلب مضارنك للشمس حتمشي مبارك
فخرا للشعب السوداني والطبقة العاملة الثورية) ممازحا مع بعض القفشات.
تحققت من خلال هذا الإضراب مجموعة من المكاسب بعضها رأى النور، وبعضها لم يستكمل بسبب تلكؤ وزارة المالية، والدور السالب الذي كان يقوم به وزير التربية والتعليم، في مجلس الوزراء، وعرقلة فلول النظام المباد لبعض القرارات في الولايات، وكنا نملك من الإرادة والتصميم والقدرة على هزيمة كل تلك المخططات، ولكن جاءت الكارثة والطامة الكبرى باندلاع حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣م.
ظللت أتابع تصريحات السيد الفريق ياسر العطا منذ اندلاع الحرب، وأنا في غاية الأسف أن يظهر الجنرال ياسر العطا بهذا الشكل الصارخ في تأييد الحرب، والوقوف بشدة ضد أي محاولة لإيقافها، رغم الكوارث التي تسببها، وأرى أن ما يبرر به السيد الفريق هذا الموقف المتعنت والمتشدد، من مخاوف يمكن تفاديها بكلفة أقل وطريق أقصر، إلا إذا كان وراء ما يصرح به أهداف غير معلنة، فمن المؤكد ألا أحد يؤيد تعدد الجيوش، ولا مواطن يرغب في عودة الوضع الشائه الذي كانت فيه الدولة قبل اندلاع الحرب، وكلنا نتطلع لواقع جديد عقب توقف هذه الحرب، ولكن ليس عبر البندقية، بل بالحوار والضغط الشعبي لتحقيق إرادة السلام.، فلا أظن أن استمرار الحرب بكل الفظائع، أقل كلفة من إيقافها، وبالتالي الوصول لصيغة وعقد اجتماعي جديد يضع الدولة السودانية في المسار الصحيح.
سأحاول تسليط الضوء على قطاع التعليم والدمار الذي لحق به جراء الحرب، على اعتبار أن هذا القطاع هو الذي يلينا معشر المعلمين، وأن القطاعات الأخرى يمكن أن يتم تناولها في منصات أخرى، من قبل أصحاب الشأن في كل قطاع.
هل يعلم السيد الفريق ياسر العطا، أن التلاميذ والطلاب غابوا عن المدارس منذ اندلاع الحرب _ إلا القليل جدا _ وحتى الآن وهذا يعني.
١. تراكم الأطفال في عمر المدرسة (٦) سنوات حيث يتوقع أن يصل عددهم إلى (٣ ملايين و٦٠٠ ألف طفل) إذا استمرت هذه الحرب حتى سبتمبر القادم.
وهذا يجعل من ثلثي هذا العدد خارج المدرسة نسبة لضيق مواعين الاستيعاب، بحسابات قبل الحرب.
يوجد عدد قليل من الأطفال في بعض الولايات وخارج السودان التحق بالتعليم.
٢. طلاب الشهادة الثانوية وعددهم أكثر من (٥٧٠ ألف طالب وطالبة) منتظرين دون أمل يلوح في الأفق، وهؤلاء عرضة للتسرب، والدخول في عالم المجهول، واعتقد أن هذا ضرب للأمن القومي في مقتل، فهل تتفق يا سعادة الجنرال؟؟
٣. كنا نشكو وجود (٥ أو ٦ ملايين) من الأطفال خارج المدرسة، وبسبب الحرب تضاعف هذا العدد ليصل إلى (١٩ مليوناً) حسب ما نشرته اليونيسيف، أليس هذا الأمر أخطر من الخيارات التي يتحدث عنها الجنرال، فمن المعلوم بالضرورة أن تغذية الصراعات المسلحة والجرائم المنظمة يتم عبر المتسربين من المدارس.
٤. لم يصرف المعلمون مرتباتهم منذ (١٥ شهراً إلا في بعض الولايات لبعض الشهور) فهل تتصور يا سيادة الجنرال؟ ماذا يعني فقدان المصدر الرئيسي لرب الأسرة، فقد تناقشنا كثيرا في واقع المعلمين بسبب ضعف الراتب، فكيف بهم مع فقدانه تماما؟؟!
٥. المدارس أصبحت وجهة للمواطنين الفارين من القتال، وبالتالي، ستفقد هذه المؤسسات قدرتها على استقبال التلاميذ والطلاب، بعد توقف الحرب، إلا عبر مجهود ربما يعادل تكلفة إنشائها، وعددها يفوق ال(٦ آلاف مدرسة) تقريبا، والعدد متحرك وقابل للزيادة.
ألا يستدعي هذا الواقع إعادة النظر في قرار الحرب، والتفكير في علاج الأزمة، بصورة تدرك ما تبقى من الوطن والمواطن، وترك التفكير داخل الصندوق الذي وُضِعْنَا فيه منذ بداية الحرب، والبعد عن النظر إلى القضية من المنطلقات الشخصية والتصورات التي أثبت الواقع مجانبتها للصواب، فالرجوع إلى الحق فضيلة، وشجاعة صنع السلام تفوق شجاعة خوض الحرب، فتلك تمنح الحياة، وهذه تنزعها.
الوسومسامي الباقر
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: سامي الباقر المعلمین السودانیین الفریق یاسر العطا السید الفریق
إقرأ أيضاً:
ياسر جلال: «جودر 2» تحدٍ فني مزدوج
علي عبد الرحمن (القاهرة)
أخبار ذات صلةللعام الحادي عشر على التوالي، يسجل ياسر جلال بصمته في الدراما الرمضانية، وللعام الثاني يتألق على «قناة أبوظبي»، ليعيد أسطورة «جودر»، بشخصية «شهريار» بصورة عميقة، وليس مجرد إعادة نسج أمجاد شهرزاد وشهريار.
مع انطلاق الموسم الجديد، لا تزال رحلة «جودر» مليئة بالمنعطفات الحادة، حيث تتشابك خيوط المؤامرات، ويشتد الصراع بين الطامعين الذين يسعون لاستغلاله كأداة للبحث عن الكنوز الأربعة، في عالم يختلط فيه الحق بالباطل، والصديق بالعدو، ولم يكن الجزء الثاني مجرد امتداد لما سبق، بل عقدة وحبكة جديدة لحكاية لم تقل عن مفاجآت وصراعات ملحمة درامية مشوقة، لتستمر الحكاية.
تحولات عميقة
عن تطور شخصية «جودر» في الجزء الثاني، كشف ياسر جلال عن تحدٍ فني مزدوج، حيث يجسد شخصيتين متباينتين، «شهريار» الذي يستمع إلى الحكاية، و«جودر» الذي يعيشها، فيغدو الحاضر والماضي متداخلين، وكأن الأسطورة تعيد تشكيل ذاتها عبر الأزمان.
ونرى «جودر» يعبر مراحل عمرية مختلفة، يبدأ شاباً في الثلاثين، وتتوالى به السنون حتى الخامسة والأربعين، وترتسم ملامح الزمن على وجهه، وتنقش التجارب أثرها في روحه، ومعها تتغير نبرات الصوت، وطريقة المشي والتعبير، حتى تظهر التحولات العميقة التي تمر بها الشخصية.
جبال المغرب
أما عن الصعوبات التي واجهته في هذا الجزء، فيشير جلال إلى أن أصعب لحظة كانت خلال التصوير في جبال المغرب، وسط طقس قارس البرودة، وكنا نصور مشاهد مكثفة كي ننجز العمل، ولكن هذه التحديات صنعت تجربة استثنائية، وأضفت على المشاهد طابعاً واقعياً.
بجانب أن التحدي الحقيقي كان في طبيعة العمل، فهو ليس مجرد مسلسل، بل رحلة معقدة في قلب الأسطورة، تتطلب دقة في التفاصيل وإتقاناً في التنفيذ، وكل شخصية فيه كانت تحدياً مستقلاً، فالعالم الذي قدمناه ليس واقعياً بالمفهوم التقليدي، بل مزيج من الخيال والتاريخ والأسطورة، مما جعل كل مشهد أشبه بلوحة فنية يجب أن تخرج بأعلى درجات الإتقان.
مغامرة
وأضاف جلال: «منذ أن وقّعت على العمل، أدركت أنني أخوض مغامرة لن تكون سهلة، فالمسلسل يحمل تحديات على مستوى القصة، أماكن التصوير، الأداء، والمؤثرات البصرية، لكن مع كل الصعوبات، خرج العمل في أبهى صوره، والجهد الذي بذله الفريق أثمر نجاحاً نفتخر به.
وكشف عن أنه لم يخرج من عباءة جودر خلال فترة التصوير التي استغرقت عامين، حيث كنت أعيش مع الشخصية حتى في فترات التوقف، بتفاصيلها وملامحها وتعابير وجهها، حتى أصبحت جزءاً من حياتي.
سلاح ذو حدين
وعن تقديم جزء ثانٍ من أي عمل، قال ياسر جلال إن الفكرة سلاح ذو حدين، وتعتمد على مدى قابلية القصة للاستمرار، وفي حالة «جودر»، كان الأمر استجابة طبيعية لحبكة متواصلة، وصنعنا عملاً مشرفاً للدراما المصرية والعربية.
وعن التعامل مع الذكاء الاصطناعي في «جودر»، أشار إلى أن التجربة تحمل إمكانيات كبيرة، لأنه ليس مجرد تقنية، بل نافذة تفتح آفاقًا جديدة للإبداع، إذا ما تم توظيفه بشكل صحيح، وقد منحنا القدرة على تجسيد عوالم بخيال جامح وإمكانيات هائلة، وهو ما جعل تجربة «جودر» أكثر إبهاراً وثراءً بصرياً.
فخور بقنوات أبوظبي
وأعرب جلال عن فخره وسعادته بعرض العمل على شبكة قنوات أبوظبي، التي منحت «جودر» نافذة واسعة للوصول إلى جمهور عربي متنوع يمتد عبر دول وثقافات مختلفة، خاصة وأن قنوات أبوظبي تمثل صرحاً إعلامياً راسخاً له تأثيره في المشهد الدرامي العربي، فهي تحمل إرثاً من الأعمال المتميزة، وتخاطب جمهوراً يمتلك وعياً وذائقة فنية رفيعة، الأمر الذي جعل عرض المسلسل عبر شاشتها خطوة مهمة في انتشاره.
منصة روسية
عن عرض «جودر» على إحدى المنصات الرقمية الروسية، يرى ياسر جلال أنه انتصار للدراما المصرية والعربية، فوصول حكاياتنا إلى العالم، وروايتها بلغات أخرى مختلفة، دليل على أن تراثنا لا يزال حياً وثرياً وقادراً على أن منافسة الإنتاجات الضخمة عالمياً.