مستهدفات الحكومة المصرية الجديدة بين الواقع والخيال
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
وضعت الحكومة الجديدة برئاسة مصطفى مدبولي خططها للثلاث سنوات المقبلة، والتي انبثق منها بيان الحكومة الذي ألقاه رئيس الوزراء أمام مجلس النواب الأسبوع الماضي.
وقد قسمت الوثيقة الخطط إلى أربعة أهداف رئيسية هي: حماية الأمن القومي وسياسة مصر الخارجية، وبناء المواطن المصري وتعزيز رفاهيته، وبناء اقتصاد تنافسي جاذب للاستثمارات، وتحقيق الاستقرار السياسي.
ومن ينظر إلى هذه الأهداف يجد أنها أهداف حميدة ومرغوبة، ولكن من ينظر على أرض الواقع يجد أنها أهداف خيالية، لغياب الإرادة اللازمة لتحقيقها، في ظل ماض شعاره الكلام المعسول والواقع المتأزم بلا حدود. فمنذ الانقلاب العسكري في 2013 لم تنته الخطط الوردية التي تتكلم عن الاستدامة والرخاء، ولكن في الواقع حل محلها الاستدانة والشقاء.
إن حماية الأمن القومي المصري هدف نبيل ولكن كيف يتم حماية هذا الأمن القومي وقد تم التفريط في مياه نهر النيل التي هي سر وجود مصر وحياتها؟! وكيف يتم حماية هذا الأمن القومي ومسلسل بيع الشركات والأصول والأراضي والشواطئ للأجانب مستمر بلا انقطاع، حتى أن سيناء نفسها لم تسلم من ذلك، وما صفقة رأس الحكمة عنا ببعيد؟! وكيف يتم حماية هذا الأمن القومي وقد تعدى الكيان الصهيوني على الحدود المصرية، وتركنا بعدنا الاستراتيجي غزة تحت القصف والموت؟! وكيف يتم حماية هذا الأمن القومي وقد تركنا السودان في حرب ضروس وهي امتداد لمصر وأمنها القومي؟!
كما أن بناء المواطن المصري وتعزيز رفاهيته هدف نبيل، ولكن بناء المواطن يبدأ من منح حريته وبناء المصانع والمدارس والمستشفيات لا بناء السجون وبيع للأجانب المنتجعات السياحية والخدمات الصحية والتعليمية، فالتنمية البشرية هي أساس التنمية المستدامة، ولن تتم التنمية البشرية إلا بتعليم جيد وصحة جيدة وحرية التعبير عن الرأي، ومنع تقسيم المجتمع بطبقية مقيتة فكريا واجتماعيا، وتوفير بيئة توفر للمواطن الأمن المادي والروحي معا.
إن كلمة السر في تحقيق الأهداف الأربعة المعلنة للحكومة المصرية هي الإصلاح السياسي بمنح الحرية السياسية واختيار الشعب لمن يحكمه بإرادته، وبعدها تلقائيا سيتحقق الإصلاح الاقتصادي، وكل كلام عن إصلاح اقتصادي في ظل غياب الإصلاح السياسي هو نوع من الهراء والاستخفاف بالناس، ولا محل له في عالم المال والأعمال، بل في حياة البلاد والعباد.أما تحقيق رفاهية المواطن فهو ضرب كذلك من الخيال في ظل تجارب الشقاء التي يعيشها المواطن تحت ظل شعارات التنمية والرفاهية المرفوعة، فأي رفاهية يتوقع ذو عقل وبصيرة والشعب المصري أكثر من نصفه يعيش تحت خط الفقر ويزداد كل يوم فقرا!، وأي رفاهية واقتصاد الدولة يتحكم في توزيع عوائد عناصر الإنتاج فيه الكبار لصالح فئة صغيرة، وباقي الشعب لا يجد سوى الفتات؟ وأي رفاهية وقد عم البلاء وازداد الغلاء وعجز الآباء عن الإنفاق على الأبناء، وانتشر الانتحار لضيق اليد وعجز الكسب.
كما أن بناء اقتصاد تنافسي جاذب للاستثمارات، هو أمر موهوم، فالاستثمارات من أهم عوامل جذبها الثقة، والثقة لا يمكن أن تتحقق في ظل غياب الحرية والعدل، فمصر تعاني من ذلك، وإذا جاءت استثمارات فإنها لن تكون سوى أموالا ساخنة يجذبها سعر الفائدة المرتفع، وسرعان ما تخرج بعد انخفاض سعر الفائدة محققة عائدا مرتفعا لصاحبها، وخللا وضررا للاقتصاد. ثم أي اقتصاد تنافسي في بلد يسيطر العسكر على اقتصاده وله من مزايا الأرض والعمالة المجانية والإعفاء الضريبي ما يطرد القطاع الخاص من أمامه؟!
ثم أي اقتصاد تنافسي وقد كبله الدين تكبيلا وبات الاقتراض عنده هدفا، حتى أن مصروفات فوائد الدين العام في موازنة العام الحالي بلغت نسبة 47.4 في المئة من جملة المصروفات، واستحوذت على نحو 70 في المئة من جملة إيرادات الحكومة المصرية، ونحو 11 في المئة من دخل البلد كله أفراد وشركات وحكومة. وما زالت الحكومة تعيش في ظل عباءة استعباد صندوق النقد الدولي الذي رغم خضوعها لشروطه المجحفة لا يشبع من تلك الشروط، حتى أن المجلس التنفيذي للصندوق أرجأ المراجعة الثالثة والتي كان مقررا عقدها في 10 تموز/ يوليو الجاري، إلى يوم 29 من الشهر الجاري. وذلك لصرف شريحة جديدة بقيمة 820 مليون دولار من برنامج قرض مصر البالغ 8 مليارات دولار.
كما أن تحقيق الاستقرار السياسي هو كذلك ضرب من الخيال، فشتان بين الاستقرار السياسي والقبضة الأمنية الباطشة، والاستقرار السياسي هو سر جذب الاستثمارات، وهو على عكس البطش الأمني الذي تنتهجه الحكومة المصرية، ولن يتحقق الاستقرار السياسي في ظل غياب الحريات، وغياب التصالح المجتمعي وإزاحة فصائل المجتمع المختلفة مع الحكومة.
إن كلمة السر في تحقيق الأهداف الأربعة المعلنة للحكومة المصرية هي الإصلاح السياسي بمنح الحرية السياسية واختيار الشعب لمن يحكمه بإرادته، وبعدها تلقائيا سيتحقق الإصلاح الاقتصادي، وكل كلام عن إصلاح اقتصادي في ظل غياب الإصلاح السياسي هو نوع من الهراء والاستخفاف بالناس، ولا محل له في عالم المال والأعمال، بل في حياة البلاد والعباد.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر اقتصاد الرأي الشروط الإصلاح مصر اقتصاد رأي إصلاح شروط مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاستقرار السیاسی الإصلاح السیاسی اقتصاد تنافسی السیاسی هو فی ظل غیاب
إقرأ أيضاً:
طبلية مصر.. وزارة السياحة تشارك في مؤتمر المتحف القومي للحضارة المصرية
شاركت يمنى البحار نائب الوزير متحدثة رسمية في المؤتمر المقام ضمن سلسلة فعاليات الموسم الثالث من مبادرة "طبلية مصر" بالمتحف القومي للحضارة المصرية، والتي تم إطلاقها في شهر يناير الماضي تحت شعار "إحياء الماضي وتوثيق الحاضر من أجل المستقبل".
يأتي ذلك في ضوء تكليفات شريف فتحي وزير السياحة والآثار لتنفيذ الرؤية الحالية لوزارة السياحة والآثار لجعل مصر المقصد الأكثر تنوعا في العالم من حيث المنتجات والأنماط السياحية.
وتهدف المبادرة إلى تسليط الضوء على التراث الشعبي للمأكولات المصرية كأحد أوجه التراث غير المادي لحمايته من الاندثار، إلى جانب الترويج السياحي للأكلات المصرية، وتوعية المجتمع والجيل الناشئ بكيفية اختيار نظامهم الغذائي بشكل صحي، وكيفية إيجاد بدائل صحية من المأكولات التراثية، وذلك عبر مجموعة الفعاليات والورش الفنية.
وجهت نائب الوزير الشكر لكل من ساهم في إطلاق هذه المبادرة التي تسهم في الحفاظ على التراث والهوية المصرية، مشيرة إلى دور التراث الغذائي باعتبار الطعام أحد عناصر ثقافة الشعوب الذي يعكس لمحات من تاريخها وموروثات العادات والتقاليد.
كما أشارت إلى الاهتمام المتنامى لدى الدول بتسجيل تراثها غير المادي، ويشمل ذلك التراث الغذائي، إلى جانب تنامي الاتجاه العالمى بالاهتمام باستكشاف التراث الغذائي للشعوب، والذي يعد أحد مقومات الجذب السياحي، موضحة أن هذا النوع من السياحة يساعد أيضاً على تنمية منتج السياحة الريفية، مما يفتح المجال أمام تشجيع ريادة الأعمال وتوفير فرص عمل مختلفة، ويحقق عائد كبير من النشاط السياحي للمجتمعات المحلية.
وأشارت يمنى البحار إلى تفقدها لبعض جهود التنمية المجتمعية التي تمت في هذا الإطار، موضحة أن ذلك يأتي في ظل توجيهات السيد وزير السياحة والآثار بتطوير وتنويع منتجات سياحية مختلفة لخدمة الهدف الإستراتيجي للوزارة بتحقيق الأمن الاقتصادي السياحي.
وألقت نائب الوزير الضوء على الجهود التي بذلتها الوزارة في الحفاظ على استدامة التراث الغذائي والترويج له بوصفه أحد مقومات الجذب السياحي، من خلال استعراض مجموعة من الأنشطة التي تمت في هذا الشأن. كما استعرضت آليات تطوير هذا المنتج السياحي لتعظيم العائد منه.
وأعرب الطيب عباس الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية، عن احتضان المتحف لهذه المبادرة منذ انطلاق موسمها الأول في 2023.
وألفت إلى الدور الكبير الذي بات يلعبه الطعام في القطاع السياحي خاصة مع الاهتمام الكبير بمنتج سياحة الطعام.
وأشار إلى حرص المتحف على احتضان هذه المبادرات والتي تأتي ضمن إستراتيجية المتحف لتنظيم العديد من البرامج التوعوية والمبادرات المجتمعية التي تلعب دورا مهما في تعميق روح الولاء والانتماء والشعور بالهوية الثقافية والتعريف بالحضارة المصرية العريقة، وتفعيلاً لدورها في حماية الموروث الثقافي والحضاري لمصر.
وقالت منة الله الدري مدرس النباتات الأثرية بكلية الآثار جامعة عين شمس ومنسق مبادرة "طبلية مصر"، أن المؤتمر يعد بمثابة حلقة وصل بين كافة الجهات والمؤسسات المعنية لتسليط الضوء على سياحة الطعام والترويج للأكل المصري.
وتناولت جلسات المؤتمر ملف الترويج للتراث الغذائي المصري من خلال استعراض الجهود المجتمعية من أجل الحفاظ على استدامة هذا التراث.