تتشابه خوذ الواقع الافتراضي وأسلحة الذكاء الاصطناعي في شيء واحد فقط، إذ ساهمتا في صنع ثروة بالمر لوكي وتحويله إلى أحد أثرياء العالم قبل أن يتم ربيعه الـ30، وذلك عقب بيعه شركته الأولى "أوكيلوس" لصالح فيسبوك بملياري دولار عام 2014، فضلا عن المبيعات والأرباح التي حققها منذ تأسيس الشركة وحتى بيعها.

أسس لوكي شركته الأولى في عام 2009 عندما كان يبلغ من العمر 16 ربيعا وأصبح من أثرياء العالم في الـ21 من عمره، والآن وجد فرصة استثمارية جديدة وقرر استغلالها، وعلى خطى فيلم "وور دوغ" و"لورد أوف وور" اتجه إلى التجارة في الأسلحة الفتاكة، ليصبح التجسيد الأقرب لشخصية "توني ستارك" من عالم "مارفل السينمائي"، وذلك عبر تأسيس شركة "أندوريل" المتخصصة في صناعة أسلحة معززة بالتقنيات الحديثة.

خوذ الواقع الافتراضي وأسلحة الذكاء الاصطناعي ساهمتا في صنع ثروة بالمر لوكي وتحويله إلى أحد أثرياء العالم (بيكسلز) نهج جديد في صناعة الأسلحة

يظهر تأثر لوكي البالغ بالثقافة الدارجة في عالم الأفلام والمسلسلات كثيرا، بدءا من ملابسه المزدانة بشخصيات من ألعاب "دانغون آند دراغونز" وحتى الاسم الذي اختاره لشركته، إذ اقتبس اسم "أندوريل" من السيف الشهير في عالم "لورد أوف ذا رينغز"، والذي ظهر في كافة أفلام السلسلة.

تسعى "أندوريل" إلى تغيير مفهوم الأسلحة المعتادة، وهي واحدة من شركات تقنية عدة قررت اقتحام هذا القطاع وتطوير أسلحة مدعومة بالذكاء الاصطناعي بهدف خفض الخسائر في القوات البشرية مع تعزيز القدرات العسكرية للجيوش المختلفة، ورغم أن البنتاغون هو أهم عملاء "أندرويل" فإن شبكة تعاملاته التجارية توسعت لتشمل 10 دول مختلفة حول العالم.

يعرض لوكي أحد ابتكاراته التي تستخدم تقنية الطائرات المسيرة وهو سلاح "ألتيوس"، ويتكون من طائرة مسيرة مضغوطة وموضوعة في أنبوب زجاجي لتصبح مثل قذيفة مدفع، وعندما تُطلق المسيّرة إلى الهواء فإنها تتحول إلى طائرة مصغرة عبر فرد جناحيها لتوصل قذيفة مدفعية يتجاوز وزنها 13 كيلوغراما، مسببة دمارا كبيرا لأي هدف تضعه أمامها.

يمتلك "ألتيوس" مدى أوسع من قذائف المدافع المعتادة، فضلا عن إمكانية توجيهه إلى الهدف عن بعد ودون الوجود في ساحة القتال مباشرة، ليصبح من الممكن إصابة الأهداف البعيدة داخل مناطق العدو دون اختراق دفاعاته أو حتى الاقتراب منها.

يجد لوكي مبررا للاستثمار في هذا القطاع تحديدا، لأن شركات الأسلحة الضخمة لا تمتلك المهارات اللازمة للاستثمار واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي أو الأسلحة الروبوتية، والشركات التي تمتلك هذه القدرة مثل غوغل وآبل لا ترغب في الاستثمار بالأسلحة، وهو الأمر الذي خلق فجوة بين الطلب المتزايد على أسلحة تحمي الجنود وتقلل خسائرهم وغياب الشركات القادرة على تلبية هذا الطلب المتزايد، وهو ما تسعى "أندرويل" إليه، إذ تقدم أسلحة أكثر تقدما بشكل أسرع من المنافسين وعند تكاليف أقل من الأسلحة التقليدية في بعض الحالات، ورغم أن هذا التوجه أثار حنق المجتمع التقني فإن لوكي من الشخصيات التي لا تهتم كثيرا بما يقوله الآخرون، وفي النهاية كان من أثرى رجال العالم قبل أن يبلغ الـ30 من عمره.

اقتناص الفرصة في حرب أوكرانيا

مرت أيام عدة على الغزو الروسي لأوكرانيا قبل أن يصل لوكي إلى العاصمة الأوكرانية لمقابلة رئيس الحكومة وإقناعه بالاستثمار في أسلحة "أندرويل" التي كانت موجودة بالفعل داخل حدودهم، وفي وقت قصير أصبحت ساحة الحرب الأوكرانية معمل اختبارات لأسلحة وتقنيات "أندرويل" والشركات التقنية الأخرى.

اعتمدت أوكرانيا كثيرا في حربها الأخيرة على الأسلحة المعززة بالذكاء الاصطناعي، فضلا عن الأسلحة التقليدية والأسلحة البدائية، إذ يقوم الجنود بشراء الطائرات المسيرة المعتادة وإرفاق أسلحة وقنابل بها لتستخدم في الهجوم على المركبات المدرعة أو الجنود الروس غير المدركين لما يحدث حولهم، ولكن كل هذه الجهود كانت دون طائل في أغلب الأحيان، إذ لم تستطع منع الوفيات بين صفوف الجيش الأوكراني أو حتى تغيير مجرى الحرب لصالحها، وحتى اليوم لا تزال الحرب مستعرة بين الطرفين.

شهادات الجنود الأوكرانيين الذين استخدموا هذه التقنيات تؤكد أنه ما زال أمامنا الكثير حتى نصل إلى الحروب المدارة من قبل الذكاء الاصطناعي بشكل كامل، وذلك وفق تصريح بريان شيمبف المدير التنفيذي للشركة أثناء مقابلة مع محطة "سي إن بي سي"، والذي نقل شهادات متنوعة بشأن توقف المسيّرات بعد مرور شهر كامل على استخدامها، فضلا عن الأعطال المتنوعة التي تظهر بشكل مفاجئ أثناء استخدام هذه الأسلحة في مواقف الحياة والموت التي يخضع لها الجيش الأوكراني بشكل مستمر.

بدوره، يرى سينجر -وهو أحد الخبراء في الأسلحة التقنية والحروب بشكل عام- أن العالم ينظر إلى أسلحة الذكاء الاصطناعي بشكل خاطئ، إذ يجب أن ينظر لها على أنها إضافة إلى الأسلحة الموجودة والقوى البشرية المكونة لأي جيش، وليست بديلا مباشرا عنها حتى تتضافر جهود الجانبين لتغيير مجرى الحرب وتحقيق الفائدة القصوى.

أوكرانيا اعتمدت كثيرا في حربها الأخيرة على الأسلحة المعززة بالذكاء الاصطناعي فضلا عن الأسلحة التقليدية والأسلحة البدائية (غيتي) تكيّف مستمر مع المتغيرات

لم يجلس الجيش الروسي مكتوف اليدين أمام استخدام التقنية وأسلحة الذكاء الاصطناعي ضده، لذا ابتكر طرقا للتدخل وتعطيل أنظمة التوجيه والأنظمة الإلكترونية للطائرات المسيرة حتى لا تصيب أهدافها بشكل مباشر عقب خسارتها الاتصال مع أجهزة التوجيه وأنظمة تحديد المواقع.

هذا التدخل من الجيش الروسي دفع "أندرويل" إلى تطوير أنظمتها بشكل كبير، وذلك عبر إضافة أنظمة توجيه مسبقة، حيث يتم إدخال الهدف قبل إطلاق الطائرة المسيرة، وهو الأمر الذي يحميها من التشويش المغناطيسي، فضلا عن تطوير أنظمة تتعرف على الأهداف لتبدأ الطائرة هجومها تلقائيا.

لم تعد مسيّرات لوكي محصورة بالسماء فقط، إذ تمكن من تطوير أنظمة مسيّرات قادرة على السباحة والهجوم تحت الماء عن بعد، وتحت اسم "دايف- إل دي" كشف لوكي عن هذه المسيّرة القادرة على الغوص حتى 6 آلاف متر تحت سطح البحر وتنفيذ الهجمات بدقة كاملة، وبالطبع يتم التحكم في هذه الغواصات الآلية عن طريق نظارات واقع افتراضي تجعلك مطلعا على كل ما يتعلق بالغواصة وآلية استخدامها.

أثارت هذه الغواصات اهتمام البحرية الأميركية، خاصة بعد أن شاهدت نجاحاتها مع الجيش الأوكراني في الهجوم على السفن الروسية الموجودة في البحر الأسود والضرر الذي تسببت به، وفورا تم التعاقد مع "أندرويل" على 200 غواصة بحرية.

ورغم دعم لوكي الكبير لحملة ترشح ترامب للرئاسة فإنه لا يهمه من يفوز في السباق الرئاسي، لأنه في كلتا الحالتين سيحقق الأموال نتيجة العقود العسكرية الحكومية التي يحصل عليها باستمرار، كما أكد أنه ينوي العمل على المزيد من أسلحة الذكاء الاصطناعي لكل المهتمين بها والقادرين على شرائها.

تمتلئ الأفلام والمسلسلات بالشخصيات المماثلة لشخصية بالمر لوكي، ولكن لا يوجد مثال أكثر وضوحا من "توني ستارك" الذي جسده الممثل روبرت داوني جونيور في عالم "مارفل السينمائي"، إذ كان تاجر حرب من الدرجة الأولى سخّر كافة جهوده وعبقريته لبناء أسلحة ذكاء اصطناعي وتقنيات جديدة في الحروب، قبل أن يبتعد عن هذا القطاع ويتجه إلى الأعمال الخيرية وارتداء بزة "آيرون مان" الخارقة بعد أن كاد يلقى حتفه بسبب أحد أسلحته، ولكن على عكس النهايات السعيدة في عالم "مارفل" قد لا يترك لوكي مساره على الإطلاق.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أسلحة الذکاء الاصطناعی فضلا عن فی عالم قبل أن

إقرأ أيضاً:

كيف خسرت آبل عرش الذكاء الاصطناعي لصالح ميتا؟

كشف الصحفي الشهير المتخصص في أخبار أبل، مارك جورمان، عن رؤى جديدة مثيرة في أحدث إصدار من نشرته الإخبارية "Power On"، مشيرًا إلى أن أبل كان يمكن أن تتربع على عرش سوق النظارات الذكية، لكنها أضاعت الفرصة لصالح شركة ميتا بسبب ضعف التنسيق الداخلي.

ميتا تهيمن على المشهد بفضل استثماراتها في الواقع الممتد

بعد أكثر من عقد من الاستثمار في تقنيات الواقع الممتد (XR)، أصبحت ميتا واحدة من أبرز الأسماء في مجال الواقع الافتراضي.

 وتعد نظارات Meta Quest 3 وQuest 3S وQuest 2 من بين أكثر نظارات الواقع الافتراضي شعبية حول العالم.

ولم تكتفِ ميتا بذلك، بل أطلقت نظارات Ray-Ban الذكية التي حققت نجاحًا فاق كل التوقعات، ما دفع الشركة إلى إعادة هيكلة قسم XR للتركيز على تطوير أجهزة قابلة للارتداء من هذا النوع.

اللافت أن نظارات Ray-Ban الذكية لا تحتوي حتى على شاشة عرض، بل تعتمد على مكبرات صوت وميكروفون وكاميرا فقط ، ورغم ذلك، لاقت إعجابًا واسعًا من المستخدمين. 

ومع دمج تقنية Meta AI، أصبحت النظارات أداة تقنية متطورة بحق. وتخطط ميتا الآن لإطلاق نسخة جديدة من النظارات مزودة بشاشة عرض قبل نهاية العام الجاري.

أبل تطلق هاتف iPhone 17e في هذا الموعدبسبب التجسس وفقدان البيانات..دعاوى قضائية واجهت شركة أبل فما القصة؟أخبار التكنولوجيا| أفضل ساعات ذكية في الأسواق تنافس أبل.. هاتف جديد من هونر يكتسح الأسواقتنافس أبل وبإمكانات غير مسبوقة.. تعرف على أفضل ساعات ذكية في الأسواقأبل تستعد لإطلاق iPhone 17.. كل ما تريد معرفته عن الهاتف المنتظرأخبار التكنولوجيا| أفضل هاتف ذكي من فيفو.. خصم كبير على ساعات أبلاحمِ جهازك.. أبل تثير الجدل بتحديث جديد لهذا السببهل ستجعل أبل جهاز آيباد أشبه بجهاز ماك؟على غرار ميتا.. أبل تغزو الأسواق بنظارة جديدة بمواصفات تنافسيةأبل تطلق iOS 18.4 مع إشعارات أولوية.. وتوسّع ميزات Apple Intelligenceأبل تتخلف رغم الطموحات الكبيرة

وبحسب جورمان، كان بإمكان أبل أن تحقق هذا النجاح ذاته، لكنها أهدرت الفرصة بسبب تأخرها في التنسيق الداخلي واتخاذ القرار. وأكد أن أبل كانت تدرس منذ فترة إطلاق منتج منافس لنظارات Ray-Ban، إلا أن التردد الطويل جعلها تخسر الصدارة لصالح ميتا.

ورغم إطلاق أبل نظارة Vision Pro للواقع المختلط، والتي تُعد منتجًا فخمًا، إلا أن المبيعات جاءت أقل من التوقعات.

 ومع ذلك، أبل لم تتراجع عن طموحاتها في مجال XR، إذ تخطط في النهاية لتقديم نظارات واقع معزز حقيقية مدعومة بالذكاء الاصطناعي منتج شبيه بمشروع Meta Orion المستقبلي ، يمكن أن يكون بديلاً للهاتف الذكي.

مشكلات أبل مع الذكاء الاصطناعي تعرقل التقدم

ومما يزيد الأمور تعقيدًا أن مبادرة "Apple Intelligence" لا تزال تعاني من مشاكل جوهرية، متأخرة كثيرًا عن منافسين مثل "Gemini" من جوجل و"ChatGPT" من OpenAI. 

وبالتالي، لن تتمكن أبل من إطلاق نظارات ذكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي قبل إصلاح منظومة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.

وختم جورمان تحليله بجملة لاذعة قائلاً:"أبل أضاعت الفرصة لصالح شركة شبكات اجتماعية"،في إشارة مباشرة إلى ميتا، مضيفًا أن هذا الإخفاق كان يمكن تفاديه لو كانت جهود أبل أكثر تنسيقًا وجرأة.

طباعة شارك أبل أخبار أبل ظارات Ray Ban

مقالات مشابهة

  • أفضل ميزات الهواتف الذكية التي يتوق إليها المستهلكون في عام 2025
  • هذه أبرز وظائف المستقبل التي تنبأ بها الذكاء الاصطناعي
  • نيويورك تايمز: إسرائيل استخدمت الذكاء الاصطناعي بشكل واسع في حرب غزة
  • كيف خسرت آبل عرش الذكاء الاصطناعي لصالح ميتا؟
  • الجيش الإسرائيلي يجد صعوبة في التصدي لسرقة أسلحة من قواعده
  • عسكرة الذكاء الاصطناعي .. كيف تتحول التكنولوجيا إلى أداة قتل عمياء؟
  • الداخلية تداهم ورشة تصنيع أسلحة يديرها عنصرين جنائيين بأسيوط
  • إسبانيا وإسرائيل.. صفقات أسلحة تثير جدلاً في ظل أزمات دولية
  • محمود جبر: الحوار الوطني نقطة تحول فارقة في مسار الحياة السياسية
  • الرئيس الصيني: الذكاء الاصطناعي سيغير أسلوب الحياة البشرية بشكل جذري