زهير عثمان حمد

إن ما يشهده السودان من حرب أهلية وما يتخللها من تجاذبات سياسية وعسكرية يمثل جرحاً نازفاً في جسد الوطن. ولعل من أخطر وأشد الفظائع المرتكبة هو استغلال مليشيات التقراي في هذه الحرب، حيث يعد ذلك جريمة لا تغتفر في حق الوطن والمواطن. إن توظيف هذه المليشيات في النزاع السوداني ليس سوى فصل آخر من فصول التدويل الخطير للشأن السوداني، والذي يهدد بتقويض سيادة البلاد وزعزعة استقرارها.


استغلال مليشيات التقراي: جريمة في حق الوطن لقد تم اللجوء إلى مليشيات التقراي من قبل بعض الأطراف العسكرية السودانية كوسيلة لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية ضيقة. إن هذا الاستغلال يمثل خيانة للشعب السوداني وتفريطاً في سيادة الوطن، ويعكس مدى التدهور الأخلاقي والانحدار السياسي الذي وصلت إليه بعض القيادات العسكرية. إن استقدام هذه المليشيات الأجنبية للقتال في السودان يعرض البلاد لمزيد من التعقيد ويعزز من التدويل الذي قد يقود إلى تدخلات خارجية لا حصر لها.
تدويل الشأن السوداني: خطر يهدد السيادة والاستقرار إن اللجوء إلى القوى الخارجية، سواء كانت مليشيات التقراي أو غيرها، يعمق من أزمة السودان ويزيد من تعقيداتها. إن تدويل الشأن السوداني يعني بالضرورة فقدان السيطرة على مسار الأحداث وتعرض البلاد لمصالح وأجندات خارجية لا تهتم بمصلحة السودان وشعبه. يجب أن يكون حل الأزمة السودانية نابعاً من إرادة سودانية خالصة، بعيدة عن أي تأثيرات أو تدخلات خارجية.
دعوة لوقف التدويل واحترام سيادة السودان إن الشعب السوداني، الذي عانى وما زال يعاني من ويلات الحرب والدمار، يدعو إلى وقف استغلال المليشيات الأجنبية في الصراع الداخلي. يجب أن تعي الأطراف المتورطة أن الحل الحقيقي للأزمة لن يأتي عبر استقدام القوى الأجنبية بل من خلال حوار وطني شامل يضم جميع مكونات الشعب السوداني ويهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار الدائم.
مستقبل السودان: في يد أبنائه إن القوة والعزيمة التي يتمتع بها الشعب السوداني هي السبيل الوحيد لإنهاء هذه الفوضى واستعادة الوطن من براثن الفوضى والتدويل. لن يبلغ أي طرف نصرًا حقيقيًا من خلال استغلال المليشيات الأجنبية، بل إن النصر الحقيقي يكمن في وحدة الشعب السوداني وتصميمه على بناء وطن مستقر وآمن، بعيدًا عن التدخلات الخارجية وأجندات القوى الدولية.
القانون لن يرحم إن القانون لن يرحم الذين ارتكبوا هذه الفعلة الشنيعة، وسوف تلعن الأجيال القادمة هؤلاء الجبناء عشاق السلطة المطلقة. سيُحاسبون على أفعالهم، وسيكونون عبرة لكل من تسول له نفسه استغلال الوطن والمواطن لتحقيق مآربه الشخصية. يجب أن يدركوا أن العدالة ستأخذ مجراها وأن التاريخ لن ينسى ولن يغفر لهم جرائمهم.
إن استغلال مليشيات التقراي في الحرب الأهلية السودانية ليس سوى فصل من فصول العبث السياسي والعسكري الذي لا يخدم سوى أعداء الوطن. إن تجريم هذا الفعل وإدانته يجب أن يكون خطوة أولى نحو وقف التدويل واحترام سيادة السودان. فالنصر لن يتحقق إلا بإرادة سودانية خالصة وقوية، قادرة على بناء مستقبل أفضل للشعب السوداني وتحقيق تطلعاته في الحرية والسلام والعدالة.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الشعب السودانی یجب أن

إقرأ أيضاً:

البرهان يهاجم دول مجاورة للسودان ويتحدث عن مؤامرة دولية وإقليمية..رفض محادثات جنيف

شدد قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، السبت، على أن بلاده "تواجه مؤامرة تحيكها أطراف دولية وإقليمية" لم يسمها، مشددا على تمسكه بعدم المشاركة بمفاوضات مدينة جنيف السويسرية التي انطلقت بدعوة من الولايات المتحدة لإجراء محادثات حول سبل وقف الصراع المتواصل في السودان.

وقال البرهان خلال مؤتمر صحفي بمدينة بورتسودان شرقي البلاد، إن "السودان يواجه مؤامرة تحيكها أطراف دولية وإقليمية، نحن محاصرون ومحاربون من داعمي الدعم السريع، وكثير من دول الإقليم إما تتفرج أو تدعم المليشيا".

وأضاف أن "السودان موحد"، محذرا من أنه "قد يكون هناك من يخطط لتقسيم السودان وهذا لن يحدث"،حسب تعبيره.


وجاءت تصريحات البرهان عقب يوم واحد من اختتام محادثات جنيف التي امتدت في الفترة ما بين 14 و23 آب /أغسطس الجاري، وقاطعها الجيش السوداني، في حين حضرها وفد من قوات الدعم السريع، بالإضافة إلى وفود من من السعودية ومصر والولايات المتحدة وسويسرا والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة.

ودعت الولايات المتحدة إلى إجراء محادثات جنيف ووجهت دعوة إلى كل من الدعم السريع والجيش السوداني للمشاركة، إلا أن الأخير رفض المشاركة على الرغم من اللقاءات التشاورية التي جرت بين الجانبين.

وقال البرهان إن "مجموعة جنيف أشادت بالدعم السريع، ونحن لا نقبل بالجلوس في مكان يشاد فيه بهذه الميلشيا ولن نجلس أو نجتمع معها".

وأضاف "جنيف هذه لا نريدها، وليس لدينا رغبة في الذهاب إليها، ولن نذهب إليها"، مشددا على أنه لن يسمح بتوسيع "منبر جدة"، الذي يضم السعودية والولايات المتحدة أو فتح موضوعات جديدة مع الدعم السريع، حسب وكالة الأناضول.

وكانت السعودية احتضنت في أيار /مايو عام 2023 محادثات بين الجيش السوداني والدعم السريع في مدينة جدة برعاية من واشنطن والرياض، أسفرت عن ما عرف بـ"إعلان جدة" الصادر في 11 من الشهر ذاته، والذي ينص على التزام طرفي الحرب بـ"الامتناع عن أي هجوم عسكري قد يسبب أضرارا للمدنيين"، و"التأكيد على حماية المدنيين"، و"احترام القانون الإنساني والدولي لحقوق الإنسان".

ويتمسك البرهان بتنفيذ "إعلان جدة" قبل الجلوس إلى أي طاولة مفاوضات جديدة مع الدعم السريع من أجل إنهاء الحرب المتواصلة منذ عام ونصف العام.


وشدد البرهان خلال المؤتمر الصحفي، على أن "الحرب مستمرة حتى الانتهاء من التمرد (الدعم السريع)"، مشيرا إلى أن الجيش في "موقف أفضل" في ظل الحرب الحالية.

كما أكد على التزامه بتوصيل الإغاثة والمساعدات الإنسانية للمحتاجين في البلاد، والذين تضرروا جراء الحرب المستمرة، وفقا للأناضول.

ومنذ نيسان/ أبريل 2023، تدور معارك عنيفة بين الجيش السوداني  بقيادة البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، ما تسبب في مقتل أكثر من 13 ألف شخص، وفقا للأمم المتحدة.

وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء هذه الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18، وفقا للأناضول.

مقالات مشابهة

  • تنسيقية تقدم.. تحالف سياسي يهدف لإنهاء الحرب في السودان
  • سعي الجيش وقوات الدعم السريع للواجهات المدنية في السودان منذ حكم المجلس العسكري الانتقالي إلى الحرب الأهلية
  • بعض الجوانب الإيجابية من الحرب السودانية
  • مجلس حكماء المسلمين يؤكد على جهود مجموعة «متحالفون» لإيقاف الحرب في السودان
  • الطفولة السودانية الضائعة
  • قرقاش: جهود الإمارات في محادثات السلام السودانية مستمرة
  • وقف انتصارات الجيش السوداني
  • المخاوف السودانية من التداخل الدولي ودعوة لوقف الحرب وتعظيم السلام
  • بعد محادثات جنيف حول السودان.. البرهان: سنقاتل 100 عام.. ويوجه رسالة لحميدتي
  • البرهان يهاجم دول مجاورة للسودان ويتحدث عن مؤامرة دولية وإقليمية..رفض محادثات جنيف