الثريّ البخيل في عالم متحضّر . . !
#موسى_العدوان
من قصص الحكمة التي وردت في كتاب ” نبأ يقين ” للكاتب أدهم شرقاوي، القصة التالية وأقتبس جزءا منها بتصرف :
” تُوفي إينغفار كامبراد وترك وراءه ثروة تقّدر بسنين مليار دولار. وكامبراد لمن لا يعرفه، هو سويدي الجنسية، مؤسس ومالك شركة إيكيا للأثاث. فكان يعيش حياة بسيطة جدا، يعيش في بيت صغير، ويلبس ثيابا مستعملة، ويسافر على الدرجة الاقتصادية، ويستعمل المواصلات العامة، وينزل في فنادق رخيصة، ويقود ذات السيارة لمدة عشرين عاما، ويكتب على وجه الورقة وظهرها.
غادر كامبراد الدنيا خالي الوفاض . . هذه هي الحقيقة التي نعرفها جميعا ونتجاهلها، والتي أراد السلطان سليمان القانوني، أحد أعظم السلاطين في التاريخ، والذي حكم الإمبراطورية العثمانية من عام 1520 حتى وفاته عام 1566. أرتد أن يقول لنا يوم أوصى وهو على فراش الموت قائلا : عن موتي أخرجوا يديّ من التابوت ليعلم الناس أنه حتى السلطان، خرج من الدنيا فارغ اليدين . . ! “. انتهى الاقتباس.
* * *
وهناك في بلداننا العربية، من أصبحوا أثرياء بين ليلة وضحاها، يملكون العقارات والشركات والأموال، بعد معاناة من الفقرْ. وإن كان هذا قد تحقق بجهدهم الشخصي أو بجهود صديقة، فإننا نبارك لهم ما حققوه من تحسين في أحوالهم المادية، باعتباره وسيلة شريفة للكسْب المشروع والسعة في المال الحلال.
ولكن هذه السعة – مع الأسف – لم تنعكس على أسرهم وأبنائهم، بل انعكست على أسرهم وأبنائهم بالبخل الشديد، وحرمانهم من أبسط متطلبات الحياة المعيشية والاجتماعية، رغم ما ينعمون به من ثراء طارئ.
وعلى العكس من ذلك يتجلى كرمهم على أنفسهم كأشخاص فرادى، وعلى إقامة الولائم الفاخرة لمن يعتقدون أنهم سيقدمون لهم منفعة معينة.
والبُخل هو من أسوأ الصفات التي يمكن ان يتصف الإنسان، لكونها صفة ذميمة تخالف التعاليم الدينية، ويكرهها الناس في مختلف المجتمعات العربية، لكونها تدلّ على الطمع والجشع، والرغبة في الحصول على الأموال والعقارات والوظائف بلا حدود. وهي بالتالي تعبّر عن ضعف الإيمان، إذ تصبح الدنيا وثرواتها محور اهتمام البخيل، متناسيا بأن الدنيا مجرد رحلة، ينتهي مطافها القصير مهما طال به العمر.
لقد نهى الله تعالى عن البخل، وحث الإنسان بالإنفاق من سعته على المحتاجين شاملا أسرته، كما جاء في الآيات التالية في كتابه العزيز :
– ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُم ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾. ( آل عمران 180 ).
– ( وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ). التوبة 76.
– ( لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ). الطلاق 7.
– ( وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ). الليل 8 ــ 10.
– وقال الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام : ( إنَّ اللَّهَ يحبُّ أن يرى أثرَ نعمتِهِ على عبدِه )ِ. ولكن يبدو أن البخيل يفسّر هذا الحديث، بما ينعكس على شخصه فقط دون عائلته.
يتبين لنا من الآيات السابقات، أن الله تعالى قد نهى عن البخل، وعدم إنفاق البخيل من أمواله في سبيل الله، شاملا أسرته وأولاده الذين يعيلهم. بل عليه أن يسعدهم ويقضي احتياجاتهم المعيشية، قبل أن يغادر الدنيا إلى نهايته المحتومة، مدثرا بثوب أبيض لا جيوب له، ولا يحمل شيئا من ممتلكاته التي حرص عليها طيلة حياته.
فهل يعتبر الثري البخيل في هذا العالم المتحضّر، بما جاء في الأوامر الربانية، وينفق مما رزقه الله على عائلته وأبنائه، وعلى المحتاجين من الناس ؟
التاريخ : 17 / 7 / 2024
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
"حقبة مظلمة".. أول تعليق من ميادة الحناوي بعد سقوط الأسد
علقت الفنانة ميادة الحناوي على سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، مؤكدة أن سوريا مرت بحقبة صعبة وطاغية مظلمة، وذلك على هامش إحيائها حفلاً في البحرين مؤخراً.
وقالت ميادة الحناوي في تصريحات لها خلال الحفل "عشنا ظروف صعبة ومؤلمة جداً، ومثلي مثل الناس، لم أكن أعلم شيئاً"، إشارة منها إلى الظروف الصعبة التي عاشها السوريون في ظل نظام الأسد.
ومن على خشبة المسرح، وجهت الحناوي رسالة إلى الشعب السوري، قائلة: "أتمنى السلام والمحبة أن تسود، وكل شيء حلو لسوريا إن شاء الله، ومستقبل مشرق".
يذكر أن ميادة الحناوي كانت قد نشرت عبر حسابها على "إنستغرام" صورة لها عند بدء الأحداث الأخيرة وأرفقتها بالتعليق التالي "شعب سوريا العظيم، الشعب الذي اعتز بأنني منه، أبارك لكم فرحتكم وأدعو الله أن تكون قادمات الايام أفضل بكثير مما سبقها".
#ميادة_الحناوي خلال الحفل الأول بتاريخها في البحرين :
"متلي متل كل الناس بسوريا ما كنت بعرف شي عن هالطاغية!"pic.twitter.com/qDsa9OQ5lM
وتابعت:"كنت ومازلت وسأبقى محبة لشعبي، مخلصة له مباركة له في أفراحه.. فلنترك الفرصة للجيل الجديد لأخذ فرصته في المستقبل".
واستذكر الجمهور تصريح سابق للحناوي تحدثت فيه عن دعمها لنظام الأسد قائلة "أنا أدعم الرئيس بشار الأسد ومن لا يعجبه ذلك من جمهوري يضرب رأسه في الحائط".
A post shared by Mayada Hinawi (@mayadahinawi)