داخل منزل صغير بمنطقة الحوامدية بمحافظة الجيزة تجلس أسرة نورا صابر المكونة من 4 أفراد، طفلاها وزوجها حول مائدة الطعام، وعلى غير المعتاد فإنه يحظر على الطفلين «محمد»، صاحب الـ13 عاما، و«حمزة» أن تمتد أيديهما إلى صحن الأبوين، ليس بخلاً كما تقول السيدة الثلاثينية، لكن حفاظاً عليهما من مضاعفات المرض الوراثي الذى يعانيان منه منذ ولادتهما، لا يستطيع الابن الأكبر منع نفسه من تذوق الملوخية والدجاج المشوى، فضلاً عن ممارسة هوايته الطفولية فى اختلاس عدّة ملاعق من الأرز، بينما تنشغل والدته فى ترتيب السفرة.

طيلة 11 عاماً كان الأمر طبيعيا، الجميع يتناولون الطعام ذاته، الحياة تبدو روتينية، لكن بعد نحو 3 أعوام من قدوم «حمزة» كمولود جديد للأسرة وتشخيصه عند الولادة بالمرض الوراثى «الفينيل كيتون»، «بى كى يو»، الذى يعد أحد أمراض التمثيل الغذائى، أصبح هناك هاجس من أن يكون «محمد» مصاباً بالمرض ذاته.

وتقول «نورا»: «لما ولدت حمزة ابنى الدكاترة أخدوا عينة من كعب رجله وهو فى الحضّانة وقالوا لى علشان نعمل تحليل لهرمون نقص الغدة الدرقية، بس بعد أسبوع قالوا لى هنعيد عينة الكعب علشان شاكين يكون عنده غدة»، وتابعت: «لما نتيجة التحليل الجديدة ظهرت بلغونى إنه مصاب بمرض بى كى يو، وكنت أول مرة أسمع اسم المرض ده وماكنتش فاهمة حاجة».

بعد نحو 10 أيام من تشخيص «حمزة» بالمرض الذى يتسبب فى تراكم حمض أمينى يسمى «الفينيل ألانين» فى الجسم ويؤدى إلى الإخلال بتوازن الناقلات العصبية، ما يترتب عليه ضرر فى الدماغ، اتجهت السيدة الثلاثينية إلى مركز رعاية الأمومة والطفولة فى منطقة الحوامدية بطفلها البكر «محمد».

وتقول: «الدكتورة اللى تسلَّمت حالة حمزة قالت لى لو عندك أطفال تانيين لازم تجيبيهم أكشف عليهم وأعمل تحليل لنسبة البروتين فى الدم»، وأضافت: «خفت محمد كمان يكون تعبان لأنى لاحظت إن مستواه الدراسى وحش قوى وشعره فجأة بقى أبيض، وأعصابه مش بيعرف يتحكم فيها، يعنى لو مسك كوباية مياه ممكن تقع منه علشان أعصابه ضعيفة، وده اللى الدكاترة قالوه لما كشفنا وعملنا التحليل واتأكدت إصابته بنفس مرض أخوه حمزة».

وتقول «نورا» إنّ ذلك الخبر كان نقطة الانطلاق فى رحلتها للبحث عن تخفيف لمعاناة طفليها، وتتابع: «المتابعة مجانية تماماً فى المركز، وبعد ما حمزة تم سنة سلمونى جواب أروح بيه مركز طب عين حلوان علشان أعمل التحاليل الدورية ليه هو ومحمد وأتابع وأستلم الأكل الخاص بيهم».

ولفتت إلى أنّ الخدمة الطبية فى المركز الحكومى كانت ممتازة للغاية، وأضافت: «كنت تايهة ومش عارفة حاجة ولا المفروض أعمل إيه، بس الدكاترة هناك كانوا متعاونين جداً وعرفونى إيه الأكل المسموح بيه والكميات اللى المفروض ياخدوها وكمان أتعامل مع ولادى إزاى».

من الجيزة إلى الفيوم، وتحديداً فى قرية عامرية، حيث تقطن السيدة الأربعينية «أم أنس»، لا يختلف حالها كثيراً عن «نورا»، إذ اكتشفت إصابة طفليها أنس «8 أعوام» ومحمود «4 أعوام ونصف» بعدما وضعت الأخير وإجراء تحليل عينة الكعب عقب ثالث أيام الولادة، إلاّ أنّ الأزمة الحقيقية التى واجهت الأم كانت فيما يتعلق بتشخيص نجلها الأكبر «أنس».

وتقول: «لما اكتشفت إصابة أنس بالمرض كانت معاناة بالنسبة لينا وليه علشان كان لازم أوقف تماماً الأكل العادى بتاعنا واديه البدايل، بس ده ماكانش سهل لأن الولد خلاص داق الأكل الطبيعى وحبه وعرف طعمه وبالتالى كان بيرفض البدايل بشكل قاطع».

واستطاعت «أم أنس» تكرار المحاولة مع طفلها الأكبر لتناول البدائل لتنجح فى النهاية، وتتابع: «طبعاً فى الأول لما بدأنا الحمية الخاصة بمرضى البى كى يو كان بيتشنج ويعيط لما أشيل منه طبق الرز ولا حتة اللحمة، بس واحدة واحدة بقيت باشترى البدايل وآكلها معاه علشان مايحسش إنه لوحده ويتشجع إنه ياكل»، وتضيف: «محمود ابنى الصغير من ساعة الولادة وأنا عارفة حالته ومرضه وعلشان كده ماكانش الموضوع صعب قوى بالنسبة ليه ولينا لأنه مايعرفش طعم الأكل العادى فمش بيرفض البدايل لأن ده اللى هو اتعود عليه».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: محافظة الجيزة

إقرأ أيضاً:

هجرة الأطباء السوريين وعودتهم إلى وطنهم بعد انهيار الأسد: أزمة تهدد المستشفيات الألمانية

في مشهد يعكس تعقيدات الهجرة والاندماج، يقف الأطباء السوريون في ألمانيا عند مفترق طرق حاسم، يتأرجحون بين البقاء والعودة إلى سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

اعلان

فمنذ اندلاع الحرب السورية، استقبلت ألمانيا أكثر من مليون لاجئ سوري، شكلوا رافدًا مهمًا في سوق العمل الألماني، وخاصة في القطاع الطبي الذي يعتمد بشكل كبير على كفاءاتهم.

حيث تشير الأرقام إلى أنه زهاء 5758 طبيبًا سوريًا يعملون في المؤسسات الصحية الألمانية إضافة إلى 236 ألف سوري يعملون ويدفعون الضرائب مع نحو ثلثي هؤلاء العاملين يشغلون وظائف أساسية.

ومع اقتراب الانتخابات في ألمانيا، بدأت النقاشات حول عودة السوريين تتصاعد. بينما يطالب بعض السياسيين بإعادة السوريين إلى بلادهم، فإن الحكومة الألمانية تؤكد أن العديد منهم لديهم حقوق قانونية للبقاء، خاصة الذين حصلوا على الجنسية الألمانية.

رجل يحمل علم الثورة السورية يشارك في مظاهرة ضد الحرب الأهلية في سوريا ومن أجل سوريا حرة أمام بوابة براندنبورغ في برلين، الأحد، 23 ديسمبر/كانون الأول 2012.Markus Schreiber/APالرهان الصحي: خسارة محتملة

يحذر خبراء سوق العمل من تداعيات محتملة إذا قرر هؤلاء الأطباء العودة، إذ تؤكد يوليا كوسياكوفا من معهد البحث الألماني للتوظيف أن "رحيل العاملين السوريين سيترك آثارًا ملموسة في مناطق محددة، خاصة التي تعاني من نقص في الكوادر".

فيما يشير مايكل فيبر، رئيس رابطة أطباء المستشفيات، إلى أن "المناطق الريفية لن تستطيع الاستمرار بدون الأطباء السوريين، فهم العمود الفقري للرعاية الصحية هناك".

الرغبة في العودة: حلم مشروط

وقد أظهر استطلاع للرأي أن 941 طبيبًا من أصل 1238 يفكرون جديًا بالعودة، إذ عبّر الدكتور محمد الحكيم عن تعقيد المعضلة قائلًا: "رحلتي إلى ألمانيا كانت صعبة، وقد استقر أطفالي هنا، والعودة ليست بالأمر السهل"، ويضيف الدكتور منذر: "سوريا بحاجة إلى خبراتنا، لكن الاستقرار مطلب أساسي للعودة".

Relatedسوريا تتصدر الترتيب.. ما هي الدول العربية التي تعاني من هجرة الأدمغة والكفاءات؟سوريا ما بعد الأسد.. تصريحات أردوغان تثير البلبلة فهل تتحول البلاد إلى محمية تركية؟ أكراد سوريا.. توجّس من تركيا وخوف من المستقبل بعد استيلاء المعارضة الإسلامية المسلحة على السلطة

فيما يؤكد فيصل شهادة، رئيس رابطة الأطباء السوريين في ألمانيا، أن "الدافع الرئيسي للعودة هو حب الوطن ورغبة المساهمة في إعادة بناء القطاع الصحي المنهار". رغم النقاشات حول العودة، فلقد أكدت الحكومة الألمانية رفضها لأي عمليات ترحيل مباشرة، مؤكدة أنها ستراقب التطورات في سوريا، ويلخص الدكتور حسام المصطفى التجربة بقوله: "نحن لسنا مجرد أرقام في سوق العمل، بل مواطنون بنينا حياتنا هنا بجهد كبير".

تبدو معادلة الأطباء السوريين في ألمانيا معقدة، تجمع بين الولاء الوطني والواقع الإنساني، بين حلم العودة وواقع الاستقرار.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية "سوريا حرة حرة".. السوريون يحتفلون برحيل بشار الأسد في الدول الأوروبية رقص وهتافات على الحدود اللبنانية.. السوريون يحتفلون بسقوط حكم عائلة الأسد بعد 50 عاماً لاجئون سوريون في ألمانيا يرفضون "سخاء" السياسي المحافظ الذي خدعهم سورياألمانياهجرة الأدمغةاعلاناخترنا لك يعرض الآن Next عاجل. الحرب بيومها الـ437: إسرائيل تصل إلى المرحلة الأخيرة في قطاع غزة وتنفذ أعنف حملة جوية في سوريا يعرض الآن Next عاجل. الكرملين: لا قرارات نهائية بشأن مستقبل القواعد الروسية في سوريا حتى الآن يعرض الآن Next لمكافحة استغلال الأطفال عبر الإنترنت.. السويد تدرس فرض حدود عمرية على وسائل التواصل الاجتماعي! يعرض الآن Next البرلمان الألماني يصوت اليوم على منح الثقة لشولتس وحكومته: هل سيفشل؟ يعرض الآن Next أجسام طائرة مجهولة تثير الفزع في أمريكا وترامب يطالب بإسقاطها فورًا.. ماذا نعرف حتى الآن؟ اعلانالاكثر قراءة ما الذي يخبئه فروٌ على كتفي سيدة؟ كاميرا خفية تدخل مزارع تربية الثعالب في فنلندا فماذا وجدت؟ عزل رئيس كوريا الجنوبية.. احتجاجات حاشدة في سيول تطالب بسحب القرار مارس الجنس مع 400 من زوجات كبار الشخصيات أمام الكاميرا.. فضيحة مسؤول كيني يعتقد أنه مصاب بمرض الإيدز لصوص بالعشرات بينهم رجال ونساء وأطفال.. جرائم نهب وحرق للبيوت داخل مجمع سكني قرب دمشق سوريا ما بعد الأسد.. تصريحات أردوغان تثير البلبلة فهل تتحول البلاد إلى محمية تركية؟ اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومسورياهيئة تحرير الشام بشار الأسدإسرائيلروسياإيرانالحرب في سوريادمشقغزةدونالد ترامبداعشعيد الميلادالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • فريق المعامل المركزية بوزارة الصحة يتفقد عدد من المستشفيات بقنا
  • المقاومة واجب
  • لماذا أصبح نبيل الحلفاوي أكثر الفنانين تفاعلا على "إكس"؟
  • شاهد.. أول ظهور لابنتي كريم محمود عبد العزيز في الهنا اللى أنا فيه
  • هجرة الأطباء السوريين وعودتهم إلى وطنهم بعد انهيار الأسد: أزمة تهدد المستشفيات الألمانية
  • ماذا يحدث عندما يتحول الأكل الصحي إلى هوس؟ لن تتوقع
  • "اخوات في ضهر بعض".. محمد محمود عبدالعزيز في العرض الخاص لفيلم الهنا اللى انا فيه
  • دواء جديد لإبطاء تطور العمى الوراثي
  • اليوم.. أبطال وصناع فيلم "الهنا اللي أنا فيه" يحتفلون بالعرض الخاص
  • بقالي 8 سنين.. لطفي لبيب يكشف مفاجأة عن اعتزاله.. فيديو