قصة قصيرة : عن المهمش حين تستفزه سلطة آحادية التوجه .. أحكي لكم
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
بقلم / عمر الحويج
(المهمش حين تستفزه سلطة آحادية التوجه ينفصل عن ذاته عن مجتمعه عن وطنه ، عن الأمان حين يبحث عنه ، يحمل السلاح ليبتعد .
( رحلة عبد الشافي الأخيرة .. إلى الداخل)
قصة قصيرة / نشرت بجريدة الخرطوم القاهرية المهاجرة ( مايو 1995م)
***
كان ذلك .. يوم احتجبت الشمس ، قبل موعد غروبها المعتاد .
كان ذلك .. يوم هبت ، تلك العاصفة ، الهوجاء .. واللعينة ، في غير موسمها .. فتساقطت، كل الأشياء التي كانت مستقرة.. بفعل : الجذور، والتماسك، والرضا.
كان ذلك.. يوم ، الكارثة الكبرى ، في القرية ، التي كانت ، وادعة.. قبلاً.
كان ذلك .. يوم غرقت ، مركب "الريس عبد الشافى" فانكفأ .. كل من فيها ، وما بها ، وما عليها لتبتلعه إلى حين ، مياه النهر ، الغاضبة .. على غير عادتها.
حينها .. تمكن ، عبد الشافي ، وحده من إنتزاع العدد الأكبر ، من بين براثن الموج المتلاطم .. أما البقية ، فقد إنتشلهم ، الآخرون .. الآتون ، من كل فج : أتت بهم ، صيحة الخطر ، التي أطلقها ، عبد الشافي وردَّد صداها ، الجبل الرابض ، بمحاذاة الشط .. يؤدي فعله الأزلي ، في حراسة: النهر ، والناس .. والحياة.
يومها.. خرج الكل ، إلى الشاطئ.. بضفتيه ، سالماً ما عدا .. آهِ .. آهِ .. ما عداه "الريس عبد الشافي" .. هو وحده الذي لم يعد ، إلى الشاطئ ، بأي من ضفتيه : سالماً ، أو .. غير سالم.
رآه الجميع .. بأعين ، عليها غشاوة .. وهو يسبح ، عائداً إلى مركبه:
تيقن بعضهم ، أنه ذهب ، ليعود ببقرته ، الأثيرة .. لديه التي كانت ، تسبح بجانبه، وهى مربوطة ، على حافة المركب .
وحسبه آخرون ، أنه يود أن يلقي .. النظرة الأخيرة على مركبه الغارق .. حتى القاع ، في مياه النهر ، الغاضبة .. على غير عادتها .
"يا.. عبد.. الشافي" : الصيحة الخطر.. أطلقها، بعض الذين ، لا يزال في رئاتهم.. نَفَس ، برغم ما في عيونهم من غشاوة . "يا.. عبد.. الشافي" الصيحة الخطر .. الصوت والصدى: رددها الجبل الرابض في حراسه النهر ، والناس.. والحياة .
"يا.. عبد.. الشافي.. ": الصيحة.. الصدى: وأنت ، تصارع أمواجك .. يا عبد الشافي .. ما زال ، يخترق أذنيك .. الصوت الأعلى والأقوى .. أنك تستطيع أن تميزه ، من بين جميع الأصوات . أنه صوت (حماد الطريفي) .. صديقك ، الأقرب والحميم لآخر المدى .. صديقك الذي أعطيته، كل عقلك.. وإن لم تعطه إلا نصف.. قلبك.
تلعبون، كنتم.. شليل وين راح ختفوا التمساح . حين جاءتكم
الصيحة : دائماً .. تلك التي يردد صداها الجبل.. هي ، الصيحة الخطر يا .. عبد الشافي ، أبوك راح.. أبوك.. ختفو التمساح .. أصل الحكاية بين عائلتنا ، والتمساح ، بدأت مع جدى .. يومها ، قال بعضهم أنهم ، رأوه .. بأم أعينهم .. حين تمكن ، منه التمساح.. إستلَّ جدي ، سكينه من ضراعه .. وبأعصاب هادئة .. وباردة : أضافوا ، غرز جدى ، السكين في عين التمساح : وآخرون .. قالوا وهذه الرواية ، هي التي أصبحت متواترة أنهم ، سمعوا ، بآذانهم التي حتماً مصيرها .. الدود ، أن جدى .. تحادث : حديثاً طويلاً ومتبادلاً.. وليس هامساً ، ولا منفرداً .. مع التمساح ، وربما كان أيضاً .. مشوقاً ، فقد رأوا جدى .. مبتهجاً ، يلوح بكلتا يديه .. مصوباً بصره نحو صفحة المياه .. التي بانت صفحتين ، بفعل إنسراب التمساح على سطحها .. وأبوك ، يا عبد الشافي.. أخيراً ، تمكن منه التمساح : ضاع أبوك .. يا عبد الشافي .. وضاعت معه .. أحلامك ، وأحلامكم .. الطفلة ، أنت وصديقك من وقتها حماد الطريفي .. حين قرر الكبار ، أن تركب النهر .. سيراً على النهج ، والتوارث والتراث : كما قرر الكبار ، أن حماد الطريفي ، هو خير معين لك .. في هذا المحال كان .. وهكذا ركبتما ، النهر .. سوياً .
(يا.. عبد.. الشافي) : الصيحة: الصوت: أنت خير ، من يعرف يا عبد الشافي: كنا دائماً .. لا تنتظر الغريق ، لأكثر من أسبوع حتى يكون ، انقضى شأنه .. ووارى الثرى جثمانه .. أما أنت يا عبد الشافي .. ها قد فات زمان .. والناس تنتظر :
على الضفتين .. والناس تنتظر
على امتداد النهر .. والناس تنتظر
على أحر من الجمر .. والناس تنتظر
وأنت يا عبد الشافي ، حتى الآن ، لا أثر لك .. ولا بقرتك الأثيرة .. لديك . ومركبك متشبثة بقاع النهر .. ما زالت . وما زالت الناس.. تنتظر . من أين انشقت هذه الأرض ، وأتت بكل هؤلاء الناس ، يا عبد الشافي؟؟ .. منذ متى عرفك ، كل هؤلاء الناس يا عبد الشافي؟؟.. سألتك ، عشرات المرات .. وأنت تلتقي ، هؤلاء الناس : أيام الأسواق تلتقيهم .. أيام الأعياد ، تلتقيهم .. أيام الأحزان ، تلتقيهم .. هم غرباء ، عنا.. ولكن ، يعرفونك . أنت وحدك ، وبقرتك الأثيرة لديك .. يعرفونك حتى أنهم ، يسألون عنها .. إذا أنت بدونها ، التقيتهم .. لم تكن تجيبني أبداً .. لم تكن تجيبني .. يا عبد الشافي .. ولكني كنت أعرف .. كنت أعرف :
حين ، كنت تأخذ ، بقرتك الأثيرة ، لديك.. والناس نيام.
تخرجان معاُ .. والناس نيام
تركبان النهر مرة ، وتسبحان مرات .. والناس نيام .
تعودان معاً ، قرب أذان الفجر .. والناس نيام .
تجلس منزوياً ، بقربها .. والناس نيام .
تنظر إليك ، وتنظر إليها .. والناس نيام .
تبكيان معاً .. والناس نيام .
تتحاوران معاً .. والناس نيام.. والناس نيام .. والناس نيام .
"يا عبد الشافي" : الصيحة.. الصدى : ما زال ، صوت صديقك ، حماد الطريفي .. في أذنيك.. وأنت ، لم تصل بقرتك الأثيرة لديك ، بعد.. ما زلت ، تصارع الأمواج ، ولم تصل الأعماق .. بعد.. حماد الطريفي .. أسمع ، أو لا تسمع .. صديقي : أعطيتك ، قبلاً .. كل قلبي .. فخذ أخيراً ، والآن .. كل عقلي : كنت تعرف .. لا تعرف .. تعرف .. لا تعرف :
كنا نخرج معاً .. والناس نيام .
خلف الجبل ، نجوب القرى والبلدان .. والناس نيام.
نسائل : الأنس والجن والطير والحيوان .. والناس نيام .
يأتيني: الصوت ، والصدى ، والهاجس .. والناس نيام .
جدي قال لأبي ، دون أن تعرف جدتي .. والناس نيام .
أتوا ، بنا ، وكنا اثنين أختي .. وأنا والبقرة (تفرقنا أيدي سبأ وفرقان) .. والناس نيام .
يأتيني : الصوت ، والصدى . والهاجس .. والناس نيام .
يقول جدي , لأبي .. والناس نيام .
"إن أباك ، استولدك ، من " أخته".. والناس نيام .
يأتيني: الصوت ، والصدى ، والهاجس .. والناس نيام .
يقول ، أبي لي .. والناس نيام .
"إن أباك ، استولده جدك ، من "أخته" والناس نيام .. والناس نيام .. والناس نيام .
"يا.. عبد .. الشافي": الصيحة .. الصوت: فات زمان .. طويل يا عبد الشافي .. ولم تعد الناس.. تنتظر .
على الضفتين: و .. لم تعد الناس .. تنتظر .
على امتداد النهر: و .. لم تعد الناس .. تنتظر
على أحر من الجمر : .. لم تعد الناس .. تنتظر
وأنا ما زلت أعاود السؤال .. لماذا لم تتزوج؟؟ .. يا عبد الشافي: يقولون جدك .. انفسخ ، عقد زواجه ، في ليلته الأولى .. وأنت ، يا عبد الشافي ، لم تتزوج بعد . قال جدك للعجوز المسن ، لن أفسخه .. يفسخ جلدك .. وأنا يا عبد الشافي.. كنت أحسدك ، حين اختلس النظر ، إلى الجميلات ، عندنا.. وأراهن ، يختلسن النظر إليك .. وقتها ، ومع اندهاش الحاضرين ، وانبهارهم .. انفسخ جلد ، العجوز المسن .. عن آخره .. وأنت ، يا عبد الشافي ، لم تجبني .. أبداً . وأنا .. كنت أخاف ، علينا.. من هذا اليوم، الأكلح .. يا عبد الشافي: يقولون .. لم يسترجع ، العجوز المسن ، جلده إلا بعد أن ، تنازل جدك ، طائعاً مختاراً ، وفسخ العقد .
حين الدقات الأولى ، للدلوكة في أفراحنا .. يا عبد الشافي ، والجميلات عندنا .. يختلسن النظر إليك ، وأنا .. أختلس النظر إليهن .. يبدأ ، يأخذك الإستغراق كعادتك ، يبدأ.. بالرعشة الأولى .. في الأطراف .. تتصاعد فيك مع دقات الدَّلُّوكَة المتصاعدة .
وفسخ جدك العقد ، إكراماً .. قال للحاضرين ، والتسامح .. وأنا كنت أريد لك ، أن تسقى .. بمائك الأبيض أرضك .. كما فعل ، الأسلاف منك ، أبوك و جددك و .. لتستقر بفعلك : الجذور والتماسك والرضا .
وجدك قالوا .. في ليلته تلك ركب النهر .. واختفى أزماناً ، أو أعواماً .. لا أحد يذكر .. ثم عاد ، ومعه جدتك ..
والرعشة في جسدك ، لا يوقفها.. إلا زغاريد الجميلات عندنا ، مع فتح الباب ، لتحية العريس ، من الآخرين .. ومنك ، أنت تحية النزيف .. ليس إلا . والناس لا يعرفون ..
وعلى ظهرك ..
السياط ..
والأصوات ..
والهواجس..
وأنت ، يا عبد الشافي ، كالجبل عندنا .. لا يرتد منك ، غير الصدى .
صدى السياط ..
والأصوات ..
والهواجس..
والناس .. لا يعرفون .. والجميلات ، ما زلن يختلسن النظر إليك .. وأنت لا تجيبني ، يا عبد الشافي .. وأسعد صباحاتك ، تلك التي تعقب ، ليالى الفرح .. وظهرك النازف دماً .. وأنت ، تستعذب طعم الدم في جسدك :
تستعذب طعم الدم ..
تستعذب طعم الدم ..
تستعذب طعم الدم .
"يا.. عبد الشافي": الصيحة.. الصوت : وأنت .. ما زلت تصارع أمواجك ، يا عبد الشافي .. يأتيك من البعيد ، هذه المرة: الصوت والصدى ، والهاجس.. ظللت، طول عمرك الأخير .. منه تبحث عن شيء ، لا تعرفه . ولن تجده. بحثت عنه:
وراء الجبل.. وأنت لا تعرفه .. ولن تجده .
ما خلف النهر .. وأنت لا تعرفه .. ولن تجده .
جبت القرى والبلدان .. وأنت ، لا تعرفه .. ولن تجده.
سآلت ، الإنس والجن والطير والحيوان .. وأنت لا تعرفه .. ولن تجده .
استعذبت طعم الدم ، في جسدك .. وأنت لا تعرفه .. ولن تجده .
جرب يا عبد الشافي ، أن تختار .. صارع أمواجك كي تختار ..
وهناك ، عسى أن تعرف ، ما لا تعرفه .. وما تبحث عنه .. تجده.
"يا عبد.. الشافي": الصيحة.. الصدى: فات زمان.. وأطول، والناس ، لم تعد .. تنتظر :
على الضفتين .. والناس ، لم تعد تنتظر
على امتداد النهر .. والناس ، لم تعد.. تنتظر
وأنا ، يا عبد الشافي .. سأظل ، أنتظر .. تأتي أو لا تأتي ، سأظل أنتظر .. برغم حكاوي ، الناس. سأظل أنتظر .
جاء بعضهم ، إلينا من البعيد ، وقالوا.. أنهم رأوك : وقد استبدلت السكين في ضراعك .. بالأقوى ، والأسرع للموت .. وحملته على كتفك . بل تجرأوا وزعموا ، أنك أصبت بعض أهلك .. وأخطأت آخرين .. وأنا سأظل ، أنتظر .
وجاء غيرهم ، وادَّعوا .. أنك : أصبحت ، عائلات بلا عدد .. وبقرتك الأثيرة ، لديك .. ملأت الأرض ، قالوا .. ولم تعد ، في حاجة، لأن تجوب بها ، القرى والبلدان .. وأنا سأظل ، أنتظر.
وقال ، بعض الذين ، كانوا هناك ، يوم الكارثة الكبرى.. أنه لا بد ، أن تكون قد التهمتك ، وبقرتك الأثيرة ، لديك .. تماسيح النهر ، في ليلتك تلك ، المشؤومة .. وأنا سأظل ، أنتظر .. تأتي أو لا تأتي سأظل أنتظر .
"يا.. عبد.. الشافي" : الصيحة.. الصدى : صارع أمواجك .. صارع أمواجك .. ها أنت ، الآن قد وصلت إلى الأعماق .. فلتبدأ ، يا عبد الشافي .. رحلتك الأخيرة إلى.. الداخل .
omeralhiwaig441@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: عبد الشافی الناس تنتظر تنتظر على کان ذلک
إقرأ أيضاً:
العودة الصغرى إلى غزة تُحيي آمال عودة الفلسطينيين إلى كامل أراضيهم (شاهد)
جاءت عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة، الذي تتشكل معظم بنيته الديموغرافية من اللاجئين بشكل أساسي، لتعيد إحياء "ثابت العودة"، وهو أحد أبرز الثوابت الفلسطينية، وذلك تزامنا مع مناسبة الإسراء والمعراج المرتبطة دينيا بمدينة القدس، وذكرى تحريرها أيضا في زمن صلاح الدين، ضمن التقويم الهجري.
ويضم قطاع غزة نحو 1.7 مليون لاجئ فلسطيني نتيجة أحداث النكبة عام 1948، ويعيش أكثر من 600 ألف منهم داخل ثمانية مخيمات معترف بها من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، وهم الذين اضطروا للنزوح والدخول في حالة لجوء مزدوجة بسبب حرب الإبادة التي استمرت 471 يوما.
ومع دخول اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي مرحلة السماح بعودة النازحين، بدأت مسيرة "العودة الصغرى" بالسير نحو الجزء الشمالي من القطاع، في مشهد قد يعتبر الأول من نوعه في تطبيق حق العودة إلى الأراضي التي أخرج الفلسطينيون منها.
"على عكس خطى جدي"
يقول سالم (34 عاما) إنه جده الذي توفي قبل سنوات طالما أخبرهم عن ظروف الخروج من مدينة يافا خلال أحداث النكبة، وأنه اضطر للسير حتى مدينة غزة على طول الخط الساحلي في مسافة تقدر حاليا بأكثر من 66 كيلومتر.
ويضيف سالم لـ"عربي21" أن جده واصل المسير حتى وجد شجرة يرتاح تحتها، في ظلها وجد صندوق زراعي فيه بقايا حصاد نبات الفجل، وأنه أسرع في تناوله من شدة الجوع دون أن يلتفت إلى طعمه الحار، موضحا "سيدي طالما كان يقول هذه القصة بطريقة مضحكة، واليوم طوال الوقت وأنا أفكر فيها".
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
ويؤكد "طوال عمري وأنا أحلم في العودة إلى مدينة يافا، وسيدي كان يحلم بذلك أيضا، على اعتبار أن بلدنا الأصلي ليست غزة، لكن اليوم طوال فترة مسيرتي من جنوب قطاع غزة إلى شماله وأنا أتذكره وأتذكر القصة وأقول لنفسي: أعود اليوم يا سيدي لكن إلى غزة وليس إلى يافا، ولم أتناول اللفت مثلك".
ويكشف سالم أنه عاد أخيرا إلى بيته في شمال غرب غزة وأنه طوال هذه السنوات احتفظ بلهجته اليافاوية التي اكتسبها عن والده وجده، قائلا: "اليوم أنا من غزة أكثر من أي وقت مضى، لكن مازلت أحلم بالعودة إلى يافا، وطالما تحققت العودة إلى غزة بعد حرب مجنونة وحالة يأس، فالحلم يمكن تحقيقه".
بدوره، يقول كامل إنه فقد بيته خلال شهور الحرب الأولى وحاليا لا يوجد مكان حقيقي يمكنه العودة إليه نظرا لأن بيته كان عبارة عن شقة ضمن عمارة سكنية كبيرة، موضحا "حتى خيار وضع خيمة على ركام العمارة قد لا يكون متاح، لذلك عمل على مغادرة القطاع نحو مصر، وهي فرصة تحققت قبل أيام من إغلاق وتدمير المعبر".
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
ويضيف كامل لـ"عربي21" أنه "في اللحظة التي غادرت فيها البوابة المصرية من معبر رفح شعرت بضيق شديد ورغبة في البكاء والعودة إلى غزة.. والله دون مبالغة، تمالكت نفسي ودعوت الله ألا يجل ما مضى أخر عهدي بغزة".
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
ويوضح "حاليا أنا أنتظر اللحظة التي أعود فيها إلى غزة وأنا غير مصدق إمكانية حدوث ذلك فعلا، طول شهور تواجدي خارج غزة ربما فقدت قدرتي الدائمة على التحمل والمواصلة، ربنا المشهد من خارج غزة يجعلك غير مصدق أن ذلك يحدث فعلا في مكان ما في هذا العالم، ولو أنني لم أعيش شهور طويلة من الحرب لما صدقت أهوالها ومدى قوة وصمود أهلها".
ويؤكد كامل "أشاهد اليوم جموع العائدين وكم أتمنى أن أكون وسطتهم وأنا حريص على قرب زوجتي وأولادي مني حتى لا نفترض بين الأعداد الكبيرة، وأنا أحمل الأمتعة البسيطة التي بحوزتنا تجهيزا لمرحلة جديدة في غزة".
ويختم أنه "ساعمل على العودة إلى غزة بشكل سريع عندما تتضح الآلية لذلك، أريد رؤية المدينة وأقاربي وأصدقائي، وصراحة كان نفسي أعيش هذه اللحظات في أول يوم من العودة".
"عودة العودة"
عملت قضية قطاع غزة وأزمة النازحين التي استمرت أكثر من 15 شهرا على تصاعد التضامن العالمي مع القضية الفلسطينية وإعادة تصعيد مسألة حق عودة اللاجئين إلى أراضيهم التي أخرجوا منها بالقوة.
وشهدت مدينة مانشستر البريطانية البارزة مسيرة تضمنت حمل مجسم كبير لمفتاح خشبي، وهو ما يرمز إلى مفاتيح البيوت الفلسطينية القديمة التي هُجر أهاليها منها في أحداث النكبة عام 1948.
وردد المشاركون في المسيرة شعارات "الحرية لفلسطين" وحملوا الأعلام الفلسطينية واللافتات التي تطالب بعودة اللاجئين إلى أراضيهم وبيوتهم.
والمفتاح هو أحد أهم الرموز التي يعبر الفلسطينيون بها عن تمسكهم بحق العودة إلى الأراضي المحتلة عام 1948 بعد النكبة، عندما تمّ تهجير أكثر من نصف سكان فلسطين الانتدابية، بعد مرور 77 عاما و15 شهرا من حرب الإبادة، يظل المفتاح رمزا قويا وتذكيرا بحق الفلسطينيين في العودة إلى بيوتهم.
ويأتي إعادة التركيز على قضية العودة واللاجئين وسط هجوم واسع ضد وكالة "الأونروا" وعملها في إغاثة وتمكين اللاجئين والنازحين، وأحدث مستجدات ذلك تلقي الوكالة أمرا من حكومة الاحتلال بإخلاء مقراتها وإيقاف كل عملياتها في شرق القدس المحتلة.
وأيد الكنيست الإسرائيلي في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي قانونا يحظر عمل "الأونروا" ويمنع التواصل معها.
وقالت الأونروا إن أمر إيقاف العمليات يتعارض مع التزامات "إسرائيل" الدولية بصفتها من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
وكان المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” فيليب لازاريني، قال في تصريحات قبل نحو أسبوع، إن الوكالة عازمة على مواصلة العمل في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة بعد دخول حظر الاحتلال على عملياتها حيز التنفيذ في 30 يناير/ كانون الثاني.
توافق المناسبات
بدأت الحرب في قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، لتشابه حرب 1973 التي انطلقت في السادس من شهر تشرين الأول/ أكتوبر أيضا، إلا أن عودة النازحين التي قد تعتبر الناهية الحقيقية للحرب جاءت في 27 كانون الأول/ يناير 2025، الموافق 27 من شهر رجب 1447 هجرية.
وشهد تاريخ 27 رجب أحداثا تاريخية ودينية بارزة متعلقة بفلسطين، وأولها مناسبة الإسراء والمعراج، التي حدثت قبل التاريخ الهجري ما بين السنة الحادية عشرة إلى السنة الثانية عشرة من البعثة النبوية، وهي من معجزات النبي محمد عليه الصلاة والسلام، ومن الأحداث البارزة في تاريخ الدعوة الإسلامية.
وخلال هذه الليلة الله أسرى نبيه محمد على البراق مع جبريل ليلا من المسجد الحرام بمكة، إلى بيت المقدس، وهي رحلة استهجنت قبيلة قريش حدوثها لدرجة أن بعضهم صار يصفق ويصفر مستهزئا، ولكن النبي محمد أصر على تأكيدها وأنه انتقل بعد ذلك من القدس في رحلة سماوية بصحبة جبريل على دابة تسمى البراق أو حسب التعبير الإسلامي عرج به إلى الملأ الأعلى عند سدرة المنتهى أي إلى أقصى مكان يمكن الوصول إليه في السماء وعاد بعد ذلك في نفس الليلة، وسُميت سورة الإسراء على اسم الحدث.
وفي نفس التاريخ العربي من عام 583 هجرية، تمَّ الاتفاق بين القائد الإسلامي صلاح الدين، وباليان وهو قائد آخر قوات صليبية كانت في القدس، على تسليم المدينة وفقاً لبعض الشروط، وجرة التحرير يوم الجمعة في 27 رجب.
وبتحرير القدس انهارت أمام صلاح الدين معظم المدن والقلاع الأخرى، والمواقع التي كانت لا تزال تحت سيطرة الصَّليبيين في معظم أنحاء بلاد الشام، ودخل صلاح الدين القدس في 27 رجب وكانت ليلة الإسراء، فأمر بأن يوضع على كلِّ بابٍ من أبواب المدينة أمير من أمراء الجيش لكي يتسلَّم الفدية من الصليبيين الخارجين من المدينة، ويحتسبها.