زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن الحرب الدائرة في السودان قد أفرزت ثلاثة تيارات مختلفة في أجندتها، و ربما تتلاقى في بعضها لكنها لا تشكل عصب المشكلة التي يمكن أن يبنى عليها للوصول لتوافقات، و هناك تياران يقدمان تنازلات في الحدود التي لا تؤثر على الهدف الرئيس الذي يعبر عن أجندتيهما.. و إذا تمعنا في حديث الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة في ولاية نهر النيل بقوله ( لن نذهب لمنبر جدة التفاوضي إلا بعد انسحاب الميليشيا و خروجها من الأعيان المدنية و مساكن المواطنين في كل مدن السودان التي استباحوها) و أضاف قائلا ( سننتصر قريبا على الميليشيا و سنسحق التمرد و أن ثقتنا، بأن هذه المعركة ستنتهي بهزيمة الميليشيا و حلفائها و أعوانها) و أيضا ذهب ياسر العطا عضو مجلس السيادة في كلمة بمناسبة ترقية الضباط و الجنود على ذات الطريق حيث قال( لن نفاوض و لن يكون هناك هدنة لو استمر القتال 100 عام) أن حديث قيادات مجلس السيادة و الجيش تتناسب مع حالة الاستنفار داخل القوات المسلحة و النظامية و المستنفرين و المقاومة، و هي كلمات تتوافق مع حالة التعبئة العامة التي تدعم الروح المعنوية عند المقاتلين.
و حديث قيادات الجيش تعبر عن الأجندة الواضحة، و هي أجندة يدعمها أغلبية الشعب الذي استنفر في كل أقاليم السودان المختلفة، و قيادات الجيش تريد أن تحافظ على هذا التلاحم حتى نهاية الحرب، هو حديث تمليه ظروف الحرب، و في نفس الوقت الحفاظ على الروح المعنوية العالية عند المقاتلين، و أيضا عند قطاع واسع في الشعب السوداني.. التياران الآخران تحكم خطابهما أجندة السلطة و كيفية الوصول إليها، تيار " تقدم" ساعي لوقف الحرب عبر تفاوض بين " الجيش و الميليشيا" بهدف الوصول لتسوية سياسية تكون " تقدم" جزء من هذه التسوية و التي تعتبر الفرصة الوحيدة أمامها، و كل ما طالت الحرب جعلت المسافة بينها و الشعب بعيدة، و إذا انتصر الجيش أو رضخت الميليشيا لشروط الجيش سوف تنفذ كل الإجراءات المتعلقة بقيادات " تقدم" التي قام بها النائب العام.. أما التيار الأخر " القوى الديمقراطية" هي قوى سياسية تتمحور أجندتها حول السلطة، و كيفية تقاسمها مع أي قوى أخرى، و أيضا رغم تأييدها للجيش لكن في حدود إنكسار الميليشيا دون أن تخرج العملية السياسية من تسوية، بهدف تقاسم السلطة..
قبل أن تظهر "تقدم" على الساحة السياسية كانت أمريكا و بريطانيا و الدول ألأوروبية تراهن على " قحت المركزي" باعتبارها قوى جديدة ،و قد تم إخضاع العديد منهم إلي تدريب عبر ورش و ندوات في كل من كمبالا و نيروبي و فرنسا و ألمانيا و غيرها، لكن وصلت هذه الدول إلي قناعة أن هذه القيادات لا تستطيع أن تدير الأزمة لصالح نفسها، رغم أنها كانت في عملية تدريب مستمر لرفع قدرات قياداتها، و لكنها لم تستفيد بالصورة المطلوبة من عمليات التدريب التي تمت، هذه الدول و الأمارات قرروا تغيير قيادات "قحت المركزي" ليس بالإقالة، و لكن ببروز جسم جديد يصبح هو أداة التغيير، فكان تنظيم المستقلين و كان عدد منهم قد تم تدريبهم من قبل.. و وقع عليهم عبء قيادة العملية السياسية، و بدلا من قيادات أصبحت غير مقبولة من الشارع.. أن قيادة المستقلين الجديدة وقعت في أكبر خطأ عندما وقعت مع الميليشيا على إعلان سياسي في أديس أبابا.. الخطأ الثاني أن يذهب حمدوك دون مشورة الأخرين، و يوقع مع الحركة الشعبية شمال و حركة تحرير السودان في نيروبي على تقرير المصير و العلمانية، الأمر الذي خلق صراعا داخل أجسام الأحزاب المساندة لتقدم، هاذان التوقعان كان لهما انعكاسات سالبة على " تقدم" و كان لابد من معالجتهما لذلك بتقديم تنازل بالقبول الجلوس مع " قحت الديمقراطي" في القاهرة و هو تنازل سوف يجر تنازلات مستمرة، بعد التغييرات السياسية التي ظهرت في كل من فرنسا و بريطانيا و الآن الأدارة الأمريكية مشغولة بالانتخابات..
أن بريطانيا التي وقفت مع الأمارات في مجلس الأمن، هي نفسها بريطانيا التي صرفت أكبر مبلغ من المال في تدريب مجموعات " قحت المركزي" و التابعين لهم من الصحافيين و الإعلاميين و المهنيين و القوى المدنية الأخرى.. الغريب في الأمر هناك العديد من الذين كانوا مشاركين في الورش و الندوات ورفع القدرات قد تم تجاوزهم عندما أصبحت السلطة مجالا للصراع.. أن التغييرات السياسية التي حدثت في عدد من العواصم و هي كانت تشكل سند لدولة الأمارات جعلتها تبحث عن دول أخرى من خلال مدخل أنساني و يقعوا على انقاذ السودان من المجاعة، و كلها حيل سوف تسقط .. المسألة الواضحة التي يحاول البعض تجاهلها: أن هزيمة الميليشيا أصبحت هي الهدف المتفق عليه داخل المؤسسة العسكرية، و أيضا أغلبية الشعب السوداني، و ليس المقصود منها رفع سقف بهدف نيل مكسب، و لكنها الحقيقة التي يحاول البعض أن يطعن فيها، ليس بسبب مقنع، و لكن يريدون أن يطمئنوا أنفسهم فقط.. أن بعد وقف الحرب سوف تبدأ مرحلة سياسية جديدة لا تحمل أي ملامح من المراحل السابق و هي التي سوف تفرز قياداتها.. و نسأل الله حسن البصيرة
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
لماذا رفض الأميركيون العرب التصويت لهاريس وكيف أقنعهم ترامب؟
سرايا - في مدينة ديربورن بولاية ميشغان الأميركية، يمثل الناخبون من أصول عربية نحو نصف عدد المسجلين للاقتراع في هذه المدينة، حيث يغلب طابع عربي بامتياز، وتعلو في طرقاتها لافتات كتبت باللغة العربية، ومطاعم ومقاهٍ أقرب إلى شوارع الدول العربية.
ومع ظهور المؤشرات الأولية لنتائج الانتخابات، تشير التقديرات إلى تحقيق نسبة مشاركة قياسية في هذه الولاية، التي تضم أكبر تكتل للأميركيين من أصول عربية في الولايات المتحدة.
وشارك نحو خمسة ملايين و600 ألف ناخب في الاقتراع، وهي الأعلى في تاريخ ميشغان، التي أجرت التصويت المبكر للمرة الأولى هذا العام بعد تعديل قوانينها عام 2022، ما ساهم في إقبال كبير من الناخبين، حيث أدلى 3.3 ملايين ناخب في التصويت المبكر الشخصي، وعبر البريد.
يقول حسن، وهو من أصول لبنانية، ويعيش في مدينة ديربورن منذ أكثر من 20 عاماً، إنه صوّت لترامب الذي وعد بإنهاء الحرب في الشرق الأوسط، لافتاً إلى سعادته بفوزه بالانتخابات.
ولم يكن ذلك هو السبب الوحيد الذي دفع حسن للتصويت لترامب، موضحاً "عشنا 4 سنوات في حالة اقتصادية صعبة بسبب سياسات إدارة بايدن، مضيفاً "جيراني وأصدقائي من أصول عربية مختلفة صوتوا أيضاً لترامب، نريد أن يعرف الديمقراطيون أن صوتنا محسوب، ولولا هذا الصوت لما فزتم في الانتخابات السابقة".
وتتفق ليلى، وهي من أصول فلسطينية، قائلة "كان يتعين التصويت لترامب في هذه الانتخابات، ليعرف الديمقراطيون أن سياساتهم تجاه الحرب، وأفراد عائلاتنا الذين يعيشون تحت القصف في الشرق الأوسط، ستفقدهم أصواتنا هنا، لماذا لا نجرب الجمهوريين الآن، ونرى إصلاح ما فسد في السنوات الأربع الماضية".
وتشير التقديرات إلى أن ترامب حصل على 47% من أصوات مدينة ديربورن، مقابل 28% لصالح المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، بينما ذهب 22% من الأصوات إلى زعيمة حزب الخضر جيل ستاين، ويبدو أن شعبية الأخيرة بدأت في التزايد في هذه الولاية.
وبالمقارنة بنتائج انتخابات عام 2020، فاز بايدن بنحو 75% من أصوات ديربورن، ولم يتمكن ترامب من حصد أكثر من 25% تقريبًا.
أما سامر، الذي ولد في ميشغان ويتحدث اللغة العربية بصعوبة، قال "انتخبت ترامب لأنني أعتقد أنه يستطيع التفاهم مع إسرائيل لوقف الحرب، يتعين أن تتوقف هذه الحرب، وأنا أثق أن ترامب يستطيع وقفها، ويستطيع كذلك إصلاح الاقتصاد الأميركي، بدلاً من إثقالنا بمزيد من الأعباء لصالح دول أخرى".
يقول شاهين من أصول يمنية "انتخبت ترامب والجمهوريين لأنهم ضد تغيير المناهج الدراسية، وإدخال مفاهيم تتعلق بالميول الجنسية للأطفال، وأمور لا تتلاءم معنا كمجتمع عربي مسلم، أطفالي في المدارس، ولا أريد أن يتأثروا بأفكار هدامة تصطدم بفطرتهم".
شاهين أضاف أن انتخابه للجمهوريين رغبة في تغيير الوضع الحالي، قائلًا "ترامب وعدنا بإيقاف الحروب في الشرق الأوسط، وكلنا ضد الحرب، هناك أسباب كثيرة دفعتني لانتخابهم، لديهم خطة اقتصادية جيدة، فلماذا لا نتقرب من الجمهوريين، وندعمهم ليروا أننا بالفعل لسنا أعداء، لنعكس صورة صحيحة عن العرب لديهم، ويجب على الديمقراطيين أن يروا ذلك، ويدركوا أن خسارتهم الكبيرة نتيجة أنهم أخلفوا وعودهم لنا".
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع صفحتنا على تيك توك
طباعة المشاهدات: 729
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 07-11-2024 11:38 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...