صحيح أنّ قوى المعارضة لا تزال تصنّف "الحزب التقدمي الاشتراكي" بقيادة النائب تيمور جنبلاط، ضمن قائمة "الحلفاء"، بل تحسبه "من حصّتها" عند الحديث عن التموضعات الرئاسيّة، مستندة في ذلك إلى تصويت كتلة "اللقاء الديمقراطي" لصالح الوزير السابق جهاد أزعور في آخر جلسات الانتخاب قبل عام، إلا أنّ الثابت أنّ "الشرخ" بين الجانبين يتصاعد، بل ثمّة من يتحدّث عن "تباعدٍ" يتجلّى بينهما على كلّ المستويات.


 
وقد تكون المواقف من الحرب الإسرائيلية على غزة، وما تبعها من تطورات على الساحة اللبنانية بفعل قرار "حزب الله" فتح الجبهة جنوبًا إسنادًا للقطاع الفلسطيني، من العوامل الأساسية التي أفضت للتباعد، ولا سيما أنّ "الاشتراكي" لم يتأخّر بشخص النائب السابق وليد جنبلاط في إعلان دعمه المُطلَق للمقاومة، وبدون أيّ نقاش، خلافًا للمعارضة التي لا تتوانى في ذروة الصراع، عن الهجوم على "حزب الله"، وتحميله مسؤولية زجّ البلد في الحرب.
 
لكنّ الاستحقاق الرئاسي لا يبدو بعيدًا هو الآخر عن الشرخ الحاصل، ولا سيما أنّ "الحزب التقدمي الاشتراكي" بدا كمن "ينعى" ما سُمّيت بـ"مبادرة المعارضة"، حين أعلن النائب وائل أبو فاعور عن "شعوره" بأنّ "هذه الأفكار لا يمكنها أن تقود إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي"، ما يطرح السؤال عن طبيعة العلاقة القائمة اليوم بين "الاشتراكي" والمعارضة، فهل يمكن القول فعلاً إنّنا أمام "انعطافة جنبلاطية جديدة"، كما يحلو للبعض القول؟!
 
المعارضة "تتحفّظ"
 
حتى الآن، تتحفّظ المعارضة على مثل هذا الوصف والاستنتاج، حيث تؤكد أوساطها أنّها تتفهّم الخصوصية التي يتمتع بها "الحزب التقدمي الاشتراكي"، فضلاً عن الحساسيّة التي قد يشعر بها تجاه بعض الملفات، والاعتبارات التي قد تملي عليه اتخاذ بعض المواقف، من دون أن يعني ذلك عمليًا وجود "انقلاب" من جانبه على المعارضة أو غيرها، ولا سيما أنّ "التقاطع" بين الجانبين هو مبدئي في المقام الأول، ويقوم على جملة من الثوابت والمبادئ.
 
في هذا السياق، تذكّر أوساط المعارضة بأنّ التقاطع مع "الاشتراكي" انطلق من الموقف السياسي بالدرجة الأولى، علمًا أن الأخير وإن عُرِف بانعطافاته السياسية التي قد تتغيّر تبعًا للأجواء السياسية، يُعرَف أيضًا بمواقفه الوطنية الثابتة، وهو الذي كان من الأركان الأساسية لما عُرِفت بـ"ثورة الأرز"، والتي بقي ثابتًا على خطّها، حتى عندما انكفأ عمليًا، عندما شعر بأنّ الاستقطاب السياسي أصبح حادًا وخطيرًا، وقد يكون هذا بالتحديد ما يحصل معه اليوم.
 
وفي حين تلفت هذه الأوساط إلى أنّ كتلة "اللقاء الديمقراطي" لم تكن جزءًا من التوافق على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، بل تبنّته بعد إعلانه من جانب المعارضة، تشدّد على أنّ "الاشتراكي" كان دائمًا ينادي بالحوار والتشاور، وهو يعتبر أنّ التفاهم بين اللبنانيين يبقى دائمًا الحلّ الأسهل والأضمن، من دون أن تتجاهل العلاقة التي تربط جنبلاط كذلك برئيس مجلس النواب نبيه بري، ما يجعله "حَذِرًا" من تصويب المعارضة عليه.
 
الاشتراكي "ثابت"
 
في المقابل، ترفض أوساط المعارضة اعتبار مواقف "الاشتراكي" من الحرب على غزة، وصولاً إلى "لقاء بيصور" الذي أعطي أبعادًا استثنائية، سببًا للتباعد، مؤكدة أنها تتفهّم الاعتبارات التي تقف خلف هذه المواقف، وإن كانت تختلف معه على "التشخيص"، باعتبار أن مشكلة المعارضة مع "حزب الله"، والتي كان "الاشتراكي" سبّاقًا إليها، تنعكس في أدائه بعد عملية "طوفان الأقصى"، حين صادر قرار فتح الجبهة، بالنيابة عن كل اللبنانيين، بمعزل عن كل شيء.
 
لكنّ ما تقوله أوساط المعارضة يرفضه المحسوبون على "الاشتراكي"، الذين يؤكدون أنّ ما عبّر عنه الحزب في لقاء بيصور وقبله وبعده، ينسجم مع الثوابت التاريخية للحزب، الذي لطالما كان واضحًا بموقفه من الصراع العربي الإسرائيلي وبدعمه للقضية الفلسطينية، وهو لا يمكن أن يقف على الحياد من هذا الملف، كما لا يمكنه تجاهل التهديد الإسرائيلي المتمادي، لتسجيل النقاط على "حزب الله" أو غيره، علمًا أنّ الخلاف مع الأخير يُطوى في مثل هذه الظروف.
 
وعلى المستوى الرئاسي، يشدّد هؤلاء على أنّ "الحزب التقدمي الاشتراكي" ليس من نعى مبادرة المعارضة، حتى يُقال إنّه انقلب عليها عمليًا، فهو على النقيض من ذلك، نوّه بالجهود المبذولة على خطّها لتحريك الملف، ولكنّه عبّر عن اعتقاده بأنّ ما طرحته من أفكار لا يلبّي احتياجات المرحلة، وبالتالي فهي لن تُحدِث خرقًا، خصوصًا أنّه لم يكن من الصعب التكهّن بأنّ "الثنائي" لن يتجاوب مع مبادرة، تصوّب عليه بالمباشر في متن بنودها.
 
لا انعطافة ولا انقلاب إذًا، يقول "الاشتراكيون"، الذين يؤكدون أنّهم "ثابتون" على مواقفهم المبدئية من المقاومة وفلسطين، و"مَرِنون" في مواقفهم من الاستحقاقات الداخلية، مع تغليب مبدأ الحوار والتفاهم. قد لا توافق المعارضة على التوصيف، وهي "الممتعضة" ربما من بعض المواقف التي تخدم "حزب الله"، لكنّها لن تذهب بعيدًا في المواجهة، ليس بسبب خصوصية "الاشتراكي"، ولكن للرهان على تقاطع جديد، قد لا يكون بعيدًا..
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الحزب التقدمی الاشتراکی حزب الله

إقرأ أيضاً:

معالم التصعيد الاسرائيلي واضحة.. فهل يرفع حزب الله التحدي؟

بات واضحا ان لبنان لن يقبل الورقة الاميركية التي وصلته بعد مشاورات اميركية اسرائيلية، اذ لديه ملاحظات جدية مرتبطة بلجنة الرقابة الغربية التي ستشرف على تنفيذ القرار 1701، لذلك فإن فشل موجة التفاوض الحالية بات مرجحا مع توقع الذهاب بعد ذلك الى مستوى جديد من التصعيد العسكري لينتقل الجميع مجددا الى التفاوض.

معالم التصعيد العسكري الاسرائيلي باتت واضحا، اذ انه مرتبط بكمية الاستهدافات اكثر من ارتباطه بنوعيتها، اي ان كثافة القصف على الجنوب وعلى الضاحية والبقاع ستكون اكبر من السابق على ان يترافق ذلك مع عمليات تقدم برية لتحقيق انجازات واضحة في الميدان، لذلك يحصل إلتفاف بإتجاه بلدة شمع للسيطرة على بعض المرتفعات الاساسية.

يصبح السؤال اليوم كيف يمكن ان يكون تصعيد "حزب الله" ؟ هل يتجه الحزب الى تكثيف ضرباته ضمن الشعاع ذاته؟ او انه سيزيد من استهدافاته بإتجاه وسط اسرائيل وتحديدا حيفا وتل ابيب التي يحيدها بشكل شبه كامل ويحصر قصفه الصاروخي بالقواعد العسكرية هناك، وعليه فإن التصعيد والتصعيد المضاد سيكون هو العامل الحاكم للوصول الى مفاوضات جدية جديدة.


وترى المصادر ان اسرائيل لديها قلق جدي من استمرار تعافي "حزب الله" لان هذا الامر سيؤدي الى تمكن الحزب من ايلام الداخل الاسرائيلي اكثر، وعليه فإن المكاسب التي ممكن ان يمكن ان يحصل عليها نتنياهو اليوم ستكون اقل من التي قد يحصل عليها لاحقاً بعد تمكن الحزب من تعزيز امكانياته العسكرية او ترميمها..


وتعتبر المصادر ان" حزب الله" لديه قناعة بأن اسرائيل لن تستطيع تحقيق اكثر مما حققت ولذلك فإن الوقت سيكون لمصلحته ولتحسين شروطه السياسية لاحقا، من هنا يصبح الميدان اليوم مسارا إلزاميا في الاسابيع المقبلة خصوصا اذا بدأ الرئيس الاميركي دونالد ترامب الضغط على تل ابيب لانهاء الصراع في الشرق الاوسط ليصبح عندها الحزب اقدر على تحقيق شروطه..

اوحى "حزب الله" امس ايضا انه بات يتعافى بسرعة قياسية في ما يخص قدراته الصاروخية اذ وجه ضربات مكثفة جدا بإتجاه حيفا، فإستهدف خمس قواعد عسكرية في لحظة واحد بعشرات الصواريخ الكبيرة، وهذا يعني ان الحزب يريد التفاوض بشكل جدي، وإن من اجل الوصول الى تسوية في المدى المتوسط..  المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • من هو محمد عفيف "رأس الدعاية" في حزب الله؟
  • الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي بلبنان: المبنى المستهدف بالغارة الإسرائيلية لا يوجد فيه مدنيون
  • تضرر العشرات من مواقع النزوح.. الهجرة الدولية: ''مأرب التي أصبحت ملاذاً للعائلات تواجه الآن تحديات جديدة''
  • حزب الخضر الألماني يختار قيادة جديدة استعداداً للحملة الانتخابية ودعماً لهابيك
  • معالم التصعيد الاسرائيلي واضحة.. فهل يرفع حزب الله التحدي؟
  • عمليّات جديدة لـحزب الله.. إليكم ما أعلنه اليوم
  • احتجاجات في جورجيا بعد فوز الحزب الحاكم الموالي لروسيا
  • ما هي الأعمال التي تجعلنا نرى رسول الله في الجنة؟
  • الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني يُحذّر من إثارة الجدل حول تغيير المرشح لمنصب المستشار
  • اللجنة الانتخابية تؤكد فوز الحزب الحاكم في جورجيا