شرخ وتباعد بين المعارضة وجنبلاط.. هل هي انعطافة جديدة؟!
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
صحيح أنّ قوى المعارضة لا تزال تصنّف "الحزب التقدمي الاشتراكي" بقيادة النائب تيمور جنبلاط، ضمن قائمة "الحلفاء"، بل تحسبه "من حصّتها" عند الحديث عن التموضعات الرئاسيّة، مستندة في ذلك إلى تصويت كتلة "اللقاء الديمقراطي" لصالح الوزير السابق جهاد أزعور في آخر جلسات الانتخاب قبل عام، إلا أنّ الثابت أنّ "الشرخ" بين الجانبين يتصاعد، بل ثمّة من يتحدّث عن "تباعدٍ" يتجلّى بينهما على كلّ المستويات.
وقد تكون المواقف من الحرب الإسرائيلية على غزة، وما تبعها من تطورات على الساحة اللبنانية بفعل قرار "حزب الله" فتح الجبهة جنوبًا إسنادًا للقطاع الفلسطيني، من العوامل الأساسية التي أفضت للتباعد، ولا سيما أنّ "الاشتراكي" لم يتأخّر بشخص النائب السابق وليد جنبلاط في إعلان دعمه المُطلَق للمقاومة، وبدون أيّ نقاش، خلافًا للمعارضة التي لا تتوانى في ذروة الصراع، عن الهجوم على "حزب الله"، وتحميله مسؤولية زجّ البلد في الحرب.
لكنّ الاستحقاق الرئاسي لا يبدو بعيدًا هو الآخر عن الشرخ الحاصل، ولا سيما أنّ "الحزب التقدمي الاشتراكي" بدا كمن "ينعى" ما سُمّيت بـ"مبادرة المعارضة"، حين أعلن النائب وائل أبو فاعور عن "شعوره" بأنّ "هذه الأفكار لا يمكنها أن تقود إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي"، ما يطرح السؤال عن طبيعة العلاقة القائمة اليوم بين "الاشتراكي" والمعارضة، فهل يمكن القول فعلاً إنّنا أمام "انعطافة جنبلاطية جديدة"، كما يحلو للبعض القول؟!
المعارضة "تتحفّظ"
حتى الآن، تتحفّظ المعارضة على مثل هذا الوصف والاستنتاج، حيث تؤكد أوساطها أنّها تتفهّم الخصوصية التي يتمتع بها "الحزب التقدمي الاشتراكي"، فضلاً عن الحساسيّة التي قد يشعر بها تجاه بعض الملفات، والاعتبارات التي قد تملي عليه اتخاذ بعض المواقف، من دون أن يعني ذلك عمليًا وجود "انقلاب" من جانبه على المعارضة أو غيرها، ولا سيما أنّ "التقاطع" بين الجانبين هو مبدئي في المقام الأول، ويقوم على جملة من الثوابت والمبادئ.
في هذا السياق، تذكّر أوساط المعارضة بأنّ التقاطع مع "الاشتراكي" انطلق من الموقف السياسي بالدرجة الأولى، علمًا أن الأخير وإن عُرِف بانعطافاته السياسية التي قد تتغيّر تبعًا للأجواء السياسية، يُعرَف أيضًا بمواقفه الوطنية الثابتة، وهو الذي كان من الأركان الأساسية لما عُرِفت بـ"ثورة الأرز"، والتي بقي ثابتًا على خطّها، حتى عندما انكفأ عمليًا، عندما شعر بأنّ الاستقطاب السياسي أصبح حادًا وخطيرًا، وقد يكون هذا بالتحديد ما يحصل معه اليوم.
وفي حين تلفت هذه الأوساط إلى أنّ كتلة "اللقاء الديمقراطي" لم تكن جزءًا من التوافق على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، بل تبنّته بعد إعلانه من جانب المعارضة، تشدّد على أنّ "الاشتراكي" كان دائمًا ينادي بالحوار والتشاور، وهو يعتبر أنّ التفاهم بين اللبنانيين يبقى دائمًا الحلّ الأسهل والأضمن، من دون أن تتجاهل العلاقة التي تربط جنبلاط كذلك برئيس مجلس النواب نبيه بري، ما يجعله "حَذِرًا" من تصويب المعارضة عليه.
الاشتراكي "ثابت"
في المقابل، ترفض أوساط المعارضة اعتبار مواقف "الاشتراكي" من الحرب على غزة، وصولاً إلى "لقاء بيصور" الذي أعطي أبعادًا استثنائية، سببًا للتباعد، مؤكدة أنها تتفهّم الاعتبارات التي تقف خلف هذه المواقف، وإن كانت تختلف معه على "التشخيص"، باعتبار أن مشكلة المعارضة مع "حزب الله"، والتي كان "الاشتراكي" سبّاقًا إليها، تنعكس في أدائه بعد عملية "طوفان الأقصى"، حين صادر قرار فتح الجبهة، بالنيابة عن كل اللبنانيين، بمعزل عن كل شيء.
لكنّ ما تقوله أوساط المعارضة يرفضه المحسوبون على "الاشتراكي"، الذين يؤكدون أنّ ما عبّر عنه الحزب في لقاء بيصور وقبله وبعده، ينسجم مع الثوابت التاريخية للحزب، الذي لطالما كان واضحًا بموقفه من الصراع العربي الإسرائيلي وبدعمه للقضية الفلسطينية، وهو لا يمكن أن يقف على الحياد من هذا الملف، كما لا يمكنه تجاهل التهديد الإسرائيلي المتمادي، لتسجيل النقاط على "حزب الله" أو غيره، علمًا أنّ الخلاف مع الأخير يُطوى في مثل هذه الظروف.
وعلى المستوى الرئاسي، يشدّد هؤلاء على أنّ "الحزب التقدمي الاشتراكي" ليس من نعى مبادرة المعارضة، حتى يُقال إنّه انقلب عليها عمليًا، فهو على النقيض من ذلك، نوّه بالجهود المبذولة على خطّها لتحريك الملف، ولكنّه عبّر عن اعتقاده بأنّ ما طرحته من أفكار لا يلبّي احتياجات المرحلة، وبالتالي فهي لن تُحدِث خرقًا، خصوصًا أنّه لم يكن من الصعب التكهّن بأنّ "الثنائي" لن يتجاوب مع مبادرة، تصوّب عليه بالمباشر في متن بنودها.
لا انعطافة ولا انقلاب إذًا، يقول "الاشتراكيون"، الذين يؤكدون أنّهم "ثابتون" على مواقفهم المبدئية من المقاومة وفلسطين، و"مَرِنون" في مواقفهم من الاستحقاقات الداخلية، مع تغليب مبدأ الحوار والتفاهم. قد لا توافق المعارضة على التوصيف، وهي "الممتعضة" ربما من بعض المواقف التي تخدم "حزب الله"، لكنّها لن تذهب بعيدًا في المواجهة، ليس بسبب خصوصية "الاشتراكي"، ولكن للرهان على تقاطع جديد، قد لا يكون بعيدًا..
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الحزب التقدمی الاشتراکی حزب الله
إقرأ أيضاً:
سويسرا تحظر حزب الله والسبحة ستكر
كثيرة هي الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية التي تصنف "حزب الله" بجناحيه العسكري والسياسي ككيان إرهابي، لكن المفاجئ أمس كان إقرار البرلمان السويسري حظر "حزب الله" بأغلبية 126 صوتاً مقابل 20 صوتاً معارضاً وامتناع 41 عن التصويت.
وقال أنصار الحظر، الذي أقره مجلس النواب بعد موافقة مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، إن "حزب الله يشكل تهديدا للأمن الدولي وإن سويسرا بحاجة إلى حظره من أجل اتخاذ موقف ضد "الإرهاب".
وبينما قالت لجنة السياسة الأمنية التي اقترحت الحظر، إن دور الوساطة الذي تلعبه سويسرا سيظل قائماً بفضل بند محدد يتعلق بمحادثات السلام والمساعدات الإنسانية،عارضت الحكومة السويسرية الحظر، وقال وزير العدل بيت يانس خلال المناقشات بالبرلمان: "إذا تحركت سويسرا الآن لحظر مثل هذه المنظمات بقوانين خاصة، يتعين علينا أن نسأل أنفسنا أين وكيف يتم وضع الضوابط".
يأتي قرار البرلمان السويسري بعدما رفض المجلس الفيدرالي السويسري في العام 2022 اتخاذ أي تدابير بحق حزب الله ولم يستجب لطلب نيابي لحظر الحزب وإدراجه على لوائح المنظمات الإرهابية. فالتقرير الذي خلص إليه تحقيق السلطات السويسرية في ذلك العام والذي بدأ في العام 2020 اعتبر أن حزب الله قليل النشاط في سويسرا، ولا يتحرك ضمن الجالية اللبنانية لجمع الأموال، وفي ظل الأوضاع الأمنية الحالية، يبقى تقييم الخطر الإرهابي الذي يمكن أن يشكله الحزب على سويسرا متدنياً. وأشار التقرير في توصياته إلى أن حظر الحزب قد يعطي انطباعاً سيئاً عن سويسرا، وينال من صدقيتها كدولة محايدة، كما أن فرض الحظر يشجع الأنشطة السرية ما يجعل عمل الجهات الأمنية أكثر صعوبة.
في العام 2013 ، أدرج الاتحاد الأوروبي الجناح العسكري لحزب الله ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، وبعد العام 2016 لم تكتف دول أوروبية عدة من بينها بريطانيا وألمانيا بإعلان الجناح العسكري لحزب الله إرهابياً بل اعتبرت الحزب بجناحيه إرهابياً، وصنفت سلوفينيا في كانون الأول حزب الله بجناحيه كمنظمة إرهابية مبررة ذلك بتداخل أنشطته مع الجريمة المنظمة والإرهاب على المستوى العالمي، في حين أن فرنسا الرئيس إيمانويل ماكرون وما قبل ماكرون اتخدت موقفا مغايراً لدول عدة في الإتحاد الاوروبي وفصلت بين الجناح العسكري الذي صنفته إرهابيا، والجناح السياسي الذي بقيت على تواصل مع وزرائه ونوابه، علماً أن الأمن الفرنسي لم يكن يميز بين الجناحين.
القراءة الفرنسية التي كانت سائدة قبل الحرب الإسرائيلية على لبنان وسقوط نظام بشار الاسد لن تبقى، بحسب الخبير في الشؤون الأوروبية تمام نور الدين الى أجل غير مسمى. وإذا كانت سويسرا التي استضافت مؤتمري جنيف ولوزان للحوار الوطني، وكانت تتجه إلى عقد مؤتمر في جنيف في شهر تشرين الثاني العام 2022، قد أعلن برلمانها حظر حزب الله، فإن نور الدين، يؤكد، أن السبحة سوف تكر أوروبياً.
السياسية الجديدة لعدد من الدول الأوروبية، مردها بحسب نور الدين، أن حزب الله بعد التطورات في المنطقة وانهزام محور المقاومة، لم يعد ذي حيثية إقليمية أو مقرراً أو مؤثراً في المنطقة وبالتالي فإن الأسباب التي كانت تقف خلف موقف باريس من حزب الله وتواصلها الدائم مع جناحه السياسي انتفت. فالحرب الإسرائيلية على حزب الله لم تنته لمصلحة الأخير، فبعد تسليم سلاحه وفق اتفاق وقف اطلاق النار، وتراجع شعبيته وفق القراءة الفرنسية، واحتمال خلو البيان الوزاري للحكومة الجديدة بعد انتخاب رئيس للجمهورية، من معادلة جيش شعب ومقاومة ، كل ذلك يعني أن الاتحاد الاوروبي سوف يتشدد أكثر تجاه الحزب.
وفي السياق، يرى رئيس مؤسس justicia الحقوقية في بيروت والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ المحامي الدكتور بول مرقص في حديث لـ"لبنان24"، أن الاتجاه الحالي في الغرب هو المزيد من التصنيف السلبي للحزب في ظل الأحداث الأخيرة والتغييرات في التوازنات الإقليمية والضغط على إيران، مع تشديده على أن حزب الله بعد قرار البرلمان السويسري لا يمكنه التواصل رسميا مع سفارة سويسرا، مؤكدًا في الوقت نفسه أن دور سويسرا سيبقى حيادياً، لكن لم يعد بإمكانها توجيه دعوات رسمية للحزب . المصدر: خاص "لبنان 24"