تيسير الطنة.. طبيب الأوعية الدموية الوحيد الذي أصرّ على البقاء في مدينة غزة لمداواة الجرحى
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
غزة - خــاص صفا
وسط ويلات حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، تتجلى قصص التفاني والشجاعة والبطولة في شهادات الأطباء الذين يُواصلون العمل ليلًا ونهارًا، رُغم نقص الإمكانيات الطبية، وتعرضهم لمخاطر وتحديات كبيرة.
الطبيب تيسير الطنة استشاري جراحة الأوعية الدموية، رئيس قسم الأوعية الدموية في مجمع الشفاء الطبي واحد من الأطباء الذين ما زالوا يواكبون على مدار تسعة أشهر، مهمتهم الإنسانية في مدينة غزة، رافضًا النزوح القسري مع باقي زملائه إلى جنوبي القطاع.
تحدٍ وإصرار
يُصر الطنة على البقاء في مكان عمله وتكريس كل وقته وجهده في مداواة الجرحى وإنقاذ حياتهم، واضعًا أمام عينيه إيمانه بقضاء الله وقدرة دافعًا للبقاء.
لم توهن معاناة الحرب من عزيمته، بل زادته إصرارًا على تقديم المساعدة لأكثر من 600 ألف مواطن محاصر في محافظتي غزة والشمال.
بدءًا من السابع من أكتوبر/ تشرين أول الماضي، عمل الطنة على مدار 24 ساعة في مجمع الشفاء الطبي، ما أجبره على الابتعاد عن عائلته لنحو 25 يومًا، إلا أنه قرر لاحقًا إحضارهم إلى منزل أحد أقاربه في محيط مكان عمله، لضمان رعايتهم وتوفير احتياجاتهم الأساسية.
تحقيق وتهديد
يقول الطنة، في حديث لوكالة "صفا": "في الرابع عشر من نوفمبر/ تشرين ثاني 2023 حاصرت قوات الاحتلال مجمع الشفاء الطبي قبل اقتحامه، وكنت حينها أمارس عملي الإنساني في علاج المصابين، تحت القصف والقتل، وبقيت على هذا الحال حتى منتصف ديسمبر/ كانون أول 2023، إذ تعرضت إلى تحقيقٍ قاسٍ، وطلب مني الجنود النزوح إلى جنوبي القطاع، لكن قررت المخاطرة والعودة إلى بيتي".
لم يكن الطنة فقط الطبيب، بل كان أيضًا المأوى والداعم لأفراد عائلته، في ظل حرب الإبادة المستمرة، فكان الحاضن في بيته لإحدى شقيقاته وأطفالها الأربعة، بعد استشهاد زوجها وابنتها.
ورغم التحقيق والتهديد الإسرائيلي، إلا أن الطبيب الطنة صمم على الاستمرار في ممارسة عمله الإنساني بمستشفى أصدقاء المريض، بعد تخريب مجمّع الشفاء الطبي، وبقي هناك حتى عاد إلى العمل في "الشفاء" يوم الرابع من آذار/ مارس الماضي، بعد إعادة تأهيله جزئيًا عقب الاقتحام الأول.
ويضيف "كنت أعمل يوميًا من الساعة السابعة صباحًا حتى السادسة مساءً، وأحيانًا يتم استدعائي ليلًا لإجراء العمليات لبعض المصابين، حتى تفاجأنا في 17 مارس/ آذار باقتحام الاحتلال مجددًا للمجمع بشكل مباغت".
وكباقي زملائه تعرض الطنة خلال فترة الاقتحام التي استمرت 14 يومًا، إلى تحقيقٍ قاسٍ، وتم تصويرهم بكاميرات جيش الاحتلال، في ظل وضع مأساوي ومؤلم عاشه الجرحى والمرضى داخل المجمع.
ويتابع "بعد انسحاب جيش الاحتلال من مستشفى الشفاء وتدميره، انتقلت للعمل في مستشفى المعمداني، وتقديم الرعاية الصحية كطبيب جراح حتى هذا اليوم".
مواقف مؤثرة
ويتحدث الطنة عن بعض المواقف المؤثرة خلال عمله، قائلًا: "كنت في غرفة العمليات وجاء زميلي وأخبرني أن هناك حالة لسيدة حامل لا يستطيع التعامل معها، وحين وصلت إليها وجدت جسدها مليئًا بالشظايا، والجنين ميت في الرحم، ففتحت البطن ثم الرحم وأخرجت الجنين الميت، وكانت بعض الشظايا اخترقت من البطن إلى الرحم".
"وفي حالة أخرى، أجريت عملية بتر قدم لسيدة حامل بسبب إصابتها الخطيرة، ورغم تأثير البنج، إلا أنها استمرت في حملها"، يضيف الطنة.
ويشير إلى أنه تعامل مع العديد من الأطفال الذين تعرضوا لإصابات بالغة الخطورة نتيجة القصف الإسرائيلي، وفقد بعضهم أحد والديه أو كليهما، ومنهم من فقد حياته وكان جاء لعائلته بعد سنوات طويلة من الانتظار وصلت إلى 18 عامًا، كما أنه تعامل مع حالة شاب استشهد بعد أسبوعين فقط من زواجه، وآخرين تعرضوا لبتر في الرجل أو اليد.
إصابات الحرب
وعن أنواع الإصابات التي تعامل معها خلال الحرب، يوضح أن هناك إصابات بسيطة جراء إطلاق النار "الرصاص العادي"، وإصابات متوسطة نتيجة القنابل وشظايا القصف، وأخرى شديدة الخطورة جراء القصف الصاروخي والانفجارات الكبيرة، وهذه من الأنواع التي تُحدث دمارًا كبيرًا، وتُصنف بأنها انفجارات صاروخية".
ويتابع "الإصابات التي واجهتها خلال الحرب كانت بالغة الخطورة وكبيرة جدًا، كما أن بعض الجروح كانت فظيعة نتجت عنها حالات بتر عالية".
ويُشدد الطبيب الطنة على أهمية التعامل النفسي مع المرضى وأسرهم بعد اتخاذ قرار البتر، قائلًا: "نحرص دائمًا على زيارة المرضى بعد إجراء العمليات لرفع معنوياتهم والتأكيد بألا شيء ينقصهم، وما زالوا قادرين على عيش حياة كاملة".
ويوضح أن "الأهل غالبًا ما يشعرون بالامتنان بعد إجراء العمليات، خاصة حين يرون أنه تم إنقاذ حياة أحبائهم"، مؤكدًا أن "البتر رُغم صعوبته لكنه يمكن أن يُحسن جودة حياة المرضى، مثل مرضى السكر الذين يعانون من آلام شديدة قبل البتر، لكن يشعرون بتحسن كبير بعده".
وفي رسالته للجرحى مبتوري الأطراف، يقول: "بفضل الله لم نخسر أي مريض بسبب عدم قدرتنا على تقديم الرعاية الطبية اللازمة، ونسعى دائمًا للحفاظ على حياة المريض في المقام الأول، ومن ثم على أعضائه، والعمل على تجميلها".
ويضيف "أنا كطبيب أشعر بالمسؤولية تجاه المريض، وعليَّ أن أحافظ على حياته وفقًا لأفضل الطرق الممكنة نفسيًا، لكنني أدرك أن الثبات والقوة في القرارات هي ما يحتاجه المريض ليشعر بالأمان والثقة في العلاج الذي نقدمه، وهذا لا يعني أن أكون قاسيًا عليه، بل قويًا من أجله ومعه، لنحمي سويًا ما يمكن إنقاذه".
وينوه إلى أن هناك قانونًا عالميًا يتعلق باتخاذ قرار البتر في حالات الحروب الكارثية، خاصة إذا كانت الإصابات بالمئات، لأن مثل هكذا قرار يجب أن يتخذه ثلاثة استشاريين دون الرجوع إلى المريض أو أهله، وفي حال توقيعهم عليه فإنهم محميون قانونيًا على مستوى العالم.
ويتابع "مع ذلك، أُفضّل أن تكون هناك فرصة للتحدث مع الأهل أو المريض، لأن قرار البتر ليس سهلًا، بل هو أصعب قرار على الجراح، كونه يُعتبر هدمًا للحياة كما يعرفها المريض، بالرغم من أنه قد يكون ضروريًا لإنقاذ حياته".
رسالة للعالم
ومن قلب غزة الجريحة المكلومة، يوجّه الطبيب الطنة رسالة إلى العالم، قائلًا: "أوقفوا الحرب، يكفينا أوجاع وآلام، سكان قطاع غزة في معاناة متواصلة منذ عام 1948، ونحن لا نريد الحرب، نريد السلام والأمان، وأن نعيش حياة كريمة كباقي شعوب العالم".
ويضيف "نرغب في تعليم أبنائنا قيم الاحترام والتعاون والعطاء، نريد مدارس وجامعات تكون ملاذًا آمنًا، وشوارع يمكننا المشي فيها بأمان وسلام".
ومنذ السابع من أكتوبر الماضي حصدت حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة، أكثر من 38 ألف شهيدًا، بينهم 500 من الطواقم الطبية، وأكثر من 86 ألف جريح، عدا عن 10 آلاف ما زالت جثامينهم تحت الأنقاض.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: جرحى غزة حرب غزة الشفاء الطبی
إقرأ أيضاً:
الريف المصري: تيسير الإجراءات وتحقيق العدالة في تقنين الأراضي
اللواء أركان حرب مهندس عمرو عبد الوهاب:
لا مكان للوسطاء غير القانونيين فى إجراءات تقنين وضع اليد
نعمل بشفافية لضمان حقوق المواطنين فى تقنين الأراضي
تسهيلات للراغبين عبر القنوات الرسمية لضمان نجاح الاستثمارات
تعاون المواطنين مع القنوات الرسمية يضمن حقوقهم ويحمى مصالحهم
الشركة تفتح أبوابها لتلقى استفسارات المواطنين وتقديم المعلومات الكاملة مجاناً
عقد اللواء أركان حرب مهندس عمرو عبد الوهاب، رئيس مجلس إدارة الشركة والعضو المنتدب لشركة تنمية الريف المصرى الجديد، لقاءً موسعاً بالمواطنين المتقدمين بطلبات تقنين وضع اليد على الأراضى التابعة للشركة فى منطقتى غرب منفلوط والقوصية بمحافظة المنيا ،وذلك فى إطار الحرص على ضمان استكمال أعمال التنمية وتحقيق رغبات المواطنين المتقدمين بطلبات تقنين وضع اليد على الأراضى التابعة لشركة تنمية الريف المصرى الجديد
حيث ناقش اللواء عمرو عبد الوهاب مع المتقدمين خلال اللقاء آليات وإجراءات التقنين وتحقيق العدالة في دراسة الطلبات المقدمة، مُؤكداً أهمية احترام الإجراءات القانونية فى عملية تقنين الأراضى، وشدد على أن العمل وفق القنوات القانونية الرسمية هو السبيل الوحيد لضمان حقوق المواطنين وحماية مصالحهم.
وأوضح اللواء عمرو عبد الوهاب أن شركة تنمية الريف المصرى الجديد تواصل جهودها لتقنين أوضاع طالبى التقنين فى مختلف مناطق المشروع، بما فى ذلك منطقة غرب منفلوط والقوصية، مشدداً على أن الشركة تعمل بشفافية كاملة لضمان حقوق المواطنين، وأن جميع الإجراءات الخاصة بتقنين الأراضى تتم وفقاً للضوابط القانونية وبتنسيق كامل مع كافة الجهات المعنية.
وأشار إلى أن الدولة المصرية تبذل جهوداً كبيرة لتنفيذ مشروع المليون ونصف المليون فدان، الذى يعد من أكبر المشروعات الزراعية فى مصر والعالم، والذى يعكس رؤية الدولة المصرية فى تنمية المناطق الريفية وتحقيق الأمن الغذائى من خلال زيادة الإنتاج المحلى، مع خلق فرص عمل عديدة ومتنوعة، ودعم وتطوير القطاع الزراعى والصناعة الوطنية.
ودعا اللواء عمرو عبد الوهاب جميع المتقدمين بطلباتهم إلى ضرورة تجنب الإنسياق وراء الشائعات أو التعامل مع الوسطاء أو أى أطراف غير قانونية قد تستغل الوضع للربح الشخصى ولتحقيق أهداف خاصة، أو لتشويه صورة وسمعة مشروعات الدولة.
وأكد قائلاً: "نحن ندرك أهمية تقنين الأراضى للأشخاص الجادين الذين قاموا بزراعتها أو استصلاحها فعلياً وليس لطلب الحيازة أو التربح، ونؤكد أن القنوات القانونية هى السبيل الوحيد لحصولهم على حقوقهم.. كما ندعو الجميع إلى تجنب التعامل مع الأفراد أو الجماعات التى تحاول استغلال هذا الوضع لتحقيق مكاسب غير مشروعة، أو التى تسعى لإبعادهم عن القنوات القانونية التى تضمن لهم حقوقهم المشروعة من أجل التربح من ورائهم بشكل غير قانونى".
وأكد اللواء عمرو عبد الوهاب أن شركة تنمية الريف المصرى الجديد تحرص على تقديم كافة التسهيلات للمتقدمين بطلبات التقنين عبر القنوات الرسمية.. كما شدد على أن المتقدمين يجب عليهم مراعاة الجوانب القانونية فى جميع معاملاتهم الخاصة بتقنين وضع اليد، وذلك لضمان حماية حقوقهم وعدم الوقوع فى فخ الأطراف غير القانونية، كذلك الإبتعاد عن الشائعات التى تروجها بعض الأطراف المجهولة التى تسعى للإضرار بمصالح المواطنين وتشويه مشروعات الدولة، مشيراً إلى أن مثل هذه الشائعات قد تؤدى إلى تعريض حقوق المواطنين للخطر.
وأوضح أن الشركة تفتح أبوابها لجميع المتقدمين لتلقى استفساراتهم، وتحرص على تقديم الدعم الكامل لهم فى كل خطوة من خطوات التقنين، بدءاً من تقديم الطلبات وصولاً إلى إصدار التراخيص القانونية للأراضى.. مشدداً على ضرورة التعامل مع الشركة عبر القنوات الرسمية فقط، سواء من خلال الموقع الإلكترونى لشركة تنمية الريف المصرى الجديد، أو من خلال مقر الشركة بالقاهرة، أو مسئولى المناطق الإدارية التابعة للشركة بمواقع أراضى الريف المصرى الجديد، حيث يمكنهم الحصول على كافة المعلومات والاستفسارات القانونية اللازمة.
و أبدى عدد من المتقدمين استفساراتهم خلال اللقاء، حول الإجراءات المتعلقة بالتقنين، حيث أكد اللواء عمرو عبد الوهاب حرص الشركة على تسهيل الإجراءات قدر المستطاع، وتحديد أسعار الأراضى وشروط السداد بما يتناسب مع مصلحة جميع الأطراف.. وأشار إلى وجود متابعة دقيقة لجميع طلبات التقنين من أجل ضمان سير الإجراءات بسلاسة، واستعداد فريق العمل بالشركة للرد على أية تساؤلات تخص إجراءات التقنين.
وفى ختام اللقاء، شدد اللواء عمرو عبد الوهاب على أن المشروع القومى لاستصلاح الأراضى هو جزء من خطة الدولة لتحقيق التنمية المستدامة فى قطاع الزراعة، وأن نجاح المشروع يعتمد على تعاون جميع الأطراف معاً وفقاً للإجراءات القانونية المحددة... وأكد على أن شركة تنمية الريف المصرى الجديد تضع مصلحة الوطن أولاً مع مصلحة المواطن، وستظل حريصة على تسهيل كافة الإجراءات وتحقيق العدالة فى تنفيذ المشروع، كما أنها مستمرة فى توفير كافة التسهيلات للمتقدمين بطلباتهم لضمان حصولهم على حقوقهم القانونية بأسرع وقت ممكن.