لجريدة عمان:
2025-04-07@01:02:45 GMT

الجنين يعاني من المناخ الحار أيضا!

تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT

ترجمة: سعيد الطارشي -

يُعدّ تغير المناخ أحد أكبر تهديدات الصحة العامة التي واجهتها البشرية على الإطلاق. ويشكل الاحتباس الحراري العالمي جزءًا من هذا التهديد. ويرتبط ارتفاع درجات الحرارة بتدهور الصحة؛ خاصة لدى الفئات السكانية الضعيفة، وبما في ذلك النساء الحوامل والأطفال.

ولقد أثبت العلماء -سابقا- أنّ التعرض للحرارة يزيد من خطر الولادة المبكرة وولادة جنين ميت، ويستمر بحثنا الجديد في الكشف عن العلاقات المقلقة للتعرض للحرارة والنتائج السيئة على الأمهات وأطفالهن.

فإنّ التشوهات الخَلْقية وارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل، وانخفاض الوزن عند الولادة، هي بعض من مخاطر ارتفاع الحرارة.

إنّ أحد المجالات التي لم تحظ بنفس القدر من الاهتمام هو التأثير طويل المدى الذي قد يحدثه التعرض للحرارة أثناء الحمل على الجنين. وللإجابة على هذا السؤال أجرينا مراجعة منهجية لجميع الأبحاث الموجودة حول آثار التعرض للحرارة أثناء الحمل على الصحة والعواقب الاجتماعية والاقتصادية في قادم الحياة.

ولقد صمّمت تلك المراجعات المنهجية - في بحثنا- لتوفير أعلى مستوى من الأدلة الطبية، وجمع وتلخيص جميع نتائج الأبحاث المعتمدة السابقة، بدلا من الاقتصار على دراسة واحدة فقط.

وكانت النتائج التي توصلنا إليها واضحة، وأظهرت أنّ الأشخاص الذين تعرضوا للحرارة المفرطة قبل ولادتهم عانوا من آثار مزعجة مدى الحياة.

آثار طويلة المدى

إنّ المقياس الأكثر شيوعا للحرارة هو متوسط درجة حرارة الهواء؛ لكن بعض الدراسات استخدمت مقاييس أكثر تعقيدا تتكيف مع الرطوبة، وعوامل أخرى تؤثر على كيفية تعرض الفرد للحرارة.

وكيفية تحديد مستويات الحرارة الخطيرة بالنسبة للنساء الحوامل هي محور التركيز المستمر لأبحاثنا. والسيناريو الأكثر ترجيحا هو أنّها تتأثر بالموقع والسياق ونقاط الضعف الفردية. وقد يكون للظروف المتنوعة -أيضًا- بدايات ضارة وفترات قابلية تأثير مختلفة.

ولقد حللّنا 29 دراسة تغطي أكثر من 100 عام؛ مما سمح لنا برؤية التأثيرات طوال حياة الفرد. وقد قامت بعض الدراسات بمتابعة حالات الحمل عن كثب، لملاحظة أي آثار سيئة على الطفل، واعتمدت أخرى على سجلات السكان التي تسجل تاريخ ومكان الميلاد؛ مما يسمح للباحثين بقياس مدى تعرض الجنين للحرارة داخل الرحم.

ولقد أجريت أكثر من 60% من الدراسات في بلدان مرتفعة الدخل في شمال الكرة الأرضية، والتي غالبا ما تتمتع بمناخ أكثر برودة. واعتمد هذا البحث على ملاحظة الاختلافات التي تحدث بشكل طبيعي بسبب التعرض للحرارة، بدلا من التجارب الخاضعة للتحكم.

وعلى الرغم من تلك القيود البحثية؛ لكننا وجدنا أنّ غالبية الدراسات تربط بين آثار ضارة طويلة المدى وزيادة التعرض للحرارة أثناء الحمل.

فعلى وجه الخصوص وجدنا ارتباطات مع الأداء التعليمي السيئ، وانخفاض الدخل في وقت لاحق من الحياة.

وعلى سبيل المثال ففي الولايات المتحدة خُفّض الدخل السنوي عند سن الثلاثين بمقدار 56 دولارا أمريكيا (بحسابات عام 2008م) عن كل يوم عمل إضافي مع درجات حرارة أعلى من 32 درجة مئوية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من حمل الأم.

ووجدنا -أيضا- آثارا صحية ضارة، بما في ذلك زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، وكذلك الربو والالتهاب الرئوي لدى الأطفال.

وتشير التقديرات إلى أنّ مخاطر الإصابة بالالتهاب الرئوي لدى الأطفال تزيد بنسبة 85% لكل زيادة بمقدار درجة حرارة مئوية واحدة خلال فترة الحمل.

وفي إفريقيا ارتفع خطر سوء التغذية لدى الأطفال مع زيادة التعرض للحرارة أثناء الحمل، وفي الولايات المتحدة اكتشفت إحدى الدراسات وجود صلة بين زيادة التعرض للحرارة وخطر الإصابة بالسمنة.

وأظهرت العديد من الدراسات -أيضًا- وجود علاقات بين التعرض للحرارة ونشأة الأمراض العقلية؛ بما في ذلك زيادة خطر اضطرابات الأكل والفصام. وفي الواقع فقد أظهرت الأبحاث السابقة أنّ الشهر الذي يولد فيه الطفل يرتبط كثيرا بخطر الإصابة بالأمراض العقلية. فلذا تشير أبحاثنا إلى أنّ التعرض للحرارة قد يكون أحد الأسباب وراء ذلك.

ويبدو أنّ هذه التأثيرات قد تبلغ ذروتها في ارتباطها بانخفاض متوسط العمر المتوقع، حيث وجدنا أنّ الأشخاص الذين تعرضوا للحرارة المتزايدة أثناء الحمل يموتون في سن أصغر.

ووجدنا -أيضا- أنّ التأثيرات بدت أسوأ بالنسبة للأجنة الإناث في الدراسات التي استكشفت نقاط الضعف لدى المجموعات الفرعية.

مسارات متعددة

كان فهم كيف ولماذا يمكن رؤية هذه التأثيرات عبر أجهزة الجسم المختلفة جزءا مهما من بحثنا. ولقد اعتمدنا على فريقنا من الخبراء في مجال النمو البشري، وعلى الأبحاث الجارية حول التأثيرات المباشرة للحرارة على النساء الحوامل، وعلى الدراسات التي أجريت على الحيوانات.

فتوصلنا إلى أنّ تأثيرات الحرارة -أثناء الحمل- على الجنين من المحتمل أنْ تحدث من خلال مسارات متعددة، بما في ذلك ما يلي:

تدهور صحة الأم من خلال أمراض مثل تسمّم الحمل والسكري،

والتأثير بشكل مباشر على نمو الطفل، وخاصة الجهاز العصبي، فالحرارة يمكن أنْ تسبب عيوبًا خلقية،

وزيادة خطر الولادة المبكرة، ومشاكل أخرى في وقت الولادة،

وتغيير الحمض النووي للجنين بشكل مباشر. ومن المحتمل أنْ يحدث هذا من خلال التغيرات في بصمة التَّخَلُّقِ المُتَوالِي epigenetic signature؛ وهي آلية تطورية تسمح لنا بالتكيف بسرعة مع بيئتنا عن طريق تشغيل الجينات وإيقافها.

حتى إنّ إحدى الدراسات أشارت إلى إضعاف القُسَيْمات الطَرَفِيّة telomeres لدى الجنين، وهي الساعة البيولوجية في حمضنا النووي المرتبطة بعمرنا المحدود.

إنّ هناك حاجة مُلِحّة لإجراء المزيد من الأبحاث في هذا المجال، واستكشاف كيفية وسبب حدوث هذه التأثيرات الضارة.

دعوة للعمل

وعلى الرغم من أنّ البحث محدود، إلا أنّ النتائج التي توصلنا إليها مثيرة للقلق، وتشجع العمل (الفردي والمجتمعي والعالمي) الفوري لحماية النساء الحوامل وأجنتهن من التعرض للحرارة ومن واجبنا -كذلك- أنْ نتحدث وبصوت مسموع باسم أولئك الذين لا صوت لهم، والذين لم يلعبوا أي دور في التسبب في هذه المشكلة الصحية العامة، والذين من المحتمل أنْ يواجهوا أسوأ العواقب المترتبة على تقاعسنا عن العمل.

ماثيو تشيرشيتش أستاذ بجامعة ويتواترسراند

دارشنيكا بيمي لاخو طبيبة أبحاث بجامعة ويتواترسراند

نيكولاس برينك باحث سريري بجامعة ويتواترسراند

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی ذلک

إقرأ أيضاً:

خطر خفي في المنازل “يهدد” دماغ الجنين

الجديد برس|

حذر فريق من العلماء من خطر خفي يكمن في منازلنا، ويهدد صحة الدماغ لدى الأجنة.

تُستخدم مواد كيميائية شائعة، تسمى الفثالات، في العديد من المنتجات اليومية مثل أغلفة الأطعمة وألعاب الأطفال والشامبو. كما تستخدم لجعل البلاستيك أكثر ليونة ولتشحيم الأسطح وفي منتجات مثل مزيلات العرق والعطور. ومع مرور الوقت، تتراكم هذه المواد الكيميائية في البيئة وتنتقل إلى الطعام والماء، ومنه إلى مجرى دم الأم، حيث يمكنها عبور المشيمة والتأثير على الجنين.

وتحذر دراسة جديدة أجرتها جامعة إيموري من تأثير الفثالات على هرمونات الجنين وتفعيل النواقل العصبية في دماغه.

وفي الدراسة، حلل الباحثون بيانات من 216 أما في بداية الحمل و145 أما في مرحلة متقدمة من الحمل، من دراسة أتلانتا للأمهات والأطفال الأمريكيين من أصل إفريقي. وتم فحص عينات البول للبحث عن الفثالات، وجُمعت عينات دم من الأطفال بعد الولادة.

وأظهرت النتائج أن ارتفاع مستويات الفثالات في بول الأم قبل الولادة ارتبط بانخفاض مستويات التيروزين، وهو حمض أميني يؤثر على هرمون الثيروكسين، الذي يلعب دورا في نمو الدماغ والعظام. كما ارتبط بانخفاض مستويات حمض التربتوفان الأميني الأساسي، المسؤول عن إنتاج السيروتونين، الذي يؤثر على التواصل بين الخلايا العصبية. وقد أظهرت الأبحاث السابقة أن انخفاض السيروتونين مرتبط بمشاكل في الحالة المزاجية والنوم والتعلم والذاكرة.

وأظهرت اختبارات الانتباه أن الأطفال الذين تعرضوا لمستويات عالية من الفثالات في الرحم كانوا أقل تركيزا وأبطأ في ردود الفعل.

ومع ذلك، أشار الباحثون إلى بعض القيود في الدراسة، مثل عدم توفر معلومات دقيقة عن النظام الغذائي للمشاركات أو نوع الولادة، ما قد يؤثر على تعرض الأجنة للفثالات.

وأفادت المشاركات في الدراسة أن 10% منهن تناولن الكحول أثناء الحمل، و15% استخدمن التبغ، و40% استخدمن الماريغوانا، ما قد يكون له تأثير إضافي على نمو الدماغ لدى الأطفال.

وقال الدكتور دونغهاي ليانغ، عالم الصحة العامة: “أجرينا هذه الدراسة لأن الفثالات موجودة في كل مكان في حياتنا اليومية، ومن هنا جاء لقبها “المواد الكيميائية في كل مكان”، مشيرا إلى أهمية فهم تأثير هذه المواد قبل الولادة على نمو الدماغ على المستوى الجزيئي”.

مقالات مشابهة

  • فوائد غير متوقعة للفلفل الحار أثناء الحمل
  • النوم في الضوء .. يسبب 3 أضرار خطيرة
  • خطر خفي في المنازل “يهدد” دماغ الجنين
  • هل البيئة المنزلية تؤثر على نمو دماغ الجنين؟
  • لماذا يجب على الحوامل تناول الفلفل الحار؟ دراسة تجيب
  • عادات يوميّة تدمّر الصحة.. تعرّف عليها
  • بيسكوف: الاقتصاد العالمي يعاني من الرسوم الأمريكية الجديدة
  • مخاوف من تأثير الذكاء الاصطناعي على جودة الأبحاث وأخلاقيات النشر العلمي
  • صحيفة عبرية: نتنياهو يعاني من التشنج والهستيرية
  • جمال عارف: العميد الكبير يعاني من ظروف الإصابات وستظل كلمته هي الأعلى