في الوقت الذي سلطت فيه مداخلة النائب علي فياض خلال الجلسة الأولى من مؤتمر "تجدد للوطن" والتي حملت عنوان "لبنان في ظل النظام الإقليمي الجديد"، الضوء على قضايا إشكالية عديدة تستدعي تفاهماً بين المكونات اللبنانية، فإن الحوار حول هذه المداخلة، كشف في الوقت ذاته أنه في داخل كل مكوّن طائفي ثمة قراءات عديدة ومقاربات مختلفة في فهم حقيقة المشاكل اللبنانية ومواقف الطوائف منها ومن ثم تحديد سبل المعالجة.

ويمكن تلمس هذه الوجهة بوضوح في مقاربة نائب رئيس "حزب التوحيد العربي" الدكتور هشام الاعور في تحليله لهواجس الطائفة الدرزية والازمات اللبنانية بمجملها.

الحلقة الثامنة: مساهمة نائب رئيس حزب التوحيد الدكتور هشام الاعور في مناقشة مداخلة النائب علي فياض.

يعتبر الاعور أن قول النائب علي فياض في مداخلته بأن" الوضع اللبناني يمر في مرحلة انتقالية" إنما يشكل، بحسب الأعور، نقطة مفصلية تأخذ بعين الاعتبار الصيغة التعددية للتركيبة اللبنانية والحاجة الى تطبيق الاصلاحات السياسية على ضوء المادة 95 من الدستور التي تحدثت عن الاصلاحات السياسية النهائية وفي طليعتها طبعا استحداث مجلس شيوخ تتمثل فيه العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية (المادة 22)،وما لم تطبق مثل هذا الإصلاحات المعلق منها والمجمد ، جاز القول عندئذ مع النائب فياض "أن الدولة أيضاً هي دولة انتقالية".

على هذا الأساس يقارب الاعور، هذه النقطة الاصلاحية التي تأخذ بعين الاعتبار هواجس دروز لبنان والتي تنبع من منطلق حماية دورهم وتفعيل هذا الدور في ظل هذه الاضطرابات وحالة اللا استقرار التي تخيم على البلد وعلى المنطقة، وبالتالي فإن الهاجس عند الدروز لا ينحصر بالهاجس السياسي فحسب، كما حاول أن يصوره النائب فياض، بل يتعداه الى حماية الوجود واستعادة الدور ، في ظل إشكالية التضاؤل الديموغرافي، وهو ما يستدعي بطبيعة الأمر الذهاب إلى أدوات معالجة ومقاربة من داخل المنطق الطبيعي للدولة.

وفي ما يتصل بهذا المستوى من الاصلاحات، نحن نحتاج، وفق الدكتور الأعور، إلى أن نكون واقعيين بمسؤولية وأن نبحث عن أدوات للمعالجة من خلال تطبيق المادة 22 من الدستور التي تشكل رداً مناسباً على مقتضيات المرحلة وتطورات الأحداث ومشهد الاشتباك العام، وردود فعل المكونات اللبنانية - أحزاباً وطوائف ومرجعيات - على المشاريع السياسية والدستورية المطروحة .

إن قولنا بأن الطائفة الدرزية، تعاني خوفاً وجودياً، لن يعيدنا وفق الأعور، بالطبع،الى ما قبل إعلان دولة لبنان الكبير، وإنما يدفعنا إلى استحضار الأزمات الدورية التي كابدتها الطوائف البنانية، وذلك بحسب تبدل التدخلات الأجنبية على جبل لبنان؛ وبما لا شك فيه أن تغيرات كبيرة طرأت على الأطياف اللبنانية، لا سيما تحجيم دور إمارة الجبل بعد إعلان الحدود الجديدة التي ضمَّت تنوعاً جغرافياً وديمغرافياً غنياً ومتكاملاً، بحيث سقطت معه مقولة (لبنان ملجأ الأقليات) لمصلحة لبنان الدولة الواحدة التي يحكمها دستور وقوانين وأنظمة، ومرجعيات قضائية، وبالتالي فإن دروز لبنان لا يحتاجون إلى نظرية يبنون عليها سياساتهم، لأنهم أصحاب نظرية أصلية كانت وراء إنشاء دولة لبنان الكبير وهم جزء لا يتجزأ من مشروع قيام الدولة التي تتعاطى مع شعبها كمواطنين وليس كمهمشين، فهناك فارق شاسع بين كيان وعنوانه الدرزية السياسية او المارونية السياسية او السنية السياسية او الشيعية السياسية، وكيان له اسم الدولة المكتملة الأوصاف والتي تقوم على فكرة "التكاؤن " بين كل الأطياف اللبنانية، وذات سيطرة على أدوات الحكم والاتفاق على استراتيجية للدفاع الوطني في ظل التهديدات الإسرائيلية المتكررة على لبنان براً وبحراً وجواً.

اما على الصعيد الإقليمي فمن الوهم، كما يقول الأعور، الرهان على نظام شرق أوسطي جديد في غياب نظام عالمي جديد، والوهم الأكبر هو التسليم بأن الشرق الأوسط مسرح لأدوار ثلاث قوى غير عربية هي إسرائيل وإيران وتركيا، تلعب فوقه وتتقاسم النفوذ بينها بتفاهم معلن أو ضمني وبصراع جيوسياسي أو بواقعية سياسية، من دون دور للعرب وهم 400 مليون إنسان على أوسع مساحة من المنطقة.
وإذا كان وجود نظام عالمي تعددي جديد يضم (اميركا روسيا الصين الاتحاد الاوروبي)شرطاً لترتيب نظام شرق أوسطي، فإن ما يكمله,، وفق الأعور، هو ثلاثة شروط، أولها عودة "إسرائيل" إلى حدود 1967 وقيام دولة فلسطينية في غزة والضفة الغربية عاصمتها القدس الشرقية. وثانيها استعادة دور سوريا في المنطقة وثالثها عودة الدور العربي في ظل قيادة عربية واقعية تعمل للتنمية ورفاه الشعوب ، بدلاً من المغامرات العسكرية الفاشلة التي اندفعت فيها القيادات الماضية وأدت إلى خسارة عقود من المستقبل لا مجرد مساحات جغرافية، والفرصة مفتوحة، لكن الخطر كبير.

أما بالنسبة للدور الايراني في لبنان وعلاقته الاستراتيجية بحزب الله فإن هذه العلاقة خلقت، بحسب الأعور، حالة من القلق والتوجس عند بعض المكونات اللبنانية لكنها مسألة ترتبط بالصراع مع العدو الصهيوني وهي تُمثل ركيزة سياسية وفكرية تتصل اتصالاً وثيقاً بالدور الإيراني في لبنان من حيث علاقة إيران بالدولة اللبنانية والأهم والأكثر دلالة علاقة إيران بحزب الله. مع ذلك يرى التوجه الرافض للدور الإيراني، أن لبنان يعاني من تفاعل الصراع الأميركي - الإيراني في المنطقة والصراع العربي - الإيراني بوجه عام، وأنه كلما تفاقم هذا الصراع، كلما زادت المعاناة عند الشعب اللبناني .
يبقى أن السياق الدولي ومكانة الدول وقدرتها على النفاذ المباشر والسيطرة لا تُقارن ولا يسهل التعميم في ما بين النماذج والأمثلة بصورة أقرب إلى التبسيط المُخل، ويبقى لنا ألا ننكر تنامي الدور الإيراني برغم معارضة بعض الجهات والقوى السياسية، ولكن يتطلب دوما الحكم على سلوك الدول بعضا من الإنصاف والعقلانية في الإدراك من دون الاستسلام لنظرية المؤامرة ولا افتراض أحكام عامة ترقى ببعض الدول الغربية إلى مرتبة المُبشرين ودعاة الإصلاح.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

اعتقال مواطن بسبب مداخلة على فضائية الجزيرة

وسط انتقادات واسعة، اعتقلت السلطات في النيل الأزرق المواطن سيف محمود بالخطأ بسبب تطابق أسماء، على خلفية تصريحات تلفزيونية حول معاناة النازحين، التي وصفها بالكارثية. تحدث سيف النصر عن الأوضاع الإنسانية المأساوية التي يعيشها أكثر من 100 ألف نازح، مشيرًا إلى غياب الإغاثة والمساعدات عنهم. كما وجّه رسالة إلى البرهان مطالبًا بوقف الحرب، محمّلًا الحكومة مسؤولية ما يحدث..

التغيير: الدمازين: كمبالا

في خطوة أثارت موجة واسعة من الانتقادات، أقدمت خلية أمنية بولاية النيل الأزرق يوم الأحد على اعتقال المواطن سيف محمود، المعروف بـ(ود زبيدة)، بزعم تواصله مع قناة الجزيرة مباشر خلال برنامج للإعلامي أحمد طه، حيث وجه انتقادات للسلطات وكشف عن معاناة النازحين. وقد أُفرج عنه لاحقًا يوم الاثنين.

وبحسب مصادر محلية، تم استدعاء سيف محمود لمواجهة اتهامات تتعلق بمشاركته في مقابلة تلفزيونية بثتها قناة الجزيرة مباشر مع شخص يدعى سيف النصر من منطقة الدمازين بإقليم النيل الأزرق. وخلال المقابلة، انتقد المتحدث أداء السلطات الأمنية والعسكرية، مسلطًا الضوء على التدهور الحاد في الأوضاع الإنسانية بالمنطقة.

وبعد تصاعد الضغوط المجتمعية والانتقادات الواسعة، أُفرج عن سيف محمود. وشهدت الحادثة حملة تضامن واسعة قادها نشطاء وإعلاميون تحت وسم #الحرية_حق، دعوا من خلالها إلى محاسبة المسؤولين عن الاعتقال التعسفي. كما طالبوا بتركيز الأولويات الأمنية على مواجهة الأزمات المتفاقمة في إقليم النيل الأزرق.

ووفقًا لما أفاد به أصدقاء المعتقل وعدد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، كشفت التحقيقات أن سيف محمود لم يكن هو الشخص المتحدث في المداخلة التلفزيونية، وأن الأمر كان مجرد تشابه أسماء. ورغم الإفراج عنه، أكد أصدقاؤه تعرضه لمعاملة مهينة خلال فترة احتجازه.

حديث سيف النصر عن معاناة النازحين

في مقابلة مع قناة الجزيرة مباشر، وصف سيف النصر، أحد سكان النيل الأزرق، الأوضاع الإنسانية في المنطقة بأنها “كارثية”، مشيرًا إلى معاناة أكثر من 100 ألف نازح. وقال: “نعيش أوضاعًا قاسية للغاية. النازحون بلا مأوى، ولا غذاء، ولا دواء. الناس يفترشون العراء، والأوضاع تزداد سوءًا يومًا بعد يوم. حتى من يمتلك المال يعجز عن الوصول إليه بسبب أزمة السيولة البنكية المستمرة.”

وأشار سيف النصر إلى أن المساعدات الإغاثية المعلن عنها لم تصل إلى النازحين، موضحًا: “كل ما يُقال عن وصول الإغاثة والمنظمات لا نراه على أرض الواقع. الحكومة والمنظمات الدولية غائبتان تمامًا، ولا أحد يتحمل مسؤولية هؤلاء الضحايا”. وأضاف: “هناك أشخاص لا يستطيعون توفير وجبة واحدة يوميًا، بينما يفتك البرد والأمراض بالباقين”.

رسالة إلى البرهان: أوقفوا الحرب

وجّه سيف النصر رسالة مباشرة إلى رئيس مجلس السيادة، قائلاً: “رسالتي للبرهان: أوقفوا الحرب فورًا. نحن كشعب لم نفوض أحدًا لخوض هذه الحرب، ولا نريد استمرارها”. وأكد أن البرهان يتحمل مسؤولية إيقاف الحرب، مضيفًا: “انتصارات الجيش في الخرطوم أو السيطرة على مناطق أخرى لا تعنينا، لأن بعض المناطق بالنيل الأزرق ودارفور ما زالت تحت سيطرة الدعم السريع.”

واختتم سيف النصر حديثه برسالة ملحة إلى الحكومة والمنظمات الإنسانية، قائلاً: “نحن بحاجة إلى تدخل عاجل لإنقاذ حياة النازحين. الناس هنا بحاجة ماسة إلى الغذاء، والدواء، والمأوى.” وأضاف لمقدم البرنامج: “إذا كانت الشبكة تسمح، كنت سأعرض لكم الواقع المأساوي عبر مكالمة فيديو من داخل معسكرات النازحين لتشاهدوا بأنفسكم حجم المعاناة.”

الوسومالجرائم والانتهاكات الجزيرة مباشر الدمازين حرب الجيش والدعم السريع ولاية النيل الأزرق

مقالات مشابهة

  • مُسيّرة لحزب الله تجتاز الحدود اللبنانية للمرّة الأولى منذ وقف النار
  • هذه هي توصيات هيومن رايتس للحكومة اللبنانية المقبلة
  • رئيس الجامعة اللبنانية استقبل لجنة إعداد إرشادات الذكاء الاصطناعي في لبنان
  • عضو بـ«الشيوخ»: نرفض التصريحات بشأن تهجير الفلسطينيين وندعم القيادة السياسية
  • الصحة اللبنانية تكشف حصيلة ضحايا الاعتداءات الإسرائيلية أمس
  • الصحة اللبنانية: إصابة 7 مواطنين جراء اعتداءات إسرائيلية على بلدات جنوب لبنان
  • المستشار الثقافي الإيراني يلتقي كاثوليكوس الأرمن في لبنان.. هذا ما تم بحثه
  • اعتقال مواطن بسبب مداخلة على فضائية الجزيرة
  • الحكومة اللبنانية.. علامة فارقة على الطريق !!
  • الصحة اللبنانية تعلن مقتل 24 شخصا وإصابة 134 يوم الأحد جراء الاعتداءات الإسرائيلية