سرايا - انتقدت نائبة رئيس الوزراء البريطاني أنجيلا رينر، ضمناً، تصريحات جيه دي فانس، الرجل الذي اختاره دونالد ترامب كنائب له في سباقه للرئاسة الأمريكية، والتي قال فيها إن بريطانيا قد تصبح دولة إسلامية في ظل حكم “العمال”.

وقالت صحيفة إن اختيار فانس، يوم الإثنين، في مؤتمر الحزب الجمهوري أثار الانتباه لما يمكن أن يعنيه انتخابه للسياسة البريطانية.



ويقيم ديفيد لامي، وزير الخارجية البريطانية، علاقة قوية مع النائب المرشح، وعبّرَ عن إعجابه بمذكراته “مرثاة هيليبلي”، والتي تحدث فيها عن ولادته في أسرة فقيرة، وكفاحه السياسي، حيث قال لامي لمجلة “بوليتيكو”: “هذه موضوعات في قصتي السياسية”، لكن لامي لم يعلّق على تصريحات فانس في مؤتمر المحافظين الوطنيين، والتي قال فيها إن وصول حزب “العمال” إلى السلطة “قد يعني أننا سنشهد أول دولة إسلامية بسلاح نووي”.

وأشارت “الغارديان” إلى أن الكلام الساخر سيكون محرجاً لوزير الخارجية البريطاني، الذي حاول بناء علاقات وجسور مع فانس في الأشهر الاخيرة، باعتبار المشاركة في الظروف الفقيرة التي نشأ فيها كل منهما.

وقال فانس: “عليّ أن أتحدث عن بريطانيا. كنت أتحدث مع صديق، في الأيام الأخيرة، عن خطر كبير في العالم، وهو انتشار السلاح النووي، وبالطبع فإدارة بايدن ليست مهتمة به”. و “كنت أتحدث عن أول دولة إسلامية حقيقية ستحصل على السلاح النووي، وكنا نقول، قد تكون إيران، أو ربما باكستان، وأخيراً قررنا أنها بريطانيا، منذ سيطرة حزب العمال”.

ووصف لامي فانس بأنه صديق، عندما ألقى كلمة في معهد هدسون في أيار/مايو، وعندما كان في المعارضة. وخلال فترته هذه، كان لامي ناقداً لترامب “فترامب ليس كارهاً للمرأة ومجنوناً متعاطفاً مع النازية”، بل “هو تهديد على النظام الدولي الذي كان أساس التقدم الغربي لوقت طويل”، لكن لامي اقترح مؤخراً أن بريطانيا قد تجد طرقاً للتعامل مع حكومة يقودها ترامب: “سنكافح للعثور على أي سياسي في العالم الغربي لم يكن لديه شيء قاله رداً على دونالد ترامب”.

وبالنظر إلى ما قاله، فقد جاء على شكل نكتة، كما تقول “الغارديان”، إلا أن النكات قد تكون مستفزة.

كان فانس من أشدّ الناقدين لموقف الولايات المتحدة من حرب أوكرانيا، وداعية للحدّ من الهجرة، ومدافعاً قوياً عن سياسة الحماية للتجارة الأمريكية التي تبنّاها ترامب

ووصف المعلق في صحيفة “التايمز”، وعضو مجلس اللوردات المحافظ دانيال فينكلشتاين التعليقات بأنها “مستفزة وعنصرية”. ولم يرد لامي على ما قاله فانس، إلا أن أنجيلا رينر اقترحت، في مقابلة مع أي تي، أن فانس كان مخطئاً بشأن بريطانيا، وردّت بأنها قالت في السابق أشياء غير مناسبة، و”لا أفهم التشخيص، وأنا فخورة بالنجاح الانتخابي الذي حققه “العمال” في الفترة الأخيرة. وكسبنا أصواتاً بناء على مجتمعات مختلفة، وفي كل البلد، ونريد الحكم نيابة عن بريطانيا، والعمل مع حلفائنا الدوليين”. و”لهذا أتطلع لمقابلة فانس، وإن كانت هذه هي النتيجة [وفاز ترامب]، والأمر بيد الأمريكيين لكي يقرروا”.

وقالت إن الولايات المتحدة تعتبر حليفاً رئيسياً لبريطانيا، وستعمل الحكومة الحالية مع من يفوز في الانتخابات. وبعد اختياره كمرشح تركز الاهتمام على تصريحات فانس وانتقاداته السابقة لترامب، حيث وصف الأخير مرة بأنه “هتلر أمريكا” قبل أن يعتذر.

وأشارت صحيفة “لوس أنجليس تايمز”، في مقال للورين بيري، إلى أن اختيار فانس كان نتاجاً لفشل الإعلام في فهم الطبقة في الولايات المتحدة، ولهذا السبب حصل فانس على موقع المبجل في الإعلام الأمريكي بسبب مذكراته “مرثاة هيليبلي” (وهو مصطلح في منطقة أوهايو التي يمثلها، يعبّر عن ناس الريف)، وبأنه يمثل جزءاً من أمريكا لم يتم الاهتمام به، لكنه لم يكن أبداً من أبناء الطبقة العاملة. وصوّرها فانس، في مذكراته الصادرة عام 2016، بأنها تمثل 35% من الأمريكيين، وأن أبناءها هم ضحايا يُؤسف لهم للإدمان على الكحول والمخدرات والكسل والدمار الذاتي والفشل الأخلاقي. وصدق الصحافيون ما قاله، وأضافوا نمطياتهم الخاصة عن الطبقة العاملة التي رأوا أنها طبقة غاضبة غير متعلمة من الرجال البيض، يدفعهم غياب الأمن الاقتصادي والنوستالجيا العنصرية لدعم حملة ترامب الرجعية. وقد وسع هذا التشويه الانقسام الحقيقي بين الأمريكيين المهمّشين، وغذّى الدعم لترامب وأدى إلى تبجيل واسع لفانس.

وحظي كتابه بمراجعات جيدة في “نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست”، باعتباره صوت الطبقة العاملة، وعيّنته “سي أن أن” كمعلّق. وتقول إن الطبقة العاملة الحقيقية، وفي تعبيرات مركز التقدم الأمريكي، هم “السود، الهسبانو، وغيرهم من الملونين الذين يشكلون نسبة 45%، فيما تشكل نسبة غير الهسبانو البيض البقية، أي 55% ونصف، الطبقة العاملة من النساء ونسبة 8% تعاني من إعاقات”.

وعليه فالتصوير الإعلامي للطبقة العاملة بأنهم مجموعة من غير المتعلمين يتجاهل من ينطبق عليهم التعبير. وانتبهت مجموعة من التقارير لأخطاء وأكاذيب فانس، وتمثيله الخاطئ للطبقة العاملة، ففي تشرين الأول/أكتوبر 2016، كتبت سارة سمارش في “الغارديان” مقالاً أشارت فيه إلى استطلاعات وجدت أن أنصار ترامب لديهم متوسط دخل أعلى بـ 72,000 دولار من أنصار هيلاري كلينتون أو بيرني ساندرز.

ونشأ فانس في عائلة متوسطة، وبتجاهلهم هذه الحقيقة فإن “صنّاع الأخبار قدّموا الطبقة العاملة البيضاء بأنها واحدة، وتشير ضمنياً إلى القصة القديمة المخادعة، المقنعة للرأسمالية، وهي أن الفقراء هم الحمقى الخطيرون”. وأشارت الكاتبة لعدد من الكتب التي قدمت صورة مغايرة عن الواقع الذي صوّره فانس، إلا أن الإعلام لم يحتف بها كما فعل مع مذكرات فانس. وقد سمحت له “نيويورك تايمز” بمراجعة كتاب مهم كتبه المؤرخ ستيفن ستول، عن الحياة في جبال أبالاتشيا، التي حضرت في “مرثاة هيليبلي”. وبنفس السياق تم تجاهل أصوات المؤرخين السود، لأن الناخبين السود، ومن أي نوع، تم تجاهلهم.

رأى النقاد في مذكرات فانس نقداً حاداً للضحية، ولوماً لها على ما تعيش فيه

وتقول الكاتبة إن الطبقة المحظوظة لم تتعلم إلا الدروس الخطأ من كتاب فانس، هذا إن تعلمت شيئاً، والآن، وقد أصبح فانس جزءاً من رزمة ترامب في الانتخابات، فالأمل أن يتعلّموا شيئاً جديداً.

وعلق إريك كورتيلسا، في مجلة “تايم”، عن سبب اختيار ترامب لفانس، حيث أعلن عنه ليس من داخل قاعة المؤتمرات للحزب الجمهوري، ولكن عبر منصة “تروث” التي يملكها، وقال إنه اختار فانس “لأنه الشخص الوحيد المناسب لمنصب نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية”. ومن خلال اختياره، فقد منح ترامب الشخصية الأهم في اليمين الشعبي مكانة بارزة. وابتعد عن اختيار شخصية من اليمين المحافظ.

فقد كان فانس من أشدّ الناقدين لموقف الولايات المتحدة من حرب أوكرانيا، وداعية للحدّ من الهجرة، ومدافعاً قوياً عن سياسة الحماية للتجارة الأمريكية التي تبنّاها ترامب، وكذا فرض تعرِفات جمركية على البضائع المستوردة. وأخبر فانس الكاتب، في نيسان/أبريل: “هذا جزء من أجندة إعادة التصنيع للبلد”.

وبعبارات أخرى؛ اختار بايدن الشخصية المفضّلة في حركة ماغا، أو لنجعل أمريكا عظيمة مرة ثانية، وليضمن أصوات الناخبين في ما يعرف بحزام راست، أو المناطق الصناعية السابقة في شمال-غرب ومناطق الوسط في غرب الولايات المتحدة، وهو مصطلح يصف حالة الصدأ التي أصابت هذه المناطق بسبب ركود التصنيع. ففي هذا الحزام يريد ترامب الحصول على أصوات ولايات مهمة في ويسكنس وميتشغان وبنسلفانيا. كما يحظى فانس بشعبية بين مانحين في سيلكون فالي.

وقد وصف فانس في مذكراته التدهور الصناعي، كما وصف نشأته بأوهايو. وبعد خدمته في المارينز، عمل كمراسل حربي، وغطى حرب العراق، درس بجامعة أوهاويو، وتخرج بشهادة في العلوم السياسية والفلسفة. وانضم لاحقاً لجامعة ييل لدراسة القانون، وتولّى مهمة تحرير مجلة ييل ريفيو. وعمل في شركة قانونية للنخبة، وهي سيدلي أوستن، وهي نفس الشركة التي التقى فيها باراك أوباما وميشيل، وانتقل إلى سان فرنسيسكو، وعمل مع بيتر ثيل.

وبعد نشر مذكراته أصبح رمزاً للطبقة العاملة التي تؤكد على المسؤولية الشخصية والاعتماد على الذات.

ورأى النقاد في مذكراته نقداً حاداً للضحية، ولوماً لها على ما تعيش فيه.

ومع صعود ترامب أصبح ناقداً حاداً له، واقترح، في مقال نشرته “يو أس إي توداي”، بأن سياسات ترامب تتراوح من اللاأخلاقية إلى الغرابة.

وكان التحول في مواقف فانس مداراً لتكهنات الصحافة، لكنه، وبعد ترشحه لمجلس الشيوخ أصبح قومياً شعبوياً، وجذبت معارضتُه لحرب أوكرانيا انتباه ابن ترامب. وكان دونالد ترامب جي أر أهم عامل بتشجيع والده لدعمه كمرشح لمجلس الشيوخ، عام 2022، واختياره كنائب له. ومدح ترامب، في معرض حديثه عن اختيار فانس، بأن حياته ونشأته في طبقة فقيرة تعطيه مصداقية بين الطبقة العاملة البيضاء، كما أن ردته على النخبة التي عمل معها مرة تعطيه موقع المتمرد المرتد.

مع صعود ترامب أصبح فانس ناقداً حاداً له، وقال إن سياساته تتراوح من اللاأخلاقية إلى الغرابة

وكان فانس الشخصية المفضلة لدى ترامب، مقارنة مع مرشحين آخرين، فقد أعجب الرئيس السابق بمقابلات فانس التلفزيونية، وقدرته على الرد والمواجهة، كما تطورت علاقة شخصية بينهما. وأثبت فانس ولاءه، بعد تعرض ترامب لمحاولة اغتيال، حيث لام، في تغريدة، جو بايدن على المحاولة: “اليوم، هذا ليس حادثاً معزولاً”، و”الفرضية الأساسية لحملة بايدن هي أن ترامب ديكتاتوري فاشي ويجب وقفه بأي ثمن، وقاد هذا الخطاب مباشرة لمحاولة اغتيال الرئيس ترامب””.

ويتوقع البعض أن يكون فانس مرشح الجمهوريين لحملة 2028، وهناك من يرى أنه سيكون حامل الراية لحركة ماغا. ومع أن ترامب لا يريد اختيار خليفة له، إلا أن ترشيحه فانس إشارة عن هذا.

وفي النهاية، تقول صحيفة “واشنطن بوست”، في افتتاحيتها، إن اختيار الجمهوريين بطاقة ترامب- فانس هو تأكيد على تخليهم عن التزاماتهم الدولية ودعمهم الديمقراطية حول العالم. وأشارت إلى انتخابات 1952، عندما هزم دوايت إيزنهاور في مؤتمر الجمهوريين روبرت تافت للفوز بترشيح الحزب، وفي منافسة تركزت على سياسة الولايات المتحدة في ما بعد الحرب العالمية الثانية.

ولكن بطاقة ترامب- فانس هي تأكيد على عودة أمريكا لسياسة العزلة وتبنّي الشعبوية. فبعد سبعة عقود، أصبحت حركة “أمريكا أولاً” هي المهيمنة على الحزب.

وتساءلت الصحيفة عن الطريقة التي انحرف فيها الحزب عن سياسة رونالد ريغان وجورج هيربرت بوش وجورج دبليو بوش. مشيرة إلى تصريحات فانس على بودكاست ستيفن بانون، عام 2022: “لا يهمني في الحقيقة ما سيحدث لأوكرانيا بطريقة أو بأخرى”. بل سافر إلى ميونيخ، وانتقد أوكرانيا أثناء المؤتمر الأمني.

وذكّرت الصحيفة بمواهب فانس، وانتقاداته الأولى لترامب، حيث كتب في الصحيفة ذاتها أن ترامب “لديه شعار عن العظمة، وبدون جوهر لدعمه”. لكنه تغيّرَ وأصبح ناطقاً باسم مجموعة تُعرف أحياناً بالمحافظة الوطنية، أو ما بعد الليبرالية، ودعم منع الإجهاض عام 2022، مع أنه خفّفَ من لهجته، وترك القرار للولايات لا السلطة الفدرالية. وقال فانس إنه لو كان نائباً للرئيس عام 2021 لم يكن ليسمح بالمصادقة على انتخابات 2020.

إقرأ ايضاَحزب الله اللبناني يطلق عشرات الصواريخ على شمال "إسرائيل"إدانة سيناتور أميركي بتهم فساد تتعلق بمصرالاحتلال لواشنطن: احتمال نجاة الضيف ضئيل

المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الطبقة العاملة فانس فی إلا أن

إقرأ أيضاً:

مع وجود رؤساء جدد وشرق أوسط متغير، ما هي فرص إعادة ضبط العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران؟

ترجمة وتحرير “يمن مونيتور”

نشر أولاً في “صحيفة ذا ناشيونال“

يرث الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب فرصة ذهبية ورثها من الرئيس جو بايدن لإثبات أنه “صانع الصفقات” الدولي العظيم لطموحاته. سيتولى السيد ترامب منصبه في مواجهة إيران الضعيفة للغاية والتي كانت تطالب بالفعل بإجراء محادثات مع واشنطن قبل عام وهي الآن في وضع مثالي لقبول صفقة مفيدة للغاية للأميركيين. إن النجوم متوافقة تمامًا لدرجة أن الأمر يتطلب قدرًا كبيرًا من الإهمال من قبل أي شخص ليفشل.

إن السيد ترامب يقيس نجاحاته دائما بنجاحات سلفه باراك أوباما. لقد كانت حياته السياسية بأكملها مبنية على الإصرار على أن السيد أوباما ولد في كينيا وبالتالي فهو غير مؤهل لتولي منصب الرئيس. لقد كانت كذبة كبيرة، لكنها دفعته إلى الشهرة الوطنية.

وباعتباره رئيسا، شرع ترامب في تدمير أكبر قدر ممكن من إرث أوباما. وكاد أن يفشل في القضاء على قانون “أوباما كير” ــ رغم أنه يزعم الآن أنه “أنقذه” ــ بعد أن عرقله في اللحظة الأخيرة السيناتور الجمهوري الراحل جون ماكين من ولاية أريزونا. ولكن لا شيء كان ليمنعه من تمزيق إنجاز أوباما الأبرز في السياسة الخارجية، الاتفاق النووي مع إيران.

ثم فرض ترامب حملة استمرت عامين من العقوبات “الضغوط القصوى” على إيران، لكن إدارته لم تتوصل قط إلى إجماع داخلي حول ما إذا كان الغرض من هذه الضغوط هو إضعاف طهران من أجل التوصل إلى صفقة جديدة وأفضل من صفقة أوباما، أو تحقيق حلم تغيير الحكومة في إيران (الذي من غير المرجح أن يكون ناجما عن قوى خارجية). وبالتالي، انحرفت السياسة بلا هدف.

ولكن الآن، سيجد السيد ترامب أن إيران قد ضعفت بشدة وربما أصبحت يائسة لإبرام صفقة. ومن غير المرجح أن يعطي أي قدر من الفضل للسيد بايدن، ولكن خلال الأشهر الأربعة عشر الماضية انهارت استراتيجية الأمن القومي لطهران في أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على جنوب إسرائيل (الأراضي المحتلة). وكان هذا جزئيًا بسبب تصرفات إسرائيل في غزة ولبنان، وسوء التقدير الشديد من جانب حزب الله وإيران نفسها، والأسوأ من ذلك كله، العواقب غير المباشرة لسقوط حكومة الأسد في سوريا.

إن “محور المقاومة” الإيراني لم يعد موجودا تقريبا. فالحوثيون في اليمن وحدهم -دون إيران- لا يشكلون أي نوع من التهديد العسكري الخطير لأي أحد على الإطلاق. وقد ركزت استراتيجية الأمن القومي الإيراني في العقود الأخيرة على الدفاع المتقدم ضد إسرائيل والولايات المتحدة من خلال الميليشيات العميلة، بقيادة حزب الله، والتي شملت في نهاية المطاف مجموعات مثل الميليشيات العراقية والأفغانية الموالية لإيران والمرتزقة الباكستانيين في سوريا، فضلا عن الحوثيين في اليمن بالطبع.

ولم تكن حماس عضواً أساسياً في هذا التحالف، بل كانت منظمة تابعة لجماعة الإخوان المسلمين في تحالف غير مستقر مع طهران و”محورها”. ولم تتأثر إيران وشبكتها نسبياً بأي شيء حدث في غزة منذ هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول. ولكن بمجرد أن أنهت إسرائيل الجزء الرئيسي من حربها ضد حماس، حولت انتباهها إلى حزب الله.

ولم تر هذه المنظمة، التي تشكل المفتاح إلى شبكة إيران الإقليمية، أي سبب يدعوها إلى خوض حرب مع إسرائيل بسبب حماس، ولكنها رغم ذلك شعرت بالحاجة إلى الحفاظ على سمعتها “الثورية” و”المقاومة”، لذا حاولت أن تتغلب على هذه المشكلة من خلال الدخول في مواجهة محدودة، ولكن ليس في حرب شاملة، مع الإسرائيليين. ولعدة أشهر، رفضت حماس التوقف عن إطلاق الصواريخ على إسرائيل طالما استمرت حرب غزة.

لقد رأت الجماعات المتمردة في شمال غرب سوريا الفرصة، وبدعم من تركيا هاجمت حلب. وعندما سقطت تلك المدينة بعد يوم واحد فقط، أصبح من الواضح أن حكومة الأسد أصبحت مجوفة تمامًا ولن ينقذها تحالف روسيا وإيران وحزب الله الذي جاء لإنقاذها في عام 2015. لقد انتصر المتمردون.

وفجأة، أصبحت إيران بلا ميليشياتها الرئيسية وحليفتها الرئيسية الوحيدة. وبات الدفاع المتقدم و”المحور” عديم الفائدة.

إن أحد الحلول المحتملة هو الانطلاق نحو امتلاك القنبلة النووية. ولكن الإيرانيين يدركون أن الولايات المتحدة لديها خطة جاهزة- ربما تستغرق أقل من أسبوع- تتضمن قصفاً متواصلاً بالقنابل الخارقة للتحصينات التي تلقيها طائرات بي-2، والتي من شأنها أن تدمر البنية الأساسية النووية بالكامل بمجرد أن تكتشف الولايات المتحدة أن إيران تتحرك في هذا الاتجاه.

لا تزال إيران تمتلك ورقة رئيسية واحدة لتلعبها: التحسينات الهائلة التي حققتها في مجال التخصيب والبحث والتطوير منذ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي. هذا الأسبوع، هبط الريال مرة أخرى إلى مستوى منخفض جديد لذلك وتحتاج إيران بشدة إلى تخفيف العقوبات.

ولكن من الواضح أن إيران قد تتوصل إلى اتفاق مماثل مع ترامب، كما فعلت مع أوباما، حيث تجمد أي تقدم نووي إضافي وتضع أجزاء حيوية من مخزونها من اليورانيوم المخصب في نوع من الضمانات، ربما تحتفظ بها الهند (بدلاً من روسيا)، في حين تتخلص من العديد من أجهزة الطرد المركزي المتطورة للغاية. ولكن المعرفة الهندسية سوف تظل باقية.

لا شك أن الولايات المتحدة ستحاول مرة أخرى وضع عملاء إيران من الميليشيات وترسانتها الصاروخية على الطاولة، رغم أن إيران رفضت ذلك في عامي 2015 و2016. وهذه المرة، ونظرا لفشل الدفاع المتقدم، فلماذا لا توافق على الحد من الدعم لمجموعات مثل حزب الله وحتى الحوثيين؟ لن تتخلى إيران عن حزب الله تماما. إنه مشروع عمره 40 عاما. لكنها قد توافق على استغلال بعض هذا الدعم في تخفيف العقوبات بشكل أكبر، مما يسمح لترامب بالإعلان عن أنه حصل على صفقة أفضل بكثير من إيران (دون أن ينسب الفضل إلى بايدن).

لا شك أن طهران ستبقي مسألة الصواريخ بعيدة عن الطاولة، لأن نزع السلاح من جانب واحد أمر غير معتاد للغاية، وستشعر البلاد بأنه خط دفاعها الأخير. لكن التوصل إلى اتفاق معقول بشأن برنامجها النووي والتوصل إلى اتفاق للانسحاب بشكل جدي من إمدادات الأسلحة والدعم غير المشروع المماثل للجماعات المسلحة في المنطقة من شأنه أن يمنح ترامب انقلابًا دبلوماسيًا مذهلاً، وإن لم يكن صعبًا.

لا تملك إيران في واقع الأمر الكثير من البدائل. وإذا سارعت إلى امتلاك قنبلة نووية، فسوف تدمر الولايات المتحدة منشآتها النووية في غضون أيام قليلة. وطهران تدرك تمام الإدراك أن واشنطن لديها الخطة والمعدات اللازمة، وأن الأمر لا يتطلب سوى إصدار الأمر. لذا، فليس هناك الكثير من الفائدة في مثل هذا الاندفاع نحو الكارثة. ومن الأفضل كثيراً أن تكسب الوقت والأمان النسبي ومساحة التنفس من خلال إبرام صفقة مع السيد ترامب في أقرب وقت ممكن.

ومن دون أن يحرك ساكنا، فإن “الصفقة الأفضل” التي طال انتظارها مع إيران تنتظره على طبق من فضة، بجوار مشروباته الغازية المحبوبة “دايت كولا”.

يمن مونيتور20 ديسمبر، 2024 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام الإعلان عن مبادرة يمنية سعودية لتأسيس مدن غذائية في المناطق الحدودية مقالات ذات صلة الإعلان عن مبادرة يمنية سعودية لتأسيس مدن غذائية في المناطق الحدودية 19 ديسمبر، 2024 بينهم محافظ مركزي صنعاء.. عقوبات أمريكية جديدة على قيادات وكيانات حوثية 19 ديسمبر، 2024 لا شيء سيعرقل سعي السعودية نحو تنفيذ رؤية 2030 19 ديسمبر، 2024 وسط نقص خدمات الإغاثة.. نازحو مأرب يواجهون شتاءً قاسياً 19 ديسمبر، 2024 اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليق *

الاسم *

البريد الإلكتروني *

الموقع الإلكتروني

احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.

Δ

شاهد أيضاً إغلاق ترجمة خاصة صحيفة عبرية.. إسرائيل تركز على 8 قادة في جماعة الحوثي 18 ديسمبر، 2024 الأخبار الرئيسية مع وجود رؤساء جدد وشرق أوسط متغير، ما هي فرص إعادة ضبط العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران؟ 20 ديسمبر، 2024 الإعلان عن مبادرة يمنية سعودية لتأسيس مدن غذائية في المناطق الحدودية 19 ديسمبر، 2024 بينهم محافظ مركزي صنعاء.. عقوبات أمريكية جديدة على قيادات وكيانات حوثية 19 ديسمبر، 2024 لا شيء سيعرقل سعي السعودية نحو تنفيذ رؤية 2030 19 ديسمبر، 2024 وسط نقص خدمات الإغاثة.. نازحو مأرب يواجهون شتاءً قاسياً 19 ديسمبر، 2024 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك صحيفة عبرية.. إسرائيل تركز على 8 قادة في جماعة الحوثي 18 ديسمبر، 2024 إذاعة عبرية: الجيش الإسرائيلي طلب مصفوفة أهداف للحوثيين في اليمن 18 ديسمبر، 2024 واشنطن تدرس إعادة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية 17 ديسمبر، 2024 قائد الأسطول الأمريكي يقول إن وقف تدفق الأسلحة للحوثيين مفتاح لوقف الهجمات التجارية 17 ديسمبر، 2024 صحيفة إيرانية.. الحوثيون الهدف التالي بعد بشار الأسد 16 ديسمبر، 2024 الطقس صنعاء غيوم متفرقة 12 ℃ 21º - 11º 32% 0.26 كيلومتر/ساعة 21℃ الجمعة 22℃ السبت 21℃ الأحد 22℃ الأثنين 22℃ الثلاثاء تصفح إيضاً مع وجود رؤساء جدد وشرق أوسط متغير، ما هي فرص إعادة ضبط العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران؟ 20 ديسمبر، 2024 الإعلان عن مبادرة يمنية سعودية لتأسيس مدن غذائية في المناطق الحدودية 19 ديسمبر، 2024 الأقسام أخبار محلية 28٬755 غير مصنف 24٬198 الأخبار الرئيسية 15٬276 عربي ودولي 7٬154 غزة 6 اخترنا لكم 7٬132 رياضة 2٬398 كأس العالم 2022 72 اقتصاد 2٬278 كتابات خاصة 2٬105 منوعات 2٬036 مجتمع 1٬857 تراجم وتحليلات 1٬836 ترجمة خاصة 106 تحليل 14 تقارير 1٬633 آراء ومواقف 1٬561 صحافة 1٬486 ميديا 1٬446 حقوق وحريات 1٬343 فكر وثقافة 918 تفاعل 821 فنون 487 الأرصاد 360 بورتريه 66 صورة وخبر 37 كاريكاتير 32 حصري 24 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2024، جميع الحقوق محفوظة   |   يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 1 ديسمبر، 2022 “طيران اليمنية” تعلن أسعارها الجديدة بعد تخفيض قيمة التذاكر 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 29 نوفمبر، 2024 الأسطورة البرازيلي رونالدينيو يوافق على افتتاح أكاديميات رياضية في اليمن 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 4 يوليو، 2024 دراسة حديثة تحلل خمس وثائق أصدرها الحوثيون تعيد إحياء الإمامة وتغيّر الهوية اليمنية أخر التعليقات محمد شاكر العكبري

أريد دخول الأكاديمية عمري 15 سنة...

عبدالله محمد علي محمد الحاج

انا في محافظة المهرة...

سمية مقبل

نحن لن نستقل ما دام هناك احتلال داخلي في الشمال وفي الجنوب أ...

عبدالله محمد عبدالله

شجرة الغريب هي شجرة كبيرة يناهز عمرها الألفي عام، تقع على بع...

خالد غالب الشجاع

الله لا يلحقه خير من كان السبب في تدهور اليمن...

مقالات مشابهة

  • ترامب يعين"مارك بورنيت"مبعوثا خاصا إلى بريطانيا
  • عمال أمازون وستاربكس يضربون عن العمل.. فهل هم في سباق مع الزمن قبل دخول ترامب البيت الأبيض؟
  • الولايات المتحدة تعقد صفقة مع الشركة المصنعة للطائرة التي رصدت السنوار
  • الولايات المتحدة وبريطانيا تفرضان عقوبات على مسؤولين في جورجيا بسبب قمع الاحتجاجات
  • عمليات ترحيل المهاجرين في الولايات المتحدة تسجل رقما قياسيا
  • مع وجود رؤساء جدد وشرق أوسط متغير، ما هي فرص إعادة ضبط العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران؟
  • زيلينسكي: ليس لدى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا قرار بشأن نشر قوات في أوكرانيا
  • «فكرة عظيمة».. ترامب يعيد طرح ضم كندا إلى الولايات المتحدة
  • بلينكن يوضح موقفه تجاه إجراء مفاوضات بشأن اتفاق نووي مع إيران
  • فكرة عظيمة.. ترامب يعيد طرح ضم كندا إلى الولايات المتحدة