سرايا - انتقدت نائبة رئيس الوزراء البريطاني أنجيلا رينر، ضمناً، تصريحات جيه دي فانس، الرجل الذي اختاره دونالد ترامب كنائب له في سباقه للرئاسة الأمريكية، والتي قال فيها إن بريطانيا قد تصبح دولة إسلامية في ظل حكم “العمال”.

وقالت صحيفة إن اختيار فانس، يوم الإثنين، في مؤتمر الحزب الجمهوري أثار الانتباه لما يمكن أن يعنيه انتخابه للسياسة البريطانية.



ويقيم ديفيد لامي، وزير الخارجية البريطانية، علاقة قوية مع النائب المرشح، وعبّرَ عن إعجابه بمذكراته “مرثاة هيليبلي”، والتي تحدث فيها عن ولادته في أسرة فقيرة، وكفاحه السياسي، حيث قال لامي لمجلة “بوليتيكو”: “هذه موضوعات في قصتي السياسية”، لكن لامي لم يعلّق على تصريحات فانس في مؤتمر المحافظين الوطنيين، والتي قال فيها إن وصول حزب “العمال” إلى السلطة “قد يعني أننا سنشهد أول دولة إسلامية بسلاح نووي”.

وأشارت “الغارديان” إلى أن الكلام الساخر سيكون محرجاً لوزير الخارجية البريطاني، الذي حاول بناء علاقات وجسور مع فانس في الأشهر الاخيرة، باعتبار المشاركة في الظروف الفقيرة التي نشأ فيها كل منهما.

وقال فانس: “عليّ أن أتحدث عن بريطانيا. كنت أتحدث مع صديق، في الأيام الأخيرة، عن خطر كبير في العالم، وهو انتشار السلاح النووي، وبالطبع فإدارة بايدن ليست مهتمة به”. و “كنت أتحدث عن أول دولة إسلامية حقيقية ستحصل على السلاح النووي، وكنا نقول، قد تكون إيران، أو ربما باكستان، وأخيراً قررنا أنها بريطانيا، منذ سيطرة حزب العمال”.

ووصف لامي فانس بأنه صديق، عندما ألقى كلمة في معهد هدسون في أيار/مايو، وعندما كان في المعارضة. وخلال فترته هذه، كان لامي ناقداً لترامب “فترامب ليس كارهاً للمرأة ومجنوناً متعاطفاً مع النازية”، بل “هو تهديد على النظام الدولي الذي كان أساس التقدم الغربي لوقت طويل”، لكن لامي اقترح مؤخراً أن بريطانيا قد تجد طرقاً للتعامل مع حكومة يقودها ترامب: “سنكافح للعثور على أي سياسي في العالم الغربي لم يكن لديه شيء قاله رداً على دونالد ترامب”.

وبالنظر إلى ما قاله، فقد جاء على شكل نكتة، كما تقول “الغارديان”، إلا أن النكات قد تكون مستفزة.

كان فانس من أشدّ الناقدين لموقف الولايات المتحدة من حرب أوكرانيا، وداعية للحدّ من الهجرة، ومدافعاً قوياً عن سياسة الحماية للتجارة الأمريكية التي تبنّاها ترامب

ووصف المعلق في صحيفة “التايمز”، وعضو مجلس اللوردات المحافظ دانيال فينكلشتاين التعليقات بأنها “مستفزة وعنصرية”. ولم يرد لامي على ما قاله فانس، إلا أن أنجيلا رينر اقترحت، في مقابلة مع أي تي، أن فانس كان مخطئاً بشأن بريطانيا، وردّت بأنها قالت في السابق أشياء غير مناسبة، و”لا أفهم التشخيص، وأنا فخورة بالنجاح الانتخابي الذي حققه “العمال” في الفترة الأخيرة. وكسبنا أصواتاً بناء على مجتمعات مختلفة، وفي كل البلد، ونريد الحكم نيابة عن بريطانيا، والعمل مع حلفائنا الدوليين”. و”لهذا أتطلع لمقابلة فانس، وإن كانت هذه هي النتيجة [وفاز ترامب]، والأمر بيد الأمريكيين لكي يقرروا”.

وقالت إن الولايات المتحدة تعتبر حليفاً رئيسياً لبريطانيا، وستعمل الحكومة الحالية مع من يفوز في الانتخابات. وبعد اختياره كمرشح تركز الاهتمام على تصريحات فانس وانتقاداته السابقة لترامب، حيث وصف الأخير مرة بأنه “هتلر أمريكا” قبل أن يعتذر.

وأشارت صحيفة “لوس أنجليس تايمز”، في مقال للورين بيري، إلى أن اختيار فانس كان نتاجاً لفشل الإعلام في فهم الطبقة في الولايات المتحدة، ولهذا السبب حصل فانس على موقع المبجل في الإعلام الأمريكي بسبب مذكراته “مرثاة هيليبلي” (وهو مصطلح في منطقة أوهايو التي يمثلها، يعبّر عن ناس الريف)، وبأنه يمثل جزءاً من أمريكا لم يتم الاهتمام به، لكنه لم يكن أبداً من أبناء الطبقة العاملة. وصوّرها فانس، في مذكراته الصادرة عام 2016، بأنها تمثل 35% من الأمريكيين، وأن أبناءها هم ضحايا يُؤسف لهم للإدمان على الكحول والمخدرات والكسل والدمار الذاتي والفشل الأخلاقي. وصدق الصحافيون ما قاله، وأضافوا نمطياتهم الخاصة عن الطبقة العاملة التي رأوا أنها طبقة غاضبة غير متعلمة من الرجال البيض، يدفعهم غياب الأمن الاقتصادي والنوستالجيا العنصرية لدعم حملة ترامب الرجعية. وقد وسع هذا التشويه الانقسام الحقيقي بين الأمريكيين المهمّشين، وغذّى الدعم لترامب وأدى إلى تبجيل واسع لفانس.

وحظي كتابه بمراجعات جيدة في “نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست”، باعتباره صوت الطبقة العاملة، وعيّنته “سي أن أن” كمعلّق. وتقول إن الطبقة العاملة الحقيقية، وفي تعبيرات مركز التقدم الأمريكي، هم “السود، الهسبانو، وغيرهم من الملونين الذين يشكلون نسبة 45%، فيما تشكل نسبة غير الهسبانو البيض البقية، أي 55% ونصف، الطبقة العاملة من النساء ونسبة 8% تعاني من إعاقات”.

وعليه فالتصوير الإعلامي للطبقة العاملة بأنهم مجموعة من غير المتعلمين يتجاهل من ينطبق عليهم التعبير. وانتبهت مجموعة من التقارير لأخطاء وأكاذيب فانس، وتمثيله الخاطئ للطبقة العاملة، ففي تشرين الأول/أكتوبر 2016، كتبت سارة سمارش في “الغارديان” مقالاً أشارت فيه إلى استطلاعات وجدت أن أنصار ترامب لديهم متوسط دخل أعلى بـ 72,000 دولار من أنصار هيلاري كلينتون أو بيرني ساندرز.

ونشأ فانس في عائلة متوسطة، وبتجاهلهم هذه الحقيقة فإن “صنّاع الأخبار قدّموا الطبقة العاملة البيضاء بأنها واحدة، وتشير ضمنياً إلى القصة القديمة المخادعة، المقنعة للرأسمالية، وهي أن الفقراء هم الحمقى الخطيرون”. وأشارت الكاتبة لعدد من الكتب التي قدمت صورة مغايرة عن الواقع الذي صوّره فانس، إلا أن الإعلام لم يحتف بها كما فعل مع مذكرات فانس. وقد سمحت له “نيويورك تايمز” بمراجعة كتاب مهم كتبه المؤرخ ستيفن ستول، عن الحياة في جبال أبالاتشيا، التي حضرت في “مرثاة هيليبلي”. وبنفس السياق تم تجاهل أصوات المؤرخين السود، لأن الناخبين السود، ومن أي نوع، تم تجاهلهم.

رأى النقاد في مذكرات فانس نقداً حاداً للضحية، ولوماً لها على ما تعيش فيه

وتقول الكاتبة إن الطبقة المحظوظة لم تتعلم إلا الدروس الخطأ من كتاب فانس، هذا إن تعلمت شيئاً، والآن، وقد أصبح فانس جزءاً من رزمة ترامب في الانتخابات، فالأمل أن يتعلّموا شيئاً جديداً.

وعلق إريك كورتيلسا، في مجلة “تايم”، عن سبب اختيار ترامب لفانس، حيث أعلن عنه ليس من داخل قاعة المؤتمرات للحزب الجمهوري، ولكن عبر منصة “تروث” التي يملكها، وقال إنه اختار فانس “لأنه الشخص الوحيد المناسب لمنصب نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية”. ومن خلال اختياره، فقد منح ترامب الشخصية الأهم في اليمين الشعبي مكانة بارزة. وابتعد عن اختيار شخصية من اليمين المحافظ.

فقد كان فانس من أشدّ الناقدين لموقف الولايات المتحدة من حرب أوكرانيا، وداعية للحدّ من الهجرة، ومدافعاً قوياً عن سياسة الحماية للتجارة الأمريكية التي تبنّاها ترامب، وكذا فرض تعرِفات جمركية على البضائع المستوردة. وأخبر فانس الكاتب، في نيسان/أبريل: “هذا جزء من أجندة إعادة التصنيع للبلد”.

وبعبارات أخرى؛ اختار بايدن الشخصية المفضّلة في حركة ماغا، أو لنجعل أمريكا عظيمة مرة ثانية، وليضمن أصوات الناخبين في ما يعرف بحزام راست، أو المناطق الصناعية السابقة في شمال-غرب ومناطق الوسط في غرب الولايات المتحدة، وهو مصطلح يصف حالة الصدأ التي أصابت هذه المناطق بسبب ركود التصنيع. ففي هذا الحزام يريد ترامب الحصول على أصوات ولايات مهمة في ويسكنس وميتشغان وبنسلفانيا. كما يحظى فانس بشعبية بين مانحين في سيلكون فالي.

وقد وصف فانس في مذكراته التدهور الصناعي، كما وصف نشأته بأوهايو. وبعد خدمته في المارينز، عمل كمراسل حربي، وغطى حرب العراق، درس بجامعة أوهاويو، وتخرج بشهادة في العلوم السياسية والفلسفة. وانضم لاحقاً لجامعة ييل لدراسة القانون، وتولّى مهمة تحرير مجلة ييل ريفيو. وعمل في شركة قانونية للنخبة، وهي سيدلي أوستن، وهي نفس الشركة التي التقى فيها باراك أوباما وميشيل، وانتقل إلى سان فرنسيسكو، وعمل مع بيتر ثيل.

وبعد نشر مذكراته أصبح رمزاً للطبقة العاملة التي تؤكد على المسؤولية الشخصية والاعتماد على الذات.

ورأى النقاد في مذكراته نقداً حاداً للضحية، ولوماً لها على ما تعيش فيه.

ومع صعود ترامب أصبح ناقداً حاداً له، واقترح، في مقال نشرته “يو أس إي توداي”، بأن سياسات ترامب تتراوح من اللاأخلاقية إلى الغرابة.

وكان التحول في مواقف فانس مداراً لتكهنات الصحافة، لكنه، وبعد ترشحه لمجلس الشيوخ أصبح قومياً شعبوياً، وجذبت معارضتُه لحرب أوكرانيا انتباه ابن ترامب. وكان دونالد ترامب جي أر أهم عامل بتشجيع والده لدعمه كمرشح لمجلس الشيوخ، عام 2022، واختياره كنائب له. ومدح ترامب، في معرض حديثه عن اختيار فانس، بأن حياته ونشأته في طبقة فقيرة تعطيه مصداقية بين الطبقة العاملة البيضاء، كما أن ردته على النخبة التي عمل معها مرة تعطيه موقع المتمرد المرتد.

مع صعود ترامب أصبح فانس ناقداً حاداً له، وقال إن سياساته تتراوح من اللاأخلاقية إلى الغرابة

وكان فانس الشخصية المفضلة لدى ترامب، مقارنة مع مرشحين آخرين، فقد أعجب الرئيس السابق بمقابلات فانس التلفزيونية، وقدرته على الرد والمواجهة، كما تطورت علاقة شخصية بينهما. وأثبت فانس ولاءه، بعد تعرض ترامب لمحاولة اغتيال، حيث لام، في تغريدة، جو بايدن على المحاولة: “اليوم، هذا ليس حادثاً معزولاً”، و”الفرضية الأساسية لحملة بايدن هي أن ترامب ديكتاتوري فاشي ويجب وقفه بأي ثمن، وقاد هذا الخطاب مباشرة لمحاولة اغتيال الرئيس ترامب””.

ويتوقع البعض أن يكون فانس مرشح الجمهوريين لحملة 2028، وهناك من يرى أنه سيكون حامل الراية لحركة ماغا. ومع أن ترامب لا يريد اختيار خليفة له، إلا أن ترشيحه فانس إشارة عن هذا.

وفي النهاية، تقول صحيفة “واشنطن بوست”، في افتتاحيتها، إن اختيار الجمهوريين بطاقة ترامب- فانس هو تأكيد على تخليهم عن التزاماتهم الدولية ودعمهم الديمقراطية حول العالم. وأشارت إلى انتخابات 1952، عندما هزم دوايت إيزنهاور في مؤتمر الجمهوريين روبرت تافت للفوز بترشيح الحزب، وفي منافسة تركزت على سياسة الولايات المتحدة في ما بعد الحرب العالمية الثانية.

ولكن بطاقة ترامب- فانس هي تأكيد على عودة أمريكا لسياسة العزلة وتبنّي الشعبوية. فبعد سبعة عقود، أصبحت حركة “أمريكا أولاً” هي المهيمنة على الحزب.

وتساءلت الصحيفة عن الطريقة التي انحرف فيها الحزب عن سياسة رونالد ريغان وجورج هيربرت بوش وجورج دبليو بوش. مشيرة إلى تصريحات فانس على بودكاست ستيفن بانون، عام 2022: “لا يهمني في الحقيقة ما سيحدث لأوكرانيا بطريقة أو بأخرى”. بل سافر إلى ميونيخ، وانتقد أوكرانيا أثناء المؤتمر الأمني.

وذكّرت الصحيفة بمواهب فانس، وانتقاداته الأولى لترامب، حيث كتب في الصحيفة ذاتها أن ترامب “لديه شعار عن العظمة، وبدون جوهر لدعمه”. لكنه تغيّرَ وأصبح ناطقاً باسم مجموعة تُعرف أحياناً بالمحافظة الوطنية، أو ما بعد الليبرالية، ودعم منع الإجهاض عام 2022، مع أنه خفّفَ من لهجته، وترك القرار للولايات لا السلطة الفدرالية. وقال فانس إنه لو كان نائباً للرئيس عام 2021 لم يكن ليسمح بالمصادقة على انتخابات 2020.

إقرأ ايضاَحزب الله اللبناني يطلق عشرات الصواريخ على شمال "إسرائيل"إدانة سيناتور أميركي بتهم فساد تتعلق بمصرالاحتلال لواشنطن: احتمال نجاة الضيف ضئيل

المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الطبقة العاملة فانس فی إلا أن

إقرأ أيضاً:

بوليتيكو: هل سقط زيلينسكي في استفزازات فانس مما أخرجه عن النص المرسوم له؟

نشرت مجلة "بوليتيكو" تقريرا أعده جيمي ديتمر، محرر طبعة "بوليتيكو" الأوروبية، قال فيه إن المشادة التي حدثت يوم الجمعة الماضي في البيت الأبيض، أفرحت اليمين الأمريكي وبخاصة دعاة "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" (ماغا) وبخاصة المستشار الإستراتيجي السابق لترامب، ستيفن بانون الذي أخبر المجلة "لقد كانت نتيجة مثالية ويمكننا الآن أن نغسل أيدينا منه".

ومع ذلك، أصيب الأوكرانيون بالذهول من المشهد، ولا يزالون منزعجين بشدة مما يرون أنه فشل من الرئيس دونالد ترامب ونائبه جيه دي فانس في فهم أنهم الطرف المظلوم الذي عانى بشدة على أيدي روسيا المنتقمة، حتى أنهم تحملوا جرائم حرب موثقة.

وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حريصا، حسب نصيحة أصدقائه ومستشاريه الأمريكيين وكذلك رئيس أركانه القوي أندريه يرماك لتجنب استعداء الرئيس الأمريكي الشائك دونالد ترامب منذ إعادة انتخابه. وكانت النصيحة التي قدمها ترامب لزيلينسكي هي "اللعب معا"، ونظرا للعلاقات السيئة بين ترامب وزيلينسكي التي تعود إلى عام 2019، عندما رفض الزعيم الأوكراني الاستجابة لمطلب ترامب بإجراء تحقيق مع نجل الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن فإن اتباع هذه النصيحة كان أمرا بالغ الأهمية.

وحتى الجمعة الماضي كانت الإستراتيجية واضحة: كان على الزعيم الأوكراني أن يظهر باعتباره عنصرا بناء، مما يترك الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عرضة لغضب ترامب حالة تمرد وقال "لا" لترامب. ولكن الالتزام بهذه الإستراتيجية كان دائما أمرا صعبا، على الرغم من أنه لم يكن أحد أن يتنبأ بمدى سقوطه المذهل.


 والسؤال هو، هل يمكن التراجع عن الضرر؟
ويقول الكاتب إنه في كييف، يتم تحميل جيه دي فانس مسؤولية المشادة السريالية والعاصفة، فهو منتقد قديم لتورط الولايات المتحدة في أوكرانيا. ويتهم بأنه تعمد استفزاز زيلينسكي، ربما لإغراق صفقة من شأنها أن تسمح للولايات المتحدة بقدر أكبر من الوصول إلى معادن أوكرانيا.

وعلق خبير جمهوري في الشؤون الخارجية، للمجلة بشرط عدم الكشف عن هويته قائلا٬ إن فانس كان يريد قتل صفقة المعادن لاعتقاده أنها "ستقوي اللوبي المؤيد لأوكرانيا في الإدارة، وقد ابتلع زيلينسكي الطعم". لكن الخبير الجمهوري اعتبر الزعيم الأوكراني مخطئا لعدم تركيزه على الصفقة فقط، "حيث فشل زيلينسكي قبل يوم الجمعة في إدراك أهمية صفقة المعادن، إنها مهمة ليس بسبب المعادن، بل تتعلق بمنح ترامب فوزا سياسيا".

وأصر مسؤولو البيت الأبيض منذ ذلك الحين وصراحة بعدم وجود مخطط لشن هجوم على زيلينسكي أو تعطيل صفقة المعادن. بل وزعموا وخلافا لهذا، بأن ترامب وفانس شعرا بالإحباط من تشكيك زيلينسكي في جدوى التفاوض مع بوتين، وشعرا أنه كان يحاول تدمير المحادثات بين الولايات المتحدة وروسيا، وهي النقطة التي أكد عليها وزير الخارجية ماركو روبيو في مقابلة أمس الأحد.

وفي أعقاب الحادث، تبذل جهود شاقة لمحاولة إصلاح بعض الأضرار وترتيب مكالمة هاتفية بين زيلينسكي وترامب لمحاولة إنقاذ العلاقة. ويعمل القادة الأوروبيون ويسعون إلى هندسة مكالمة بين الرجلين، حيث يعرب الرئيس الأوكراني عن أسفه لكيفية خروج اللقاء عن السيطرة بدون أن يقدم اعتذارا.


وكتب جوناثان إيال من معهد تشاتام هاوس في لندن: "كانت الرحلة إلى واشنطن، وهي الأولى لزيلينسكي منذ أن تولى الرئيس ترامب منصبه، مهمة صعبة دائما". ومع ذلك، لا تزال هناك آمال في أن كل شيء قد ينتهي على ما يرام، مع التباشير التي ظهرت من رحلات سابقة قام بها إيمانويل ماكرون من فرنسا وكير ستارمر من بريطانيا، من المؤكد أنهما تمكنا من تمهيد الطريق.

وكانت تصريحات ترامب للصحفيين إنه لا يتذكر وصف زيلينسكي بأنه "ديكتاتور" علامة أخرى تبعث على الأمل. ومع ذلك، كانت هناك مخاوف قبل أن يسقط زيلينسكي في واشنطن: فمن ناحية، بدا أن التداعيات المستمرة من لقاء في أوائل شباط/ فبراير الماضي٬ بين زيلينسكي ووزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت قد أزعج ترامب، الذي اشتكى علنا من أن زيلينسكي لم يحترم بيسنت من خلال محاضرته حول عبثية التفاوض مع بوتين.

وعلاوة على ذلك، كان المؤثرون السياسيون من الخارج وأتباع "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" (ماغا) يثيرون الشغب حول استمرار تورط الولايات المتحدة في أوكرانيا ويريدون وقف جميع المساعدات كليا.

وتحدث زيلينسكي قبل لقائه مع ترامب وفانس، مع عدد من المشرعين في واشنطن وأخبرهم بأنه سيضغط على ترامب بمنح أوكرانيا ضمانات أمنية لمرحلة ما بعد الحرب. إلا أن السناتور الجمهوري عن ساوث كارولينا، ليندزي غراهام حذره وطلب منه أن يسير على مهل في أي خلافات، وبعبارة أخرى منح ترامب انتصارا.

وحث وزير الدفاع الأوكراني، يرماك زيلينسكي التركيز على صفقة المعادن، حيث سيتم طرح الضمانات الأمنية فيما بعد. لكن زيلينسكي الذي استفزه فانس، حاد عن الطريق، مما قاد إلى "كارثة" حسب وصف المشرع الأوكراني أوليسكي كونتشارينكو.


وكان زعيم المعارضة الروسية، ميخائيل كودروسفكي منزعجا أيضا من الأحداث التي شاهدها عن بعد قائلا: "أنا أفهم ألم الرئيس زيلينسكي، إحباطه من عجزه في مواجهة معتد متفوق. لكن العمل يعلم درسا قاسيا: مشاكلك هي مشاكلك وإذا كنت تريد من الطرف الآخر أن يتفاعل، فانس مشاكلك وركز على مشاكلهم، وليس كما تراها أنت، بل كما يرونها هم. أظهر لهم أنك الحل لمشاكلهم"، حسب قوله لمجلة "بوليتيكو".

وأضاف: " فشل الرئيس زيلينسكي في هذا، وتحدث عن العدالة وأوروبا، متجاهلا الطريقة التي ينظر فيها ناخبو ترامب للوضع. وأمل أن يكون لدى الرئيس الأمريكي الحكمة ليرد على الأحداث بوضوح وبراغماتية". ورغم ما تركته المشادة من حالة عدم اليقين على العلاقات الأوكرانية- الأمريكية إلا أن زيلينسكي يحظى بدعم داخلي لموقفه الثابت. وحتى النواب الأوكرانيين الذين انتقدوا قيادته، احتشدوا حوله، مع أنهم يقولون فيما بينهم أن الرئيس فشل في تكييف لغته مع لغة الإدارة الجديدة.

لكن الجميع يرون أنه عكس بأمانة الرأي العام الأوكراني ودافع بحماس عن أمتهم التي تعرضت لاعتداء وحشي وعبر عن القلق الذي يشعر به سكان البلاد بشأن احتمال وقف إطلاق النار الذي يجعلهم عرضة للعدوان الروسي المتكرر.

وقالت النائبة المعارضة ليسيا فاسيلنكو: "لقد كان الأمر في الحقيقة بمثابة ضرب رجل واحد من قبل زعيم دولة أكبر بكثير، دولة يفترض أنها صديقة. لقد كان ذلك تنمرا وخرج زيلينسكي قويا جدا". وتأسف النائب ميكولا كنياجيستكي للحادث، وقال للمجلة: "كان ينبغي ألا يفشل الاجتماع بين زيلينسكي وترامب. نحن ملتزمون بالتعاون مع أمريكا ونأمل أن تهدأ المشاعر، مما يسمح للحوار بالعودة إلى مسار بناء. يريد الأوكرانيون، أكثر من أي شخص آخر السلام. نحن مستعدون للمفاوضات، ولكن يجب أن تأتي من موقف القوة، وليس الاستسلام"."


والسؤال الكبير هو ما إذا كان الضرر لا يمكن إصلاحه؟ يعلق البعض على الجانب الأوكراني آمالهم على رد فعل ترامب اللاحق وهو يتجه إلى منتجعه في فلوريدا.

مقالات مشابهة

  • بوليتيكو: هل سقط زيلينسكي في استفزازات فانس مما أخرجه عن النص المرسوم له؟
  • هل تنتقل قيادات العمال الكردستاني لدولة ثالثة؟
  • نائبة: قانون العمل الجديد يضمن حقوق العمالة غير المنتظمة ويحمي المرأة العاملة
  • نائب: الطبقة السياسية في العراق مجموعة من اللصوص ولن يستقر البلد بوجودهم
  • ماكرون يدعو ترامب وزيلينسكي إلى "الهدوء والاحترام"
  • الضربات التي أوجعت الولايات المتحدة!!
  • دي فانس يبرز مدافعا شرسا عن ترامب
  • مخاوف من استخدام ترامب معلومات حساسة كأداة تفاوض مع بريطانيا
  • سجال عنيف بين «ترامب وزيلينسكي».. هل وصل للضرب؟
  • التفاصيل الكاملة للمشادة الكلامية بين ترامب وزيلينسكي في البيت الأبيض