شبكات جلب وتجنيد المرتزقة في ميليشيا الدعم السريع.. من هو المقاول الخفي؟
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
تحصلّ الفريق الاستقصائي لموقعي “المحقق” العربي و “سودان هورايزون” الإنجليزي، على معلومات جديدة عن شبكات جلب وتجنيد المرتزقة للقتال في صفوف مليشيا الدعم السريع الإرهابية بالسودان، حيث تعتمد المليشيا بصورة أساسية على شبكة معقدة من شخصيات وثيقي الصلة بدولة الإمارات وهى الشبكة الأكثر نفوذاً، ولديها وكلاء في تشاد وأفريقيا الأوسطى وكينيا التي تم مؤخراً نقل ملايين الدولارات إليها وفتح حسابات في بنوكها بأسماء شخصيات مقربة من أسرة آل دقلو الإرهابية.
وتتحرك تلك الشبكات في دول جوار السودان، وتنشط أكثر في تشاد وجنوب ليبيا لفتح خطوط الإمداد، وإدخال الوقود والمخدرات والدعم اللوجستي لصالح المليشيا، مقابل تهريب الذهب أيضاً، وتتوافر معلومات شبه مؤكدة أن طه عثمان الحسين والذي تربطه علاقات بقيادات نافذة في العديد من الدول الأفريقية، منذ أن كان مديراً لمكاتب الرئيس السابق عمر البشير، هو الذي يشرف على تلك الشبكة، وينسق نساطها مع عبد الرحيم دقلو قائد ثاني المليشيا، وقيادات أخرى مقربة من قائد مليشيا الدعم السريع، أحدهم يمثل أحد الأذرع الإماراتية في صفوف الميليشيا وغرف التفاوض، وتشتبه مصادر استقصائية أن مكتب مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد هو الذي يشرف على أعضاء الشبكة.
عمليات تجنيد المرتزقة
تنشط تلك المجموعة في توفير الأموال اللازمة للحركة وشراء ولاء قيادات الإدارات الأهلية، إذ أن التعاقد يتم عبر مناديب محليين، سواء كان ذلك بالتواصل المباشر، أو بعقد صفقات مع زعماء وعمد لتجنيد شباب القبائل العربية داخل دارفور وفي منطقة الساحل وغرب أفريقيا، وكان يتم تنسيق تلك الجهود عبر قائد المليشيا في دارفور علي يعقوب الذي لقى مصرعه في الفاشر، خلال الأسابيع الماضية.
من المهم الإشارة إلى أن قادة في شركة فاغنر الروسية أوكل إليهم تدريب المرتزقة على التعامل مع الأسلحة وحرب المدن، ليتم بعد ذلك نقلهم وتأمينهم إلى معسكرات الدعم السريع، ويجري تداول لمعلومات متواترة مؤخرًا بأن فريقاً ثلاثياً يتكون من حسبو محمد عبد الرحمن النائب السابق لرئيس الحمهورية إلى جانب المك عبيد أبوشوتال، وعلي رزق الله الشهير بـ”السافنا”، المحكوم عليه بالإعدام، تمّ تكليفه بالإشراف على مهمة التواصل والإقناع والتجنيد وسط أبناء القبائل، لكن فريق “المحقق” لم يعثر على دلائل مادية سوى ما يجري على ألسن القبليين وبعض اعترافات قادة من المليشيا.
إعترافات جلحة
ثمة فيديو تداولته مواقع التواصل الاجتماعي خلال هذا الأسبوع ظهر فيه القائد الميداني في صفوف المليشيا جلحة، وهو يقر بوجود مرتزقة من جنوب السودان وليبيا وتشاد والنيجير يقاتلون معه. وقال إن قواته تضم عناصر من كل تلك الدول.
وحيا جلحة اللواء حسن معتوق الزادمة، الجنرال الليبي، مؤكداً أنه سوف يرسل إليه المزيد من القوات في سياق تبادل القوات بينهما.
اللواء الزادمة الذي ذكره جلحة هو قائد الكتيبة 128 التابعة للواء 161، وهى تحت إشراف الجنرال خليفة حفتر، المقرب من الإمارات، وأحد المسؤولين عن إمداد مليشيا الدعم السريع بالسلاح.
وبحسب موقع Middle East Eye فإن إمداد مليشيا الدعم السريع بالوقود تسهّله وحدات سبيل السلام والكتائب 128 في جيش حفتر الخاضعة لقيادة حسن معتوق الزادمة. كتيبة زادما مسؤولة عن المنطقة الجنوبية الشرقية من ليبيا ولقائدها علاقات قوية وطويلة الأمد مع مرتزقة سودانيين وتشاديين. إلى جانب ذلك ثمة مجموعات سودانية تعمل في المناطق الحدودية، حيث تساعد في إمداد قوات الدعم السريع بسبب الروابط القبلية والرفاق من فترات القتال السابقة.
وكان وزير الخارجية السوداني المكلف حسين عوض قد ذكر أن تشاد بقيت مقراً لقيادات الدعم السريع تعقد فيها الإجتماعات واللقاءت، وتتم فيها عمليات التجنيد وشراء الولاء، واستلام الأموال، فضلا عن علاج المصابين من عناصر “المليشيا الإرهابية” في مستشفياتها، أو الترتيب لهم للسفر خارج الإقليم للعلاج.
توت وأبناء النوير
مؤخراً أصبحت المليشيا تركز على تجنيد أبناء النوير من جنوب السودان، باعتبارهم يجيدون القنص والتدوين وضرب المدافع والأسلحة الثقيلة، وتزايدت أعدادهم خلال الأشهر الأخيرة عبر شبكات تنشط في الاتجار بالبشر، ومقاولي أنفار من بينهم شخصيات مقربة من توت قلواك المستشار الأمني لسلفاكير، الذي نفى أي صلة له بالأمر.
وكانت صحيفة (Sudans post) التي تصدر باللغة الإنجليزية قد أصدرت تقريراً مطولاً عن اعتقال اللواء (قبريال تاب قاتويك)، بواسطة قوات “الحركة الشعبية في المعارضة” التي يتزعمها الدكتور رياك مشار، وذلك على خلفية اتهام قاتويك بتجنيد مقاتلين من جنوب السودان – ولاية الوحدة – لصالح مليشيا الدعم السريع.
ويقود قاتويك وحدة تضم ما يصل إلى 1000 مقاتل من جنوب السودان ضمن قوات الدعم السريع. وتزعم المصادر أن قاتويك يقوم بتجنيد مقاتلين في ولاية الوحدة منذ ديسمبر 2023 وتم القبض عليه في مايو 2024 أثناء محاولته الوصول إلى مقر الجيش الشعبي لتحرير السودان – في المعارضة في تونغ.
وقد اعتمدت قوات الدعم السريع بشكل كبير على المقاتلين الأجانب، بما في ذلك المقاتلين من جنوب السودان، وفقًا للصحيفة.
ووأحد الذين يقاتلون إلى جانب المليشيا أيضاً الجنرال ستيفن بواي رولنيانغ، زعيم الحركة الشعبية لجنوب السودان المعارضة، حيث شوهد جنوده في صور ظهرت على الإنترنت وهم يرتدون زي قوات الدعم السريع.
وبدا لافتاً أن من تم أسرهم بواسطة القوات المسلحة بعد تحرير مقر هيئتي الإذاعة والتلفزيون في مارس الماضي كان ما يبربو على 152 شخص منهم من منطقة واحدة بولاية أعالى النيل في جنوب السودان!
في الوقت نفسه تم تجنيد مئات الجنوبيين الذين كانوا يعملون في كماين صناعة الطوب بضاحية الجريف وولاية الجزيرة، وشكل هؤلاء عماد القوات التي ترتكز حالياً في منطقتي بري وبحري تحديدًا داخل المزارع وشارع مور حتى شارع القذافى مروراً بسوبا ومنطقة الصناعات جنوب الخرطوم.
وقد تحدثت تقارير دولية عن حركة الإمداد والتشوين للمليشيا عبر جنوب السودان، وذلك بعد محاولات رصف طرق بين أبو مطارق وراجا في ولاية غرب بحر الغزال، كما تحاول المليشيا من خلال الوصول إلى ولاية النيل الأزرق فتح خطوط دائمة للإمداد مع جنوب السودان.
دول العدوان الخارجي
حجم التداخلات الخارجية في هذه الحرب لافت للأنظار، فالسودان – دون مُبالغة – يواجه عدوانًا من سبع دول ومنظمات إقليمية وعالمية، والشاهد أن الحكومة القائمة تقدمت بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن في هذا الشأن ضد الأطراف الضالعة، واتهمتهم بدعم التمرد، وقد أشار رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش الفريق البرهان في أحد خطاباته للشعب السوداني، إلى أن البلاد تواجه، ما وصفها بـ«أكبر مؤامرة في تاريخها الحديث تستهدف كيانها وهويتها ومصير شعبها».
ولعلّ ما يجعل لهذه المعلومات أهمية على الأرض، أن الحرب تدور في حقيقتها بين القوات المسلحة وآلاف المرتزقة الأجانب الذين ينتشرون الآن داخل الأراضي السودانية، بالتسلل عبر حدود خارج نطاق سيطرة الجيش، وربما لا يدري حتى (حميدتي)، المُغيب في مكانٍ ما، حجم تلك القوّة التي تضاعفت أرقامها مرّات بعد الحرب.
تشير بعض التقديرات إلى إدخال أكثر من ثلاثة ملايين قطعة سلاح إلى السودان، خلال السنوات الأخيرة، في وقت قامت دول خارجية بإعداد آلاف من المقاتلين المرتزقة، وزجّت بهم في الحرب السودانية.
وقد ظهر ذلك في كثير من مقاطع الفيديو والصور، واعترافات الأسرى أنفسهم من أفريقيا الوسطى، وتشاد، وجنوب السودان، وإثيوبيا، كلهم يرتدون زيَّ الدعم السريع، ويتسللون عبر متحركات وموجات فزع في ولايات غرب ووسط السودان، وعلى رأس هؤلاء زعيم حركة “نضال مظلوم” التشادية حسين الأمين جوجو، كما سلم السودان 6 جوازات إماراتية عثر عليها في جيوب مقاتلين داخل في صفوف المليشيا بعد قتلهم.
كثير من هؤلاء المرتزقة قبضوا الثمن، ولكنهم لا يعرفون لماذا يقاتلون؟ فبالعودة لظروف تجميع هذه القوة الأفريقية العابرة للحدود، يمكن القول؛ إن (حميدتي) استثمر في الدور الذي أوكله له الاتحاد الأوروبي بمكافحة الهجرة غير الشرعية، ولذا تغاضوا عن جرائمه في دارفور، وسمحوا له بفتح معسكرات في المناطق الحدودية بين السودان وبعض دول الجوار، وتجميع المهاجرين الأفارقة في تلك المعسكرات وضمهم للدعم السريع،، لتصبح بُعيد ذلك، قوة ضاربة، ومتعددة الجنسيات، بتمويلات غربية، تحت سيطرة آل دقلو ظاهريًا.
تلك القوات، تضاعفت أعدادها خلال ثلاث سنوات فقط من 27 إلى 200 ألف مقاتل، وعلى الأرجح أن الهدف من تلك القوة كان السيطرة – بقوة السلاح – على السلطة في عدد من الدول الأفريقية، سواء كان ذلك بالانقلاب، أو بالهجوم المباشر، وصناعة ما يعرف بالفوضى الخلاقة!
المحقق – سودان هورايزون – خاص
إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع قوات الدعم السریع من جنوب السودان فی صفوف
إقرأ أيضاً:
قوات الدعم السريع تعتزم التعاون مع حكومة جديدة وتثير مخاوف بتقسيم السودان
دبي- القاهرة- قالت قوات الدعم السريع شبه العسكرية في السودان إنها ستتعاون مع حكومة جديدة مقرر تشكيلها للإشراف على مناطق تخضع لسيطرتها، في أقوى خطوة تتخذها نحو تقسيم السودان بعد 20 شهرا من الحرب الأهلية، وتخوض قوات الدعم السريع اشتباكات مع الجيش السوداني منذ أبريل نيسان من العام الماضي، وتسيطر الآن على مساحات واسعة من وسط وغرب السودان بما في ذلك معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور.
ومن شأن تشكيل أي حكومة جديدة لإدارة تلك المناطق أن يمثل تحديا للحكومة المعترف بها دوليا والتي يقودها الجيش والتي أُجبرت على الخروج من الخرطوم العام الماضي وتباشر الآن عملها من بورتسودان على ساحل البحر الأحمر.
واتفقت مجموعة من السياسيين وزعماء جماعات مسلحة على تشكيل ما وصفوها بأنها “حكومة سلام”، حسبما قال أعضاء في المجموعة لرويترز هذا الأسبوع.
وقالوا إنها ستكون بقيادة مدنية ومستقلة عن قوات الدعم السريع وستشكل لتحل محل الحكومة في بورتسودان والتي اتهموها بإطالة أمد الحرب.
(رويترز)