تحصلّ الفريق الاستقصائي لموقعي “المحقق” العربي و “سودان هورايزون” الإنجليزي، على معلومات جديدة عن شبكات جلب وتجنيد المرتزقة للقتال في صفوف مليشيا الدعم السريع الإرهابية بالسودان، حيث تعتمد المليشيا بصورة أساسية على شبكة معقدة من شخصيات وثيقي الصلة بدولة الإمارات وهى الشبكة الأكثر نفوذاً، ولديها وكلاء في تشاد وأفريقيا الأوسطى وكينيا التي تم مؤخراً نقل ملايين الدولارات إليها وفتح حسابات في بنوكها بأسماء شخصيات مقربة من أسرة آل دقلو الإرهابية.

وتتحرك تلك الشبكات في دول جوار السودان، وتنشط أكثر في تشاد وجنوب ليبيا لفتح خطوط الإمداد، وإدخال الوقود والمخدرات والدعم اللوجستي لصالح المليشيا، مقابل تهريب الذهب أيضاً، وتتوافر معلومات شبه مؤكدة أن طه عثمان الحسين والذي تربطه علاقات بقيادات نافذة في العديد من الدول الأفريقية، منذ أن كان مديراً لمكاتب الرئيس السابق عمر البشير، هو الذي يشرف على تلك الشبكة، وينسق نساطها مع عبد الرحيم دقلو قائد ثاني المليشيا، وقيادات أخرى مقربة من قائد مليشيا الدعم السريع، أحدهم يمثل أحد الأذرع الإماراتية في صفوف الميليشيا وغرف التفاوض، وتشتبه مصادر استقصائية أن مكتب مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد هو الذي يشرف على أعضاء الشبكة.

عمليات تجنيد المرتزقة
تنشط تلك المجموعة في توفير الأموال اللازمة للحركة وشراء ولاء قيادات الإدارات الأهلية، إذ أن التعاقد يتم عبر مناديب محليين، سواء كان ذلك بالتواصل المباشر، أو بعقد صفقات مع زعماء وعمد لتجنيد شباب القبائل العربية داخل دارفور وفي منطقة الساحل وغرب أفريقيا، وكان يتم تنسيق تلك الجهود عبر قائد المليشيا في دارفور علي يعقوب الذي لقى مصرعه في الفاشر، خلال الأسابيع الماضية.
من المهم الإشارة إلى أن قادة في شركة فاغنر الروسية أوكل إليهم تدريب المرتزقة على التعامل مع الأسلحة وحرب المدن، ليتم بعد ذلك نقلهم وتأمينهم إلى معسكرات الدعم السريع، ويجري تداول لمعلومات متواترة مؤخرًا بأن فريقاً ثلاثياً يتكون من حسبو محمد عبد الرحمن النائب السابق لرئيس الحمهورية إلى جانب المك عبيد أبوشوتال، وعلي رزق الله الشهير بـ”السافنا”، المحكوم عليه بالإعدام، تمّ تكليفه بالإشراف على مهمة التواصل والإقناع والتجنيد وسط أبناء القبائل، لكن فريق “المحقق” لم يعثر على دلائل مادية سوى ما يجري على ألسن القبليين وبعض اعترافات قادة من المليشيا.

إعترافات جلحة
ثمة فيديو تداولته مواقع التواصل الاجتماعي خلال هذا الأسبوع ظهر فيه القائد الميداني في صفوف المليشيا جلحة، وهو يقر بوجود مرتزقة من جنوب السودان وليبيا وتشاد والنيجير يقاتلون معه. وقال إن قواته تضم عناصر من كل تلك الدول.

وحيا جلحة اللواء حسن معتوق الزادمة، الجنرال الليبي، مؤكداً أنه سوف يرسل إليه المزيد من القوات في سياق تبادل القوات بينهما.
اللواء الزادمة الذي ذكره جلحة هو قائد الكتيبة 128 التابعة للواء 161، وهى تحت إشراف الجنرال خليفة حفتر، المقرب من الإمارات، وأحد المسؤولين عن إمداد مليشيا الدعم السريع بالسلاح.

وبحسب موقع Middle East Eye فإن إمداد مليشيا الدعم السريع بالوقود تسهّله وحدات سبيل السلام والكتائب 128 في جيش حفتر الخاضعة لقيادة حسن معتوق الزادمة. كتيبة زادما مسؤولة عن المنطقة الجنوبية الشرقية من ليبيا ولقائدها علاقات قوية وطويلة الأمد مع مرتزقة سودانيين وتشاديين. إلى جانب ذلك ثمة مجموعات سودانية تعمل في المناطق الحدودية، حيث تساعد في إمداد قوات الدعم السريع بسبب الروابط القبلية والرفاق من فترات القتال السابقة.

وكان وزير الخارجية السوداني المكلف حسين عوض قد ذكر أن تشاد بقيت مقراً لقيادات الدعم السريع تعقد فيها الإجتماعات واللقاءت، وتتم فيها عمليات التجنيد وشراء الولاء، واستلام الأموال، فضلا عن علاج المصابين من عناصر “المليشيا الإرهابية” في مستشفياتها، أو الترتيب لهم للسفر خارج الإقليم للعلاج.

توت وأبناء النوير
مؤخراً أصبحت المليشيا تركز على تجنيد أبناء النوير من جنوب السودان، باعتبارهم يجيدون القنص والتدوين وضرب المدافع والأسلحة الثقيلة، وتزايدت أعدادهم خلال الأشهر الأخيرة عبر شبكات تنشط في الاتجار بالبشر، ومقاولي أنفار من بينهم شخصيات مقربة من توت قلواك المستشار الأمني لسلفاكير، الذي نفى أي صلة له بالأمر.

وكانت صحيفة (Sudans post) التي تصدر باللغة الإنجليزية قد أصدرت تقريراً مطولاً عن اعتقال اللواء (قبريال تاب قاتويك)، بواسطة قوات “الحركة الشعبية في المعارضة” التي يتزعمها الدكتور رياك مشار، وذلك على خلفية اتهام قاتويك بتجنيد مقاتلين من جنوب السودان – ولاية الوحدة – لصالح مليشيا الدعم السريع.

ويقود قاتويك وحدة تضم ما يصل إلى 1000 مقاتل من جنوب السودان ضمن قوات الدعم السريع. وتزعم المصادر أن قاتويك يقوم بتجنيد مقاتلين في ولاية الوحدة منذ ديسمبر 2023 وتم القبض عليه في مايو 2024 أثناء محاولته الوصول إلى مقر الجيش الشعبي لتحرير السودان – في المعارضة في تونغ.

وقد اعتمدت قوات الدعم السريع بشكل كبير على المقاتلين الأجانب، بما في ذلك المقاتلين من جنوب السودان، وفقًا للصحيفة.
ووأحد الذين يقاتلون إلى جانب المليشيا أيضاً الجنرال ستيفن بواي رولنيانغ، زعيم الحركة الشعبية لجنوب السودان المعارضة، حيث شوهد جنوده في صور ظهرت على الإنترنت وهم يرتدون زي قوات الدعم السريع.

وبدا لافتاً أن من تم أسرهم بواسطة القوات المسلحة بعد تحرير مقر هيئتي الإذاعة والتلفزيون في مارس الماضي كان ما يبربو على 152 شخص منهم من منطقة واحدة بولاية أعالى النيل في جنوب السودان!

في الوقت نفسه تم تجنيد مئات الجنوبيين الذين كانوا يعملون في كماين صناعة الطوب بضاحية الجريف وولاية الجزيرة، وشكل هؤلاء عماد القوات التي ترتكز حالياً في منطقتي بري وبحري تحديدًا داخل المزارع وشارع مور حتى شارع القذافى مروراً بسوبا ومنطقة الصناعات جنوب الخرطوم.

وقد تحدثت تقارير دولية عن حركة الإمداد والتشوين للمليشيا عبر جنوب السودان، وذلك بعد محاولات رصف طرق بين أبو مطارق وراجا في ولاية غرب بحر الغزال، كما تحاول المليشيا من خلال الوصول إلى ولاية النيل الأزرق فتح خطوط دائمة للإمداد مع جنوب السودان.

دول العدوان الخارجي
حجم التداخلات الخارجية في هذه الحرب لافت للأنظار، فالسودان – دون مُبالغة – يواجه عدوانًا من سبع دول ومنظمات إقليمية وعالمية، والشاهد أن الحكومة القائمة تقدمت بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن في هذا الشأن ضد الأطراف الضالعة، واتهمتهم بدعم التمرد، وقد أشار رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش الفريق البرهان في أحد خطاباته للشعب السوداني، إلى أن البلاد تواجه، ما وصفها بـ«أكبر مؤامرة في تاريخها الحديث تستهدف كيانها وهويتها ومصير شعبها».

ولعلّ ما يجعل لهذه المعلومات أهمية على الأرض، أن الحرب تدور في حقيقتها بين القوات المسلحة وآلاف المرتزقة الأجانب الذين ينتشرون الآن داخل الأراضي السودانية، بالتسلل عبر حدود خارج نطاق سيطرة الجيش، وربما لا يدري حتى (حميدتي)، المُغيب في مكانٍ ما، حجم تلك القوّة التي تضاعفت أرقامها مرّات بعد الحرب.

تشير بعض التقديرات إلى إدخال أكثر من ثلاثة ملايين قطعة سلاح إلى السودان، خلال السنوات الأخيرة، في وقت قامت دول خارجية بإعداد آلاف من المقاتلين المرتزقة، وزجّت بهم في الحرب السودانية.

وقد ظهر ذلك في كثير من مقاطع الفيديو والصور، واعترافات الأسرى أنفسهم من أفريقيا الوسطى، وتشاد، وجنوب السودان، وإثيوبيا، كلهم يرتدون زيَّ الدعم السريع، ويتسللون عبر متحركات وموجات فزع في ولايات غرب ووسط السودان، وعلى رأس هؤلاء زعيم حركة “نضال مظلوم” التشادية حسين الأمين جوجو، كما سلم السودان 6 جوازات إماراتية عثر عليها في جيوب مقاتلين داخل في صفوف المليشيا بعد قتلهم.

كثير من هؤلاء المرتزقة قبضوا الثمن، ولكنهم لا يعرفون لماذا يقاتلون؟ فبالعودة لظروف تجميع هذه القوة الأفريقية العابرة للحدود، يمكن القول؛ إن (حميدتي) استثمر في الدور الذي أوكله له الاتحاد الأوروبي بمكافحة الهجرة غير الشرعية، ولذا تغاضوا عن جرائمه في دارفور، وسمحوا له بفتح معسكرات في المناطق الحدودية بين السودان وبعض دول الجوار، وتجميع المهاجرين الأفارقة في تلك المعسكرات وضمهم للدعم السريع،، لتصبح بُعيد ذلك، قوة ضاربة، ومتعددة الجنسيات، بتمويلات غربية، تحت سيطرة آل دقلو ظاهريًا.
تلك القوات، تضاعفت أعدادها خلال ثلاث سنوات فقط من 27 إلى 200 ألف مقاتل، وعلى الأرجح أن الهدف من تلك القوة كان السيطرة – بقوة السلاح – على السلطة في عدد من الدول الأفريقية، سواء كان ذلك بالانقلاب، أو بالهجوم المباشر، وصناعة ما يعرف بالفوضى الخلاقة!

المحقق – سودان هورايزون – خاص

 

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع قوات الدعم السریع من جنوب السودان فی صفوف

إقرأ أيضاً:

الكارثة الانسانية – واجتماعات سويسرا

الصديق الصادق المهدي

تدور بين القوات الملسحة والحركات والمليشيات التابعة لهما والدعم السريع والمليشيات التابعة له معارك في أرجاء واسعة من البلاد تستخدم فيها كل أنواع الأسلحة. وبسبب حرب 15 أبريل أصبح السودان يمثل الكارثة الإنسانية الأكبر في العالم، حيث يموت السودانيون بالجوع بأعداد كبيرة، فيما تهدد المجاعة نصف سكان السودان.
يموت السودانيون كذلك بالمرض وتوقفت 80 % من المرافق الصحية عن العمل، من جهة ثانية تتعرض الاغاثات، على محدوديتها، للنهب فلا تصل للمحتاجين ويتعرض عمال الإغاثة أنفسهم للقتل ويعتبر السودان ثاني أكبر مصدر للخطر على عمال الاغاثة على حسب تصريح الأمم المتحدة.
يتعرض المدنيون في سودان الحرب لكل أنواع العدوان من قتل ونهب واغتصاب، فنزحوا بأعداد ضخمة وتبعهم الضيق والمعاناة والمهددات الأمنية أينما حلوا ولجأت ملايين منهم لعدد من دول الجوار، وهؤلاء ايضا يعانون بدرجات متفاوتة.
إن استمرار الحرب لسبعة عشر شهر حتى الآن استنزف ما تبقى من مدخرات السودانين في الداخل والخارج، وظهرت الكثير من الافرازات الاجتماعية السالبة لحالة الضيق والبؤس والشقاء التي يعيشونها في كل أماکن تواجدهم.
إن الموت والانتهاكات والتشريد الذي يعاني منه السودانيون والدمار الذي لحق بالبنية التحتية والمنشآت في الخرطوم وعدد من المدن السودانية يحتم على الجميع طي هذه الصفحة المأسواية والتوجه بجدية نحو السلام فالحرب التي بدأت شبه نظامية تحولت الآن وأصبحت أقرب للحرب الأهلية.
بادرت الولايات المتحدة والمملكة السعودية بجمع طرفي الحرب في جدة قبل انقضاء الشهر الأول من اندلاعها، واتفق الطرفان في 11 مايو 2023 على: وقف اطلاق النار لمدة سبعة أيام، والتوقف عن والإمتناع عن الهجمات والأعمال العدائية وعن إحتلال المنشآت المدينة ومساكن المواطنين، وأتفقا على تهيئة الظروف المواتية لتقديم الإغاثة الطارئة ووصول الوكالات الإنسانية بأمان ودون عوائق، وإتفقا على لجنة مراقبة وتنسيق من 12 عضو بتمثيل (3) أعضاء من كل من الطرفين ومن دولتي الوساطة.
في 7 يوليو 2023 عممت الخارجية الأمريكية بيانا مشتركا من الولايات المتحدة والسعودية والإيغاد (نيابة عن الاتحاد الأفريقي)، حول محادثات جدة، جاء في البيان:إن المحادثات تركز على تسهيل المساعدات الانسانية، وتحقيق وقف إطلاق النار، واتخاذ تدابير لبناء الثقة بين الطرفين، وعبر الميسرون عن أسفهم لجهة أن الاطراف لم تتمكن من الاتفاق على ترتيبات وقف اطلاق النار خلال هذه الجولة.
في 19 يوليو 2024 أصدر العمامرة المبعوت الشخصي للأمين العام للامم المتحدة بيانا سرد فيه مبادرتهم لجمع ممثلي الطرفين في سويسرا لمناقشة التدابير الواجب اتخاذها لضمان توزيع المساعدات الإنسانية للمحتاجين ولحماية المدنيين في جميع انحاء السودان.
ذكر العمامرة أن المحادثات تعتبر خطوة أولى مشجعة ورحب بالإلتزامات التي تم الإعلان عنها من قبل أحد الطرفين لتعزيز المساعدة الإنسانية وحماية المدنيين ( الإشارة للدعم السريع ).
الدعوة لمحادثات جنيف:
أصدر وزير الخارجية الأمريكي بيانا جاء فيه: إن ملايين السودانيين على حافة المجاعة، وأن الحرب شردت 10 مليون شخص، ودعت بلاده بناء على عمليات جدة الطرفين لمحادثات وقف اطلاق النار في ١٤اغسطس في سويسرا، وان السعودية مضيفة مع سويسرا ومشاركة، وأن الاتحاد الإفريقي ومصر والإمارات والأمم المتحدة مدعوون كمراقبين.
ذكر الوزير الأمريكي أن الهدف: التوصل لوقف العنف وتمكين وصول المساعدات الإنسانية لجميع المحتاجين، وتطوير آلية قوية للرصد والتحقق لضمان تنفيذ أي اتفاق. وأن الحكم في السودان يجب أن يعود للمدنيين، ويجب أن يلعبوا الدور القيادي من تحديد عملية معالجة القضايا السياسية واستعادة التحول الديمقراطى في السودان. كذلك تدعو امريكا الطرفين لحضور المحادثات والتعامل معها بطريقة بناءة، مع ضرورة انقاذ الأرواح ووقف القتال وايجاد طريق للتوصل لحل سياسي للصراع عن طريق التفاوض.
أصدرت مجموعة متحالفون من أجل انقاذ الأرواح وتحقيق السلام
في السودان التى تضم أمريكا والسعودية والامارات و مصر والاتحاد الإفريقي وسويسرا والأمم المتحدة بيانا جاء فيه: حصلت المجموعة على ضمانات من كلا طرفي الصراع بتوفير وصول إنساني آمن ودون عوائق من خلال شریانين رئيسين: معبر الحدود الغربى في دارفور عند أدرى وطريق الدبة مع إمكانية الوصول من الشمال والغرب من بورتسودان، وأنه لا يجوز استخدام الغذاء والتجويع کسلاح في الحرب.
أكدت المجموعة أن تأمين الطرق من شأنه أن يوصل المساعدات الإنسانية لما يقرب من 20 مليون سوداني معرض للخطر، ورحبت بقبول قوات الدعم السريع بنظام إخطار مسبق لتسهيل تسليم المساعدات الإنسانية، وتشجع المجموعة القوات المسلحة السودانية على اتخاذ إجراءات بشأن مقترحات مماثلة.
في مواجهة العنف الوحشي المستمر، نوهت المجموعة لأهمية أن يتخذ الطرفان المتحاربات اجراءات فورية نحو تنفيذ إعلان جدة للالتزام بحماية المدنيين من السودان.
عملت المجموعة أيضا على تعزيز حماية المدنين، بما يتفق مع التزامات الأطراف بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان والتزامات إعلان جدة حثت المجموعة الطرفين، وحصلت على التزام قوات الدعم السريع بإصدار توجيهات قيادية لجميع المقاتلين من جميع صفوفهم بالامتناع عن الانتهاكات بما في ذلك العنف ضد النساء والأطفال واستخدام المجاعة أو نقاط التفتيش للاستغلال والهجمات على العمليات الإنسانية والخدمات الأساسية مثل الحقول الزراعية والمزارعين والعمليات المتعلقة بالحصاد.
رحبت المجموعة بقرار قوات الدعم السريع إرسال وفد رفيع المستوى إلى سويسرا وعلى الرغم من أتصالها المستمر مع القوات المسلحة افتراضياً، تأسفت لقرارهم بعدم الحضور. وقالت المجموعة إن عدم مشاركة القوات المسلحة السودانية حد من قدرتها على احراز تقدم أكثر جوهرية نحو القضايا الرئيسية وخاصة وقف الأعمال العدائية على المستوى الوطني.
دعت المجموعة المجتمع الدولى إلى الوفاء بتعهداته بالدعم المالي للاستجابة الإنسانية في السودان والمنطقة وزيادتها، بما في ذلك تلك التى ثم التعهد بها في باريس في أبريل 2024.
أوردت ما سبق لأخلص لأن الجهد الدولي والإقليمي المذكور منطلق من الإحساس بضرورة عمل شيء ملموس تجاه الكارثة الإنسانية في السودان وهذا واضح من تفاصيل ما سعوا للاتفاق عليه.
أيضا هناك قضايا سياسية فأمريكا (وكذلك الدول الغربية) يهمها أمن المنطقة وأمن القرن الإفريقي والبحر الأحمر وتتأثر كذلك بالهجرة غير الشرعية، وتتعرض حكوماتها لضغط من الكونجرس والبرلمانات والمنظمات الحقوقية.
دول الإقليم ودول جوار السودان تتأثر بتهديد أمنها باضطراب الأوضاع في السودان وبما تتيحه حرب السودان من ظروف مواتية لنشاط الجماعات الإرهابية في شرق وغرب القارة، ومن الضغوط الناتجة من تدفق اللاجئين السودانيين على بلدانها.
مؤسف جدا الموقف الذي اتخذته قيادة الجيش بعدم حضور مباحثات سويسرا التي تركز بالأساس كما رأينا على توصيل المساعدات وحماية المدنيين.
إن الأسباب التي سيقت للتخلف عن المباحثات واهية جدا، منها اشتراط تنفيذ اتفاق جدة الذي لم يلتزم الطرفان بتنفيذه، والاحتجاج يجب تقديمه للجنة المراقبة والتنسيق.
اتفاق جدة تم بعد أقل من شهر من اندلاع الحرب، ومرت عليه 15 شهر من الحروب والمواجهات، وبالضرورة يحتاج للمراجعة واستصحاب المستجدات والتي منها أن أراضى البلاد كانت تحت سيطرة الجيش، لذلك كانت مسألة خروج منسوبي الدعم السريع من البيوت والمنشآت المدنية ذات مدلول كبير؛ الآن تمدد الدعم السريع وأصبحت تحت سيطرته مدن وعدد من الولايات.
مهم للمواطنين الآن الاتفاق على وقف العدائيات وتوصيل الإغاثات وإخلاء البيوت من كل القوات وتقديم الخدمات.
إن عدم جدية القوات المسلحة وانتهاج أسلوب المراوغة مع امريكا واشتراط اعترافها بالحكومة الانقلابية واستغلال الكارثة الإنسانية في السودان لاجبارها على الاعتراف، أمر فيه عنقود من الأخطاء، فالسودان منذ 25 اکتوبر 2021 بلا حكومة شرعية، وسلطة الامر الواقع المدعومة من الجيش والدعم السريع والحركات المسلحة والمؤتمر الوطني هي سلطة انقلابية.
كيف يتنازل الجيش السوداني عن واجبه المؤسسي في حماية المدنيين ويترك المهمة والدور الأخلاقي لأمريكا ؟ بل كيف يتحول قادة الجيش السودانى لمروجين ومحتجين على الانتهاكات التى تقع على المدينين ؟! فما هي مهمتهم التي أدوا عليها القسم ويستحقون بموجبها مرتباتهم؟!
الجيش السوداني تخلف قبل ذلك عن لقاء تقدم للاتفاق على إنهاء الحرب والحل السياسي للكارثة السودانية، وتخلف عن الالتزام بمبادرة المبعوث الشخصي للأمين العام للامم المتحدة، والآن يتخلف عن مباحثات سويسرا، الجيش يفعل ذلك ذلك انسياقا وراء التحالف مع المؤتمر الوطني و الحركات التي تؤيد المشروع الشمولي الذي يحقق للثلاثة أطراف مصالحهم عبر الممارسات الفاسدة، تهريب الذهب وتجنيب الأموال و استيراد المدخلات وتدر لمصالحهم الخاصة مليارات الدولارات كل عام.
استمرار المفاسد أو منظومة التمكين كانت سببا في انقلاب اکتوبر وهي المصلحة التى يجتمعون عليها الآن، ويريدون لها الاستمرار بعد الحرب.
وهذا هو سبب مشكلتهم مع تقدم التى تتبني المشروع المدني في السودان، وأهم معالمه تحقيق إصلاح الدولة وقفل أبواب الفساد وتوجيه موارد البلاد والتعاون الدولي في تنميتها، لمصلحة البلاد ولتمكين المواطن السوداني. لذلك يقبل المؤتمر الوطنى (على لسان أستاذة سناء حمد) الاتفاق مع الدعم السريع ويرفض ذلك مع تقدم لارتباطها (بإدعائهم) مع الدعم السريع!
المطلوب عمله:
1/ الانتهاكات قضية كبيرة تتطلب محاسبة وتعويض ويجب أن تخرج من السجال الحالي الذي حولها لأحد ميادين المعركة وجعلها البعض سببا لاستمرار الحرب نفسها مما يعني وقوع المزيد من الانتهاكات.
يجب الاتفاق على آلية مقتدرة كفؤة عادلة محايدة للتحقيق في كل الانتهاكات وتحديد أطراف ارتكابها وضحاياها لتؤسس على تقاريرها المحاسبة والتعويض. وكذلك التحقيق حول من أشعل فتيل الحرب في يوم 15 ابريل.
2/ القوات المسلحة السودانية عليها التجاوب بجدية مع مبادرات حماية المدنيين وتوصيل المساعدات ووقف العدائيات وإيقاف الحرب عبر التفاوض والعملية السياسية وعليها التحرر من النفوذ السياسي للمؤتمر الوطني وحلفاؤه والتركيز على تحقيق تطلعات ومصالح الشعب السوداني والقوات المسلحة السودانية.
3/ قوات الدعم السريع تتعاطى ايجابيا مع أطروحات ومبادرات الحلول السلمية وحماية المدنيين وتقديم المساعدات والتزمت بقضايا كثيرة تصب في مصلحة المدنيين في السودان مع تقدم ومع العمامرة وفي المبادرة الامريكية في سويسرا؛ عليها الوفاء بهذه الالتزامات وأن تنعكس على حياة الناس على الأرض فلا فائدة منها إن ظلت حبيسة على أوراق الاتفاقيات والالتزامات.
4/ القوى السياسية والمدنية تقدم والآخرين عليهم التوافق على متطلبات ايقاف الحرب ومزيد من المرونة مع بعضهم البعض للحد الذي لا يمس القضايا الجوهرية وعليهم تسهيل مهمة طرفي الحرب في وقف العدائيات وايقاف الحرب وعليهم والترتيب لعودة السودانيين لوطنهم ولبيوتهم والتخطيط والترتيب لإعادة إعمار البلاد
5/ خطوة التنسيق والتوسعة التي قام بها الوسطاء والمبادرون من المجتمع الدولي والإقليمي في سويسرا جيدة ويجب عليهم تكملتها بإضافة الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة (الترويكا والاتحاد الأوروبي والإيغاد).

الوسومالصديق الصادق المهدي

مقالات مشابهة

  • السودان.. كيف يحصل طرفا النزاع على السلاح؟
  • شبكة أطباء السودان: الدعم السريع نهبت معدات مستشفى إبن سينا بالخرطوم
  • الكارثة الانسانية – واجتماعات سويسرا
  • وقف انتصارات الجيش السوداني
  • من الإخوان الإرهابية.... إلى السودان ... لكِ اللهُ يا مصر ( ٥ )
  • البرهان يهاجم محادثات جنيف والولايات المتحدة
  • ناشطون: نزوح قرى كاملة بولاية الجزيرة
  • ما هي المؤامرة التي تحدث عنها البرهان؟ ومن الذي يعبث في السودان؟
  • البرهان: الحرب ستستمر وما بنمد يدنا ب
  • شبكة أطباء السودان: نعرب عن أسفنا البالغ للتدمير والنهب الذي نفذه الدعم السريع بالكليات الطبية والصحية بجامعة نيالا