واضح أن سياق الخطاب الدولي في بعض أركان القرار السياسي المؤثر، بات محصوراً في قوالب جاهزة لمواقف سياسية بائسة، باتت تتكرر لتصبح اسطوانات مشروخة ممجموحة يعتقد أصحابها أنهم أدوا واجبهم في ما قالوه دونما أن يقصدوا أو يفهموا تبعات ما يقولونه. فالدم النازف في فلسطين اليوم ليس رخيصاً ليذهب البعض به نحو تسطيح المواجع والآلام، وكأن من يقتلون ليسوا بشراً وليسوا من الأبرياء، الذين جرفتهم ماكنة القتل.
إن تسخيف المواقف وتكرارها خوفا وارتجافا من العم سام، وجوقة الصهاينة الذين يصمون الآذان بما هو بعيد عن الحقائق، إنما يُحّمل أصحاب تلك المواقف المسؤولية الكاملة عن ذلك الدم المهدور بفعل الحقد والكراهية، التي يمارسها نتنياهو، بحكم تكرار هذه المواقف البائسة والمهترئة، فالأطفال والنساء وضياع المال ودمار الحال وما بينهم من تفاصيل يشهدها الفلسطينيون كل يوم، ليست أرقاماً عابرة على مذبح التاريخ، تماماً كما أصحابها الذين هم كغيرهم من البشر الآدميين الأبرياء، ممن اختار لهم الظالمون شعارات البعض من الساسة الدوليين بخصوص فلسطين باتت مملةالموت على حساب الحياة.
شعارات البعض من الساسة الدوليين بخصوص فلسطين، باتت مملة، بل منفصلة تماماً عن الواقع فما يرددونه اليوم، لا يساهم إلا في زيادة حالة التيه القائمة وإشباعاً لنزوات نتنياهو في القتل والدمار.
فما معنى الحديث عن الحرص على وقف إطلاق النار، بينما يستمر تدفق السلاح من بعض تلك الدول التي تدعي هذا الحرص؟ وما معنى الرغبة في لجم المستوطنين، بينما يوفر السلاح والمال والغطاء لهؤلاء القتلة؟ وما معنى الحديث عن الحرص على اليوم التالي للحرب حال توقفها، بينما يستمر توفير الغطاء السياسي لها بحجة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؟
ما معنى الإقرار بحل الدولتين، بينما يستمر الرفض الضمني لتطبيق هذا الحل، بل الإصرار على قتله عبر ربطه بالمفاوضات؟ وما جدوى الحديث عن إصلاح السلطة الفلسطينية، بينما تغرق حكومة نتنياهو في الفساد وملفات الإجرام المسجلة لدى الجهات العدلية الإسرائيلية؟ ولماذا الإصرار على إضاعة مفهوم اليوم التالي خدمة لمشروع نتنياهو، المصر على ترحيل الفلسطينيين وتهجيرهم سوى الحرص على انتصاره في معركة عض الأصابع؟
وما معنى الحديث عن الرهائن بمعزل عن المجزرة بحق الأسرى الفلسطينيين، بمن فيهم من تم اعتقالهم في الآونة الأخيرة، وما يجري في معتقل سيدي يتمان من فظائع وبشاعة؟ هل يعرف أبطال المواقف المتحنطة أن التعذيب في سجون الاحتلال للأسرى الفلسطينيين قد تفوق على أبشع الجرائم الدولية؟
فيستخدم الاحتلال سلاح التجويع والحرمان من العلاج، والاغتصاب باستخدام الكلاب، وهتك الحرمات عبر معدات الإطفاء، وصولاً إلى التقليعة الجديدة باستحداث أقفاص للأسرى والتفاخر بقتلهم بدم بارد. إن مواقف المتواطئين باتت مكشوفة ومفضوحة ومسمومة، لا لكونها تنتهك حقوق الفلسطينيين فحسب، بل لأنها تساهم في استمرار قتلهم ونحرهم وحرقهم، ولأنها ترفع من هرمون التحريض والكراهية والحقد، وهو ما لن يخدم صديقتهم إسرائيل ولن يوفر لها الأمن والقبول والأمان.
إن كسر قوالب المواقف المتحجرة والانتقال نحو الاعتراف الناجز بدولة فلسطين، ونهي إسرائيل عن غيها، يوفر انقلاباً حقيقياً في مستقبل المنطقة، ويساهم في إعلاء كلمة القانون الدولي وحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وفق الشرعية الدولية. فهل الحكمة في حماية إسرائيل تأتي عبر التستر على فظائعها؟ أم في إحقاق الحقوق وتطبيق العدالة الدولية؟
مصائر الشعوب في عصر السرعة لا تحكمها قوة الصواريخ، بل صلابة الإرادة الأقوى
إن مصائر الشعوب في عصر السرعة لا تحكمها قوة الصواريخ، بل صلابة الإرادة الأقوى على صناعة الانتصار، فلَا الشمس يَنبغي لها أن تدرك القمر، ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون.. فهل تستفيق البشرية وتنتصر لقوة المنطق، أم تترك للواهمين السعي لانتصار منطق القوة؟ ننتظر ونرى.
القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة اشتباكات صفقة التبادل الضفة المقاومة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحدیث عن ما معنى
إقرأ أيضاً:
خالد الجندي: التعصب بداية التطرف حتى في أبسط المواقف اليومية
أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن التعصب ليس مجرد تصرف عابر، بل هو بداية الطريق نحو التطرف والانحراف عن الوسطية.
جاء ذلك خلال حلقة خاصة بعنوان "حوار الأجيال"، ضمن برنامج "لعلهم يفقهون"، الذي يُعرض على قناة "dmc"، حيث تناول الشيخ خالد الجندي الظاهرة من منظور ديني واجتماعي.
التعصب.. الخطوة الأولى نحو التطرف
بدأ الجندي حديثه بتوضيح أن التطرف ليس البداية، بل هو النتيجة النهائية للتعصب والخروج عن الاعتدال.
وقال: "التطرف يظهر عندما يبتعد الإنسان عن الموقف المعتدل ويتحول التشدد إلى أساس تعاملاته ، التعصب للرأي، سواء في أمور كبيرة أو بسيطة، هو الخطوة الأولى نحو التطرف".
وأشار إلى أن هذا السلوك الخطير يتسلل إلى حياتنا اليومية بطرق مختلفة، مثل التعصب لفريق رياضي أو التمسك برأي شخصي بصورة مفرطة، وهو ما يفتح الباب أمام نزاعات لفظية قد تتطور إلى مشاحنات أو حتى أعمال عدائية، مؤكدًا أن هذه المظاهر لا يمكن الاستهانة بها.
التعصب في الرياضة نموذج يومي للتطرف
ركز الجندي بشكل خاص على التعصب الرياضي كمثال حي للتطرف الذي يمكن أن يبدأ من مواقف تبدو بسيطة.
وأوضح: "حينما يتعصب شخص لفريقه الرياضي بشكل مفرط، يتحول النقاش إلى صراع، وتظهر ألفاظ غير لائقة تؤجج الكراهية بين الناس.
هذه المظاهر لا تقتصر على الرياضة فقط، بل هي نموذج يتكرر في نقاشات أخرى، مما يؤدي إلى تدهور الحوار المجتمعي وزيادة التوتر بين الأفراد".
وأكد أن التعامل مع هذه الظاهرة يتطلب مواجهة حازمة، لأن الألفاظ المسيئة والتصرفات غير المنضبطة تؤدي إلى نتائج خطيرة على المستوى المجتمعي.
دور العلماء في مواجهة التطرف
وخلال حديثه، شدد الشيخ خالد الجندي على أهمية دور العلماء والمؤسسات الدينية في مواجهة هذه الظواهر. وأكد أن الأزهر الشريف، بما يمتلكه من خبرة وعلم، قادر على التصدي للفكر المتطرف وتوعية الأفراد بخطورة التعصب. وأضاف: "التصدي للتطرف يبدأ من التوعية بضرورة الاعتدال والوسطية في كل شيء، بما في ذلك أبسط المواقف اليومية".
اختتم الجندي حديثه برسالة موجهة للجميع، دعا فيها إلى الابتعاد عن التعصب بكافة أشكاله، قائلاً: "المجتمع لا يحتاج إلى مزيد من التوتر والصراعات. علينا جميعًا أن نتحلى بالهدوء والتفاهم، لأن الاعتدال هو السبيل الوحيد لحياة سليمة ومتوازنة".
هذا الحديث يفتح الباب لنقاش أوسع حول كيفية مواجهة التعصب والتطرف في مختلف جوانب الحياة، ويؤكد على الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه المؤسسات الدينية والمجتمعية في نشر قيم التسامح والاعتدال.