فاطمة الراشدي
الإمام الحسين -عليه السلام- أيقونة التضحية والصبر الطويل، لولا الحسين لما استقام الدين كله، ولولا خيانة المسلمين للحسين لما كانت كربلاء.
وبدمائه الطاهرة الزكية أنقذ أُمَّـة جده من الهلاك والفسوق؛ فكان بذلك مثال لكل ثائر لا يرضى بالذل والظلم.
لقد أثبت لنا الحسين أن الدين أغلى من الأهل فقدم جميع أهله فداء لدين جده رسول الله-صلوات الله عليه وعلى آله- وضحى بنفسه بكل عزيمة وثبات، حَيثُ قال بكل قوة وسط المعركة: (إن كان دين محمد لن يستقيم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني)؛ فعاشوراء كانت وما زالت عنواناً للتضحية والإيثار، ومثالاً لكل فتى حسيني علوي تربى ونشأ على حب الحسين، ومن عاشوراء نتعلم أن لا ولد، ولا أخ، ولا ابن أخ، ولا ابن أخت، ولا أقرب قريب أحب وأعظم من الجهاد في سبيل الله.
نتعلم من عاشوراء معنى الإيثار الذي تجلى عند أصحاب الحسين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- كيف تسابقوا الأول تلو الآخر على الموت؛ فداء للإمام الحسين ودين رسول الله، قاتلوا بكل بسالة، وكان الفرد منهم يقابل ألفًا بكل ثبات فلا يسقط شهيداً إلا وقد قتل مئات من الأعداء.
نتعلم الصبر من السيدة زينب الحوراء ومن بنات الحسين وأطفاله، كيف صبروا وكابروا على جوع وعطش وحر وضيم وظلم، نتعلم من الحوراء الصبر ونرى كيف قُتل كُـلّ إخوتها وأهلها أمام عينيها، وكانت تستقبل الجثث الأولى تلو الأُخرى فلا تجزع أَو تنوح وتصيح، وما كان قولها سوى: (اللهم إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى).
أي قلب كان لها؟!
وأي صبر أنزله الله عليها ليكون ردها على ابن زياد اللعين عند معايرته لها بما حصل في أهلها (ما رأيت إلا جميلًا)؟!
كيف أنها رأت رؤوس إخوتها وأبنائها وكلّ أهلها معلقة على الرماح تغطيها الدماء فصبرت واحتسبت الأجر عند الله.
إن الظلم الذي لاقاه الحسين وأهله في كربلاء لا يضاهيه أي ظلم أبدًا؛ حَيثُ لا ماء لديهم ولا زاد ولا شيء يقيهم جوعهم؛ فقد حوصروا من كُـلّ شيء بأمر من اللعين عُمُرَ بنِ سعد، وقد كان نهر الفرات أمامهم ولا يستطيعون الشرب منه.
لقد واجه آل بيت رسول الله ظلماً كبيراً جدًّا، فكم رؤوس قُطعت يومها، وكم أطفال استشهدوا، وكم نساء ترملن، وكم بنات تيتمن، وهذا ما يجسد قوله -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- “ما خرجت أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أُمَّـة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر”.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
ذكرى ميلاد جان راسين أيقونة التراجيديا الكلاسيكية في الأدب الفرنسي.. ماذا تعرف عن مسرحياته؟
جان راسين (1639-1699)يعد من أعظم الكتاب المسرحيين في فرنسا، وأحد أعمدة الحركة الكلاسيكية في الأدب واشتهر بإبداعه في كتابة التراجيديات التي مزجت بين المأساة الإنسانية والتحليل النفسي الدقيق لشخصياته، مما جعل أعماله محط إعجاب النقاد والجماهير على حد سواء
ولد راسين في 22 ديسمبر 1639 في مدينة لا فيرت-ميلون الفرنسية، وتيتم في سن مبكرة. تربى على يد جدَّيه، والتحق بمدرسة “بورت رويال” التابعة للينسينيين، حيث تأثر بالفلسفة الدينية التي زرعت فيه أسس الانضباط والصرامة الفكرية. لاحقًا، انتقل إلى باريس لدراسة الأدب والفلسفة، وهناك التقى بأدباء ومسرحيين بارزين، مما أشعل شغفه بالمسرح.
تعتبر تراجيديات راسين مثالًا على الكمال الفني في الأدب الكلاسيكي. أبرز أعماله:
• “أندروماك” (1667): تحكي عن الحب والانتقام والصراع النفسي لشخصيات تعيش بعد سقوط طروادة.
• “فيدر” (1677): واحدة من أعظم مسرحياته، تسلط الضوء على الحب الممنوع والعذاب الداخلي، وهي مستوحاة من الأساطير اليونانية.
• “إيفيغانيا” (1674): دراما مأساوية عن التضحية والأخلاق.
كتب راسين أيضًا عددًا من الكوميديات، لكن نجاحه الأكبر كان في التراجيديا التي أظهرت مهارته في رسم شخصيات معقدة وصراعات درامية متشابكة.
أسلوبه الأدبيتميز أسلوب راسين بالبساطة والوضوح، مع استخدام الشعر في صياغة الحوارات المسرحية. كان يركز على تصوير الصراعات النفسية العميقة في إطار قصص إنسانية مأساوية، مع الالتزام بقواعد الكلاسيكية، مثل وحدة الزمان والمكان والحدث.
تأثير راسينشكل راسين علامة فارقة في تاريخ الأدب الفرنسي، وكان مصدر إلهام للعديد من الكتاب والمسرحيين. احتلت أعماله مكانة رفيعة في المسرح الفرنسي، حيث جمعت بين العمق الفلسفي والجمال الفني.
اعتزل راسين الكتابة المسرحية في أواخر حياته، وانصرف إلى الأعمال الدينية، حيث ألف نصوصًا عن الإيمان والقيم المسيحية. توفي في 21 أبريل 1699 في باريس، تاركًا إرثًا أدبيًا خالدًا.