عبدالله مناع الطبيب الذي أحب الصحافة
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
كان الدكتور عبدالله مناع -رحمه الله- ،أحد الأطباء الذين استهواهم الفكر والأدب والفن، فغادر بعضهم عيادته وتفرغوا له.
تقول بطاقته الشخصية إنه من مواليد مدينة جدة عام 1359هـ، ومن مدارسها حصل على الشهادة الابتدائية والكفاءة المتوسطة والثانوية العامة القسم العلمي وابتعث إلى مصر أوائل عام 1957م والتحق بكلية طب الأسنان في جامعة الإسكندرية، ومن هناك بدأت رحلته مع الصحافة حيث لم تشغله دراسته عن مراسله جريدة “الرائد” التي كان يراس تحريرها الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين ،وكان يكتب على صفحاتها زاوية أسبوعية بعنوان :”من أيامي”، كما نشر قصة مسلسلة في تسع حلقات بعنوان :”على قمم الشقاء” ،وبعد تخرجه وحصوله على بكالوريوس في طب وجراحة الفم والأسنان سنة 1962م ،عاد إلى أرض الوطن وعين طبيباً للأسنان بالمستشفى العام في جدة دون أن يقطع صلته بالصحافة حيث واصل مشواره الأدبي والصحافي بالكتابة في جريدة “المدينة”، وكتابه زاويته الأسبوعية في جريدة “الرائد” ،وردوده على بريد القراء بتوقيع: “ابن الشاطئ”، وإلى جانب يومياته في جريدة المدينة وزاويته الأسبوعية “شيء ما”، كان يحرَّر صفحة يردّ فيها على مشاكل القراء بعنوان: “الباب المفتوح” ،وبعد عشر سنوات من العمل في وزارة الصحة ،غادرها عام 1972م وتفرغ لعيادته وقلمه، ثم ترك طب الأسنان عام 1974م ليتولى تأسيس وإصدار مجلة “اقرأ” بعد أن تم اختياره رئيساً لتحريرها، فشكّل جهازها وتم صدور العدد الأول منها في شوال 1394 هجري واستمر رئيسا لتحريرها حتى عام 1397هـ ثم عاد إليها في عام 1399هـ، وظل يرأس تحريرها إلى عام1407هـ.
كانت مجلة اقرأ في عهده تمثل مدرسة في الصحافة المحلية، وكان يلتف حوله العديد من المواهب الصحفية الشابة الذين وجدوا في العمل في مجلة اقرأ متعة لا حدود لها فهو يمنح العاملين الدعم والثقة، ويتعامل مع أصغر المحررين في المجلة بروح الزمالة والتقديروالاحترام.
كما كان مكتبه بمجلة اقرأ ،ملتقى لكبار الأدباء والكتّاب والمفكرين، أمثال الأساتذة عزيز ضياء ومحمد حسين زيدان وعبدالفتاح أبو مدين وغيرهم.
وخلال السنوات الطويلة التي أمضاها عبدالله مناع في بلاط الصحافة رئيسًا للتحرير وإداريًّا وكاتبًا ،كان حضوره بارزًا بسبب موهبته الأصيلة، وثقافته العالية، وحبه للصحافة والأدب، وولعه بالسياسة وقضايا المجتمع، وقدرته على المتابعة، وتواضع فطري، وحب للناس ،وميل إلى تبني قضاياهم.
وبالرغم ممّا قدمه المناع للصحافة، وما تركه من إرث وبصمات في صحافتنا المحلية، فإن العديد من المحبين له يرون أن الصحافة قد سرقته من عالم الأدب؛ فالمناع يملك كل المقومات التي تجعل منه أديبًا كبيرًا، سواء مواهبه الفطرية، أو مواكبته الإبداع الأدبي العربي والعالمي. وقد تجلت تلك الخلفية في الكتب التي أصدرها وفي مقالاته الصحفية التي تتجاوز الأسلوب التقريري وترتقي إلى منزلة النص الأدبي.
وفي كل كتاباته كان الدكتور المناع يتميّز بالأناقة الأسلوبية، وبالمحتوى المعلوماتي الثري، وبالجرأة والاستنارة في مناقشة قضايا المجتمع والثقافة ، يشهد على ذلك محاضراته التي دعي لالقائها في مناسبات مختلفة وكان من بينها محاضرة بعنوان :”المستقبل” وقد ألقاها بنادي الاتحاد، و”الجهل كارثتنا” بنادي النصر بالرياض، و”الصحافة والحقيقة” ألقاها بجامعة الملك عبدالعزيز، و”الموسيقى وأثرها في حياة الشعوب” في جمعية الثقافة والفنون في جدة، “الأدب والمجتمع” في مدينة الجوف، و”العواد بين الخفقات والإخفاق” في نادي جدة الأدبي الثقافي، و”حمزة شحاتة قيثارة الشعر التي صمتت قبل الأوان” في نادي أبها الأدبي عام 1990هـ، و”حمد الجاسر علَّامة وعلامة” في نادي أبها الأدبي في سبتمبر 1994م.
اما أعماله الأدبية ،فكان أولها كتاب “لمسات” والذي يتضمن مجموعة من الخواطروالقصص القصيرة طبعه أثناء دراسته الجامعية في مصر، ثم ألحقه بكتاب :”أنين الحيارى” وهو مجموعة أقاصيص، وأتبعه بمؤلفات كثيرة منها :”الطرف الآخر” و”ملف أحوال”،وهي مجموعة مقالات صحفية و”بعض الأيام بعض الليالي” و”العالم رحلة” ، وكتاب: “شيء من الفكر”، و”إمبراطور النغم” وكتاب “جدة الإنسان والمكان” و”كان الليل صديقي” و”شموس لا تغيب.. نجوم لاتنطفئ” رحم الله الدكتور عبدالله مناع الذي ترك أثراً خالدًا في ذاكرة الصحافة السعودية، وفي ميادين الثقافة والخدمة المجتمعية، وكان شخصية اجتماعيًّة بازغة الحضور في المجالس والمنتديات.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: عبدالعزيز التميمي
إقرأ أيضاً:
عالم أزهري: تناول المرأة أدوية لمنع الدورة الشهرية لتصوم رمضان جائز إذا وافق الطبيب
عقد جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، اليوم الخميس، ندوة علمية بعنوان «المرأة بين القضايا الطبية المعاصرة والأحكام الفقهية»، وذلك بمشاركة الدكتور حسن الصغير، الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية للشؤون العلمية والبحوث، والدكتور جمال أبو السرور، مدير مركز البحوث السكانية بجامعة الأزهر، والدكتور أبو اليزيد سلامة، مدير عام إدارة شؤون القرآن الكريم بالأزهر الشريف.
وأكد الدكتور حسن الصغير أن المسائل الفقهية المتعلقة بالمرأة، خصوصًا ما يتصل بالطهارة والعبادات، تستند إلى القواعد الشرعية المحكمة، التي تُرجع الأحكام فيها إلى أهل التخصص، مبينًا أن الشريعة الإسلامية اعتمدت في هذه القضايا على المعرفة الدقيقة بالأحوال الطبيعية للمرأة، وأن الفقهاء يحيلون كثيرًا من الأحكام إلى الأطباء لضمان دقة الفتوى. مشيرا إلى أن الإسلام أقرّ مبدأ التيسير في العبادات، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ للسيدة عائشة رضي الله عنها حين قال لها: «غير أنَّكِ لا تطوفين بالبيت حتى تطهري»، وهو ما يبرز إيقاع الأحكام الشرعية بناءً على الواقع الفعلي لحالة المرأة.
دعاء أول ليلة فى شعبان.. 3 كلمات تفتح الأبواب المغلقة ويرزقك الله من حيث لا تحتسبدعاء آخر ساعة في رجب.. ردده الآن يغسل الأحزان ويجعل حياتك سعادة وفرحا
وأضاف الدكتور الصغير أن تناول المرأة للأدوية التي تؤثر على دورتها الشهرية للصيام في رمضان أو إتمام مناسك الحج والعمرة، يخضع لقرار الأطباء، فإذا أكدوا عدم وجود ضرر، فلا مانع شرعًا. وأوضح أن بعض النساء قد يواجهن نزول دم بعد التوقف عن هذه الأدوية، وهو ما يُصنّف طبيًّا على أنه نزيف وليس حيضًا، وبالتالي لا يأخذ أحكام الحيض، والمرأة حينها تصلي وتصوم وتطوف.
من جانبه، تناول الدكتور جمال أبو السرور قضية التقدم العلمي في المجالات الطبية وتأثيره على الأحكام الفقهية، مشيرًا إلى أن شيخ الأزهر الأسبق، الإمام جاد الحق علي جاد الحق، كان من أوائل العلماء الذين ناقشوا قضايا التبرع بالبويضات والحيوانات المنوية والأجنة، وكذلك مسألة الأم البديلة، بل وتطرق إلى موضوع الرحم الصناعي قبل أن يصبح واقعًا علميًّا. وأوضح أن هذه القضايا لم تكن متصورة في ذلك الوقت، لكن اجتهادات العلماء اعتمدت على تصور علمي مستقبلي دقيق، وهو ما يعكس أهمية التعاون بين الفقهاء والأطباء في مثل هذه القضايا المستجدة.
وأضاف الدكتور أبو السرور أن فتوى الإمام جاد الحق كانت الأساس الذي استند إليه العلماء في إجازة عمليات أطفال الأنابيب وفق الضوابط الشرعية، مشيرًا إلى أن أول مولودة بهذه التقنية في مصر والعالم الإسلامي وُلدت في أغسطس 1987، بعد إنشاء مركز أطفال الأنابيب بعام وثلاثة أشهر. وأكد أن هذه الفتوى كانت بمثابة الضوء الأخضر لإنشاء مراكز متخصصة في مختلف الدول الإسلامية، مما يعكس دور الأزهر في التعامل مع المستجدات الطبية وفق الضوابط الشرعية.
أما الدكتور أبو اليزيد سلامة، فتحدث عن أهمية الرجوع إلى أهل الاختصاص عند إصدار الأحكام الشرعية المتعلقة بالمسائل الطبية، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾. وأوضح أن الفقهاء قديمًا كانوا يجمعون بين العلوم الشرعية والطبية، أما اليوم، فقد أصبح كل علم له متخصصوه، مما يقتضي تعاون الفقهاء مع الأطباء للوصول إلى أحكام دقيقة تراعي الجوانب الشرعية والطبية معًا.
وأكد الدكتور سلامة أن الإسلام لم يحدد سنًّا معينة للزواج، بل جعل الأمر مرتبطًا بقدرة المرأة على تحمل مسؤولياته، وهو ما يختلف باختلاف الزمان والمكان والظروف. وأوضح أن الزواج يجب أن يكون مبنيًّا على الوعي الكامل بحقوقه وواجباته، مشيرًا إلى أن العلم ضروري لفهم مقاصد الزواج وأحكامه، تمامًا كما هو ضروري لفهم العبادات الأخرى مثل الصلاة والصيام.