«عقالْ المِرجِله» (بوخالد).. رائعة شعريّة جديدة لـ محمد بن راشد
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
محمد عبد السميع (الشارقة)
رائعةٌ هذه القصيدة، فكلّ ما فيها مبهجٌ، وكل ما فيها يؤكّد هذه القوة الضاربة والمتمثّلة في شخصيّة الممدوح، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وهي قصيدة من إبداع صاحب السّمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، حيث الذكاء في التناول، والانسياب في التعبير على لسان الأبيات التي استُهلّت بـ«عقال المرجلة» (بوخالد)، وكانت بالفعل دفقات صادقة من شاعر كبير، انطلقت قصيدته لتضعنا بدايةً، بما في الصفات الاستهلاليّة من قوّة وعلوّ ومجد، بصورة «العقال»، في أنفة وعلوّ ومجد هذا العقال، وبما في العقال من كرامة عالية تتفوّق على النجوم في سماء المجد، هذا على مستوى العنوان، أمّا على مستوى القصيدة، فإنّ «الحزام» أيضاً مفردة رائعة، تبدو قويّةً، حيث تشير إلى اعتماد الجميع على هذا القائد، صادق الكلمة، الوفيّ، حيث «الحزام» في التعبير الشعبي هو العَوْن بمعناه الشعري المستمدّ من خصيصة الحزام في شدّ الظهر وتقوية المستنجد أو المستجير أو الخائف، ولذلك كان التحزّم بالكبار مصدر ثقةٍ واطمئنان، فـ«أبو خالد» هو الذي راهن ويراهن عليه الناس، فكسبوا الرهان في ذلك، لأنّهم ببساطة وضعوا ثقتهم بالكبير الذي يعينهم على قضاء حوائجهم ووضعهم في جوّ من الفرح والأمل والعطاء، كما تبيّن هذه المقطوعة الجميلة والمعبّرة في هذه الأبيات.
قوة إلى قوة
«من راهن على الكبار حتماً سيربح في هذه المراهنة»، هكذا يقول لسان صاحب السّمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وهو يصف في استهلاله قوةً إلى قوة، حيث هذه القافية الرائعة التي انتهت في صدر القصيدة على الميم وانتهت في عجزها على الحاء، بما يناسب هذين الحرفين من حروفٍ ذات موسيقى جميلة وتشعر من يستمع إليها أو يقرؤها بالزهو والفخر والإعجاب.
ابتدأت القصيدة بالوصف، والوصف هو نقطة بداية مبدعة في القصيدة، لما فيها من تأكيد الرجولة بصفة العقال وصفة الحزام، وجمال النحت اللغوي للفعل المضارع في قوله «انتحزم بك»، وأنت عقال المرجلة، الذي يظل عالياً، وهذا تشبيه وصورة من أجود الأبيات الاستهلالية في الشعر الشعبي والشعر على وجه العموم.
ويأتي البيت الثاني ليشرح ويضيف أيضاً إلى هذه الصفات، فصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، هو قائد نادر، والندرة معناها التميّز، فهو لا يكون في موقف إلا ويكون فيه فائزاً، وكل الذين يراهنون عليه بالفعل نجحوا في رهانهم عليه حاكماً قويّاً وحكيماً، وفي كل الصفات الأخرى حتماً هم سيربحون الرهان.
دائماً إلى الأمام
نلاحظ أيضاً كيف جاءت لفظة «الربيح» على وزن فعيل، لتناسب القافية، وأيضاً لتعطي رونقاً شعريّاً في ذلك، ثم تسير الأبيات موجهة بشكل يثير الحماسة في نفس القارئ، حيث يُمتدح القائد الذي دائماً يسير إلى الأمام، فعاش سيرك أيها القائد، وعشت وفشل من كان ضدك، وعلينا أن نلاحظ بلاغة الأبيات في صيغة الأفعال الماضية التي جاءت لتؤكّد الحالة موضوع المدح، وتعني تمام الأمور والصفات.
هذه الأفعال تسير بنا في قصيدة جميلة، حيث: طابت أفعالك، وهذا فيه من الوصف وتأكيد الحالة، وفيه من الدعاء الجميل، المبني على معرفة الشخصية الممدوحة وصفاتها النادرة في الشجاعة وفي طيب الكلام، طابت أفعالك قبل طيب الكلام، إذاً الأفعال تسبق الكلام، وهذه مباراة جميلة في الأفعال الطيبة التي تسبق الكلام، والكلام الطيب، وحينما تسبق الإنسان أفعاله في هذه الحياة فهو القائد الذي يقلّ لديه القول ويكثر عنده الفعل، بل يسبق الفعل الكلام، فكلاهما طيّب على مائدة الشعر ومضمار القصيدة الرائع الجميل. وقد جاء التأكيد بالقول «صحيح في صحيح»، وهو تعبير جميل ويتناسق مع القافية ويؤدي المعنى في ذات الوقت. والناس حين تلعب بالسياسة بالكلام يظل القائد واضحاً وصريحاً، حين يختبئ الناس وراء الكلام، فهو واضح وضوح الصبح الصريح.
جود الغمام
جماليات القصيدة لدى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تأتي في وصف القائد بأنّه ظلٌّ لشعبه الذي ينام في ظلّه، فهو الشجرة وارفة الظلال، حيث يأمن في ظلها الناس.
وجاءت صورة الغيم الذي يتبعه جود الغمام، مقارنةً بصورة الصحراء الشحيحة، كمقارنة بين الكرم والشّح، وكلها تزيد القصيدة بهاءً، كاستعمال مبدع جدّاً، فيستمر الدعاء لأن يبقى هذا القائد الفذ رمزاً يشبه راية الإمارات في علوها ومجدها ومعانقتها السماء، وقد عاش فارساً لم يشح بوجهه عن أحد وظلّ عند حسن ظن الناس به في المكارم والمآثر والإنجازات.
قائد كريم
فالشعب يعيش مطمئناً هادئاً يفرح بالحياة ويسعد من قلبه، حينما يصيح غيرهم في بلدان أخرى، فهذه صورة تدل على اطمئنان الناس وأمانهم في بلد حباه الله بالأمان في ظلّ قائد كريم وشجاع. أخبار ذات صلة الإمارات وإندونيسيا.. دبلوماسية السلام والتسامح بشراكة إعلامية مع «مركز الاتحاد للأخبار».. «تريندز» ينظم المائدة الأولى في كيب تاون حول «تعزيز إمكانات مراكز الفكر»
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: محمد بن زايد الإمارات محمد بن راشد الشیخ محمد بن محمد بن راشد
إقرأ أيضاً:
"محمد بن راشد الحياة داخل الحياة" في الشارقة للكتاب
صدر حديثا كتاب "محمد بن راشد آل مكتوم الحياة داخل الحياة" للكاتب الإماراتي هزاع أبو الريش، وذلك عن دار قصة للنشر والتوزيع، ووقع المؤلف إصداره الثامن في معرض الشارقة الدولي للكتاب المنعقد حاليا برعاية عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، بمشاركة 2520 ناشراً من 112 دولة، ويستمر حتى 12 نوفمبر (تشرين الثاني) تحت شعار "هكذا نبدأ".
واشتمل الكتاب على 6 فصول حملت العناوين التالية: "الحب في قاموس محمد بن راشد، حاكم دبي القائد في الأثر والتأثير، محمد بن راشد والمرأة الإماراتية، الفلسفة الوجودية في حياة محمد بن راشد، الحاكم الإنسان في نقاء السريرة وصفاء القريرة، في عيون العالم حفاوة وتكريم".
وأهدى أبو الريش الكتاب إلى الإمارات في عيدها الميمون حيث تتجلّى القيم النبيلة، والمعاني الأصيلة، والرسالة الوطنية الجليلة، التي أرسى قواعدها المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لتكون اليوم مصدراً إنسانياً مهمّاً ومُلهماً في المنطقة، وموضحاً أن هذا الوطن، يتصدَّر المشهد، بحضور مبهر، ويُعَد إضافة عظيمة من جودٍ ووجود، كإشراقة الصباح في كون الإنسانية.
وتحت عنوان "الرؤى والرؤية " تطرق المؤلف إلى أهم الأمور التي ساهمت بتشكيل رؤى نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ومنها تأثره وقربه من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "فالحياة التي قضاها وعايشها محمد بن راشد مع المغفور له، الشيخ زايد، وخاصة أثناء تأسيس الإمارات، تُعَد أحد أهمَّ وأبرز فصولها، وكوَّنت هذا الانسجام الوطني الرفيع، والتناغم الذي يدوزن أوتار الحياة بمسيرة حافلة بالعطاء والسخاء والوفاء الذي يغدق على الإنسانية الخيرَ الفضيل".
كما يذكر الكاتب أثر الفطرة السليمة والنشأة المستمدة من نور القرآن، بتشكيل ميزان فطري، استندت عليه شخصية محمد بن راشد، وأضاءت بصيرته وأنارت مسيرته، وألهمته دوراً استثنائياً، يؤديه بقوة وجدارة.
ويستشهد مؤلف الكتاب بكلمات تعكس معنى الحب في قاموس محمد بن راشد والتي يقول فيها "قيمتنا الحقيقية فيما نعمله.. والعمل مثل الحب.. كلاهما يتضاعف بالتضحية والإخلاص، وكلاهما أيضاً مهم لاستمرار الحياة".
ويستوقف مؤلف الكتاب كونه شاعراً، عند إحدى قصائد الشيخ محمد بن راشد، ويقدم للقارئ ومضات منها:
سرَّي وسِرَّهْ سِرْ ما ينحكَىَ بِهْ
إبْرِهْ فْ ظلامْ اللَّيلْ في بَحْرْ عَبَّابْ
ومنْ غالَبْ المغلوبْ يغلِبْ غِلابِهْ
ومنْ غالَبْ الغَلاَّبْ يَغْلبهِ غلاَّبْ
ظبي يقودْ السَّربِ وأتبَع سَرابِهْ
يبعدْ وأنا لِهْ كلَّما لاح ِطَلاَّبْ
يا هاجري هَجرِكْ هِجيرْ ومهابِهْ
ومنْ حَرْ هجركْ هاجري ذقتِ الأنشابْ.
ثم يعلق المؤلف على القصيدة بقوله: "مشاعر صادقة، تسفر عن صفاءٍ ونقاءٍ، وضياء يُنير القلب بمصابيح الألفة والود، وهي لا تأتي إلا بانسجام الحب، وتناغم الأفكار بسجيّة الأحلام النبيلة، التي تذهب بالمدنفين في صحراء الوجد، وبراري الوجود، وتسير بهم نحو غاياتٍ وراياتٍ ورواياتٍ ملهمة تجعلنا نقف لنتأمل المشهد، ونقرأ الحب بتفاصيله، وفصوله"
ويضيء الكاتب أيضا على مقولات خالدة، للشيخ محمد بن راشد، كلمات تسمو لنقشها بماء الذهب على جدران هذه الحياة التي تموج بالشدائد، وتكاد تكون ملاذاً لوجدان البشرية الغارقة في أحزانها وآلامها، ومنها ما يلي:
"لا تستطيع أن تقتل الحلم في الشباب ثم تطلب منهم الإبداع والتميّز إذا قتلت الحلم فأنت تقتل الأمل وإذا قتلت الأمل فماذا أبقيت في الناس من حياة؟"
"لسنا أقل من المركز الأول، وأي شخص يقنع نفسه بأنه لا يستحق المركز الأول، فقد كتب وحكم على نفسه بالفشل من البداية"
"أسرع وسيلة لتكون سعيداً هي أن تغرس السعادة في نفوس الناس"
"لا يمكن أن تكون لديك الحكمة في الحياة إلا إذا استوعبتَ آلاف الحقائق والمواقف والعِبر"
«نحن جميعاً "عيال زايد"… وعيال زايد لا يحملون اسمه وحرصه على وطنه فقط، بل يحملون أيضاً قيمه وأخلاقه وسعة صدره وتسامحه وحبه للناس.. كل الناس".
ويتطرق الكاتب إلى عدد من الإنجازات والمبادرات التي صنعها وابتكرها الشيخ محمد بن راشد ومنها مبادرة "صناع الأمل"، كأكبر مبادرة إنسانية ومجتمعية من نوعها تهدف إلى تكريم أصحاب العطاء في الوطن العربي، الذين يسعون من خلال مشاريعهم ومبادراتهم وبرامجهم وحملاتهم التطوعية، الفردية أو المؤسسية، إلى التصدي لأهم التحديات التي تواجه مجتمعاتهم، في مختلف المجالات، وإيجاد حلول لها، والعمل الحثيث من أجل الارتقاء بواقع أوطانهم، وإغاثة المنكوبين ومساعدة المحتاجين ورفع المعاناة عن الفئات الهشَّة في المجتمع وتقديم الدعم للفئات المحرومة، وتحقيق فريق إيجابي في حياة الناس من حولهم، من خلال تسخير جهودهم وطاقاتهم وإمكاناتهم بالاعتماد على مواردهم الشخصية أو من خلال تلقّي دعم محدود، دون السعي إلى تحقيق أي مكسب أو منفعة أو ربح مادي.
يذكر أن "صناع الأمل" التي انطلقت في عام 2017، تحت مظلة مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، تستند إلى رؤية راعيها الذي أدرك أن الإنسان الحقيقي، المحب للحياة، يحلم بغد متألق، متدفق بنور الفرح، والحياة الهانئة.
وفي خاتمة الكتاب يقول هزاع أبوالريش: "تسجل الشخصيات الوطنية المُلهمة حضورها في الوجدان، قدوة للإنسانية، مثل الأجنحة، لا تحلق إلا بين ضفاف الجمال، ولا تعانق غير بريق العيون، شخصيات تجلت في الدنى ريحانة، وفي العالم بهاء ونقاء وصفاء، وفي التاريخ أيقونة".