الإمارات وإندونيسيا.. دبلوماسية السلام والتسامح
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
أحمد مراد وأحمد شعبان وشعبان بلال (القاهرة)
أخبار ذات صلة بشراكة إعلامية مع «مركز الاتحاد للأخبار».. «تريندز» ينظم المائدة الأولى في كيب تاون حول «تعزيز إمكانات مراكز الفكر» «أبطال شرطة الغد».. برنامج متكامل لتجربة الحياة العسكرية وغرس القيم النبيلةترتبط دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية إندونيسيا بشراكة دبلوماسية نشطة وفاعلة تساهم بشكل ملحوظ في تعزيز السلام الإقليمي والعالمي، ومواجهة التحديات التي تهدد الأمن والسلم الدوليين، وتستند العلاقات الاستراتيجية بين الإمارات وإندونيسيا إلى مواقف متقاربة، وقواسم مشتركة، وتوافق في الرؤى حيال العديد من القضايا العالمية، وفي مقدمتها دعم الأمن والسلم الدوليين، ونشر قيم التسامح والتعايش السلمي.
ويظهر عمق العلاقات الاستراتيجية التي تجمع بين الإمارات وإندونيسيا جلياً في تعدد أطر وآليات التعاون المشترك، وتنوع أوجه التوافق والاهتمامات المشتركة بينهما، لا سيما أن البلدين يرتبطان بشراكة مؤثرة داخل العديد من المنظمات والمجموعات الدولية، وعلى رأسها مجموعة العشرين ورابطة الآسيان.
هناك العديد من القواسم المشتركة التي تجمع بين الإمارات وإندونيسيا، إذ يتبنى البلدان سياسة خارجية متوازنة، ويحرصان على إقامة شراكات وتحالفات مع مختلف القوى الدولية المؤثرة، وهو ما ساعد البلدين على تنسيق مواقفهما المشتركة في المنظمات الدولية والإقليمية المختلفة، سواء الأمم المتحدة أو منظمة التعاون الإسلامي أو المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب الذي يضم 29 دولة بجانب الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى شراكتهما الفاعلة داخل «ندوة المحيط الهندي البحرية» التي تستهدف تعزيز التعاون البحري، وأيضاً «رابطة حافة المحيط الهندي».
وأكد خبراء ومحللون سياسيون تميز العلاقات الإماراتية الإندونيسية، لا سيما في مجالات دعم السلام العالمي، ونشر مبادئ الرخاء والوئام والتسامح الدائم والتعايش السلمي.
وأوضح رئيس مجلس الشباب الوطني الإندونيسي، طانطان لوبيس، لـ«الاتحاد»، أن الإمارات وإندونيسيا تجمعهما دبلوماسية نشطة وفاعلة، وتعملان بشكل دائم على توظيف الآليات والأطر الدبلوماسية لتحقيق السلام العالمي، والوئام بين مختلف شعوب العالم، وهو ما يمثل إحدى أهم وأبرز ركائز العلاقات الإماراتية الإندونيسية الممتدة منذ عام 1976.
وقال طانطان: إن الإمارات وإندونيسيا من أكثر دول العالم التزاماً بقيم التسامح والتعايش السلمي، وتعملان على تعزيز هذه القيم إقليمياً ودولياً من أجل دعم الأمن والاستقرار في مختلف مناطق العالم، واعتبر أن الإمارات واحدة من الدول الأكثر أهمية بالنسبة لجمهورية إندونيسيا.
شريك مهم
ذكر رئيس مجلس الشباب الوطني الإندونيسي أن الإمارات شريك مهم ومؤثر في حوار رابطة أمم جنوب شرق آسيا، وقد ظهر ذلك في الاجتماع الـ 55 لوزراء خارجية الرابطة خلال العام الماضي في بنوم بنه بكمبوديا، حيث وقعت دولة الإمارات على معاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا.
وشدد طانطان على أهمية دور الإمارات وإندونيسيا في منظمة التعاون الإسلامي، لا سيما فيما يتعلق بمجالات دعم السلام العالمي والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم.
وكانت الإمارات وإندونيسيا قد أطلقتا في عام 2015 شراكة مهمة لنشر مفهوم التسامح، وأصدرتا بياناً مشتركاً في ختام زيارة الرئيس الإندونيسي، جوكو ويدودو، للإمارات في العام نفسه، شددتا فيه على ضرورة تحقيق السلام والأمن والاستقرار في العالم، ونشر الصورة الصحيحة عن الإسلام، وتشجيع الحوار بين الأديان لجمع الشعوب المختلفة الأعراق والثقافات والأديان.
مواقف متقاربة
قالت الباحثة في شؤون العلاقات الدولية، نورهان أبوالفتوح، إن أبوظبي وجاكرتا تربطهما علاقات ثنائية تاريخية ممتدة على مدى ما يقرب من نصف قرن، وعلى الرغم من البعد الجغرافي بينهما، إلا أن العلاقات الثنائية تتسم بالتعاون في مختلف المجالات، وتجمعهما العديد من المواقف المتقاربة والقواسم المشتركة، خاصة فيما يتعلق بتعاونهما المشترك في تعزيز قيم ومبادئ السلام والتعايش السلمي والتسامح.
وذكرت أبو الفتوح أن أوجه التعاون العديدة جعلت من البلدين قوة إقليمية ودولية فاعلة، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي أو الدبلوماسي، مشيدة بالتعاون المتنامي بين البلدين في مجالات دعم وتحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، إضافة إلى سعيهما المشترك في دعم عمليات مكافحة الإرهاب، والقضاء على التطرف، ونبذ العنف، وتشجيع الحوار بين الأديان.
وأشارت أبوالفتوح إلى أن أبوظبي وجاكرتا تشتركان في العديد من الرؤى، فيما يخص قضايا منطقة الشرق الأوسط، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، فضلاً عن تأكيدهما المشترك والدائم على ضرورة احترام مبادئ القانون الدولي، ومراعاة مبدأ سيادة الدول على أراضيها، والحفاظ على السلام والأمن لضمان التنمية المستدامة في المنطقة.
وشددت على أهمية تعاون الإمارات وإندونيسيا في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، فضلاً عن مكافحة الجرائم المنظمة العابرة للحدود، مثل القرصنة، والاتجار بالبشر، وتهريب الأشخاص، والمخدرات.
وقالت أبو الفتوح «إن الدبلوماسية تمثل عاملاً رئيسياً في دفع العلاقات الثنائية بين الإمارات وإندونيسيا، وهو ما يظهر في تعدد الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين، فضلاً عن المباحثات الهاتفية المستمرة بينهما، وغيرها من المشاورات الثنائية التي تُعد المحرك الرئيسي لتطور العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، ومن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة نمواً أكبر في العلاقات الإماراتية الإندونيسية في ظل تنامي أوجه التعاون الاقتصادي، وتعدد أوجه التنسيق المشترك حيال العديد من القضايا الإقليمية والدولية، لا سيما في ظل الدور الفاعل الذي تلعبه الإمارات في منطقة الشرق الأوسط الذي يأتي بالتزامن مع تأكيد إندونيسيا على استعدادها للمشاركة في دفع عملية السلام في المنطقة».
نموذج رائد
أوضح خبير العلاقات الدولية، الدكتور أيمن سمير، أن الإمارات وإندونيسيا تشكلان محوراً إقليمياً ودولياً فاعلاً ومؤثراً في مسيرة العمل الإقليمي والدولي، ومع مرور الوقت تزداد علاقاتهما الاستراتيجية عمقاً واتساعاً.
وأضاف سمير أن إندونيسيا تنظر إلى الإمارات وقيادتها بعين التقدير، باعتبارها نموذجاً رائداً وفريداً للتطور في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى ما تحظى به من ثقل على الساحتين الإقليمية والدولية، وبالتالي تحرص قيادات إندونيسيا على تعميق وتعزيز التعاون وفتح قنوات اتصال دائمة مع الإمارات.
وقال: إن العلاقات الإماراتية الإندونيسية قائمة على مجموعة من القيم المشتركة، حيث يدعم كل منهما السلام والاستقرار في مختلف مناطق العالم، ويدعو البلدان إلى استخدام الطرق الدبلوماسية والسياسية في حل الصراعات والنزاعات، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
ولفت خبير العلاقات الدولية إلى وجود شراكة استراتيجية بين الإمارات وإندونيسيا قائمة على المصالح المتبادلة، ورغبة البلدين في العمل على زيادة الاستثمارات المشتركة والتجارة البينية بينهما، لافتاً إلى أن الإمارات تُعد أحد أهم شركاء إندونيسيا في الشرق الأوسط، وهناك استثمارات إماراتية ضخمة في السوق الإندونيسي.
وتابع: الإمارات وإندونيسيا تدعم كل منهما الأخرى في المنظمات الدولية والإقليمية، وهذا الدعم المتبادل يمثل أهمية كبيرة للبلدين، فإندونيسيا تُعد أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، ودولة ذات اقتصاد كبير، وإحدى الدول الفاعلة في مجموعة العشرين، والإمارات كذلك تُعد دولة محورية ولاعباً رئيساً في الكثير من الملفات الإقليمية والدولية، وبالتالي هناك فرص واعدة لتطوير سبل التعاون والشراكة بين البلدين، وسوف تشهد الفترة المقبلة المزيد من أوجه التنسيق الإماراتي الإندونيسي في المحافل الإقليمية والدولية.
وأوضح الدكتور محمد صادق إسماعيل، أستاذ العلوم السياسية، ومدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن العلاقات الإماراتية الإندونيسية تُعد نموذجاً يُحتذى به في العلاقات الاستراتيجية الشاملة والمتكاملة بين دول العالم.
وأشار إسماعيل إلى أن الإمارات وإندونيسيا تسعيان إلى تطوير علاقاتهما الاستراتيجية في ظل وجود العديد من القواسم المشتركة بينهما، إضافة إلى أن سياستهما الخارجية تقوم على مبدأ الاحترام المتبادل، والتعاون المشترك، والإخاء والتسامح والتعايش السلمي.
وأضاف أن الإمارات وإندونيسيا تنتهجان سياسة خارجية معتدلة ومتوازنة، وبالتالي هناك توافق كبير بين البلدين تجاه العديد من القضايا، لا سيما فيما يتعلق بالدعوة إلى حل النزاعات والصراعات سلمياً.
ولفت مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية إلى أهمية التعاون الاقتصادي بين الإمارات وإندونيسيا الذي تضاعف بشكل ملحوظ في العامين الماضيين، في ظل انتهاج الدولتين لسياسة اقتصادية رشيدة وحكيمة، وتعملان على مضاعفة حجم التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة للوصول إلى معدلات كبيرة جداً.
قواسم مشتركة
يرى السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، وخبير العلاقات الدولية، أن الإمارات وإندونيسيا تجمعهما مواقف متقاربة، وقواسم مشتركة، وتوافق في الرؤى حيال العديد من القضايا العالمية، وهو ما ساهم في تعميق علاقاتهما السياسية والاقتصادية والدبلوماسية والثقافية.
وأكد هريدي أن هناك مصالح مشتركة ومتبادلة بين الإمارات كدولة محورية في منطقة الشرق الأوسط، وجمهورية إندونيسيا التي تُعد قوة آسيوية صاعدة، وبالتالي تهتم الدولتان بتعزيز علاقاتهما في مختلف المجالات والقطاعات.
وأشار هريدي إلى أن دولة الإمارات تنفتح على القوى الآسيوية المختلفة، ومنها إندونيسيا صاحبة الشأن الكبير في السياسة الدولية، وهي دولة مدنية تحترم الأديان كافة، وتُعلي من قيم التسامح والتعايش الخلاق والسلمي بين الثقافات والحضارات، وهي القيم والمبادئ التي تؤمن بها دولة الإمارات؛ ولذلك فإن وجهات النظر بين البلدين تتلاقى في نشر هذه القيم.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: جوكو ويدودو الإمارات إندونيسيا محمد بن زايد بین الإمارات وإندونیسیا العلاقات الاستراتیجیة فی منطقة الشرق الأوسط الإقلیمیة والدولیة العدید من القضایا العلاقات الدولیة التسامح والتعایش والتعایش السلمی والاستقرار فی بین البلدین لا سیما فی إضافة إلى فی مختلف التی ت وهو ما إلى أن
إقرأ أيضاً:
أبوظبي تستضيف المؤتمر الدولي لحوار الحضارات والتسامح فبراير المقبل
تنطلق في أبوظبي يوم 19 فبراير المقبل، تحت رعاية معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، فعاليات الدورة الثانية من "المؤتمر الدولي لحوار الحضارات والتسامح"، تحت شعار "تمكين الشباب من أجل مستقبل متسامح"، الذي ينظمه مركز باحثي الإمارات للبحوث والدراسات، التابع لمؤسسة الإمارات للعلوم والبحوث، بالشراكة مع وزارة التسامح والتعايش، وبدعم من مكتب أبوظبي للمؤتمرات والمعارض التابع لدائرة السياحة والثقافة في أبوظبي.
وسيقدم المتحدثون في المؤتمر الذي يعقد في مركز أبوظبي للطاقة ويستمر حتى 21 فبراير 2025، رؤى متنوعة حول تأثير تمكين الشباب في تعزيز التسامح، مع مواضيع تشمل التبادل الثقافي، ودور التعليم في تعزيز التعايش، وأهمية تبني التنوع الثقافي لبناء مجتمعات متماسكة.
وقال معالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي، رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، ورئيس مجلس أمناء مركز باحثي الإمارات، إن انعقاد هذا المؤتمر في أبوظبي للمرة الثانية يجسد التزام دولة الإمارات بدورها الريادي في تعزيز قيم التسامح والحوار العالمي، لافتا إلى أن تمكين الشباب لا يقتصر على إعدادهم للمستقبل، بل من خلال ترسيخ قيم إنسانية عميقة في قلوبهم وعقولهم، ليصبحوا دعاة سلام وبناة جسور بين الثقافات والحضارات، خصوصا وأنهم يشكلون الركيزة الأساسية لتحقيق التغيير الإيجابي، ومؤكدا أن المؤتمر يوفر لهم الأدوات والرؤى ليشكلوا مستقبلًا قائمًا على التفاهم والتعايش والتناغم بين الشعوب.
من جانبها أكدت عفراء الصابري، مدير عام وزارة التسامح والتعايش، أن انعقاد "المؤتمر الدولي لحوار الحضارات والتسامح" للمرة الثانية في العاصمة أبوظبي، برعاية معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، وبحضور شخصيات بارزة حول العالم، يؤكد أن دولة الإمارات في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئس الدولة، حفظه الله، أصبحت عاصمة عالمية للتسامح والتعايش والأخوة الإنسانية، ومثالا ونموذجا لتعزيز ثقافة التعايش السلمي والحوار حول العالم.
أخبار ذات صلة «شجرة العجائب».. ترسخ قيم التسامح في نفوس الأطفال نهيان بن مبارك: "شتاء صندوق الوطن" يستهدف تعزيز الهوية الوطنيةوأضافت، أن وزارة التسامح والتعايش حريصة على التعاون مع المؤسسات المحلية والدولية من أجل تحقيق الأهداف السامية التي تأسست من أجلها، مؤكدة أن معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، يطالب دائما بتفعيل قدرات الوزارة كافة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع، المحلية والاتحادية والأكاديمية؛ لتجسيد أهدافها على أرض الواقع، من خلال الوصول بثقافة التسامح والتعايش إلى كل فئات المجتمع ولا سيما الشباب، مشيدة باختيار "تمكين الشباب"، كموضوع رئيسي للنسخة الثانية من المؤتمر، باعتبارهم الفئة الأهم في المجتمع، وعنوان الحاضر وصناع المستقبل المزهر للإمارات والعالم أيضا.
ويستعرض المؤتمر كيفية تمكين الشباب لقيادة مبادرات التسامح التي يمكن أن تشكل هياكل اجتماعية شاملة، وهو ما يتماشى مع التزام دولة الإمارات برعاية قادة شباب يركزون على الاحترام المتبادل والتفاهم، بالإضافة إلى جلسات تفاعلية مثل "مبادرات شبابية لتعزيز التعايش الثقافي" و"شراكات عالمية لتمكين الشباب من أجل التسامح".
ويشارك في المؤتمر أكثر من 100 متحدث من الدول والقطاعات المختلفة، بما في ذلك ممثلون عن القطاعات الحكومية والدبلوماسية والأكاديمية والدينية والثقافية، ومن المتوقع أن يستقطب أكثر من 5000 مشارك، ويعرض 120 ورقة بحثية و25 ورشة عمل تفاعلية، ما يعكس الأهمية العالمية لتمكين الشباب من أجل مستقبل متسامح.
المصدر: وام