هزاع أبوالريش (أبوظبي) 
الابتكار في الإبداع الأدبي والفني لا يأتي إلا عبر مخيّلة منفتحة، واطلاع دائم على عديد التجارب وهضمها، كي يتمكن الأديب أو الفنان من القفز على حالة التكرار والجمود، وثمة إصدارات ومؤلفات في المكتبات العربية عبارة عن «إعادة تدوير» لما سبق تقديمه من المؤلف نفسه، والسؤال الذي يفرض نفسه هو: هل إنتاج ما تم تقديمه من قبل يرجع للنضوب الإبداعي، أم أنه استسهال من المؤلف؟

بدايةً، يؤكد الكاتب عبدالله الكعبي، رئيس جمعية الناشرين الإماراتيين، ومؤسس دار الرمسة للنشر، أن ما جعل القارئ يبتعد عن اقتناء الإصدارات الجديدة، والمؤلفات المطروحة، هو مسألة تكرارية الأفكار، حيث لا جديد في الطرح، وبعض الكتاب لا يبذلون القليل من الجهد في البحث والاطلاع، والتركيز على القراءة، إنهم فقط يكتبون، دون الوقوف على ما يكتبونه.

ويضيف: على الكاتب قبل أن يبدأ في مشروعه الكتابي، أن يعطي نفسه الوقت الكافي للقراءة، وبعد أن يتشبع، ويمتلك الحصيلة التي تؤهله للكتابة، يقدم على مشروعه بجرأة لأنه أصبح قادراً على مخاطبة الآخر والوصول إليه وتقديم الأفكار الجديدة التي اكتسبها، دون الوقوع رهينة الكتابات المكررة.
وتابع: المسؤولية كذلك لا تقع على الكاتب فقط، وإنما على دور النشر، فعليها أن تتابع وتراقب وتكون معنية بما ينشر، ولكي نستطيع أن نحصل على ثقة القارئ يجب علينا ضبط المسألة من جميع الجوانب، وأن تكون الحلقة متكاملة من كل الأطراف، فدور النشر عليها مسؤولية، وقبل أن تفكر بالأرباح عليها أن تفكر بالإضافة التي سيقدمها الكتاب، وأن يخضع الكتاب قبل طباعته لمتابعات ومراجعات حتى لا يكون محتواه مكرراً، ويكون مجرد عدد يُضاف إلى سوق النشر والتوزيع. وكلما ركزنا في قيمة المضمون، ورفعنا من الوعي الذي يجب أن يتضمنه المحتوى، اقتربنا أكثر من أهمية القراءة حيث تجعلنا قادرين على أن نفكر، ونقدم الشيء الذي يعتبر إضافة فعلية.

أخبار ذات صلة «أبوظبي للغة العربية» يعلن عن اللجنة العليا لجائزة «كنز الجيل» في دورتها الثالثة الورقي والإلكتروني.. تناغم فكري وصراع وجود

تأثيرات سلبية 
من جانبها، تقول مريم سلطان المزروعي، كاتبة وأديبة: تعتبر قلة القراءة من المشاكل الشائعة في المجتمعات اليوم، فالعديد لا يجدون فيها المتعة، على الرغم من أن القراءة تعتبر وسيلة من الوسائل المهمة لتطوير الذهن، وتوسيع المعرفة والإدراك والتخفيف من التوتر، وقلتها قد تؤثر عكسياً على قدرة الإنسان على التفكير النقدي والتحليلي، وبالتالي عدم المقدرة على التعبير بشكل واضح ودقيق، مما يؤدي إلى صعوبة في التواصل مع الآخرين. إلى جانب المشاكل والتحديات الأخرى، منها: قلة المعرفة والثقافة وفقدان الفرصة في التطور الشخصي، ضعف في مهارات اللغة القرائية والكتابية، كذلك قلة التركيز والانتباه، وضعف الذاكرة في التذكر والاستيعاب، وانعزال الكاتب عن معرفة قضايا مجتمعه وعدم إلمامه بتطورات المجتمع والحياة من حوله، وليس لديه القدرة على تقديم الأفكار والقضايا بصورة متجددة، وإنما يقدم أعمالاً ضعيفة ومكررة ويسودها نوع من التقليد وضعف في اللغة، ويمكن القول إن عدم القراءة يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على النمو الشخصي والتعليمي والثقافي للفرد، ولذلك، يجب تشجيع الناس على القراءة بحيث يتكون لديهم الشغف والمهارة والاستمتاع، وأن يتم توفير الوقت والموارد اللازمة لدعم هذه العادة الهامة التي ستصبح مع الوقت متعة.

الإبداع والأثر
ترى الكاتبة مريم الحمادي، أن القراءة ضرورة مهمة في حياة المبدع، وليس كل من يكتب يجب اعتباره مبدعاً ومتألقاً في أعماله وإصداراته ومؤلفاته، لأن هناك الكثير من المؤلفات لا تحمل في مضمونها أي قيمة ومعنى، مجرد تكملة عدد لنسبة المنشورات في دور النشر، ولكن الإبداع الحقيقي يترك أثراً ويمثل إضافة لدى القارئ، وأن يكون عملاً مبتكراً. والقراءة تجعل المبدع أن يبتكر أعمالاً جديدة، وأفكاراً متميزة تترك بصمة واضحة.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الثقافة الأعمال الأدبية الأدب عبدالله الكعبي

إقرأ أيضاً:

إِحذر من شوك

دار نقاش طويل حول المصاعب التي يواجهها رجال الأعمال اليوم في ظل التحول الإقتصادي الكبير الذي يشهده العالم.
أحدهم نصح بعدم الدخول في شراكات مع أي من رجال الأعمال والمستثمرين، وقال بالنصّ، “إِحذر من كلمة شوك، وهي شراكة، وكالة وكفالة.”

نعلم جيداً المصائب التي يقع فيها من يقوم بكفالة أي إنسان، خصوصاً في القضايا المالية، وكيف أن الكثير منهم انتهى به الحال بالإفلاس، أو السجن، والقصص على ذلك كثيرة، ونعلم أيضاً المصائب التي تقع على من يعطي وكالة، وكيف أن الكثير من الموكلين، وقعوا ضحايا للنصب، وخصوصاً سيدات الأعمال، والشواهد على ذلك كثيرة. إلا أن الشراكة هي ركن أساسي في الأعمال، وقصص النجاح فيها كثيرة، كما هي قصص الإخفاقات.

إن الإستعانة بمستثمر كشريك، تعني الزيادة الفورية لرأس المال، والتدفق النقدي هو شريان الحياة لأي عمل تجاري، ومع الدعم المالي من المستثمر، يمكنك الحفاظ على سير العمل بسلاسة، كما أن المستثمر في الغالب لديه سنوات من الخبرة التجارية، وشبكة من الاتصالات المهمة. ويمكن أن يفتح هذا الأبواب أمام البائعين والموزِّعين والمصنِّعين والمعلنين وحتى العملاء المحتملين. ومن خلال الاستفادة من خبرة المستثمر واتصالاته، يمكن تحّسين إدارة العمل، والوصول إلى السوق بشكل كبير، ووضع الشركة في وضع يسمح لها بالنمو بشكل أسرع، وأكثر استدامة.

مع الدعم المالي، والخبرة من المستثمر، يمكن أن يصبح الطريق إلى النجاح والنمو أكثر قابلية للتحقُّق، وتصبح القرارات التي بدت ذات يوم محفوفة بالمخاطر، أو بعيدة المنال، أكثر جدوى. يسمح لك رأس المال الإضافي، باغتنام فرص النمو، بشكل أسرع من الاعتماد على التدفق النقدي الحالي، أو التمويل الشخصي وحده.

إنني أستمتع كثيراً بالجلوس مع كبار السن من روّاد الأعمال، وأجد في كلامهم الكثير من الحِكمة، إذ يقول رجل الأعمال الكبير السن، إن دعم المستثمر المالي، يقود إلى التخلي عن بعض السيطرة على العمل، وقد يكون التدخل إيجابياً، ولكن في كثير من الأحيان يكون على غير هوى رجل الأعمال الذي قد يضطر إلى الرضوخ لطلبات المستثمر، وهذا غير جيّد من وجهة نظره، ويؤكد على أن مشاركة المستثمر في الخطط والقرارات الإستراتيجية، يقتل الشغف في المضي قُدماً، وإلى النجاح، ويشدِّد على أهمية الإستقلال في جميع الجوانب الخاصة بالعمل، حتّى وإن كان ذلك صعباً.

المستثمر لا يهمه أن تحقِّق أحلامك، بقدر ما يهتم بزيادة الإيرادات حتى يكون المشروع الخاص قابل للبيع بسعر جيّد، حتى يسترد رأس ماله مع ارباحه، فما تراه أنت حلماً، هو في الواقع فرصة للمستثمر لمضاعفة الربح على حساب مشروع العمر الذي كنت تخطط له منذ سنوات، واستشهد هذا الرجل بالمقولة الشهيرة، (إن مصير السفينة التي لها قبطانان، أن تغرق.)

على صاحب المشروع، أن يكون هو المتحكِّم في عمله بشكل مطلق، وإن وجد المستثمر، -وهذا مستحيل في عالم الأعمال-، ممّن يرضى أن يموِّل المشروع دون التدخل فيه، فهذا أمر جيّد، علماً بأن إدخال شريك إلى أي مشروع، يعني خلافات لن تنتهي، وهذا يعيق أي تطوير، أو بناء للمشروع.

قد أتفق نوعاً ما، مع كبير السن، في جزئيات كثيرة ممّا يقول، وبالرغم من أهمية جذب مستثمر لأي مشروع، فأنا أحب الأعمال التي تتخلَّلها المخاطر، فبدون مواجهة المخاطر، لا يمكن لأي إنسان أن ينمو، ويزداد صلابة.

أعشق التحدّيات، وأعشق وضع الإستراتيجيات لأي مشروع جديد، أفشل في بعضها وأتعلم، وأنجح في بعضها الآخر، وأستفيد من تلك التجربة.
كلا الخياريْن بالنسبة لأصحاب الأعمال، صحيحيْن، ويبقى أن تختار بين الطريق الصعب، ومواجهة المخاطر وحيداً، أو الأسهل في الحصول على شراكة استراتيجية، قد تقود إلى فقدان السيطرة على اتخاذ القرار.

jebadr@

مقالات مشابهة

  • إِحذر من شوك
  • كيف ترفع معدل ذكاء طفلك؟.. 6 طرق تحفزهم على الاستعداد الدراسي
  • صغار مشروع «بستان الإبداع» في زيارة للكنيسة المُعلقة (صور)
  • رئيس هيئة الكتاب: السويس عامرة بتاريخها وتراثها
  • اختيار جمال الشاعر وجاسمين طه زكي لتحكيم مسابقة مهرجان الإبداع العربي "البودكاست"
  • مشروع ثقافى للناشئة
  • أستاذ دراسات بيئية: إعادة تدوير النفايات حل لمشكلة التلوث وتعزيز للاقتصاد (فيديو)
  • أستاذ دراسات بيئية: إعادة تدوير النفايات حل لمشكلة التلوث وتعزيز للاقتصاد
  • منظمة أممية تطلب من الحكومة اليمنية إعادة تدوير أكثر من 21 ألف كجم من الصابون التالف (وثيقة)
  • القصيفي: محكمة المطبوعات هي المخولة للنظر في دعوى النشر