أوضح رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، لعموم المسلمين، وقاصدي وزائري الحرمين الشريفين، فضائل وأحكام يوم عاشوراء.

وبين أنَّ أفضل أيام هذا الشهر هو يوم عاشوراء، مستدلًا بحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قَدِمَ رسولُ اللهِ ﷺ المدينةَ، فوجد اليهودَ يصومون يومَ عاشوراءَ، فسُئِلوا عن ذلك، فقالوا: هذا اليومُ الذي أظهر اللهُ فيه موسى وبني إسرائيلَ على فِرعونَ؛ فنحن نصومُه تعظيمًا له، فقال رسولُ الله ﷺ: "نحن أَولى بموسى منكم، فأمَرَ بصيامِه" [متفق عليه].

وتابع رئيس الشؤون الدينية قوله: "إنَّ النبي ﷺ كان يتحرى صيام يوم عاشوراء؛ لما له من المكانة والفضل، فقد جاء عن ابن عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أنه قَالَ: "مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ" [رواه البخاري]. وبين السديس فضل صيام يوم عاشوراء بأنه يكفر السنة التي قبله، لما رُوي عن أبي قتادة -رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ سُئل عن صيام يوم عاشوراء، فقال: "أحتَسِبُ على اللهِ أن يُكَفِّرَ السَّنةَ التي قَبْلَه" [أخرجه مسلم].

وذكر أنَّ النبي ﷺ عزم على أن يصوم يومًا قبل عاشوراء؛ مخالفة لأهل الكتاب: "فإذا كان العامُ المُقبِلُ إن شاء الله صُمْنا التاسِعَ" [أخرجه مسلم]. وشرح مراتب صيام عاشوراء، وكلام العلماء -رحمهم الله- فيه، وأنَّ صيام عاشوراء على ثلاث مراتب: الأولى: صوم التاسع والعاشر والحادي عشر؛ وهذه أكملها. الثانية: صوم التاسع والعاشر، وعليها أكثر الأحاديث. الثالثة: صوم العاشر وحده.

وتابع: ويُستحب للمسلمين أن يصوموه؛ اقتداءً بأنبياء الله، وطلبًا للثواب، وأن يصوموا يومًا قبله أو يومًا بعده مخالفة لليهود، وعملًا بما استقرت عليه سنة المصطفى ﷺ. وأنّ صيام يوم عاشوراء من شكر الله -عز وجل- على نعمه، واستفتاح العام بعمل من أفضل الأعمال الصالحة التي يُرجى فيها ثواب الله -سبحانه وتعالى-.

وختم بذكر سيرة صحابة رسول الله ﷺ، وكيف أنهم كانوا يصوِّمون فيه صبيانهم؛ تعويدًا لهم على الفضل، مستدلًا بحديث الربيع بنت معوذ قالت: "أَرْسَلَ النَّبيُّ ﷺ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إلى قُرَى الأنْصَارِ: مَن أصْبَحَ مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَومِهِ، ومَن أصْبَحَ صَائِمًا، فَليَصُمْ. قالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، ونُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، ونَجْعَلُ لهمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أحَدُهُمْ علَى الطَّعَامِ، أعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حتَّى يَكونَ عِنْدَ الإفْطَارِ" [رواه البخاري].

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: المسجد الحرام المسجد النبوي ابن عباس رسول الله يوم عاشوراء الحرمين الشريفين صیام یوم عاشوراء

إقرأ أيضاً:

إيمان أهل غزة

وأنا أشاهد مقاطع الفيديو الكثيرة عن أمهات شهداء غزة وهن يستقبلن أبناءهن الشهداء بالتسليم والإيمان التام لله، ويرددن: «الحمد لله الذي اصطفانا، فداءً للأقصى وفلسطين»، كنتُ أتساءل في قرارة نفسي عن سر هذه القوة والصلابة، وعن الأسباب التي أوصلتهم إلى هذا التسليم؛ ثم توصلت إلى سبب وجيه لا ثانيَ له وهو أنّ أهل غزة تربّوا على الإيمان، الذي رضعوه من صدور أمهاتهم، كما أنّ هناك نشاطًا ملحوظًا في تحفيظ النشء القرآن الكريم وتعليمه مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، إضافة بالطبع إلى الظروف القاسية التي عاشها أهل غزة؛ والتي صنعت منهم رجالًا تسلحوا بإيمان ثابت بالله؛ ويعود الفضل في ذلك لقادة غزة وعلمائها الحافظين لكتاب الله، الذين خرّجوا أجيالًا تؤمن بأنّ وعد الله حق، ومستعدة للشهادة في سبيل الله. وفي اعتقادي أنّ أهم أسباب النجاح، أنّ القادة والعلماء كانوا القدوة؛ لذا فإنّ الشباب اتبعوهم؛ والناس - كما يقال - على دين ملوكهم.

بالتأكيد لستُ الوحيد الذي شغله إيمان أهل غزة، بعد انتشار كلّ تلك المقاطع؛ فالموضوع أصبح عالميًّا، وبدأ الغربيون - خاصة الأمريكان - يبحثون عن الإسلام ويقرأون القرآن للتعرف على مصدر هذه القوة في أمهات الشهداء، اللاتي اتصفن بالصلابة والقوة والإيمان والسكينة في تلك اللحظات الحرجة؛ فما من امرأة غزاوية إلا وهي شهيدة أو زوجة شهيد أو أم شهيد أو أخت شهيد أو ابنة شهيد، وفي أحيان غير قليلة تجمع امرأة واحدة كلّ هذه الألقاب، وكثيرٌ من الأمهات في غزة حملن أولادهن مرتين؛ الأولى حين وضعنهم من بطونهن، والثانية حين ودّعنهم شهداء. ولا يخفى أنّ مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دورًا مهمًّا في نشر تلك المشاهد للعالم خاصة لفئة الشباب؛ ومن هنا اهتم الكيان الصهيوني بتوجهات هذه المواقع لدراسة ردود فعلها عن طوفان الأقصى. وممّا ذكرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» مثلا بعد شهرين فقط من بداية «الطوفان»، أنّ الشباب في أمريكا الذين يبحثون عن مغزى للحياة وجدوا ضالتهم في اعتناق الإسلام، وأنّ موقع «تيك توك» ضج بفيديوهات توثّق اعتناق الشباب الأمريكي للإسلام، كان أبرزهم الناشطة الأمريكية ميجان رايس، التي أسلمت بعد أيامٍ قليلة من إعلان دعمها لصمود الشعب الفلسطيني في غزة، وبحثها عن سرّ هذا الصمود، بدعوتها إلى التأمل في القرآن الكريم. ومن ضمن المقاطع التي نشرتها، فيديو تقول فيه: «إنّ الفلسطينيين مصرّون على التوجه إلى الله بالشكوى والحمد، حتى وهم يحملون جثامين أطفالهم بين أيديهم. مثل هذه المشاهد تظهر إيمانًا قويًّا ثابتًا على عكس مَنْ يدّعون المحبة والرحمة وهم مجرد كذابين منافقين»؛ أما أليكس وهي شابة شهيرة تقدّم محتوى مميزًا في «التيك توك» فقد ذكرت أنّ أهم سبب لإسلامها، مشاهدتها للفلسطينيين الذين يتعرضون للقتل اليومي، ومع ذلك لا يشككون في دينهم أو معتقداتهم، وعلقت على ذلك قائلة: «لو حدث لي ما حدث لهم، لكنتُ طرحتُ عدة أسئلة حول وجود إله أصلًا!»، وأكدت أنّ أول ما أعجبها واستغربته بسبب حملات الغرب ضد الإسلام، وهي تقرأ القرآن، اهتمام الإسلام بحقوق النساء، وتشديده على ضرورة الالتزام بمطالبهن، وأنهن متساويات في الحقوق والواجبات مع الرجال.

لم تكن ميجان رايس وأليكس الوحيدتين اللتين تحدثتا عن إيمان وصمود أهل غزة؛ فهناك كثيرون غيرهما، إلا أنّ ما جمع بين هؤلاء، الاندهاش الشديد من ذلك الإيمان الذي جعل الفلسطينيين يرددون من وسط الدمار والقتل: «الحمد لله»، مبدين تعجّبهم من سحر تلك الكلمة وقوة إيمانهم وصبرهم بعد فقْد ذويهم؛ مما دفع هؤلاء الناشطين للبحث وقراءة القرآن ثم اعتناق الإسلام. ولم يسلم هؤلاء الذين انخرطوا في حملة قراءة القرآن الكريم من انتقادات شديدة من طرف صهاينة ومؤيدين للصهيونية ولـ«إسرائيل»، وطالبوهم بعدم نشر أيِّ شيء عن الإسلام، بزعم أنه «دين خطِر»؛ لكن ميجان وأليكس أكدتا أنهما ستستمران في دراسة القرآن ونشره وتعريف الأمريكيين به، ونشر قصص صمود أهالي غزة، كما أنهما تشاركان في حملات مقاطعة شركات ومطاعم تدعم «إسرائيل».

تنقل صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن علماء متخصصين في دراسة الإسلام، أنّ عملية «طوفان الأقصى» التي كانت تمثل «في ظاهرها» ضربة قوية للمسلمين في الولايات المتحدة، كانت فعليًا «حافزًا» لجعل الأمريكيين فضوليين ومهتمين بفهم الإسلام. ولم يفتها أن تشير إلى قوة وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أشارت إلى أنه في السنوات التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، اعتمد الدعاة المسلمون على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الإسلام، حيث يروِّجون له «بلغة إنجليزية لا تشوبها شائبة» بطريقة إيجابية وموضوعية ومحبة للسلام، وأنّ الشباب الأمريكي يتهافتون مؤخرًا على منصة «تيك توك»، وانخرطوا «مسرورين» في قراءة القرآن، وكانوا في غاية الحماس بشأنه، حتى إنّ البعض منهم اعتنق الإسلام. بل وذهبت الصحيفة إلى أبعد من ذلك بالقول إنّ الدين الإسلامي عثر هذه المرة على جمهور «مثالي» من الشباب المولودين بين منتصف التسعينيات وأوائل عام 2010، الذين وجدوا في القرآن وعلومه منطلقًا لوجهات نظرهم العالمية.

لقد مثّل أهل قطاع غزة بعزيمتهم والإيمان الذي تحلوا به في مواجهة الإبادة التي يتعرضون لها، صورة ناصعة البياض للدين الإسلامي الحقيقيّ. وبذلك الشموخ والكبرياء الذي استقبلت به الأمهات الفلسطينيات نبأ استشهاد أبنائهن؛ فقد جسّدن نماذج للخنساء؛ لذا فلا غرابة أبدًا أن يتساءل العالم عن سر ذلك الإيمان، وهو في الواقع إيمان نفتقده -نحن المسلمين- لأنّ فهمنا للدين قاصرٌ للأسف الشديد، فلم نأخذ منه إلا القشور. وفي اعتقادي أنّ مسلمي العالم الجدد سيكونون أفضل إسلامًا منا نحن، الذين أخذنا الدين بالوراثة وبشهادة الميلاد فقط، وكأنّ ذلك كفيلٌ لنا بضمان رضا الله علينا. ولكن هل اكتفينا بالتدين الشكلي وانتهى الأمر؟! لو كان الأمر كذلك ربما كان الأمر هيّنًا؛ لكن وُجِد فينا للأسف من يحارب المجاهدين وينتقص من الشهداء ويتناولهم بألسنةٍ حِدادٍ لدرجة الشماتة في قتلهم. فهل يمكن أن ينصر الله مثل هؤلاء ويمكنهم في الدنيا؟! وهل مجرد التلفظ بكلمة «لا إله إلا الله، محمد رسول الله» مع محاربة المسلمين يكفي للدلالة على إسلام المرء؟!

لقد قدّم أهل غزة لنا جميعًا درسًا بليغًا بأنّ نجاح أيِّ أمة لا يكون إلا بالإيمان، ولا مبالغة إذا ردّدنا ما قاله أحد الأصدقاء: لو وُزِن إيمان أهل غزة بإيمان أهل الأرض جميعًا لرجح إيمان أهل غزة، ولا نبالغ أيضًا إنْ قلنا إنّ غزة - بتضحيات أهلها - وهبت للأمة العزة والكرامة والإباء.

مقالات مشابهة

  • مدارس محافظة صنعاء تدشن فعاليات ذكرى المولد النبوي الشريف
  • إيمان أهل غزة
  • صباحية شعرية وأمسية بالحديدة إحياءً لذكرى المولد النبوي الشريف
  • د.حماد عبدالله يكتب: "عبقرية" مصر !!
  • السعودية.. السديس يدشّن مشروع ترجمة ندوة فتوى الحرمين بـ 20 لغة عالمية
  • تستهدف 50 مليون مستمع.. "السديس"  يدشن مشروع ترجمة ندوة "الفتوى في الحرمين"
  • ناشطات وإعلاميات في حديث خاص لـ (الثورة ): اليمن في حضرة “الربيع المحمدي”.. ولاء واتباع وارتباط تاريخي
  • الفيصلي ينهي التعاقد مع تامر صيام
  • عبادة عظيمة يغفل عنها الكثير من الناس.. يكشفها علي جمعة
  • في يوم الجمعة.. تصدق بالمال وأعمال الخير (أنواع الصدقة)