جوبا تتخلى عن القاهرة وتفاجئها بالتوقيع على اتفاقية عنتيبي المتعلقة بالنيل
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
في خطوة مفاجئة، أعلنت دولة جنوب السودان مصادقتها على اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل، المعروفة باسم "اتفاقية عنتيبي". وبذلك، أعادت هذه الخطوة الاتفاقية المثيرة للجدل إلى صدارة المشهد من جديد.
ولم يصدر أي رد رسمي من مصر إزاء هذه الخطوة التي تعتبر غير متوقعة.
وتأتي مصادقة جنوب السودان على الاتفاقية بمثابة تحول كبير في موقفها، خاصةً مع العلاقات القوية التي تربطها بمصر.
وكانت مصر داعما قويا لجنوب السودان في حربها من أجل الاستقلال، في ظل الخلافات بين الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك والرئيس السوداني السابق عمر البشير، وواصلت تقديم المساعدات الاقتصادية والسياسية بعد ذلك.
وتعيد هذه الخطوة الاتفاقية المثيرة للجدل إلى الواجهة من جديد، خاصةً مع تزامنها مع أزمة سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، واكتمال بناء السد بنسبة 95% دون التوصل إلى اتفاق ملزم بين الدول الثلاث.
ما هي اتفاقية عنتيبي؟
اتفاقية عنتيبي، أو الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل، هي اتفاقية تم توقيعها في عام 2010 من قبل 5 دول من دول منابع النيل (إثيوبيا، أوغندا، كينيا، تنزانيا، رواندا).
تهدف الاتفاقية إلى تعزيز التعاون في مجال إدارة موارد المياه في النيل، وتقاسمها بشكل عادل بين الدول الأعضاء.
ما هي أهم بنود الاتفاقية؟
إنهاء الحصص التاريخية لمصر والسودان في مياه النيل (55.5 مليار متر مكعب لمصر و 18.5 مليار متر مكعب للسودان) وفقا لاتفاقيات 1929 و1959.
إدخال مفهوم "توزيع المياه العادل" بشكل فعلي للمناقشات المتعلقة بحوكمة النيل.
إلغاء الحظر التاريخي على دول المنبع لإقامة منشآت على ضفاف النيل.
إلغاء الفيتو المصري على مشروعات دول المنبع.
رفضت مصر والسودان التوقيع على الاتفاقية، واعتبرتاها "مخالفة لكل الاتفاقيات الدولية"، وتخشى الدولتان من أن تُؤدي الاتفاقية إلى تقليل حصصهما من مياه النيل، وتُهدد أمنهما المائي.
في حزيران/ يونيو 2010: أعلنت الخرطوم تجميد عضويتها في مبادرة حوض نهر النيل، بعد رفض الدول الخمس التراجع عن الاتفاقية.
وفي تشرين الأول /أكتوبر 2010: مصر تجمد عضويتها في مبادرة حوض النيل كرد فعل بعد توقيع دول منابع النيل على "اتفاقية عنتيبي".
وصف مساعد وزير الخارجية المصري، السفير عبد الله الأشعل، موقف جوبا "بالمتماشي مع مصالحها ومصالح الجانب الأفريقي، وكل دولة تنضم إلى الاتفاقية وتصدق عليها يؤثر بشكل سلبي على موقف مصر والسودان في مطالبهم بحقوقهم التاريخية في مياه النيل".
على الصعيد الدبلوماسي، يرى في حديثه لـ"عربي21": "أن غياب الدور المصري في التأثير على مواقف دول حوض النيل قد يضعف من موقفها الاستراتيجي في المنطقة، مما يستدعي إعادة تقييم السياسات والتحالفات الخارجية لمصر، وهذا الدور نفتقده منذ رحيل جمال عبد الناصر".
تأثير عودة اتفاقية عنتيبي على أزمة سد النهضة
عودة اتفاقية عنتيبي للواجهة تأتي في ظل أزمة مستمرة بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى بسبب سد النهضة.
هذا التطور يضيف بعدا جديدا للأزمة، حيث أن توقيع جنوب السودان على الاتفاقية قد يعزز موقف دول المنبع ويضعف الموقف التفاوضي لمصر والسودان، حيث أن إثيوبيا قد تستغل هذا التغير في موقف جوبا لتعزيز موقفها التفاوضي.
دوافع التحول: ماذا وراء توقيع جنوب السودان؟
لا تزال دوافع تحول موقف جنوب السودان غير واضحة تماما ويثير العديد من التساؤلات.
لكن تشير بعض التحليلات إلى أن جوبا قد سعت إلى تحسين علاقاتها مع دول حوض النيل الأخرى، خاصةً مع إثيوبيا، التي تُعد من الدول الداعمة لاتفاقية عنتيبي.
كما قد تكون جنوب السودان قد سعت إلى توقيع الاتفاقية لأسباب اقتصادية، حيث تُقدم الاتفاقية إمكانية الوصول إلى تمويل دولي لمشاريع تنموية مرتبطة بالنيل.
جوبا والانتماء الأفريقي الجنوبي
علق مستشار البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بشأن مياه النيل سابقا، محمد محيي الدين، على التحول المفاجئ في موقف جوبا بالقول: "جنوب السودان ترى نفسها جزء من أفريقيا وليس كجزء من الشمال الأفريقي العربي الإسلامي، وبالتالي توجهاتها الأساسية مع الجنوب الأفريقي والتي تختلف مصالحه عن مصالح الشمال خاصة فيما يتعلق بمجال المياه".
مضيفا لـ"عربي21": "جوبا ترى في الانضمام إلى الهضبة الأفريقية مصالح أكبر خاصة أنها أقرب إليهم دينيا وعرقيا وثقافيا، وهي كدولة سوف تسعى لتحقيق مصالحها، مسألة الانضمام من عدمه هو حق لها كدولة واقعة ضمن دول حوض النيل، ولكن هل يعني تصديقها على الاتفاقية سوف ينتج عنه مواقف مضادة لمصر والسودان أم أن هذه الخطوة لن تؤثر، يجب أن ننتظر ونرى كيف سوف تتصرف جوبا في هذه المسألة".
وأوضح العضو السابق في اللجنة الوطنية المصرية لدراسة آثار سد النهضة الإثيوبي، أن "مصر والسودان خارج الاتفاقية منذ رفضا الانضمام والتوقيع بشكل رسمي بعد تجميد عضويتهما في المبادرة عام 2010 لأنها لا تضمن حصصهما التاريخية في مياه نهر النيل".
واعتبر أن "اتفاقية إعلان المبادئ في الخرطوم عام 2015 هي الأخطر على حقوق مصر المائية لأنها حولت النهر من مجرى دولي إلى مجرى عابر للحدود".
هل تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ
قلل العضو السابق بالوفد السوداني في مفاوضات سد النهضة، الدكتور أحمد المفتي، من تصديق جوبا على اتفاقية عنتيبي، وقال: انضمام دولة جنوب السودان إلى اتفاقية عنتيبي لا يعني دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، إذ يتطلب النصاب القانوني موافقة سبع دول من حوض النيل".
وأوضح لـ"عربي21": "حاليًا، بلغ عدد الدول الموافقة ست دول فقط وهي: أوغندا، ورواندا، وإثيوبيا، وتنزانيا، وكينيا، وجنوب السودان. الدول التي لم توافق بعد تشمل السودان، ومصر، والكونغو، وبوروندي، وإريتريا (التي لم تشارك أصلاً). الجهات المانحة لإعداد اتفاقية عنتيبي ومبادرة دول حوض النيل منذ عام 1995، مثل الولايات المتحدة، والأمم المتحدة، وبعض دول الاتحاد الأوروبي، والبنك الدولي، قد طالبت منذ عام 2009 بضرورة موافقة جميع دول حوض النيل لضمان الاستقرار في المنطقة".
وبيًن خبير القانون الدولي للمياه: "أن تفعيل اتفاقية عنتيبي يُعد مستحيلاً بسبب المادة 30 التي تنص على أن مفوضية دول حوض النيل، التي ستنشأ بموجب الاتفاقية، ستحل محل مبادرة دول حوض النيل التي بدأت منذ عام 1999. المبادرة تملكها جميع دول حوض النيل، وليس فقط الدول السبع التي وافقت على الاتفاقية. بالإضافة إلى ذلك، فإن إثيوبيا، التي كانت من أكثر المؤيدين لاتفاقية عنتبي، شيدت سد النهضة خارج إطار الاتفاقية ولن تقبل إخضاعه لها".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية السودان النيل مصر جنوب السودان مصر السودان أثيوبيا جنوب السودان النيل المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اتفاقیة عنتیبی على الاتفاقیة دول حوض النیل مصر والسودان جنوب السودان میاه النیل هذه الخطوة سد النهضة دول من
إقرأ أيضاً:
الإمارات تدين الفظائع التي ترتكب في السودان وتدعو إلى وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار
دعت دولة الإمارات العربية المتحدة كلاً من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على الموافقة على وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار، وعلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات بحسن نية.
وأكدت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري في السودان، وإنما فقط حل سياسي يعكس إرادة الشعب السوداني.
وأوضح البيان إلى أنه: «مع دخول حرب السودان المدمرة عامها الثالث، تصدر الإمارات العربية المتحدة دعوة عاجلة للسلام. إن الكارثة الإنسانية التي تتكشف في السودان هي من بين أشد الكوارث في العالم: أكثر من 30 مليون شخص بحاجة إلى مساعدة عاجلة، والمجاعة تنتشر، والمساعدات يتم حظرها عمداً».
وأضاف البيان: «وما زالت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ترتكب الفظائع. إن الهجمات المستمرة للقوات المسلحة السودانية - التي تميزت بتكتيكات التجويع، والقصف العشوائي للمناطق المأهولة بالسكان، والأعمال الانتقامية ضد المدنيين، بما في ذلك عمال غرف الاستجابة للطوارئ، والاستخدام المبلغ عنه للأسلحة الكيميائية - ألحقت معاناة لا يمكن تصورها بالسكان المدنيين الذين هم بالفعل على شفا الانهيار. تدين الإمارات هذه الفظائع بشكل لا لبس فيه وتدعو إلى المساءلة. كما تدين الإمارات بشدة الهجمات الأخيرة على المدنيين في دارفور، بما في ذلك الاعتداءات الوحشية على مخيمي زمزم وأبو شوك بالقرب من الفاشر، والتي أسفرت عن سقوط مئات القتلى والجرحى. يجب على جميع أطراف النزاع وقف الاستهداف المتعمد للعاملين في المجال الإنساني والقصف العشوائي للمدارس والأسواق والمستشفيات».
وتابع البيان: في هذه اللحظة من المعاناة الهائلة، تدعو الإمارات العربية المتحدة إلى اتخاذ إجراءات فورية على ثلاث جبهات:
يجب أن تصمت البنادق. وتحث الإمارات كلا من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على الموافقة على وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار وعلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات بحسن نية. لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري - فقط حل سياسي يعكس إرادة الشعب السوداني.
وعرقلة المعونة أمر غير معقول، كما أن تسليح المعونة الإنسانية والإمدادات الغذائية عمل مدان. يجب على كلا الطرفين السماح بالوصول الفوري والآمن والعاجل للمنظمات الإنسانية للوصول إلى من هم في أمس الحاجة إليها في جميع أنحاء السودان. وتدعو الإمارات الأمم المتحدة إلى منع الأطراف المتحاربة من استخدام المساعدات الإنسانية لأغراض عسكرية أو سياسية. حياة الملايين من المدنيين تعتمد على ذلك.
ويجب على المجتمع الدولي أن يعمل على وجه السرعة لتيسير عملية سياسية، وزيادة المساعدة الإنسانية، وممارسة ضغط منسق على جميع الجهات الفاعلة التي تغذي الصراع. وندعو إلى الانتقال إلى حكومة مستقلة يقودها مدنيون—وهي الشكل الوحيد للقيادة التي يمكن أن تمثل شعب السودان تمثيلا شرعيا وتضع الأساس لسلام دائم. لا يمكن للعالم أن يسمح للسودان بالتحول إلى مزيد من الفوضى والتطرف والتشرذم.
منذ اندلاع النزاع، قدمت الإمارات العربية المتحدة أكثر من 600 مليون دولار أمريكي كمساعدات إنسانية للسودان والدول المجاورة—بما في ذلك من خلال وكالات الأمم المتحدة، بنزاهة، على أساس الحاجة ودون تمييز. ولا نزال ملتزمين بدعم الشعب السوداني والعمل مع الشركاء الدوليين للتخفيف من المعاناة والضغط من أجل السلام.
لقد حان وقت العمل الآن. يجب أن يتوقف القتل. يجب أن يبنى مستقبل السودان على السلام والعدالة والقيادة المدنية المستقلة عن السيطرة العسكرية-وليس على طموحات أولئك الذين يسعون إلى إطالة أمد الحرب على حساب شعبهم.