دخلت الحرب الروسية الأوكرانية مرحلة حاسمة من خلال المحاولة الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية ودول غربية تزويد كييف بالطيران الحربي المتطور ومساعدات مالية وتكنولوجية في محاولة اعتبرتها أخيرة لتغيير ميزان الحرب لصالح أوكرانيا أو على الأقل استعادة بعض الأراضي التي استولت عليها روسيا الاتحادية في شرق أوكرانيا.

هناك مؤشرات على تردد حلف الناتو في ضم أوكرانيا إلى عضوية الحلف وظهر ذلك جليا خلال قمة الناتو الأخيرة في العاصمة الأمريكية واشنطن، كما أن مسألة نشر الصواريخ الاستراتيجية في بريطانيا سوف يشكل تهديدا للأمن الروسي وهو الأمر الذي قابلته موسكو برد قوي يقترب من استخدام الأسلحة النووية.

هناك مؤشرات استخباراتية تعطي مؤشرا على أن الولايات المتحدة الأمريكية وفي خضم حمى الانتخابات الأمريكية القادمة لها ملحوظات على أداء الرئيس الأوكراني زيلينسكي حيث كشفت تلك المصادر وهي من أجهزة الاستخبارات بأن واشنطن تبحث عن خليفة للرئيس الأوكراني، وقد يحدث ذلك من خلال الانتخابات القادمة أو من خلال إنهاء الحرب بشكل دراماتيكي خاصة إذا فاز المرشح الجمهوري ترامب ووصل إلى السلطة حيث أشار ترامب في تصريحات سابقة إلى أنه إذا وصل وأصبح رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية فإنه سوف ينهي الحرب الروسية الأوكرانية خلال ثمان وأربعين ساعة، وأن واشنطن لن تقدم المزيد من المساعدات لكييف والتي قدرت بعشرات المليارات من الدولارات، ومن هنا فإن المشهد السياسي في الحرب الروسية الأوكرانية سوف يعتمد كليًا على ما سوف تسفر عنه نتائج شهر نوفمبر خلال الانتخابات الأمريكية خاصة أن المؤشرات فيما يخص قياس الرأي العام تتجه إلى تقدم الرئيس الأمريكي السابق ترامب كما أن حادثة محاولة الاغتيال الفاشلة في التجمع الانتخابي في ولاية بنسلفانيا قد أعطت ترامب شحنة معنوية جديدة وتعاطفا من خلال مشاهد الدم بعد إطلاق النار عليه، وعلى ضوء ذلك فإن الحرب الروسية الأوكرانية في تصوري التي تحولت إلى حرب استنزاف لن تحسم لأي الطرفين خلال أكثر من سنتين وليس هناك مؤشرات حاسمة رغم الدعم الغربي الكبير لأوكرانيا عسكريا وماليا ومعلوماتيا وأيضا فرض عقوبات قاسية على روسيا الاتحادية، كل ذلك فشل حتى الآن في إيجاد اختراق في الحرب لصالح أوكرانيا وهذا يعود ليس فقط إلى القوة العسكرية الروسية ولكن هناك قوى إقليمية لا تريد أن ينتصر الغرب في تلك المواجهة الاستراتيجية لأن الحرب الروسية الأوكرانية تحولت - في تصوري ومع تقدم العمليات العسكرية - إلى حرب بالوكالة وهي حقيقة حرب غير مباشرة بين حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وبين روسيا الاتحادية وحلفائها، كما أن الصين وحتى إيران لا تريد أن تنجح واشنطن في إنجاز انتصار حتى لو كان محدودا ضد روسيا الاتحادية لأن ذلك سوف يعطي المواجهة الاستراتيجية بين واشنطن وبكين مسارا سلبيا ضد الصين خاصة أن مواجهة البلدين في بحر الصين الجنوبي هي المواجهة الاستراتيجية الأهم في ظل المنافسة الاقتصادية ونجاح القوة الناعمة الصينية في إحداث اختراق تجاري واستثماري في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وحتى على الصعيد الآسيوي والعربي، ومن هنا فإن الصين هي أكثر الدول التي لا ترغب بأي نصر غربي خلال الحرب الروسية الأوكرانية الحالية ومن هنا فإن التعاون الروسي الصيني ليس سرا خاصة بعد الزيارات الرسمية بين قيادات البلدين.

أوروبا تعيش أوضاعا غير مريحة في ظل صعود اليسار في فرنسا ونجاح حزب العمال في استعادة السلطة في بريطانيا وهناك مؤشرات كبيرة على متغيرات تشهدها القارة الأوروبية خاصة أن هناك قلقا متزايدا من وصول ترامب إلى البيت الأبيض حيث كانت علاقته خلال وجوده في البيت الأبيض بالدول الغربية ليست مريحة حيث قال خلال اجتماعات الناتو بأن الولايات المتحدة الأمريكية لن تحمي أوروبا مجانًا وعلى دول الحلف دفع التكاليف المالية وهذا ما حدث، علاوة على أن ترامب له استراتيجية بعيدة عن الحروب فهو يركز على الداخل الأمريكي وأيضا من خلال المنافسة الشرسة مع الصين، ومن هنا فإن الحرب الروسية الأوكرانية والعلاقة بين الناتو والولايات المتحدة الأمريكية وحتى على صعيد المشهد في المنطقة العربية وأيضا مسار القضية الفلسطينية ومسار الحرب العدوانية الغاشمة التي يشنها الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وعموم فلسطين، كل تلك الأحداث سوف تخضع لمؤشرات ونتائج الانتخابات الأمريكية التي تعد حاسمة ليس فقط للداخل الأمريكي ولكن على صعيد عدد من مسار الأزمات الإقليمية والحروب والصراعات لأن الحرب الروسية الأوكرانية أعطت مؤشرا على عجز أوروبا في الدخول وحيدة في أي صراع خاصة ضد روسيا الاتحادية وحتى إيران أو الصين حيث ستظل أوروبا معتمدة بشكل كلي على واشنطن، وهو الأمر الذي أشار إليه صراحة ترامب وهذه حقيقة تؤلم بعض المفكرين والسياسيين في أوروبا وهي القارة العجوز التي تمثل الماضي كما قال ذلك دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي الأسبق خلال المناكفات السياسية بين الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الغربية خلال الاستعداد للغزو الأمريكي الغاشم على العراق، وعلى ضوء ذلك سوف تتواصل الحرب الروسية الأوكرانية كحرب استنزاف وسوف تكون التكلفة الاقتصادية والعسكرية كبيرة على الغرب وهذا سوف يشكل مسارا جديدا للمعادلة في حال فوز ترامب ليصبح مجددا رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية ومن هنا فإن الأشهر القليلة القادمة سوف تغير من المشهد الإقليمي والدولي في حال فوز ترامب كما تشير إلى ذلك مراكز قياس الرأي العام، علاوة على المشكلات الصحية التي يعاني منها الرئيس الأمريكي بايدن وأيضا الانقسام داخل الحزب الديمقراطي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة الحرب الروسیة الأوکرانیة الانتخابات الأمریکیة روسیا الاتحادیة هناک مؤشرات من خلال

إقرأ أيضاً:

هل تنجح العقوبات الأمريكية على روسيا؟

فرضت عشرات الدول آلاف العقوبات على البنوك والشركات والأشخاص الروس، منذ أن أمرت موسكو الدبابات باختراق الحدود إلى أوكرانيا في شتاء عام 2022.

والآن، بعد أكثر من 1000 يوم، بينما يستعد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لتولي منصبه، من المتوقع أن تخضع الأسئلة حول فعالية العقوبات ومستقبلها، لتدقيق متجدد، وفق ما أوردته صحيفة "نيويورك تايمز"، اليوم الخميس.
العقوبات الاقتصادية وقال ترامب: "أريد استخدام العقوبات بأقل قدر ممكن". وأضاف: "سيكون هناك تحول في السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا"، بعد أن وعد بإنهاء الحرب في يوم واحد.
ويعتقد الخبراء أن العقوبات واستمرار المساعدات العسكرية قد يكونان ورقة مساومة في أي مفاوضات.
لم تنجح التوقعات في الأشهر الأولى من الحرب بأن القيود الاقتصادية ستقوض الرئيس فلاديمير بوتين أو تجعل الروبل ينهار، لا يزال بوتين راسخاً في الكرملين، وقواته تلحق ضرراً عقابياً كبيراً بأوكرانيا وتكتسب في ساحة المعركة.
ومع ذلك، فإن فكرة أن العقوبات الاقتصادية يمكن أن تؤدي إلى نهاية سريعة للحرب كانت دائماً نتاجاً للأمل أكثر من كونها تقييماً واقعياً، كما قال سيرغي غورييف، الاقتصادي الروسي الذي فر من البلاد في عام 2013 وهو الآن عميد كلية لندن للأعمال.
وقال غورييف إن "المقياس الأفضل للنجاح هو التساؤل عما إذا كانت العقوبات تعيق قدرة موسكو على شن الحرب بفعالية. والجواب على ذلك، كما يجادل هو والعديد من المحللين الآخرين، نعم".
بعد الهجوم، ردت الولايات المتحدة وأوروبا وحلفاؤها بسرعة فاجأت حتى المشاركين، إذ قيدوا بشكل كبير وصول موسكو إلى النظام المالي العالمي والدولار الأمريكي، مما أعاق قدرة روسيا على بيع النفط، وهو أكثر صادراتها قيمة.
وجمدت البنوك الغربية أكثر من 300 مليار دولار من الأصول الروسية. كما حظرت الحكومات شراء وبيع مجموعة واسعة من الخدمات والسلع، بما في ذلك بعض أسلحة التكنولوجيا المتقدمة.

One thing that's shocked me since Russia's invasion of Ukraine is how many Western academics and think tanks embrace the "sanctions don't work" narrative. The G7 cap and EU oil embargo clearly cut Russia's c/a surplus. The "sanctions don't work" crowd spreads misinformation... pic.twitter.com/BTv1poJtUj

— Robin Brooks (@robin_j_brooks) December 12, 2024 عقوبات وتحركت أوروبا، التي كانت قد حصلت في السابق على 40% من الغاز المستورد من روسيا، للتخلص من اعتمادها. قد تبدأ روسيا في بيع طاقة أقل لأوروبا بعد أن رفضت أوكرانيا يوم الأربعاء تجديد اتفاق يسمح بعبور الغاز الروسي عبر خط أنابيب يمر عبر أراضيها.
وقال غورييف: "تخيل عالماً لم يتم فيه فرض العقوبات". عالم لم تكن فيه التجارة الخارجية لروسيا محدودة للغاية وكان لديها إمكانية الوصول إلى جميع احتياطاتها الأجنبية المجمدة.
وأضاف "من الواضح جداً أن العقوبات تسببت في مشاكل لبوتين، وقد قللت من حجم الموارد في جيبه، وبالتالي أنقذت الأرواح في أوكرانيا"، مشيراً إلى أنه بدونهم، ربما تكون روسيا قد انتصرت في الحرب الآن.
وشعر الاقتصاد الروسي بالضغط. فقد دفع التضخم المتصاعد البنك المركزي في البلاد إلى رفع أسعار الفائدة القياسية إلى 21%. على الرغم من النفقات الهائلة من قبل الحكومة لتمويل الحرب، فإن النمو الاقتصادي العام يتباطأً. العديد من المنتجات والأجزاء إما غير متوفرة أو أكثر تكلفة أو يتم استبدالها ببدائل من دون المستوى المطلوب.
عندما يجلس ترامب للتفاوض مع بوتين، ستكون العقوبات "شريحة قيمة للغاية"، كما قالت إلينا ريباكوفا، نائبة الرئيس للسياسة الخارجية في كلية كييف للاقتصاد والباحثة غير المقيمة في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، وهو مركز أبحاث في واشنطن.
هناك اتفاق واسع النطاق على أن العقوبات الأكثر فعالية كانت تلك التي تنطوي على النظام المالي العالمي، وهي ساحة يمكن للولايات المتحدة أن تمارس فيها قوة فريدة.


خطر على الصين

الدولار الأمريكي هو بمثابة عملة عالمية. ويمكن للبنوك الأمريكية فقط التعامل مع المعاملات بالدولار. والنتيجة هي أن العديد من الأصول المالية في العالم — بما في ذلك أي حسابات بالدولار مملوكة لدول أجنبية ومؤسسات وأفراد — تخضع للإبهام الرقمي الأمريكي.
ولم تقطع واشنطن معظم وصول روسيا إلى هذا النظام فحسب، بل هددت أيضاً بقطع أي بنوك في جميع أنحاء العالم تتعارض مع قواعدها. هذا خطر حتى أن العديد من المؤسسات في الصين، التي انضمت إلى روسيا، لا تريد تحمله.
كما أدى نفي روسيا من نظام سويفت، وهو نظام الرسائل الذي يتيح المدفوعات الدولية، إلى زيادة كبيرة في تكلفة وتعقيد ووقت كل بورصة دولية، سواء لشراء الأدوية والآلات الكهربائية أو بيع النفط والأسمدة.

As a result of our unprecedented sanctions, the ruble was almost immediately reduced to rubble.

The Russian economy is on track to be cut in half.

It was ranked the 11th biggest economy in the world before this invasion — and soon, it will not even rank among the top 20.

— President Biden (@POTUS) March 26, 2022 تأثير العقوبات

ومع ذلك، إذا حققت العقوبات أكثر مما قد يتصور البعض، فقد كان لها تأثير أقل مما كان يأمل الكثير من الناس.
بمرور الوقت، وجدت روسيا، بمساعدة هائلة من الصين، عدة طرق لتخفيف تأثيرها من خلال توسيع التجارة مع الدول الأخرى، واستغلال الثغرات والتهرب من القانون.
على سبيل المثال، أعادت الصين والهند ملء صندوق أموال موسكو عن طريق الحصول على الكثير من النفط الروسي. كما وفرت الصين لروسيا إمكانية الوصول إلى أجزاء الأسلحة وأشباه الموصلات والمواد الأساسية الأخرى اللازمة للحرب.

أولئك الذين يقللون من قيمة العقوبات كورقة مساومة يجادلون أيضاً بأن الدول الغربية لم تذهب بعيداً بما فيه الكفاية أو تستجيب بسرعة كافية للظروف المتغيرة لتشديد الضغط على روسيا.
فقد أدت المخاوف بشأن خفض إمدادات الطاقة عندما كان سعر النفط يرتفع ويتصاعد التضخم، إلى إضعاف الولايات المتحدة وأوروبا للقيود المفروضة على تصدير الوقود الروسي.
إن قرار استبدال العقوبات الأوروبية الأكثر شمولاً على معاملات النفط الروسية بحد أقصى للأسعار يعني أن روسيا كانت قادرة على الاستمرار في كسب عائدات هائلة من صادرات الطاقة. وقد ساعد هذا المال تمويل حربها ضد أوكرانيا.
وبمرور الوقت، طورت روسيا طرقاً أخرى للتحايل على العقوبات، مثل تطوير أسطول الظل الخاص بها من السفن لنقل النفط بعد فرض قيود على استخدام روسيا لناقلات النفط الغربية والتأمين ضد الانسكابات النفطية.

ولا يزال الاتحاد الأوروبي يشتري ما يقرب من 50% من الغاز الطبيعي المسال الذي تصدره روسيا.
وقال جيفري شوت، وهو زميل بارز في معهد بيترسون، إن موسكو قادرة على بيع الكثير من الغاز والنفط بسعر مرتفع للغاية. وقال: "تم تطبيق العقوبات بذراع واحدة مقيدة خلف ظهرك".
ويقول شوت وغيره من النقاد إن العقوبات الجزئية وإنفاذها في كثير من الأحيان جعل الخناق الاقتصادي حول عنق روسيا أكثر مرونة مما كان يمكن أن يكون.

مقالات مشابهة

  • لجنة التحقيق الروسية: الهجوم على سيارة الصحفيين نفذته القوات الأوكرانية
  • الخارجية الأمريكية: واشنطن بدأت بتزويد كييف بالأسلحة سرا قبل بدء العملية الروسية الخاصة
  • السفارة الروسية تحيي ذكرى البحارة الروس ضحايا الحرب العالمية الأولى في بورسعيد
  • الدفاع الروسية: سنرد على استهداف أراضينا بصواريخ أتاكمز الأمريكية
  • "الدفاع الروسية": خسائر "جسيمة" تكبدتها القوات الأوكرانية على محور كورسك
  • توافق الرغبة الأمريكية مع إسرائيل بشأن الحرب على غزة
  • زيلينسكي: ترامب "الغامض" يستطيع إنهاء الحرب
  • هل تنجح العقوبات الأمريكية على روسيا؟
  • الدفاع الروسية: كبّدنا القوات الأوكرانية خسائر جسيمة على محور كورسك
  • الحرب الأوكرانية: كيف كانت في 2024 وإلى أين تتجه في 2025؟