لجريدة عمان:
2025-04-26@10:47:04 GMT

عُمان.. لُحمة وطنية لا تنكسر

تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT

عُمان.. لُحمة وطنية لا تنكسر

مرّ المجتمع العماني أمس باختبار صعب جدا، ندر أن يتعرّض لمثله عبر التاريخ، تجاوز مجرد الفحص العملي والميداني لجاهزية مؤسساته العسكرية والأمنية وقدرتها على الاستجابة للأحداث الحساسة التي تمس أمن الوطن واستقراره وأمن المواطن والمقيم، إلى موضوع أكبر بكثير يتعلق بالتماسك المجتمعي والوحدة الوطنية التي ينظر إليها العمانيون باعتبارها خطًا أحمر لا يمكن المساس به بأي حال من الأحوال.

وأثبت العمانيون، رغم المفاجأة وعدم القدرة لبعض الوقت على استيعاب ما حدث، قوة اللُّحمة الوطنية وصلابة المجتمع في وجه التحديات، كما أثبت وعيه العالي وحسّه الأمني الرفيع وتحلّيه بأعلى درجات المسؤولية خلال تعامل الجهات الأمنية والعسكرية مع الحادث الشنيع.

ورغم أن الحادث هزّ المجتمع العماني فإنه كشف عن معدنه الأصيل وعن مبادئه الراسخة التي لا يتنازل عنها مهما كان الأمر وفي مقدمتها رفض التطرّف بكل أشكاله ونبذ المذهبية والطائفية، وأهمية الالتفاف حول الوطن ومصلحته العليا وقيادته الأبية. وهذه كلها قيم آمَن بها المجتمع العماني وطوّرها ورسّخها عبر الزمن ونجح في اجتيازها في كل مرة وضعه التاريخ في مواجهتها.

لقد تضافرت جميع الجهود من أجهزة الدولة العسكرية والأمنية والمدنية للتعامل مع الحادث والخروج منه بأقل الخسائر ورغم فاجعة بعض الوفيات التي تسببت في ألم كبير للجميع فإن ما يخفف من وقع ذلك تلك الروح التضامنية وذلك التكاتف الكبير والتماسك خلال التعامل مع الحادث أو بعده، الأمر الذي يجعل سلطنة عمان تفخر بمجتمعها القوي وأجهزتها الأمنية التي أثبتت خبرتها وكفاءتها.

إن أهم ما يمكن أن تفعله المجتمعات في مثل هذه اللحظات الصعبة، حتى مع اليقين بتجاوزها، هو التضامن وتعزيز اللحمة الوطنية والتأكيد على التماسك المجتمعي مسيرا ومصيرا وأن المجتمع العماني محصن أمام النعرات الطائفية والمذهبية وأنه أصلب بكثير من أن ينكسر في وجه حادث عابر مهما كان الأثر الذي تركه في نفوس العمانيين وأشقائهم وأصدقائهم في كل مكان.

إن التضحيات التي قُدمت أمس هي امتداد لكل التضحيات التي قدمها العمانيون من أجل وطنهم عبر التاريخ، وهي تضحيات لا يمكن أن تُنسى أبدا، يحفرها العمانيون على حجارة جبالهم الصلدة، ويتذكرونها كلما شعروا بالأمن والأمان في وطنهم.

وإذا كان علينا أن نتجاوز حادث الوادي الكبير في سياقه الخبري فإن علينا أن نستمد منه العزم والإصرار على المضي قدما في بناء مجتمع أكثر تلاحما وتماسكا وتحصينا ضد كل التحولات التي يشهدها الإقليم والعالم، وأن نعمل جميعا على تكريس قيم المجتمع الأصيلة وتأكيد اللحمة الوطنية لأنها السبيل الوحيد في تحقيق المزيد من الاستقرار.

لكن هذا لا يعني أن نتجاوز المعنى الحقيقي فيما حدث ونقرأ دوافعه وأسبابه العميقة ونعمل جميعا في داخل الوطن ومع الآخرين من أجل أن تتخلص منها البشرية، وهذا الأمر يتطلب مراجعة فكرية كبيرة يتجاوز فيها الجميع، وخاصة النخب، الكثير من السطحيات والشكليات إلى الأعماق، فالبناء العميق والعمل الجاد والحقيقي عبر التاريخ هو الذي يبقى وهو وراء قوة المجتمع العماني التي شاهدها الجميع في هذه التجربة أو عبر قراءة المجتمع في عمقه.

ولن يضعِف حادث الوادي الكبير من عزيمة العمانيين أو يضعضع مبادئهم وقيمهم بل سيزيدنا إصرارًا على تعزيز وحدتهم الوطنية والوقوف معًا جميعًا في وجه كل من يسعى لتفريق الصفوف أو زعزعتها، وسيظل العمانيون يدا واحدة وقلبا واحدا إلى الأبد.

حفظ الله عُمان من حسد الحاسدين وكيد الكائدين، وحفظ جلالة السلطان المعظم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المجتمع العمانی

إقرأ أيضاً:

الأردن في عين العاصفة: يقظة دائمة ووحدة وطنية

إن الكشف الأخير عن "خلية الأردن" وما انطوت عليه من أفعال إجرمية ومخططات تستهدف أمن الدولة الداخلي والنظام الدستوري ليس مجرد حادث عرضي، بل يشكل إنذارًا قانونيًا وسياسيًا صارخًا بطبيعة التحديات التي تواجه مملكتنا في هذا المحيط الإقليمي المتقلب. إنه تذكير بأهمية التأهب الأمني المستمر والاستباقية الاستخباراتية في صون المصالح العليا للوطن وحماية سيادة القانون.

رسالة إلى القيادة الرشيدة (مقام جلالة الملك المعظم والحكومة الموقرة): إن هذه الوقائع تستدعي تعزيز اللحمة الوطنية وترسيخ مبدأ سيادة القانون والمساواة أمامه في التعامل مع هذه القضية الحساسة. إن ثقة الجمهور في نزاهة القضاء وفاعلية الأجهزة الأمنية هي الضمانة الأكيدة في مواجهة كل من تسول له نفسه العبث بأمن واستقرار البلاد.المطلوب هو تقييم شامل للإجراءات الأمنية والقانونية، وتفعيل آليات التعاون القضائي على المستويات الإقليمية والدولية لملاحقة المتورطين، مع الاستمرار في مسيرة التحديث السياسي والاقتصادي التي تعزز مشاركة المواطنين وترسخ مفهوم المواطنة الفاعلة.

و إلى الشعب الأردني الأبي: إن حماية الوحدة الوطنية وصيانة الأمن المجتمعي مسؤولية تضامنية تقع على عاتق كل فرد.وعينا بالتحديات المحيطة بنا، والتفافنا حول قيادتنا الشرعية، وتمسكنا بالأطر الدستورية والقانونية، هي أقوى دفاع في وجه قوى التطرف والعنف. فلنكن دائمًا جبهة داخلية صلبة، رافضين لخطاب التحريض والكراهية، ومؤمنين بدولة المؤسسات والقانون كضمانة لحقوقنا وواجباتنا.

التنظيم الدولي للإخوان المسلمين فنقول لهم: لقد تجلى بوضوح العبث بمقدرات الأوطان والسعي نحو تقويض الأنظمة الشرعية عبر مناهج العنف والتآمر، كما رأينا في التجربة المصرية المؤلمة.

إن تكرار هذه الأفعال غير المشروعة والمخالفة للقوانين الوطنية والدولية في الأردن لن يجلب لكم إلا المزيد من العزلة القانونية والاجتماعية وربما الزوال النهائي كقوة ذات تأثير. إن التاريخ يسجل أفعالكم، والمجتمعات ترفض العنف والفوضى. النصيحة الخالصة هي المراجعة الفكرية الشاملة، والتخلي عن الأجندات السرية، والانخراط في العمل السياسي والمدني السلمي ضمن الأطر القانونية والدستورية لكل دولة، احترامًا لإرادة الشعوب وسيادة الدول.

على الصعيد القانوني، تستدعي هذه القضية تطبيق أقصى العقوبات المنصوص عليها في التشريعات الأردنية بحق المتورطين في هذه الجرائم الخطيرة، مع ضمان الإجراءات القانونية العادلة وحقوق الدفاع وفقًا للمعايير الدولية. إن إنفاذ القانون بحزم هو السبيل لردع كل من يفكر في تهديد النسيج الاجتماعي والاستقرار الوطني.

ختامًا، لا يسعنا إلا أن نتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى سواعد الوطن الساهرة، وإلى رجال أجهزتنا الأمنية البواسل، وعلى رأسهم جهاز المخابرات العامة الأردني، على جهودهم المضنية وعملهم الدؤوب في كشف هذه المخططات الإجرامية وإحباطها في مهدها. إن يقظتهم العالية وعينهم الساهرة على أمن الوطن ومواطنيهم هي السياج المنيع الذي يحمي الأردن من كل عابث. ومع تكاتف الشعب ووحدته حول قيادته، يبقى الأردن بإذن الله قويًا شامخًا في وجه كل التحديات.

مقالات مشابهة

  • «التربية» تطلق استبانة وطنية لتحسين صناعة القرار
  • شمام: ليس لدى ليبيا رأسمالية وطنية قادرة على إدارة اقتصادها المرن والمتطور
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • هاني رمزي: «لام شمسية» من أعظم الأعمال الدرامية التي قدمت على مدار التاريخ
  • خالد الجندي: لازم نلتزم برأي الأزهر في الفتوى العامة التي تمس المجتمع
  • «الأرشيف والمكتبة الوطنية» يستعرض إصداراته ومبادراته في «أبوظبي للكتاب»
  • الأردن في عين العاصفة: يقظة دائمة ووحدة وطنية
  • 100 عام من مهاتير محمد صاحب نهضة ماليزيا الذي لم يفلت من قسوة التاريخ
  • معارض الكتب.. الكلمة التي تبني وطنا
  • 142.6 مليون ريال إيرادات "مطارات عمان" الإجمالية.. و51% نموا في الأرباح التشغيلية لـ"الطيران العماني"