الفن هو الوجه الآخر للحياة، وحين ينسجم الإحساس الكبير مع شخصية الفنان، فإنّ حاصل هذه المعادلة بالتأكيد هو النجاح؛ ولذلك، فإنّ مفاجأة مهرجان جرش للثقافة والفنون، في دورته الثامنة والثلاثين لهذا العام، هي الفنانة صاحبة الصوت المدهش بكلّ مساحات التفاعل والألق والإبداع “هبة طوجي”، الفنانة التي تسير على الثقة ذاتها التي وجدها فيها منصور وأسامة الرحباني، حين قدَّماها لبطولة مسرحيات غنائية ضخمة ومميزة في الشرق الأوسط.


ولأنّ الرحابنة دائمًا ما تسير في دمائهم وأنفاسهم تجليات الإبداع والريادة في الإدهاش والخلق والابتكار، فإنّ هبة طوجي، وهي تنشأ النشأة الفنية من الأساس وتلفت إليها الأنظار منذ دراستها المبكرة للغناء والصوت والسينما، تصل اليوم إلى العالمية،وتبدع في الغناء، مثلما أبدعت في التمثيل والإخراج؛ ويكفي أن تكون هنالك إشادة عالمية بأدائها، فقد قامت بأداء دور البطولة النسائية في “اسميرالدا” في المسرحية الفرنسية التاريخية”نوتردام دوباري” على أكبر المسارح في العالم.
واليوم، ومع أسامة الرحباني، بكل ّإبداعه وحضوره ومزاجه الموسيقي،فقد تمخضت هذه الشراكة عن إنتاج الرحباني وتأليفه الموسيقي لأربعةألبومات قدّمتها هبةطوجي في المنطقة العربيه وشمال إفريقيا، وهي:”لا بداية ولا نهاية” 2011 ، “يا حبيبي” 2014 ، “هبةطوجي 30″ 2017 ،”بعد سنين” 2023 مع يونيفرسالأرابيك ميوزك، وألبوم عيد الميلاد باللغتين العربية والإنجليزية”هللويا”2017 .
الفنانة طوجي، وصل صوتها إلى العالم، من خلال تعاونها مع فنانين عالميين مثل بينتا تونيكس، ولويس فونسي، وإبراهيم معلوف، وماثيو شديد، كما غنّت دويتو في حفل مع أندريا بوتشيلي، مثلما قدّمت عروضًا على أرقى المسارح والمهرجانات في العالم العربي،إذ تعتبر واحدة من أكبر الأصوات قياسًا إلى جيلها.
تمتاز الفنانةطوجي برونقها وطلّتها الإنسانية وإيمانها الذاتي بما تقدّمه، وإتقانها اللهجة المصرية بكل عذوبة الغناء، وفي هذا العام تواصل جولتها الفنية التي ابتدأتها بلندن، ثم تورونتو، ومونتريال، ومن ثم المغرب، وغيرها، لتقدم حفلًا عالميًّا تاريخيًّا على مسرح الأولمبيا العريق في العاصمة الفرنسية باريس، تحت الإدارة الفنية للمنتج والمؤلف أسامة الرحباني، وبمشاركة الموسيقار العالمي إبراهيم معلوف،إذ تميز هذا الحفل بمفاجآت فنية متعددة، ومشاركة لأهم الأصوات العالمية، مثل مشاركة النجمين لارا فابيان وفلوران باني.
وهكذا، تنطلق الفنانةطوجي برفقة المبدع أسامة الرحباني، كموسيقار معروف وصاحب رؤية ومراهنة على الأصوات الرائعة التي لابدّ وأن تحقق النجاح؛ فهو سليل الرحابنة بكل إبداعهم وريادتهم، وقد التقط مبكرًا إشارات وإبداعات والده منصور الرحباني صاحب التاريخ الطويل والإبداع الأسطوري في الفنّ.
أما سيرته الفنية، فهي غنية وواثقة في مشروع المسرحيات الغنائية والحفلات والألبومات الموسيقية التي يقدّمها أسامة الرحباني،إذ أعطى روحًا جديدةً لتأليف وتوزيع الموسيقى الشرقية، كما أبدع في المسرح الغنائي، وله أعمال خالدة في الأذهان علاوةً على كونه شاعرًا، ويكفي أنه ألّف قصيدة سيمفونية بعنوان “التآزر”أدّتها الأوركسترا الفيلهارمونية اللندنية، تحت قيادة المايسترو أيون مارين، وتم أداؤها بمناسبة افتتاح معرض الفن الإسلامي في متحف فكتوريا وألبرت بلندن، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير تشارلز.
بعد أسابيع قليلة من الآن، على الساحة الرئيسية لمهرجان جرش،وفي المدينة الأثريّة العتيقة بكلّ جمالها وبهائها وأصداء حضارتها، ستصدح الفنانة هبة طوجي ليل الخميس 25/7/2024 ، وبالتأكيد سيرافقها في كلّ هذا الإبداع والألق الذي ننتظر، الموسيقار والمبدع أسامة الرحباني.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: هبة طوجی

إقرأ أيضاً:

حرب الشرق الأوسط تُلغي معرضاً استثنائياً حول المدينة الخالدة في باريس

للمرّة الأولى تُعطّل الحرب الدائرة في الشرق الأوسط، البرنامج الثقافي لمعهد العالم العربي في باريس، حيث كان من المُقرّر أن يُقام معرض ضخم يمتد على مدى نحو 5 أشهر حول موقع جبيل التاريخي، بدءاً من 26 نوفمبر (تشرين الأول) 2024، قبل أن يتم تأجيله نحو عامين إلى تاريخ لم يتم تأكيده بعد في عام 2026، وذلك كونه بات من المُستحيل حالياً نقل مئات الأعمال الأثرية من لبنان إلى فرنسا.

وجبيل إحدى أقدم المُدن في لبنان والعالم، ومُصنّفة على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، وتقع على ساحل المتوسط على بُعد عشرات الكيلومترات شمال بيروت، وقد اقترب التفجيرات من مناطقها الأثرية قبل أيام.

???? [1/4] L'#exposition sur « #Byblos, Merveille de Méditerranée » reportée en raison du contexte géopolitique #Thread ⬇️ pic.twitter.com/tW4l0xtM1S

— Institut du monde arabe (@imarabe) October 22, 2024 9000 عام

وكان من المُقرّر تنظيم معرض استثنائي يجمع قطعاً أثرية وأعمالاً فنية ومنحوتات لا تُقدّر بثمن، ويُقدّم اكتشافات أثرية فريدة وحديثة لم تُعرض من قبل لعامة الناس، في رحلة استكشافية لأوّل ميناء بحري في العالم منذ ما يقرب من 9 آلاف عام.

وتوضح القطع والأعمال الفنية المُتنوّعة، تأثير الحضارات المختلفة على مدينة جبيل، وخاصة حضارات الإغريق والمصريين والفينيقيين، ويُمكن رؤية تمازج الثقافات في المواد المستخدمة أو التقنيات الحرفية أو الأشكال المحددة.

La culture, autre victime collatérale de la guerre…
L'Institut du monde arabe reporte l'exposition consacrée à la cité antique de Byblos, au Liban, en raison du contexte géopolitique https://t.co/uXHkquArqw

— LibanVision by JMD (@DruartJeanMich1) October 26, 2024 رفض لبناني

وذكر مدير الاتصالات في المعهد مارتن جارانيون "لقد كان رئيس معهد العالم العربي جاك لانغ في لبنان يوم 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، لمُناقشة الترتيبات النهائية للمعرض، وهو اليوم الذي شهد بداية الهجوم الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية. ومنذ ذلك الحين، لم تتوقف التفجيرات، ويبدو اليوم تنظيم هذا الحدث المُهم أكثر تعقيداً".

وأوضح أنّ المعهد كان يعمل منذ عدّة أشهر، مع السلطات اللبنانية ومؤسسات ثقافية مرموقة لتنظيم المعرض، مؤكداً "لم نرغب نحن ولا شركاؤنا في التخلّي عن المشروع. اللبنانيون فخورون، ويرفضون أن تمنعهم الحرب من إلغاء المعرض".

منطقة حرب

ومن جهتها، تقول ناتالي بونديل، مديرة المتاحف والمعارض في معهد العالم العربي بباريس: "في الواقع فإنّ الفرق المسؤولة عن المشروع تُواجه عدّة صعوبات. فمن ناحية، ترفض شركات التأمين تغطية الأعمال التي أصبحت الآن في خطر كبير لأنها تقع في منطقة حرب، كما أنّ نقلها أمر خطير للغاية". وتُوضح "لكي نتمكن من وضع الأعمال في صناديق، نحتاج إلى فرق تقوم بذلك بأمان.. لكنّ الطرق مغلقة بسبب القصف ووجود آلاف اللاجئين عليها، مؤكدة وجود خطر وشيك يتزايد".

وتقرّر تأجيل افتتاح المعرض بشكل مبدئي حتى عام 2026. لكن وعلى الرغم من كل شيء، يعتزم معهد العالم العربي وضع لبنان في دائرة الضوء أمام الجمهور الفرنسي مع نهاية العام الجاري، حيث من المقرر تنظيم سلسلة من المعارض المخصصة للتراث المُعرّض للخطر لتسليط الضوء على لبنان، بالإضافة إلى المواقع التاريخية الأخرى.

L'Institut du monde arabe reporte l'exposition consacrée à la cité antique de Byblos, au Liban, en raison du contexte géopolitique https://t.co/LfwaGT5YD5

— franceinfo culture (@franceinfo_cult) October 26, 2024 بيبلوس، المدينة الخالدة

ولمدينة جبيل، التي تُسمّى أيضاً "بيبلوس- المدينة الخالدة"، تاريخ مميز، فقد تأسست في لبنان منذ أكثر من 8900 عام. وكانت أوّل ميناء بحري دولي، حيث ربطت بين مصر الفراعنة وبلاد ما بين النهرين وبحر إيجة والحضارات الرومانية والفينيقية. وقد لعبت هذه المدينة المطلة على البحر الأبيض المتوسط دوراً رئيساً في تعزيز حركة التجارة والثقافة والمعرفة بين مختلف الشعوب.

وتركت آلاف السنين من الحياة والتغيّرات واختلاط الثقافات بصماتها بشكل واضح على جبيل. وكان من المخطط له أن يُسلّط المعرض الذي تمّ تأجيله، الضوء على كنوز المدينة العديدة في مشهدية مُذهلة، تُظهر ثراء تاريخها من خلال 300 قطعة استثنائية تمّ اكتشاف بعضها خلال الحفريات الأثرية الحديثة جداً.

ومنها مسلة أبيشيمو، وفسيفساء رومانية، وكنوز من المقبرة الملكية، وقطع معابد من الألفية الثانية قبل الميلاد، وأدوات مائدة ذهبية وفضية، ومجوهرات وحلي من الأحجار الكريمة، وأسلحة قديمة، وتماثيل برونزية وخزفية. وكذلك مقبرة تبدو سليمة بأعجوبة تعود إلى العصر البرونزي (حوالي 1800 قبل الميلاد)، والتي تضم مقابر ملوك جبيل.

مقالات مشابهة

  • حرب الشرق الأوسط تُلغي معرضاً استثنائياً حول المدينة الخالدة في باريس
  • “غرفة دبي العالمية” تفتتح مكتباً تمثيلياً في كازاخستان
  • وجه الكورتيزول ومعجون الفحم للأسنان.. هذه صيحات الصحة التي شهدها العالم في 2024
  • في ذكرى ميلادها.. تعرف على أبرز الأعمال الفنية لـ جالا فهمي
  • أمين منطقة المدينة المنورة يفتتح فعالية “التواصل” ضمن أعمال المنتدى الحضري العالمي الثاني عشر (WUF12) بالقاهرة
  • دومة يبحث سبل حل الصعوبات التي تواجه جمعية الدعوة الإسلامية العالمية
  • دومة يناقش العراقيل التي تواجه جمعية الدعوة الإسلامية العالمية
  • تشجع على الأعمال الفنية الرائعة.. إلهام شاهين: إستوديوهات الحصن ستوفر الوقت والمجهود
  • أمير منطقة المدينة المنورة يرعى حفل تدشين مشروع “العلياء” السكني بمدينة المعرفة الاقتصادية
  • درة تكشف عن سبب قلة أعمالها الفنية