العلاقات الخفية بين مشروع نيمبوس التابع لغوغل وأمازون والجيش الإسرائيلي
تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT
نشرت مجلة "وايرد" الأمريكية تقريرًا حول الصلات الوثيقة بين مشروع "نيمبوس" الذي يضم غوغل وأمازون والجيش الإسرائيلي، الذي يشكل جزءًا أساسيًا من تصميم المشروع ويعتبر أحد أهم مستخدميه.
وقالت المجلة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه في 16 نيسان/ أبريل الماضي دخلت الشرطة مكاتب غوغل في نيويورك وكاليفورنيا لاحتجاز العديد من الموظّفين الذين احتجوا على عقد بقيمة 1.
ويقول العاملون المعارضون لهذا المشروع إن الشركتين متواطئتان في النزاعات المسلحة الإسرائيلية ومعاملة حكومتها غير القانونية وغير الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين. ومن جهتها، أصرّت غوغل على أن المشروع لا يهدف إلى العمل العسكري وليس "له صلة بالأسلحة أو الخدمات الاستخباراتية"، بينما يبدو أن أمازون لم تناقش نطاق العقد علنًا.
تظهر مراجعة المجلة للوثائق العامة وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين وموظفي غوغل وأمازون أن مشاركة الجيش الإسرائيلي محورية في مشروع "نيمبوس" منذ بدايته. فقد شكّلوا تصميم المشروع وكانوا من أهم مستخدميه، ويعتقد كبار المسؤولين الإسرائيليين أن عقد "نيمبوس" يوفر بنية تحتية مهمة للجيش الإسرائيلي.
وفي شباط/ فبراير، نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن رئيس المديرية الوطنية الإسرائيلية للأمن السيبراني، غابي بورتنوي، في مؤتمر مخصص لمشروع "نيمبوس" قوله إن العقد ساعد في الانتقام العسكري ضد حماس.
وحسب بورتنوي، فإن "نيمبوس" أحدث أشياء مذهلة ومؤثرة في النصر في المعركة، ولم يستجب بورتنوي ومديرية الأمن السيبراني لطلب التعليق.
وأشارت المجلة إلى أن تصريح بورتنوي يتناقض مع تصريحات غوغل لوسائل الإعلام، التي سعت إلى التقليل من أهمية الاستخدامات العسكرية لمشروع "نيمبوس".
ووفقًا لما قالته آنا كوالتشيك، المتحدثة باسم غوغل، في بيان مرسل عبر البريد الإلكتروني، فإن المشروع ليس موجهًا إلى الأعمال الحساسة للغاية أو العسكرية ذات صلة بالأسلحة أو أجهزة الاستخبارات، وإنما للأعمال التي توافق على الامتثال لشروط الخدمة وسياسة الاستخدام المقبولين عن الشركة.
تحظر شروط غوغل على العملاء "الأنشطة عالية الخطورة"، التي تم تعريفها لتشمل الحالات التي "يُتوقع فيها بشكل معقول أن يؤدي استخدام الخدمات أو فشلها إلى الوفاة أو الإصابة الشخصية أو الإضرار بالبيئة أو الممتلكات. ومن غير الواضح كيف يمكن أن يندرج دعم العمليات القتالية للجيش الإسرائيلي ضمن هذه القواعد.
يُضاف ادعاء بورتنوي والعديد من الوثائق والبيانات الأخرى إلى التقارير الأخيرة التي يبدو أنها تؤكد أن عقد "نيمبوس" له صلات عسكرية راسخة منذ فترة طويلة. وقد نقلت مجلة "التايم" عن وثيقة داخلية من غوغل أن وزارة الدفاع الإسرائيلية لديها "منطقة هبوط" خاصة بها في البنية التحتية لمشروع "نيمبوس". وذكر موقع "ذي إنترسبت" أن شركتي أسلحة إسرائيليتين مملوكتان للدولة الإسرائيلية ملتزمتان باستخدام الخدمات السحابية لغوغل وأمازون عبر مشروع "نيمبوس".
وقد كرّر المتحدث باسم أمازون، دنكان نيشام، الخطاب المعتاد الذي استخدمته أمازون في الماضي للحديث عن مشروع "نيمبوس"، التي تقول إن الشركة توفر تقنيتها للعملاء "أينما كانوا" وأن الموظفين لديهم "الحق في التعبير عن أنفسهم".
وأضاف نيشام: "نحن ملتزمون بضمان سلامة موظفينا، ودعم زملائنا المتضررين من هذه الأحداث الرهيبة، والعمل مع شركائنا في مجال الإغاثة الإنسانية لمساعدة المتضررين من الحرب". (يحتجز حاليًا ساشا تروفانوف، وهو موظف روسي-إسرائيلي من شركة أمازون، كرهينة لدى حماس في غزة، وقد شوهد آخر مرة وهو على قيد الحياة في مقطع فيديو تم نشره في 28 أيار/ مايو).
صناعة مشروع "نيمبوس"
أوضحت المجلة أن مشروع "نيمبوس" بدأ في سنة 2019 كتحديث كبير لتكنولوجيا الحكومة الإسرائيلية. ولم يكن للمشروع الذي تقوده وزارة المالية تاريخ انتهاء محدد، ودعا الحكومة إلى اختيار مقدمي الخدمات السحابية المفضلين الذين سيبنون مراكز بيانات جديدة لتخزين البيانات بشكل آمن داخل "إسرائيل". وعلى غرار العملاء الآخرين للخدمات السحابية، يمكن للحكومة الإسرائيلية استخدام غوغل لتخزين البيانات، واستخدام أدواتها المدمجة للتعلم الآلي وتحليل البيانات وتطوير التطبيقات.
وظهر الأثر المبكّر الذي يلمح إلى مشاركة الجيش الإسرائيلي في مشروع "نيمبوس" في منشور على موقع لينكد إن في حزيران/ يونيو 2020 من شاهار براخا، الرئيس التنفيذي السابق للوكالة الرقمية الوطنية الإسرائيلية، التي كانت تسمى آنذاك هيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وقد كتب في المنشور: "يسعدني أن أعلمكم أن وزارة الدفاع قررت الانضمام إلى مركز السحابة، وبذلك غيرت المركز ليكون أكبر وأكثر جاذبية"، مما يشير إلى أن الجيش سيكون مستخدمًا رئيسيًا للخدمات في إطار المشروع.
على مدار عملية تقديم العروض التي استمرت ثلاث سنوات، كانت العديد من الوثائق والبيانات العامة الأخرى صريحة بشأن مشاركة الجيش الإسرائيلي الكبيرة في مشروع "نيمبوس". وجاء في بيان قدّمته وزارة المالية الإسرائيلية سنة 2022 إلى موقع "ماكو" الإخباري الإسرائيلي أن "مشروع نيمبوس هو مشروع لتزويد الحكومة ووزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي بالخدمات السحابية العامة". وأضاف البيان أن "الهيئات الأمنية ذات الصلة كانت شريكة في هذا المشروع منذ يومه الأول، ولا تزال شريكةً فيه بشكل كامل".
وتضمّنت مشاركة الجيش الإسرائيلي أن يكون جزءًا من عملية اختيار الشركات التي ستفوز بعقد "نيمبوس". وذكر تقرير تدقيق صادر عن مراقب الدولة الإسرائيلي في سنة 2021 أن الجيش الإسرائيلي انضم "من أجل إتاحة نقل الأنظمة التي رُفعت عنها السرية إلى السحابة العامة". ويشير إلى أن "وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي جزءان أساسيان من الفريق الذي يعمل على المناقصة، سواء في وضع المتطلبات أو في تقييم النتائج".
وفي نهاية المطاف، فازت كل من غوغل وأمازون بعقود مشروع "نيمبوس"، متغلبتين على مايكروسوفت وأوراكل. وفي البيان الصحفي الصادر في أيار/ مايو 2021 باللغة الإنجليزية لتهنئة الشركتين وإعلان أن "الحكومة الإسرائيلية تنتقل إلى السحابة"، تم التأكيد على أن مشروع "نيمبوس" يهدف إلى خدمة "الحكومة والأجهزة الأمنية والكيانات الأخرى".
وذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" في اليوم نفسه أن شركتي غوغل وأمازون لا يمكنهما انتقاء واختيار الوكالات التي تعملان معها. ونقلت عن محامي وزارة المالية الإسرائيلية قوله إن العقد يمنع الشركتين "من رفض تقديم الخدمات لجهات حكومية معينة". ويبدو أن ذلك لا يزال يشمل الجيش الإسرائيلي، فقد رصدت المجلة العديد من البيانات والوثائق الحكومية الإسرائيلية المنشورة منذ سنة 2022، والتي تؤكد استمرار مشاركة الجيش الإسرائيلي في مشروع "نيمبوس"، على الرغم من أنها لا تقدم تفاصيل عن الأدوات والقدرات التي يستخدمها.
وفي تموز/ يوليو 2022، نشر موقع "ذي إنترسبت" أيضًا تقريرًا عن وثائق التدريب ومقاطع الفيديو المقدمة لمستخدمي مشروع "نيمبوس" في الحكومة الإسرائيلية، والتي كشفت عن بعض تقنيات غوغل المحددة التي أتاح العقد الوصول إليها وشملت قدرات الذكاء الاصطناعي مثل التعرف على الوجوه، وتتبع الأشياء، وتحليل المشاعر، ومهام أخرى معقدة.
وتعرض الصفحات الحكومية الرسمية القديمة والجديدة، باللغتين العبرية والإنجليزية، نفس الوصف النمطي لمشروع "نيمبوس"، الذي ورد فيه أنه "مشروع رائد متعدد السنوات وواسع النطاق، تقوده إدارة المشتريات الحكومية في قسم المحاسب العام في وزارة الخزانة بالاشتراك مع الوحدة الرقمية الوطنية، والمكتب القانوني في وزارة المالية، الوحدة الوطنية للأمن السيبراني، وقسم الميزانية، ووزارة الدفاع، والجيش الإسرائيلي".
ونُشرت أيضًا نسخة من هذا البيان في وثيقة إرشادية لأمازون حول مشروع "نيمبوس" في كانون الثاني/ يناير 2023. كما نشرت نسخة على صفحة الفعالية الخاصة بـ "قمة نيمبوس" لسنة 2024، وهي فعالية يديرها القطاع الخاص.
وتجمّع العاملون في مجال التكنولوجيا من أمازون وغوغل وعشرات الشركات الأخرى التي لعبت دورًا بشكل أو بآخر في تحديث البنية التحتية التكنولوجية في "إسرائيل" في السنوات الأخيرة.
علاقات وثيقة
وأفادت المجلة بأن منشورات المسؤولين الإسرائيليين وموظفي أمازون وغوغل على وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى أن الجيش الإسرائيلي لا يزال منخرطًا بشكل وثيق في مشروع "نيمبوس" مع الشركتين السحابيتين الأمريكيتين اللتين تعملان عليه. وفي حزيران/ يونيو 2023، نشر عومري نيزر، رئيس وحدة البنية التحتية التكنولوجية في إدارة المشتريات الحكومية الإسرائيلية، ملخصًا لمؤتمرٍ عقدته الحكومة الإسرائيلية على موقع "لينكد إن"، الذي كان يهدف إلى جمع أشخاص من "مكاتب حكومية مختلفة ضمن مشروع نيمبوس".
وذكر منشور نيزر حلقة نقاش في المؤتمر شارك فيها "ممثل عن الجيش الإسرائيلي" ورئيس قسم تكنولوجيا المعلومات الهندسية في شركة رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة، وهي شركة دفاعية أنشئت في الأصل كشركة بحث وتطوير تابعة للجيش الإسرائيلي. وذكر موقع "ذي إنترسبت" الشهر الماضي أن شركتي رافائيل وصناعات الطيران والفضاء الإسرائيلية، وكلاهما من شركات تصنيع الأسلحة المدعومة من الحكومة الإسرائيلية، هما "عملاء إلزاميون" لغوغل وأمازون عبر مشروع "نيمبوس".
وتظل وكالات الأمن القومي جزءاً مهماً من مشروع "نيمبوس". وفي منشور على موقع "لينكد إن" 2023 يحمل الوسم "#nimbus"، لخّص أومري هولزمان، قائد فريق الدفاع في أمازون لخدمات الويب، فعالية أقامتها أمازون مؤخرًا لعملاء الدفاع، مؤكدًا وجود حضور من كل وكالة أمنية في "إسرائيل"، دون تحديد هذه الوكالات.
وأضافت المجلة أن غوغل عرضت مؤخرًا على مسؤولي الشرطة والأمن القومي الإسرائيليين نموذج الذكاء الاصطناعي "جيميناي"، وهو محور محاولات شركة البحث لمنافسة "شات جي بي تي". وحسب شاي مور، مدير ورئيس القطاع العام والدفاع في غوغل كلاود إسرائيل، فإنه قدّم مؤخرًا معلومات حول "مشاريع نيمبوس الرائدة" لوكالات تشمل الشرطة الإسرائيلية والوكالة الرقمية الوطنية الإسرائيلية والمديرية الوطنية الإسرائيلية للأمن السيبراني.
لم يحدد مور كيف يمكن للجيش الإسرائيلي أو الأجهزة الأمنية استخدام الذكاء الاصطناعي من غوغل، لكن الشركة قالت إن "جيميناي" يمكن أن تساعد عملاءها الذين يستخدمون الخدمات السحابية في كتابة التعليمات البرمجية أو تحليل البيانات أو تحديد التحديات الأمنية.
وأشار بورتنوي إلى أن مشروع "نيمبوس" يهدف إلى تعميق علاقات أمازون وغوغل مع جهاز الأمن القومي الإسرائيلي. وقال إن الشركتين "شريكتان في العمل" على مشروع جديد ينشئ "إطارًا للدفاع الوطني" باستخدام أدوات أمنية قائمة على السحابة. وشبّه بورتنوي هذا المشروع بنظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي، واصفًا إياه بـ"القبة الحديدية للأمن السيبراني".
احتجاجات متزايدة
أكدت المجلة أن الاحتجاجات الأخيرة ضد مشروع "نيمبوس" ليست المرة الأولى التي تؤدّي فيها صفقة سحابية ذات صلات عسكرية إلى احتجاجات، خاصة داخل غوغل. وحسب أحد موظفي غوغل السابقين، الذي تم فصله مع عشرات آخرين بعد الاحتجاج على مشروع "نيمبوس" في نيسان/ أبريل، فإن سنوات من محاولة توجيه الشركة في اتجاه أكثر أخلاقية قد تركتهم منهكين. فقد احتجوا في سنة 2018 على مشروع مافن، وهو عقد منتهٍ الآن مع وزارة الدفاع الأمريكية كان يهدف إلى تحليل صور المراقبة بالطائرات المسيرة باستخدام خوارزميات غوغل. كما احتجوا على عمل غوغل مع هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية في سنة 2019، وبدأ الاحتجاج على مشروع "نيمبوس" في سنة 2021 مع مجموعة "لا تكنولوجيا للفصل العنصري".
تم أول إجراء رئيسي ضد مشروع "نيمبوس" في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، عندما نشر تحالف من موظفي غوغل وأمازون رسالة مفتوحة في صحيفة "الغارديان" تندد بالصفقة. وقد شارك العديد من نفس هؤلاء الأشخاص الذين انضموا إلى هذه الجهود التنظيمية المبكرة أيضًا في حركة "لا تكنولوجيا من أجل إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك"، وهي حركة يقودها العاملون بالتكنولوجيا تشكلت في سنة 2019 لمعارضة عمل شركاتهم لصالح إدارة الهجرة والجمارك.
وتقول آرييل كورين، التي كانت تعمل في ذلك الوقت مديرة مشروع في غوغل، وساعدت في صياغة الرسالة المفتوحة، إن مديرها أخبرها في أوائل تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 أن عليها الموافقة على الانتقال إلى ساو باولو بالبرازيل في غضون 17 يوم عمل "أو أن تفقد منصبها"، وذلك وفقًا لصحيفة "لوس أنجلوس تايمز". وأعلنت كورين أنها استقالت في آذار/ مارس 2022، وبعد بضعة أسابيع، نظم مجموعة من العاملين في مجال التكنولوجيا والنشطاء احتجاجات خارج مكاتب غوغل وأمازون في نيويورك وسياتل ودورهام بولاية نورث كارولينا للتعبير عن تضامنهم مع كورين ومطالبتها بإنهاء مشروع "نيمبوس".
وتصاعدت الاحتجاجات منذ ذلك الحين، إذ طُردت إيمان حسيم، وهي مهندسة سابقة في غوغل كلاود، في نيسان/ أبريل إلى جانب 48 آخرين بعد أن سافرت من سياتل إلى سان فرانسيسكو للمشاركة في اعتصام جماعي داخل مكتب الرئيس التنفيذي لشركة غوغل كلاود توماس كوريان، وتقول إن حركة "لا تكنولوجيا للفصل العنصري" هي جزء من حركة أوسع تُعرف باسم "مقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات"، والتي تستخدم الضغط الاقتصادي لإجبار "إسرائيل" على إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية. وقالت حسيم إن مشروع "نيمبوس" "هو العقد الذي يلفت الانتباه أكثر من أي شيء بالنسبة لأي شخص يضع نصب عينيه الإبادة الجماعية في غزة حاليًا".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية نيمبوس غوغل أمازون غوغل الاحتلال أمازون نيمبوس صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مشارکة الجیش الإسرائیلی الوطنیة الإسرائیلیة الحکومة الإسرائیلیة والجیش الإسرائیلی الخدمات السحابیة للجیش الإسرائیلی للأمن السیبرانی وزارة المالیة غوغل وأمازون وزارة الدفاع على مشروع العدید من فی مشروع یهدف إلى فی غوغل إلى أن فی سنة
إقرأ أيضاً:
ما الخطر الذي يمثله تشقق اليمين الإسرائيلي على الضفة والقدس؟
مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في قطاع غزة، وتكشُّفِ حقيقة الفشل الإسرائيلي الكبير هناك الذي يتكلم عنه الإعلام والمحللون الإسرائيليون منذ التاسع عشر من الشهر الجاري، واستقالة إيتمار بن غفير وأعضاء الحكومة عن حزب "القوة اليهودية" والانشقاق الواضح بينه وبين حليفه سموتريتش وزير المالية الإسرائيلي وقائد تيار "الصهيونية الدينية"، ثم استقالة قائد الجيش وقائد المنطقة الجنوبية، تتوالى الأخبار لتتابع انتكاسة لم تكن متوقعةً لليمين المتطرف في إسرائيل، وخاصةً تيار الصهيونية الدينية.
فالتراجع الإسرائيلي في غزة لم يبدأ مع إقرار صفقة وقف إطلاق النار فعليًا، وإنما بدأت بوادر الانشقاقات تظهر في معسكر الحرب في إسرائيل قبل ذلك مع تكشّف إخفاقات الحرب الإسرائيلية على غزة وظهور الفشل المريع الذي مني به الجيش الإسرائيلي هناك حتى لم يعد له أية أهدافٍ واضحة في الحرب سوى التدمير لأجل التدمير، والقتل لأجل القتل، فتحققت فيه مقولة موشيه فيجلين زعيم حزب "الهوية" المتطرف عندما قال خلال اقتحامه المسجد الأقصى المبارك نهاية أغسطس/ آب الماضي: (نحن ننتقل من فشل إلى فشل على الجبهتين؛ الجنوبية والشمالية).
هذه التراجعات في تيار الصهيونية الدينية يبدو أنها تسببت في ارتدادات قوية على وحدته، بعد أن كان قد بات قاب قوسين من إمساك كافة خيوط الحكم في إسرائيل خلال الشهور الخمسة عشر للحرب على غزة.
إعلانأوّل انشقاق بين أقطاب التيار وجدناها تمثلت في انفراط عقد التحالف بين حزبَي "القوة اليهودية" بزعامة بن غفير، وحزب "الصهيونية الدينية" بزعامة سموتريتش، ففيما استقال الأول من الحكومة وانسحب من الائتلاف احتجاجًا على اتفاق وقف إطلاق النار، بقي الثاني حتى لحظة كتابة هذه السطور مع التهديد بالانسحاب وإسقاط الحكومة في حال عدم استئناف الحرب، رافضًا جميع مناشدات بن غفير للانسحاب معه من الحكومة.
وبينما جنح الكثير من المحللين إلى الاعتقاد أن منبع هذا الرفض يعود إلى أسبابٍ تتعلق بمبدأ بقاء اليمين في الحكم، إلا أني أرى أن الأمر لا يتعدى المصلحة الانتخابية لسموتريتش هذه المرة، فاستطلاعات الرأي الأخيرة في إسرائيل أعطت بن غفير تسعة مقاعد في الكنيست، بينما لم ينجح حزب سموتريتش في تخطي العتبة الانتخابية لدخول الكنيست أصلًا، وبذلك نراه لأول مرة مضطرًا للتعلق بنتنياهو للبقاء في الحلبة السياسية بالرغم من تهديداته المتكررة بإسقاط الحكومة.
ويفسر هذا حماسة بن غفير للخروج من حكومة نتنياهو، وهو الذي يمنّي نفسه بأن يتم ترسيمه وحزبه زعيمًا لليمين في إسرائيل خلفًا لنتنياهو والليكود مستقبلًا، الأمر الذي يكشف لك حجم الشعبوية التي يجنح إليها حاليًا جمهور اليمين في إسرائيل، والذي بات يلهث خلف شعبويات وعنتريات بن غفير في مقابل ابتعاده عن تخطيطِ وذكاءِ سموتريتش!
والحال كذلك، فإن القسم المناصر لبن غفير في تيار الصهيونية الدينية لا بدَّ أن يحاول التعويض عن هذه التراجعات في الملف الأقوى لديه وهو ملف القدس والمسجد الأقصى – الذي يعتبره بن غفير اختصاصه – في مقابل تخصص سموتريتش في الاستيطان في الضفة! ومن الواضح أن التحرك في هذا الاتجاه لا يزال يسير بخطى ثابتةٍ لم تتأثر بما يجري في المنطقة، بل ربما يزيد في الفترة القادمة لتعويض النقص الذي جرى في ملف غزة.
إعلانفي ذروة الصراع الداخلي خلال مناورات ومفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت قبل أسبوعين خبرًا حول إيداع لفافةٍ مكتوبةٍ يدويًا من التوراة في إحدى المدارس الدينية اليهودية في مستوطنة "موديعين عيليت" في الضفة الغربية (غربي رام الله) وسط احتفال كبير، وسبب الاحتفاء بإيداع هذه اللفافة من التوراة في هذه المستوطنة هو كونها مخصصة لتوضع في كنيسٍ داخلَ المسجد الأقصى المبارك بمجرد بنائه.
وفكرة التوراة المكتوبة في لفافةٍ واحدةٍ تراثٌ متعارَف عليه في الكنس اليهودية، حيث تُكتَبُ هذه النسخ يدويًا في العادة، وتستغرق سنواتٍ لتجهيزها وتكلّف مبالغ كبيرة، ولذلك فإن مشروع كتابة لفافةٍ من التوراة يعتبر أمرًا مهمًا في التقاليد الدينية اليهودية.
هذه اللفافة تبرع بها الحاخام يسرائيل إلباوم، والد شمعون إلباوم الذي يشغل منصب المدير العام لوزارة شؤون القدس التي يرأسها الوزير مائير بوروش العضو في حزب (يهدوت هتوراه) الحريدي المتدين، وهو – للمفارقة – لا يقتحم المسجدَ الأقصى ولا يدخله ويلتزم بفتوى الحاخامية الكبرى لدولة الاحتلال التي تمنع دخول اليهود إلى المسجد.
وبالرغم من ذلك، فإنه قدم هذه اللفافة لتكون جاهزةً لإدخالها إلى المسجد الأقصى عندما يحين الوقت المناسب. لكن الوقت المناسب في نظر جماعات المعبد المتطرفة وتيار الصهيونية الدينية هو الآن؛ فالحاخام شمشون إلباوم، (وهو من نفس عائلة "إلباوم")، والذي يسمي نفسه "رئيس مجلس إدارة جبل المعبد"، صرّح بوضوحٍ خلال حفل إيداع هذه اللفافة في مستوطنة "موديعين عيليت" أن الخطوة القادمة هي بناء كنيسٍ يهودي داخل المسجد الأقصى المبارك.
وبالنسبة لجماعات المعبد التي تشكل جزءًا مهمًا من تيار الصهيونية الدينية، فإن خطوة بناء كنيس يهودي داخل المسجد الأقصى هي الهدفُ الإستراتيجي في هذه المرحلة، وهي ترى أن الشخصية السياسية التي تمثل تطلعاتها هذه، هو الوزير السابق إيتمار بن غفير، وليس سموتريتش الملتزم بموقف الحاخامية الكبرى حتى الآن.
ولذلك، فليس مستبعدًا أن تعمل هذه الجماعات في المستقبل القريب على محاولة تخريب أي تقارب بين نتنياهو وسموتريتش لصالح بن غفير، على الرغم من الرشوة السياسية التي قدمها نتنياهو لسموتريتش بإعلان عمليته العسكرية (السور الحديدي) في جنين شمال الضفة الغربية.
إعلانوهذا يعني أن الانقسام الداخلي في إسرائيل قد وصل إلى قلب تيار الصهيونية الدينية، وقد يتسع قريبًا. لأنه بالنظر إلى استطلاعات الرأي في إسرائيل – كما أسلفنا – يبدو أن سموتريتش بات مقتنعًا أنه يحتاج نتنياهو في الوقت الحالي أكثر مما يرى بن غفير ذلك.
ولا نستبعد أيضًا أن يحاول أنصار بن غفير في تيار الصهيونية الدينية التصعيد في القدس وفي الأماكن المقدسة في الفترة المقبلة؛ سعيًا لرفع شعبيته وشأنه بين أبناء اليمين في إسرائيل، وفي المقابل، فإن سموتريتش يرى في العملية العسكرية في الضفة الغربية طوقًا يحتاجه للنجاةِ من فشل متوقع حال إجراء انتخاباتٍ قادمةٍ ليؤمِّنَ دخوله الكنيست، ويكون رصيدًا له لدى مستوطني الضفة الغربية الذين يشكلون في مجملهم عصبَ تيار الصهيونية الدينية، وخاصةً جناح جماعات المعبد المتطرفة.
محصلة كل هذا أن التركيز في مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار في غزة، سيكون كما توقعنا على القدس والضفة الغربية، في تنافسٍ غيرِ شريفٍ بين سموتريتش وبن غفير. وقد بدأ الأول بالفعل العمل في الضفة، وهو ما يحتم على فلسطينيي الضفة الغربية والقدس على حد سواء المبادرة بالتحرك ضد هذين الطرفين؛ حتى لا يستفرد كل طرفٍ منهما بقسم من الشعب الفلسطيني.
فكل دقيقةٍ تمر في انتظارِ ما سيفعله نتنياهو وسموتريتش في الضفة من ناحية، أو بن غفير وأنصاره في القدس من ناحية أخرى، هو عنوانٌ لكارثةٍ حقيقيةٍ يريد الاحتلال من خلالها تعويض فشله المدوّي في غزة، وردَّ الاعتبار لكرامة جيشه التي أهدرتها منازلُ غزة المدمرةِ وصمودُ أهلها الأسطوري.
وإن تأخر الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس عن التحرك، فإن الطريق سيكون مفتوحًا لاستكمال هذه المنافسة بين أجنحة تيار الصهيونية الدينية على حساب أراضي الضفة شيئًا فشيئًا من الشمال إلى الجنوب.
إعلانوقد بدأ التحرك بالفعل الآن في جنين، وعلى حساب مقدساتنا الأكثر أهميةً في هذه المعركة، أي المسجد الأقصى المبارك. لا يرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب مشكلة في أي من هذين الطرفين، فهو يعد تيار الصهيونية الدينية كلّه حليفًا له، ولا يهمه ما إذا انتصر سموتريتش أو بن غفير. وذلك يرتب على الشعب الفلسطيني تحمل المسؤولية الأولى للدفاع عن أرضه ومقدساته بنفسه، وألا ينتظر مساندة من أحد ولا سيما إدارة الرئيس الأميركي الجديد.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية