كليموف: منظمة بريكس تدعم سيادة الدول واستقلالية قرارها
تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT
موسكو-سانا
أكد نائب رئيس لجنة مجلس الاتحاد الروسي للتعاون الدولي ودعم المغتربين في حزب روسيا الموحدة أندريه كليموف أن منظمة بريكس تختلف عن باقي التحالفات الدولية بأنها تحافظ على سيادة الدول وتتمتع بالاستقلالية في قراراتها ورسم سياساتها الخاصة.
وأوضح كليموف في مؤتمر صحفي عبر الإنترنت بمشاركة إعلاميين من وكالة سانا أن الهدف الرئيسي لبريكس هو تحقيق التنمية المستقرة لدولها الأعضاء، وضمان استقلاليتها وسلامة وأمن شعوبها، مشدداً على أنه في حال حاولت أي دولة عرقلة هذه الجهود فإن المنظمة بالطبع ستستخدم جميع الوسائل التي تمتلكها من أجل مصالح دولها وشعوبها والتي تعتبر شرعية بموجب ميثاق الأمم المتحدة.
وقال كليموف: إن منظمة بريكس التي تشكلت قبل 15 عاماً من 5 دول فقط حققت على مدى سنوات الكثير من الإنجازات، واليوم ضاعفت عدد أعضائها إلى 10 أعضاء ولديها الكثير من الشركاء والحلفاء القادرين على الانخراط في نشاطات المنظمة دون أن يكونوا أعضاء رسميين فيها.
وفي المقابل، لفت كليموف إلى صعوبة انضمام دول موجودة بالفعل في حلف شمال الأطلسي “الناتو” إلى تحالف “بريكس” نظراً لتناقض الأجندات بين المنظمتين، مضيفاً: إن أي دولة ترغب بالانضمام إلى هذه المنظمة يجب أن تلتزم بسياساتها ومبادئها.
وشدد المسؤول الروسي على أن بريكس ضد العقوبات بجميع أشكالها، وأي إجراءات من هذا القبيل يجب أن تكون صادرة عن مجلس الأمن الدولي، أما العقوبات التي تفرضها دول بشكل أحادي فهي غير قانونية وهذه حقيقة غير قابلة للجدل.
وأشار إلى أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها في الاتحاد الأوروبي على روسيا غير قانونية بالمطلق وقد تسببت بخسائر فادحة للدول الغربية أكثر مما تسببت به للاقتصاد الروسي.
وأضاف: إن الولايات المتحدة حالياً تلعب دور المسيطر على الاتحاد الأوروبي والخيار يعود لهم للتخلص من هذه الهيمنة أو مواصلة تدمير اقتصاداتهم.
ورداً على سؤال بشأن استخدام واشنطن لعملتها للهيمنة على الاقتصاد العالمي قال كليموف: نحن لسنا ضد الدولار ولكننا ندعو إلى تعاملات تجارية بعدة عملات لا يهيمن عليها الدولار، كما أننا لسنا ضد الولايات المتحدة، وعندما يرغب الأمريكيون بالتعامل مع مشكلاتهم الداخلية كمكافحة الجريمة وحرائق الغابات والإفلاس سنتمنى لهم النجاح، أما عندما تكون نيتهم تدمير روسيا فإننا سنتصدى لهم بالطبع.
وأشار إلى أن حزب روسيا الموحدة أطلق مؤخرا حركة “حرية الأمم المناهضة للاستعمار الجديد” التي تهدف إلى القضاء على الممارسات الحديثة للاستغلال والهيمنة لدول الاستعمار الجديد وإلى توحيد الجهود ضد التدخلات الخارجية في شؤون الدول ذات السيادة.
وكانت منظمة بريكس تشكلت في البداية من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا وانضمت إليها مؤخراً خمس دول أخرى هي إيران والسعودية والإمارات ومصر وإثيوبيا.
يشار إلى أن روسيا تتولى منذ كانون الثاني الماضي الرئاسة الدورية لمجموعة بريكس، ومن المقرر أن تستضيف مدينة قازان الروسية من الـ 22 حتى الـ 24 من تشرين الأول المقبل قمة المجموعة.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: منظمة بریکس
إقرأ أيضاً:
لا تزال أمريكا التي أحببتها موجودة برغم ترامب
ترجمة: أحمد شافعي -
يبدو الأمر محتوما بقدر حتمية الفوضى الاقتصادية التي أطلق دونالد ترامب عقالها بسيل تعريفاته الجمركية الجنوني: انخفاض حاد في عدد السياح الزائرين للولايات المتحدة، ومن المتوقع الآن أن يزداد ذلك سوءا عما كان متوقعا في البداية. ففي فبراير، انخفض السفر إلى الولايات المتحدة بنسبة 5% مقارنة بالعام السابق، والآن، يتوقع خبراء توقعات ذوو مصداقية انخفاضا يقارب ضعف هذا الحجم. وكلنا نعرف السبب. فالكلمات العدائية التي وجهها ترامب لكندا والمكسيك أثرت سلبا على أكبر سوقين سياحيين للولايات المتحدة. ويلاحظ أيضا سيل من التقارير عن غرباء وقعوا ضحية الصرامة القاسية التي يبدو أنها تسيطر الآن على السلطات الأمريكية، إذ تعرضت امرأة تبلغ من العمر ثمانية وعشرين عاما من شمال ويلز للاحتجاز لمدة تسعة عشر يوما في مركز احتجاز واقتيدت مقيدة بالسلاسل في طائرة إلى بلدها، وتم منع عالم فرنسي من دخول الولايات المتحدة دونما إجراءات قضائية بعد العثور في هاتفه على رسائل تنتقد الرئيس. وهذه الأخبار تؤكد جو الوحشية والعدائية السائد في إدارة ترامب، ويؤدي إلى بروز مخاوف مألوفة إلى السطح: من قبيل المخاوف من الأسلحة والبلطجة السياسية والبلد الذي يعيش حالة تقلب مخيفة. والنتيجة هي انتشار فهم فجائي للولايات المتحدة بوصفها مكان قد يحسن عدم زيارته، بما يؤدي إلى خسائر أليمة لملايين من الناس.
ولقد تشكل فهم كثير منا للعالم، في نهاية المطاف، على يد ما يسميه البعض بالقوة الناعمة الأمريكية. فلقد بدأ إحساسي الأول بجاذبية الولايات المتحدة الأمريكية عندما كنت في الرابعة من عمري وأنا أشاهد برنامج «شارع سمسم» التعليمي الرائع، إذ افتتنت بفريق عمله متعدد الأعراق، وتقديمه لرؤية مثيرة للحروف والأرقام ـ والحياة ـ تفوق إثارة البرامج التقليدية التي كنا نشاهدها على قناتي بي بي سي وآي تي في. ثم حدث بعد ذلك بقليل أن كان بعض أصدقاء الطفولة المحظوظين يرجعون من إجازات في أمريكا ـ هي في فلوريدا عادة ـ وهم يحملون معهم قصصا مصورة وحلوى زادت من إحساسي بالولايات المتحدة بوصفها أرض الأحلام الساحرة. ثم جاءت اللحظة الحاسمة: جبل ضخم من الموسيقى، لا يزال يشكل جوهر فهمي لماهية الولايات المتحدة، وكيف إنها قد تكون قادرة على تجاوز أزمتها الحالية.
وليس أفضل الموسيقى الأمريكية بشيء ما افتقر إلى الصدق: فهي، بالنسبة لي، بمثابة تصحيح لأي أفكار وردية كانت لدي عن الولايات المتحدة، كما أنها جعلتني، في الوقت نفسه، أكثر افتتانا. وينطبق هذا تماما على سلسلة من التسجيلات التي صدرت بين أواخر الستينيات ومنتصف السبعينيات من القرن الماضي، وما زلت أعود إليها مرارا وتكرارا: من قبيل موسيقى صاحب الرأي الاجتماعي البارع كورتيس مايفيلد، أو المزيج من الآراء السياسية البسيطة والتحقيق المبهج للذات الذي يتخلل ذروة أعمال ستيفي وندر، من ألبوم «موسيقى عقلي» (1972) إلى ألبوم «أغاني على إيقاع الحياة» (1976). فعن طريق الاستماع إلى ذلك الشيء شديد الاختلاف، عندما انغمست في الموسيقى الريفية للمرة الأولى، استمعت إلى نوع آخر من الحقيقة الأمريكية في صوت رجال يبحثون عن مساحة للجرح والانكسار والضعف، فذلك يبدو ـ بأثر رجعي ـ النقيض الصارخ للرجولة الهشة التي استولى عليها ترامب.
ثم ذهبت في نهاية المطاف إلى هناك: فزرت أولا المدن الكبرى المعتادة، ثم مناطق غالبا ما يغفلها السائحون. فقبل نحو عشرين عاما، رحلت مرارا إلى أقصى الجنوب، أي الميسيسيبي، وألاباما، ولويزيانا، وجورجيا، فوجدت نفسي في الوقت نفسه أسير تيارين من الأفكار المتناقضة تماما. أحدهما يتعلق بالتقاطع المروع بين العنصرية ـ الممأسسة واليومية ـ والفقر، وحقيقة صارخة تقول: إن أغنى دولة في العالم قد تركت الكثير من الناس للغرق. والتيار الآخر هو الشعور بأن بعض هذه الأماكن على الأقل يحرز تقدما متقطعا ومترددا إلى ما هو أفضل. وقد جاء في أحد أدلتي السياحية حديث عن منطقة تمر بما يشبه الرحلة التي خاضتها جنوب إفريقيا بعد نهاية نظام الأبارتيد: وفي يوم جميل، كان من الممكن تصديق ذلك.
من أكثر ذكرياتي وضوحا ذكرى ليلة خانقة في بلدة كلاركسديل في دلتا المسيسيبي، ولا تزال هذه البلدة تعد رمزا لزراعة القطن والعبودية، وإرثهما الطويل والمروع. في حانة مملوكة للممثل مورجان فريمان، شاهدت مراهقة من الشرق الأوسط - تنتمي إلى أسرة من اللاجئين ـ وهي ذات موهوبة مذهلة، تعلمت بفضل برنامج تعليمي يديره متحف البلوز في المدينة عزف الجيتار الرئيسي بأسلوب آسر على طريقة نجوم مثل بادي جاي وألبرت كينج. وكانت تؤدي عروضها أمام حشد مختلط، لم يصبهم الذهول وحسب، بل بدا أنهم يشاركوننا فكرة أن ما نشاهده يمثل رمزا صغيرا لتحسن الأوضاع.
ولم يمض وقت طويل حتى بدا أن وصول باراك أوباما إلى الرئاسة قد جسد بشكل مذهل بعضا من الشعور نفسه بالأمل وبذلك القول الأمريكي المقتبس من ديباجة الدستور حول التقدم إلى اتحاد أكثر كمالا. ومهما يكن معنى ذلك ـ وبرغم كل الكراهية والنفاق والمجازر والقسوة الداخلة في نسيج التاريخ الأمريكي ـ فإنني لا أزال أشعر بقوته.
لكن من الواضح أن ترامب يريد أن يأخذ بلده في الاتجاه المعاكس، وذلك جزئيا من خلال محاولة إعادة تشكيل ثقافة البلد والصورة التي يقدمها للعالم. ومن بين عشرات الإجراءات الأخرى يعني هذا إزالة الأمريكيين السود من المواد التعليمية التي تنتجها مقبرة أرلينجتون الوطنية، وهجماته على «الأيديولوجية غير اللائقة أو المثيرة للانقسام أو المعادية لأمريكا» داخل شبكة متاحف سميثسونيان، وتنصيبه نفسه رئيسا لمركز جون إف كينيدي للفنون الأدائية في واشنطن العاصمة. بل إن بعض المشرعين الجمهوريين، مثل عضوة الكونجرس مارجوري تايلور جرين، صاحبة الغباء السريالي، يريدون سحب التمويل من برنامج «شارع سمسم». وفي خضم كل تلك السياسات الاقتصادية غير المنضبطة والهجمات على العلوم والأوساط الأكاديمية، قد يكون هناك خطر بألا ينتبه الناس إلى هذه التحركات، برغم أنها لا تقل أهمية.
تبلغ ابنتي من العمر خمسة عشر عاما، وهي مهتمة بالولايات المتحدة بقدر ما كنت مهتما بها وأنا في مثل سنها، وهو أمر يعززه أن الولايات المتحدة في ما بين عامي 1789 و1900 جزء من منهجها الدراسي للتاريخ في شهادة الثانوية العامة. وهي ترغب في زيارة متحف الحقوق المدنية في ممفيس بولاية تينيسي، واستوديوهات صن التي انطلقت موسيقى الروك أند رول منها للمرة الأولى. وعندما تصل في النهاية إلى نيويورك، ستشمل أولى محطاتها متحف الفن الحديث وما تبقى من قرية جرينتش القديمة.
ولكنني أتساءل الآن: هل يجدر بنا أن نذهب؟ وبرغم هذا أعتقد أننا سوف نذهب، لسبب شديد الوجاهة: ففي النهاية، كل ما تمثله هذه الأماكن والمؤسسات سيثبت أنه سبب هلاك ترامب. بعبارة أخرى، ترامب ليس أمريكا. وبالنسبة لنا نحن الذين ما زلنا مفتونين بالولايات المتحدة، فإن أفضل رد على سوء حكمه ليس الانصراف عن الولايات المتحدة، بل الحفاظ على الثقة بالأمريكيين الذين يدركون ذلك، لا بوصفنا غرباء منبهرين، بل بوصفنا بشرا يعتمد مستقبلهم على ما هو أفضل.
جون هاريس من كتاب الرأي في صحيفة ذي جارديان