لجريدة عمان:
2024-11-14@05:32:48 GMT

المعلومات المضللة ومحاولة اغتيال «ترامب»

تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT

مع كل حدث عالمي كبير يعود الحديث مجددا عن أمرين أصبحا متلازمين في العصر الرقمي الذي نعيشه، هما نظرية المؤامرة والمعلومات المضللة والكاذبة.

السبت الفائت وفَور إطلاق النار على الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الرئاسي الحالي، في تجمع انتخابي بمقاطعة «بتلر» بولاية بنسلفانيا، شهدت شبكات التواصل الاجتماعي في العالم كله، وليس داخل الولايات المتحدة الأمريكية فقط، انتشارا واسعا وفيروسيا للمعلومات الكاذبة والمضللة المبنية على فرضيات نظرية المؤامرة.

نظريا يمكن القول إن انتشار المعلومات الكاذبة حول حدث ما يعود في الغالب إلى ثلاثة أسباب؛ الأول هو نقص المعلومات الرسمية حوله من جانب، وتأخر وسائل ومنصات الإعلام الرئيسية في تلبية احتياجات الجمهور العاجلة في معرفة حقيقة ما حدث وتفسيره، والثاني هو رغبة الجمهور في ملء الفجوات المعرفية حول هذا الحدث، والسبب الثالث هو رغبة كل طرف من أطراف الحادث في تحقيق أقصى استفادة منه عبر صناعة سردية تخدم مصالحه والترويج لها. نتيجة لكل ذلك يتم ملء الفراغات المعلوماتية حول الحادث بأخبار وقصص تتوافق مع أجندات صُنّاعها وناشريها، إذ يتجه كل من ينشر ويروج لسردية معينة إلى اختيار ما يتوافق مع قناعاته الأيديولوجية، ورفض ومهاجمة السرديات الأخرى التي تتعارض معها. وقد عبر عن ذلك عالم النفس الاجتماعي «فيرتز هيدر» منذ خمسينات القرن الماضي في نظرية أسماها «الاتساق المعرفي»، وتقول إن: «مفهوم الاتساق في السلوك البشري هو امتداد لفكرة الاتساق القائمة في الكون والعالم المادي، وأن البشر يحاولون طوال حياتهم تحقيق أكبر قدر من الاتساق والتوافق مع أنفسهم ومع الآخرين، ويقضون معظم أوقاتهم في محاولات مستميتة لتحقيق الاتساق بين المواقف بعضها البعض، وبين السلوكيات بعضها البعض، ومن ثم بين المواقف وبين السلوكيات بوجه عام، بهدف تنظيم عالمهم بطرق تبدو لهم منطقية وذات معنى». وتفترض نظريات الاتساق أن عدم التوافق يُولِّدُ «توترًا نفسيًا» أو شعورا بعدم الارتياح، وهو ما ينتج عنه ضغط داخلي للتخلص من عدم الاتساق أو الحد منه، وتحقيق التوازن النفسي إذا أمكن. ومن علم النفس انتقلت نظرية الاتساق والنظريات المتولدة عنها إلى علوم الاتصال والإعلام لتفسير كيفية تعامل الأفراد مع الأخبار والمعلومات المتعارضة أو غير المُتسقة، والتي عادة ما تستهدف إحداث تغيير في المواقف والاتجاهات والسلوكيات البشرية.

في حادث محاولة اغتيال ترامب تزايدت بشكل واضح الأخبار الكاذبة والمضللة نتيجة تزايد حدة الاستقطاب في الصراع الدائر بين الجمهوريين والديمقراطيين قبل أربعة أشهر من الاستحقاق الانتخابي الرئاسي الذي من المتوقع حتى الآن أن يجمع بين الرئيس الحالي جو بادين، والرئيس السابق دونالد ترامب. ورغم أن السلطات الأمريكية بدأت تحقيقا في الحادث باعتباره محاولة اغتيال، وحددت هوية مطلق النار الذي قتل في المكان، فإن المنصات الإعلامية الفردية والمؤسساتية تسابقت في تغذية الأخبار الكاذبة التي تدعم موقف كل منها في الانتخابات. وعلى سبيل المثال فقد ادعى أنصار ترامب أن الرئيس بايدن هو من أصدر الأمر باغتيال الرئيس السابق لإزاحته من السباق نحو البيت الأبيض، خاصة بعد الأداء المخيب لبايدن في المناظرة الرئاسية الأولى، ومطالبة بعض قادة حزبه بانسحابه من السباق. في المقابل اتهم أنصار بايدن ترامب نفسه بتمثيل عملية الاغتيال الكاذبة لكسب مزيد من التعاطف الشعبي وتعزيز حظوظه في العودة إلى البيت الأبيض.

الغريب أن اللجوء إلى نظرية المؤامرة في تناول هذا الحادث لم يقتصر على المستخدمين العاديين، وامتد إلى السياسيين والمؤثرين الذين يتابعهم الملايين على شبكات التواصل الاجتماعي. فبعد دقائق من انتشار خبر إطلاق النار، بدأ هؤلاء وغيرهم، مثل النائب الجمهوري عن ولاية جورجيا مايك كولينز إلى توجيه الاتهام للرئيس بايدن، وكتب على صفحته بموقع التدوين القصير «اكس»، أن جو بايدن أرسل الأوامر». وقد حصد هذا المنشور 4 ملايين مشاهدة. ودعا النائب إلى توجيه اتهام رسمي إلى بايدن بالتحريض على الاغتيال. في المقابل كانت كلمة «حادث مدبر» هي الأكثر استخداما على موقع اكس من جانب معارضي ترامب ومؤيدي بايدن، حيث قالت أعداد كبيرة من المستخدمين إن مشهد محاولة الاغتيال كله كان مزيفا ومصنوعا.

لا يمكن بالطبع إلقاء اللوم فقط على الشبكات الاجتماعية التي تنشر مثل هذه الأخبار الكاذبة وتدعم أصحاب نظرية المؤامرة، لأن الأحداث الكبرى لا تترك فور وقوعها الفرصة لشركات التقنية التي تدير هذه الشبكات للقيام بحصار المعلومات المضللة، لأنها هي نفسها يكون لديها نقص في المعلومات الموثوق بصحتها. ولذلك تحتاج تلك الشبكات إلى وقت للاستعداد لمواجهة هذه الأخبار، وإعادة ترتيب الخوارزميات للبحث عن المحتوى المضلل، وإعلام المراجعين البشريين بالمعلومات والآراء المقبولة للنشر وغير المقبولة، والإبلاغ عن الحسابات التي تروج للأخبار المضللة.

في ظل هذا الضباب المعلوماتي الذي أحاط بحادث إطلاق النار على ترامب وغيره من الحوادث الكبرى، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: كيف نستطيع تحصين أنفسنا ومواطنينا في العالم العربي من الوقوع في أسر نظريات المؤامرة والمعلومات الكاذبة، خاصة وقد أصبح كل شخص قادرا على الوصول إلى هذه المعلومات ومشاركتها بل وصنعها ونشرها، والتي قد تكون محملة بالدعاية السياسية التي تستهدف تحقيق أهداف الأعداء كما هو الحال في حالة الحرب في غزة التي كتبنا عنها من قبل. ويزداد الأمر تعقيدا مع الانتشار الواسع في استخدام أدوات وبرامج الذكاء الاصطناعي التي تسهل عملية صنع المحتوى الزائف من نصوص وصور ولقطات فيديو من خلال تقنية «التزييف العميق»؟

من المؤكد أننا لا ندعو على الإطلاق إلى فرض وصاية على المستخدم العربي تجبره على عدم نشر ومشاركة المحتوى الزائف والأخبار الكاذبة، خاصة في الأحداث الكبرى. ولا ندعو كذلك إلى إصدار المزيد من القوانين التي تحد من حرية التعبير على شبكات التواصل الاجتماعي أو المنصات الإعلامية بشكل عام، فلدينا ترسانة ضخمة من القوانين، ولكن ليس بالقانون وحده تستقيم الحياة. إن إمداد الناس بالمعلومات وتعليمهم طرق الاستخدام الآمن للمنصات الرقمية لأنفسهم وأوطانهم، وتحقيق أقصى استفادة منها دون الوقوع في شرك المعلومات المضللة يتطلب أن نبدأ من الآن ودون تسويف ما رفضنا لسنوات تعميمه في دولنا العربية، وأعني بذلك إقرار منهج دراسي للتربية الإعلامية، وفي القلب منه برنامج تعلمي للتربية على وسائل الإعلام الرقمية، يتم تنفيذه في المرحلة التعليمية المختلفة بما يتفق مع المراحل العمرية للطلاب. بدون هذه التربية لن نستطيع حماية أجيالنا الشابة من الآثار السلبية لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات بوجه عام وتجنيبها مخاطر الشبكات الاجتماعية بوجه خاص. إذا أردنا تأمين مجتمعاتنا من السقوط في آبار المعلومات المضللة، فإنه من المهم أن نُعلم أبناءنا من الصغر الشك في كل معلومة يتلقونها عبر المنصات الرقمية، وكيفية التأكد من صحة المعلومات، واستخدام المصادر الأصلية للمعلومات، وعدم مشاركة المعلومات المشكوك في صحتها، وفحص مقاطع الفيديو والصور الحقيقية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المعلومات المضللة الأخبار الکاذبة نظریة المؤامرة

إقرأ أيضاً:

أسبوع غريب للطيران.. إطلاق نار وشجار وحريق ومحاولة لفتح أبواب الطوارئ!

شهدت الأيام القليلة الماضية عددًا لافتا من الحوادث الغريبة التي وقعت على متن طائرات، تنوعت بين مشكلات فنية وسلوك غير متوقع من بعض الركاب، وشملت بلدانا مختلفة كالولايات المتحدة الأميركية وكوريا الجنوبية وأماكن أخرى.

إطلاق نار على طائرة متجهة إلى هاييتي

أخطر الحوادث ما تعرضت له طائرة تابعة لشركة "سبيريت إيرلاينز" الأميركية، كانت متجهة من مدينة فورت لودرديل بولاية فلوريدا إلى عاصمة هاييتي بورت أوبرانس، حيث تعرضت لإطلاق نار أثناء محاولتها الهبوط.

الحادث تسبب في إلحاق أضرار بالطائرة التي تم تحويل مسارها إلى جمهورية الدومينيكان، وأثار هذا الهجوم المخاوف بشأن سلامة الرحلات الجوية إلى هاييتي التي تشهد تصاعدًا في أعمال العنف من قبل العصابات.

Chaos reportedly broke out on a #SpiritAirlines flight Monday as it was struck by gunfire while attempting to land in Haiti's capital city, Port-au-Prince … injuring a flight attendant. ✈️ Insane story in bio! pic.twitter.com/Equ4cxmnc0

— TMZ (@TMZ) November 11, 2024

ووفقًا لتقارير مصورة، أظهرت اللقطات آثار رصاص على هيكل الطائرة، تحديدًا في منطقة جلوس طاقم الضيافة، دفعت شركات طيران أخرى لتعليق رحلاتها إلى هاييتي.

محاولة لفتح باب الطوارئ بسبب الملل

وفي حادث غريب آخر، تسبب راكب على متن رحلة تابعة للخطوط الجوية الكورية، من تايلاند إلى كوريا الجنوبية، في حالة من الرعب عندما حاول فتح باب الطوارئ في منتصف الرحلة.

وذكرت التقارير أن الراكب تصرف بطريقة غير عادية عندما جلس في مقعد طاقم الضيافة بجوار باب الطوارئ، وحاول فتحه بعد حوالي ساعة من الإقلاع، مشيرًا إلى شعوره بالملل.

وبفضل التدخل السريع من الطاقم وبعض الركاب، تم إحباط محاولته، ووصلت الطائرة بسلام إلى العاصمة سول حيث سلمته السلطات للتحقيق.

Passenger arrested after attempting to open an exit door on board Korean Air flight KE658.

In a statement Korean Air said a foreign male passenger was overwhelmed by crew and passengers on flight KE658 while flying between Bangkok and Seoul.

The passenger sat in a crew-only… pic.twitter.com/ARktP1DCYv

— Breaking Aviation News & Videos (@aviationbrk) November 9, 2024

عراك على متن طائرة عراقية

وفي حادث آخر، اضطرت رحلة تابعة لشركة "فلاي بغداد" كانت متجهة من بغداد إلى إسطنبول إلى العودة بعد نشوب عراك بالأيدي بين الركاب، تبين لاحقًا أن سببه كان راكبًا مخمورًا اعتدى على أحد أفراد طاقم الطائرة.

وعادت الطائرة أدراجها إلى مطار بغداد حيث تم إنزال الراكب وتوفير إجراءات السلامة للركاب الآخرين.

عراك بالأيدي داخل طائرة عراقية بعد إقلاعها نحو #إسطنبول ما تسبب في عودتها اضطراريا إلى #بغداد#الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/UDHrJomnx1

— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) November 11, 2024

اشتعال محرك طائرة في روما

أما في العاصمة الإيطالية روما، فاشتعل المحرك الأيمن لطائرة "بوينغ 787-9 دريملاينر" تابعة لشركة "هاينان إيرلاينز" الصينية بعد وقت قصير من إقلاعها متجهة إلى مدينة شنتشن الصينية.

وكان على متن الطائرة 249 راكبًا و16 من أفراد الطاقم.

وعادت الطائرة بسلام إلى مطار فيوميتشينو بعد أن أفرغت حمولتها من الوقود فوق البحر، وأكدت التحقيقات أن سبب الحادث كان اصطدام الطائرة بطائر.

#HainanAirlines #flight HU438, bound for Shenzhen from Rome, safely returned to Rome on Sunday after a bird strike on the right engine shortly after takeoff, causing multiple sparks and flames to emanate from the right engine. pic.twitter.com/T2sF59NIxh

— Shanghai Daily (@shanghaidaily) November 11, 2024

وعادة ما تسعى شركات الطيران إلى استخلاص الدروس من هذه الحوادث، والعمل على تحسين إجراءات السلامة.

مقالات مشابهة

  • ترامب في واشنطن استعداداً لـصورة تسلم السلطة من بايدن
  • علماء يكشفون مفاجأة عن «أصل القمر»: نظرية الاصطدام بالأرض ليست دقيقة
  • دراسة: معظم علاجات السرطان على "تيك توك" مزيفة
  • "نظرية المؤامرة".. أحمد حسن يكشف أسباب أزمته مع حسام حسن
  • أسبوع غريب للطيران.. إطلاق نار وشجار وحريق ومحاولة لفتح أبواب الطوارئ!
  • فيضانات كولومبيا تجرف سيارة ومحاولة بائسة من صاحبها لإنقاذها.. فيديو
  • حزب الإصلاح يكشف بالإسم عن الجهة التي تقف خلف اغتيال الضابطين السعوديين في حضرموت
  • إيران تجدد رفض اتهامها بمؤامرة اغتيال ترامب..وتتساءل عما إذا كان ذلك استعراضا هزليا أم تصعيدا جديدا؟
  • هآرتس: هذه هي الادعاءات الجنائية التي تلاحق مكتب نتنياهو
  • الجمعة البيضاء «Black Friday».. موعدها وكيفية الإبلاغ عن التخفيضات المضللة