الوهابي: أنا رئيس جماعة، طردوني من حزب "البام" بعد شروعي في تنفيذ حكم قضائي بالإفراغ بحق زوج فاطمة المنصوري

فصل حزب الأصالة والمعاصرة من صفوفه، عضوه أحمد الوهابي (43 عاما)، رئيس جماعة تازروت على مبعدة حوالي 50 كيلومترا عن مدينة العرائش. في العادة، فإن قرارات الطرد بحق المسؤولين الصغار في جماعات هامشية بالكاد تلقى الاهتمام المطلوب، لكن جماعة تازروت، التي لا يعرفها سوى القليلون، تكتسي أهميتها الشديدة من كونها التراب الذي يحمل معقل إحدى أكثر الزوايا نفوذا في المغرب: زاوية الشرفاء العلميين.

في تازروت، يوجد ضريح مولاي عبد السلام بن مشيش، أحد الأولياء الصالحين وفق روايات الصوفيين، حيث يتجمع الآلاف في موسم حج فريد. لكن، بعيدا عن بهرجة الألوان التي تتزين بها هذه الجماعة، وهدير الابتهالات المدوية الصادرة عن الأتباع المخلصين، تكمن مشكلة حقيقية حول هذه الأرض. فالشرفاء العلميون منقسمون في صراع لا يهدأ حول التراب؛ بين نبيل بركة (57 عاما) سليل النقيب الراحل عبد الهادي بركة، وبين رئيس الجماعة. كلاهما شريفان وفق التوصيفات الخاصة بهذه الزاوية، لكن على ما يبدو، فإن كل طرف من الاثنين يسعى إلى القضاء على الآخر. في هذه اللعبة المحفوفة بالمخاطر، تتوزع النكسات بالتساوي. هذه المرة، يجد رئيس الجماعة نفسه مطرودا من الحزب، لكن بركة لم يتقدم خطوة إضافية في مسعاه أيضا.

في هذه المقابلة، يشرح الوهابي موقفه في قضية صراع على الأرض لا تبشر بخير في هذه المنطقة شديدة الحساسية.

 

أحمد الوهابي (وسط) مع نبيل بركة (يسار) خلال موسم مولاي عبد السلام في يوليوز 2022 (خاص)

 

صدر بحقكم في 4 يوليوز قرار بفصلكم بصفة نهائية من حزب الأصالة والمعاصرة من لدن اللجنة الجهوية للتحكيم والأخلاقيات في الشمال. ولقد تحدث مقرر الفصل عن أفعال وممارسات منافية لمبادئ وقيم وأهداف الحزب ولميثاق أخلاقياته صدرت عنكم. هل يمكن أن توضح لنا ماذا فعلت بالضبط؟

طيب، دعني أقول لكم إن فصلي من الحزب كان بسبب وحيد: هو وقوفي في وجه زوج المنسقة الوطنية للحزب، فاطمة الزهراء المنصوري. من الواضح أن الحزب لا يمكنه أن يتسامح مع عضو ولو كان رئيس جماعة، يقف متحديا زوج رئيسة قيادته الجماعية. لقد حدث لي هذا بالضبط عندما وقفت في وجه نبيل بركة (بركة زوج فاطمة الزهراء المنصوري، المنسقة الوطنية لحزب الأصالة والمعاصرة، وابن عم نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال، وهو يدير بمقتضى تفويض من أبيه، شؤون الشرفاء العلميين في دائرة مولاي عبد السلام).

 

هل تقصد أن قرار فصلكم مرتبط بخلفية النزاع القائم بينكم وبين بركة؟

سأقول لك إن نزاعي مع نبيل بركة بدأ منذ عام 2022، أي بمجرد ما حصل على وكالة مفوضة من والده عبد الهادي بركة نقيب الشرفاء العلميين في فاتح دجنبر 2021 بهدف مواصلة إجراءات تحفيظ أراضينا. (توفي عبد الهادي بركة في يوليوز 2022). في ذلك الوقت، كان قادة الحزب يحاولون إقناعي بالعدول عن مواجهة بركة. كانت الضغوط الصادرة عنهم كثيرة، وقد كان الأمين الجهوي للحزب يضغط علي باستمرار كي أغير طريقة تعاملي مع بركة. كذلك فعل قادة آخرون بالمكتب السياسي. لكن لم يفكر أحد في طردي من الحزب في تلك الأوقات. لو كان بوسعي تسجيل المكالمات التي تلقيتها من الحزب بسبب هذه القضية ما كان سيسعها كتاب، ولو كان بالإمكان نشر المكالمات مع العدد الغفير من المسؤولين الذين حاولوا التوسط لفائدة بركة فإن كارثة ستحدث لا محالة. لقد جرى تحذيري بانتظام، من المسؤولين السياسيين، كما من لدن السلطات، بأن الوقوف في وجه نبيل بركة لن تكون نتائجه في صالحي.

في شتنبر 2021، ترشحت مجددا باسم الحزب، ولم أجد أي معارضة في تسلم تزكيتي. لم تبدأ هذه المشاكل في التطور سوى مع تولي زوجة نبيل بركة مسؤولية قيادة الحزب. كان يتعين قطع رأسي بالمدلول السياسي. لقد طردوني متوهمين بأنهم سيكشفون ظهري، ودون شك يتوقعون أن تحل نهايتي في أي وقت من الآن فصاعدا، حتى يُفسح لهم الطريق لتنفيذ ما يريدون.

 

حزب الأصالة والمعاصرة يطرد الوهابي قائلا إن وضعيته كانت في حكم المجمدة.

 

لكن مقرر الفصل يتحدث عن كونك كنت في « حكم المجمدة عضويته في الحزب »، هل تشرح لنا هذه الوضعية؟

(يضحك) هذه من الغرائب التي زخر بها مقرر فصلي من الحزب. دليل إضافي على أن اللجنة الجهوية للتحكيم والأخلاقيات طُلب منها على عجل فصلي من الحزب. تخيل معي أن هذه اللجنة لم تجرؤ حتى على استدعائي، أو توجيه صك بالاتهامات ضدي. ليس هناك ما يشير إلى هذه « الأفعال المنافية لمبادئ الحزب وقيمه ». لقد اجتمعوا- إذا ما كانوا قد اجتمعوا فعلا- وحرروا حكما بفصلي من الحزب. كنت أود أن أقرأ المخالفات المنسوبة لي. من المؤسف أنهم لم يفعلوا. إن الناس يجب أن تعرف نخبها السياسية، وإذا كنت تاجر مخدرات، فيجب أن تذكر ويعلم بها الناس. وإذا كنت فاسدا، يتعين أن يُذكر ذلك أيضا. لكنهم لم يفعلوا. لقد شرحت لك الأسباب الحقيقية وراء فصلي من الحزب.

دعني الآن أفسر لك عبارة « حكم المجمدة عضويته في الحزب » الواردة في ذلك المقرر. ينبغي أولا التشديد على أن مفهوم « في حكم المجمدة عضويته » غير موجود في قوانين الحزب، أو أي حزب آخر. هذه عبارة افتراضية غير حائزة على أي مشروعية إجرائية. لم يسبق للحزب أن أصدر مقررا بتجميد عضويتي بتاتا. في الواقع، ما حدث هو أني كرئيس لهذه الجماعة لم أعد أشعر بأن الحزب يقف بجانبي في نزاعي مع نبيل بركة. لا يمكنني العمل بنشاط في حزب لا يمل على توبيخي، والضغط علي بسبب دفاعي عن مصالح جماعتي في مواجهة مصلحة فرد أو عائلة. لقد تركت حزب الاستقلال عام 2010 لنفس هذه الأسباب. من ثمة، فقد تصرفت بشكل مماثل مع حزب الأصالة والمعاصرة في هذه الظروف، وتركت شؤون الحزب بعيدة عني، ولم أعد أشارك في أنشطته. لم أجمد عضويتي، لكني لم أعد مهتما به. بشكل ما، هؤلاء الأذكياء في الحزب حولوها إلى « حكم المجمدة عضويته ». كم هو مضحك ذلك.

 

إحدى الدور موضع النزاع بين الجماعة ونبيل بركة

 

 

لكن المنصوري تسلمت الحزب في فبراير الفائت، ولم يصدر قرار طردك سوى في يوليوز. لو كانت رغبتها أن تنتقم منك بسبب مشاكلك مع زوجها كانت لتفصلك في اليوم الأول لتسلمها سلطة قيادة الحزب، لا أن تنتظر خمسة شهور.

سؤال جيد، وسأجيبك عنه بشكل مباشر. ما حدث في الفترة الفاصلة بين تولي السيدة المنصوري لقيادة الحزب، وبين طردي هو القرار الصادر عن محكمة الاستئناف في طنجة في النزاع بين الجماعة وبين نبيل بركة. لربما كانوا يتوقعون أن يتكلف القضاء الاستئنافي بأمري بدلا عنهم. لقد كسبت حكما ابتدائيا في هذه القضية، وفي نهاية ماي، صدر قرار محكمة الاستئناف لصالحي، وتعين على نبيل بركة أن يدفع للجماعة الكثير من الملايين. خسر هذه الدعوى في المرحلة الابتدائية، وفشل في الحصول على حكم لصالحه في الاستئناف.

في الثالث من يوليوز، وجه محامي الجماعة طلبا إلى المحكمة بهدف مواصلة إجراءات التنفيذ بحق بركة، والحجز على حساباته البنكية حتى يؤدي ما على ذمته لفائدة الجماعة. وفي 4 يوليوز، قرر الحزب فصلي. ليست هناك علاقة سببية أوضح من هذه.

 

طلب مواصلة إجراءات تنفيذ حكم الإفراغ والتعويض صادر عن دفاع الجماعة (خاص)

وكيف بدأ هذا النزاع؟

أولا، سأضعك في صورة هذه القضية. لقد كان عبد الهادي بركة (والد نبيل بركة) يكتري من الجماعة ثلاثة منازل مساحتها 80 مترا مربعا في كل واحدة منها بمبلغ قدره 200 درهم للمنزل. أبرم عقد الكراء هذا في عام 2004، وعندئذ لم أكن أنا رئيسا. توقف بركة عن دفع واجب الكراء في أبريل 2015، وبقي على هذه الحال ممتنعا حتى 2019. في نسخ الأحكام الصادرة في هذه القضية تفاصيل إضافية عن الطريقة التي خسر بها بركة هذا الرهان، وبات مطلوبا منه دفع المتأخرات. ظلت القضية تراوح مكانها بين الابتدائي والاستئناف لحوالي 10 سنوات، لكننا في نهاية المطاف كسبنا الدعوى. سيحاول بركة بكل الطرق أن يستحوذ على تلك المنازل لنفسه. في إحدى المرات، طلب منا عامل إقليم العرائش عقد دورة استثنائية بالجماعة قصد تفويت تلك المنازل إلى بركة. فشلت هذه العملية بسبب نتائج عملية التقييم التي أُجريت لهذه المنازل. بلغت الضغوط حدا لا يطاق لكننا صبرنا. في نهاية الأمر، لم يكن لبركة ما كان يريد. توفي عبد الهادي بركة قبل سنتين، وابنه نبيل بركة، باعتباره مفوضا إليه مواصلة الإجراءات، يحاول أن يعاقبني على المقاومة التي أبديت.

 

قرأت أن الحزب سارع إلى طردك من صفوفه بسبب تعليقات معينة بحق وفد صحراوي شارك في موسم مولاي عبد السلام. هذه ليست رواية رسمية صادرة عن الحزب بالطبع، لكن ما صحة ذلك؟

إنهم يخترعون هذه الأشياء. لقد جربوا كل شيء في حقي ولم ينفع. من الصعب على أي أحد تصديق أن رئيس جماعة سيتفوه بتلك التعليقات بحق وفد صحراوي في منطقته دون أن ينتبه إلى ذلك أي شخص أو وسيلة إعلام. يمكنك تقليب العالم ولن تجد أثرا لهذه التعليقات المزعومة، وكأنه حدث تنسيق بين الحزب وبين اللجنة الوطنية للشرفاء العلميين لترويج هذه الرواية المختلقة. في الواقع، فإن الحزب في ورطة، فقد كانوا يتوقعون أن أصمت، وأبلع لساني بعد فصلي. إنهم يستثمرون في الخوف، لكنني لم أفعل، ولقد فشلت خطتهم. ببساطة، فهم يريدون تحويل الاتجاه من الحقيقة المدوية، وهي أن طردي كان سببه نزاعي مع زوج رئيسة الحزب، وهم يختلقون أي شيء. لنر ما سيخترعون بعد الآن. هل يتوقعون إيقافي عند حدي؟ سيكونون واهمين.

 

موسم مولاي عبد السلام حيث يُزعم أن رئيس الجماعة أدلى بتعليقات غير لائقة بحق الصحراويين (خاص)

هذه المعارك تصيبك أنت أيضا بجروح، فقد صدر حكم قضائي ضدك بالحبس موقوف التنفيذ. ما القصة هنا؟

الذين يخبرونك بهذه الأشياء يحاولون في الواقع التغطية على نجاحاتي القضائية ضد نبيل بركة. لقد سلمتك حكم المحكمة في القضية التي رفعها ضدي نبيل بركة بدعوى أني وبعض من أخوتي، قمنا بمنعه من القيام بالتحديد الإداري لقطعة من الأرض، وشتمه وسبه. في يناير الماضي، قضت المحكمة الابتدائية ببراءتي، وأيضا إخوتي من هذه التهم الكيدية. ولحسن الحظ أن السلطات نفسها قامت بتكذيب نبيل بركة. لقد أعطيتك كل شيء لاستخدامه كدليل في مواجهة من ينكر ما أقول. لو كان شخص آخر في مواجهتي ما كان الحزب ليتحرك بهذه الكيفية لفائدته.

 

محضر للدرك الملكي يفيد بأن إجراءات التحديد الإداري التي يسعى إليها نبيل بركة غير ممكنة

 

هذه حصلت فيها على البراءة، والأخرى كيف جرت إدانتك بالحبس؟

هذه القضية قررت النيابة العامة في بداية الأمر، أن تحفظها، ثم أعيد فتحها بعد إضافة شاهدين وهما بالمناسبة مرشحان في الاستحقاقات الانتخابية الجماعية والبرلمانية باسم حزب الاستقلال. وفي المقابل، لم يجر الاستماع إلى شهودي، ولم أحضر المحاكمة. أنا على ثقة ويقين في نزاهة القضاء خلال مرحلة الاستئناف. هذا الحكم غير العادل يعود بأحداثه إلى يوم 8 شتنبر 2021، أي يوم الانتخابات الجماعية والبرلمانية، وفي فترة الصمت الانتخابي وفي عز إدلاء المواطنين بأصواتهم، كان نبيل بركة يقوم بحشد حوالي 70 من أنصاره بمقر الزاوية لتوزيع هبة مالية، وقد رأينا أن هدفها كان استمالة الناخبين لفائدة ابن عمه نزار بركة وكيل لائحة الاستقلال في دائرة العرائش. أبلغنا السلطات المحلية على الفور، وقدمنا شكاية! بدلا من متابعة بركة، لاحقوني أنا وأخي. لدي ثقة في القضاء خلال المرحلة الاستئنافية، لكن دعني أشدد هنا بأن هذه الطريقة لن تثنيني عن المضي في طريقي.

 

حكم بالبراءة لفائدة رئيس الجماعة في إحدى مواجهاته مع نبيل بركة

اشرح لنا هذه القضية التي تتعلق بالتحديد الإداري للأرض؟

هذه قضية مثيرة أيضا، بين قضايا أخرى. باختصار شديد، فإن نبيل بركة، ومن دون صفة، بدأ إجراءات تحفيظ باسمه لـ1186 هكتارا من الأراضي التي تمتد فوقها جماعة ترزوت. هذه الأراضي تدعى حرم مولاي عبد السلام، وهي تشمل خمسة دواوير. الأراضي التي من حق الجماعة، ويريد بركة أن يجعلها ملكية شخصية باسمه، تضم تجمعا سكانيا قدره 2340 شخصا، و422 منزلا، وخمسة مساجد، و78 محلا تجاريا، ناهيك عن المرافق الإدارية ومقار السلطة والجماعة، ومجموعة المدارس. لم يسبق لشريف من الشرفاء العلميين أن فكر في هذه الخطوة المتهورة، ولا نعرف من أقنع نبيل بركة بأن هذه العملية ممكنة، لكنه حصل على الضوء الأخضر من المحافظة العقارية لبدء إجراءات التحفيظ. هل يجب علينا، نحن أصحاب الأرض، أن نقف متفرجين بينما يجري دفننا بهذه الطريقة؟ كلا، لم نقف متفرجين. لقد بعثنا رسائل إلى النيابة العامة، وإلى وزير العدل، وإلى مسؤولين آخرين. لم يأت أي جواب.

في المقابل، فإن بركة يخطو بثبات وكأنه مسنود، لتغيير الوضعية القانونية لهذه الأراضي. لا يمكن التسامح مع هذا، والسلطات نفسها لا ترغب في التورط في هذه المشكلة، ولذلك أخفق بركة في إجراء عملية التحديد الإداري، لأن السلطة رأت أن الجماعة برمتها تواجه مخطط فرد واحد. لا يمكن الاصطفاف بجانب فرد ضد الجماعة. إذا كان يجب التضحية في سبيل ذلك، فأنا مستعد.

 

حكم بالإفراغ وأداء تعويضات في حق نبيل بركة في قضية المنازل

يتوقع الكثيرون أن تخسر هذا الصراع…

لا أعرف على وجه التحديد ما سيقع، لكني على يقين من أنني لن أحيد شبرا عن طريق هذه القضية. إذا كان فصلي من الحزب مقدمة للوصول إلى عزلي من منصبي، أو تنحيتي من الحياة السياسية، بهدف الاستحواذ على هذه المنطقة من لدن عائلة واحدة، فإننا سنرى إن كان مخططوه سينجحون في فعل ذلك.

أنا شريف، سليل الشرفاء العلميين. مثلي مثل نبيل بركة، لكن ذلك لن يجعلني أشعر بأني فوق الناس الآخرين. أنا هنا مجرد مواطن عادي، مسؤول نعم، لكني صالح.

كلمات دلالية أحزاب الأصالة المعاصرة المغرب المنصوري جماعات سياسية

المصدر: اليوم 24