تراث عربي عريق.. النجف موطن صناعة العقال العراقي
تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT
يختلف العقال من منطقة إلى أخرى ومن قبيلة إلى قبيلة، وهو عبارة عن عصابة رأس تقليدية مصنوعة من شعر الماعز ويستخدمها الرجال لتثبيت الشماغات أو الكوفية (أغطية الرأس التقليدية) الموضوعة على الرأس.
واليوم، كما كانت الحال في العصور القديمة، يُعد العقال رمزا للهيبة والكرامة، على حد وصف صانع العقال حسنين فاضل الذي شرح لرويترز كيفية إنتاجه.
وقال فاضل "العقال هيبة ووقار. نصنعه من صوف ماعز الرخل (الجبلي)، من الموصل، ونرسله إلى الغزل، ويتكون من شعر وخيوط وأنسجة".
ويمر الناس على المتاجر في أحد الأسواق المحلية بمدينة النجف في العراق لتجريب العقال وشرائه.
وأضاف فاضل أن لون العقال وسمكه وخامته يكشف المنطقة التي يعيش فيها من يضعه على رأسه إذ تتميز مدينة السماوة بمحافظة المثنى بالعقال الكبير والرفيع بينما تمتاز الناصرية بالعقال العريض والكبير، وهو نفس مواصفات العقال الذي يضعه أهل العمارة، بينما يضع أهل البصرة عقالا عريضا وصغيرا.
وقال "كل محافظة تتميز بلباسها، بالقياسات. مثلا مدينة السماوة تتميز بالكبير والرفيع، الناصرية عريض وكبير، والعمارة كذلك، والبصرة عريض وصغير. نحن الفرات الأوسط: النجف والديوانية والحلة وكربلاء زينا جميل موحد".
ويضع العقال أهل شبه الجزيرة العربية في العراق والأردن وأنحاء من مصر وفلسطين وسوريا، ويعتبر رمزا للعائلات الثرية تاريخيا إذ يعود استخدامه إلى العصور القديمة.
وبحسب الشيخ حسين الشمري، وهو من النجف، يرتدي السكان الزي الفراتي المكون من عقال مع الشماغ الأسود والأبيض والدشداشة (الثوب التقليدي). وبالنسبة له، يرمز العقال إلى الرجولة والحظ والثروة الموروثة من الأجداد.
ويوضح الشمري أن وضع العقال لم يعد يقتصر على الريف فحسب، بل صار يضعه الشبان، ويرى أن من يضعون العقال هم فقط من يستطيعون حل أي خلافات قبلية.
امتداد تاريخيوللعقال امتداد تاريخي طويل، وفي هذا الامتداد اختلافات حول ظهوره، مثلما تختلف تسمياته تبعا لنوعه وطريقة لباسه.
وبحسب المؤرخ الواسطي مثنى حسن مهدي، فإن إحدى الروايات عن العقال تشير إلى أنه ظهر في العهد الأندلسي وبالتحديد مراحله النهائية، إذ قرر العرب أن يلفوا رؤوسهم بربطة سوداء كعلامة تدلل على فقدهم للخلافة.
ويقول الواسطي للجزيرة نت إن روايات أخرى تشير إلى أن "أصل العِقال جاء من العقل، والعقل مكانه الرأس، إذ كان الملوك والوجهاء يلفون رؤوسهم برباط يميزهم عن غيرهم في المجتمع".
ويعتقد فريق ثالث أن أول من استخدم العقال هم البدو لربط إبلهم، أثناء فترات استراحتهم في البراري وعندما يفتحون رباطها يضعونه على الرأس كي لا ينسوه في المكان.
ويرى مهدي أن الرواية الثانية هي الأقرب، فالحكمة والعقل يكونان في الرأس، لهذا نجد الكثير من المشاكل لاسيما العشائرية والمشاكل الصعبة والمعقدة تحل في الغالب بحضور المشايخ وأصحاب الحل والعقد.
ومن الموروثات المجتمعية بالعراق، في حال وقعت مشكلة بين شخصين ورمى أحدهما عقاله فهذا يعني أن المشكلة تطورت وتوسعت ولا يمكن حلها دون اللجوء إلى العرف العشائري.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
“مدرسة جميلة” ومربيٍ فاضل هو (ابن) سرحتها الذي غنى بها
"مدرسة جميلة" ومربيٍ فاضل هو (ابن) سرحتها الذي غنى بهاقصة التعليم بين جيلين
.نحاول هنا رد الفضل الى أهله...و الى الدور الذي قام و يقوم به المعلم الجليل و المربي الفاضل الاستاذ حمد النيل فضل المولى عبد الرحمن قرشي.. معلم مادة الجغرافيا في مدرسة "جميلة" المتوسطة..في مدينة الأبيض ...إبان العهد الذي يبعد سنوات ضوئية عن سودان اليوم. كتب الاستاذ حمد النيل رداً على مقالي: " الثامن من مارس و الجالسات على أرصفة العدالة في السودان" فاهاجت كتابته الذكرى و استدعت أحقيته في الوفاء و العرفان، و لو بالقليل مما يستحق. له أجزل الشكر و الامتنان.
ما ينفك اشتاذنا يذكر الفضل للمعلمين و المدراء الذين عمل معهم و يحتفي بسيرتهم العطرة و يؤرخ لحقبة في التعليم قد يصعب التوثيق لها و تداركها بسبب الحرب و ما خلفته من ضياع للوثائق و تهجير للمعلمين داخل البلاد و خارجها.. و ربما تكون كتاباته النبراس الذي يهدي في الظلمات...يوقد جذوات الطريق كلما أنطفأ..يقص علينا احسن القصص. فقد آنستنا كلماته في وحشة دنيانا بعد الحرب و ردت الينا بعض الطمانينة...فلا اهل العزم نادوا علينا ...و لا نودوا ...و كلما ذكر معلمي مدرسة جميلة " كساها حسناً و حببها.. حتى كانّ اسمها البشرى أو العيد"...
في كردفان..و في سالف العصر و الأوان...كان للتعليم مدارس متميزة و رواد...وكانت المدارس الداخلية...لبنة الوحدة الوطنية ...و الوشائج المجتمعية...و كانت المدارس محصنة بالمعامل و المكتبات...و ميزانيات للانشطة الطلابية ..و بعيداً عن مدى فاعلية الاستراتيجيات التعليمية و مدى الاستجابة لحاجة الارياف و الاصقاع البعيدة ..أو في البادية..وحيث العيشة الجافية... و ليس بعيداً عن الكارثة الماحقة التي حلت بالبلاد قبل ثورة ديسمبر في كافة مجالات الحياة ...و على التعليم بوجه خاص ..تعطلت لغة الكلام. و لغة الارقام ..و لغات الإشارة ..و عاني الطلاب من و عورة دروب الاستنارة. ..تكدست قاعات الدراسة و أصبح الفصل بين طبقات المجتمع في مجال التعليم اشبه بالابارتهايد..للبعض قبلة عند الشروق...و للبعض قبلة ثانية..لم تصطدم بهموم الحياة ..و لم تدر – لولا الحرب- ما هيه. استشرت مؤسسات التعليم الخاص في مراحل التعليم ما قبل الجامعي و عجزت المدارس الحكومية عن الإجلاس و عن دفع مرتبات المعلمين ...فتضاعفت اعداد الاطفال خارج المنظومة التعليمية.. و لم تستوعب الحكومات أهمية التعليم التقني ..و لا عملت على تاهيل المدارس و بنيتها التحتية أو زيادة الميزانية للتعليم أو الصحة حتى يحصل الاطفال على رعاية صحية و على تعليم اساسي مجاني لا يفرق بين طبقات المجتمع في سبيل بناء امة يمكنها تحيقق ولو بعض اهداف التنمية المستدامة اسوة بالشعوب التي تعيش معنا نفس الالفية على كوكب الأرض. أما في المراحل الجامعية فقد وصلت الاوضاع الكارثية مداها جراء إلغاء العام الدراسي لاعوام حسوما ما أدى الى ضياع سنوات على الخريجين.و جاءت الحرب و انتشر الحريق ..فاذا الدنيا كما نعرفها و اذا الطلاب كل في طريق ..و صدح العالم بالرقم الفلكي: اكثر من تسعة عشر مليون من السودانيين من الأطفال و الشباب خارج النظام التعليمي...و من لم يمت بالجهل مات بغيره.
هل من رؤية يا ترى حول كيف سيؤثر هذا الوضع على جيل باكمله و على شعب يأمل أن يكون في مصاف البشرية!
في مدرسة جميلة ...بقيادة الاستاذ محمد طه الدقيل..فريق من المعلمات و المعلمين – و من بينهم الاستاذ حمد النيل - كان الفريق ينحت الصخر و يبنى من الاحجار قصورا..آمنوا بادوارهم و بالطالبات..و لم يهنوا..و كانوا هم الأعلون...و ما قلته في مقالك استاذنا سوى شئياً شهدناه ...عظيم في تجليه .رحيم حين تلقاه...بديع في معانيه اذا ادركت معناه.
كانت الحصص الصباحية..وكانت المعامل مجهزة تحوى المحاليل و المركبات الكيميائية ..نتقلنا الى آفاق العلم و التجارب .و كانت الجمعيات الادبية و اكتشاف المواهب و اهمها الشعر والقصة و الرسم و التمثيل. و كانت حصة الجغرافيا نقلتنا فيها بين المدارات و الصحارى و السهول و جبال الاطلس.و الروكي الانديز و جبل التاكا و جبال الاماتونج..تاخذنا عبر افلاك و مجرات.و تخوم..و نسعد حين يحط بنا الخيال "فوق للقوس و السماك الأعزل"...بعيد في نجوم.
ثم كان الاستعداد لحفل نهاية العام الدراسي و كانت مسرحية "مجنون ليلى" اخرجها الاستاذ محمد طه الدقيل...بعد أن امضت الطالبات اسابيع للحفظ و تجويد الأداء و كانت البروفات تتم في الامسيات...و المواصلات توفرها المدرسة إذ ان مكتب التعليم بالابيض كان راعياً و كان مسؤلاً عن رعيته، آنذاك.
و صار اليوم الختامي في ذلك العام و المسرحية ذات المضامين الانسانية حديث المدينة.. .لزمن طويل.
لم تذكردورك -استاذنا- في ذلك الألق و الجمال...و آثرت ان تمشي في طريق الأيثار فلا يعرف الفضل الا ذووه...من قبلك كان هناك كثيرون منهم الاستاذ محمود -و كنت قد ذكرته في غير مقال في معرض الوفاء والإخلاص لرفقاء دربك الرسالي-..الذي انتقل الى مدرسة جميلة بعد تحويلها.
كتب الاستاذ محمود قصيدة في و داع مدير كلية المعلمات بالابيض الاستاذ المربي الجليل عليه الرحمه بشير التجاني.. و كان بالكلية نهران للمستوى المتوسظ ..حميراء و جميلة...كتب القصيدة و لحنها و درّب الطالبات عليها لاقائها في احتفالية الوداع:
"أختاه من لحن القصيد نهدي الى الجمع السعيد حلو النشيد...و مودعين ربيعنا و – ربيعنا-... ابقى لنا زرعاً حصيد...زرعاً سقاه بعلمه و بخلقه و رعاه بالرأي السديد... فشعاره العمل الجميل و قدوة للخير و الفعل المجيد " الخ.
فصدق عليكم القول. ذلك الرعيل الذي يؤثر الغير و يرد الفضل الى أهله..و ما الزرع الذي تعهدتموه "بالعلم و الخلق و الراي السديد"...الا زرعاً أخرج شطأه ..فاستغلظ فاستوى على سوقه...و سيؤتى حقه يوم حصاده...باذن الله.
جميلة خياها الحيا و سقى الله حماها و رعى... .. كانت حصنا..و حمىً...و كانت مرتعا..كم بنينا من حصاها اربعاً و انثنينا فمحونا الاربعا...و خططنا في نقى الرمل ....فحفظ الريح و الرمل و ..و فضل المعلم المربي الجليل... أجمل السير...و ... وعى...
لن ننسى اياماً مضت.في محرابها و ستظل مدرسة "جميلة...جميلة على متن الحياة...ما بقي في الأرض أمثال المعلم الجليل..." اذكر ايامها ثم انثنى على كبدي من خشية أن تصدعا".
".قد يهون العمر إلا ساعة...و تهون الأرض...إلا موضعا"
ايمان بلدو
eiman_hamza@hotmail.com