لجريدة عمان:
2024-08-25@11:03:42 GMT

أوّلُ القَصَصِ «2»

تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT

أوَّلُ بلد أزوره من الخليج العربي كانت عُمان، ولم أكن أعرف قبل سنة 2007 تلك البلاد ولا أهلها، وكانت وِجْهتي الأولى نزوى، حيث أقمْتُ في فُنْدق بـ «فرْق» قبل أن تنقلنا الجامعة إلى الشُقق المُخصّصة لنا، وكُنّا في شهر رمضان، فكانت الغُرْبة مضاعفة، خاصّة أنّ السنة التدريسيّة لم تبدأ بعد، وفي ليلة من ليالي السّمر الرمضانيّة التي استضافني فيها جملة من الأصدقاء العُمانيين الحادثين، فُوجِئتُ بأنّهم يتبارزون بعرْض أجدادهم، انتسابا إلى الجدّ الثامن أو العاشر أو ما يفوق ذلك، وفُوجِئتُ أيضا أنّهم يعرفون القبائل، وما تفرّع عنها من بطون وأفخاذ وعشائر، وفُوجِئتُ أيضا أنّهم يعرفون كل لقبٍ إلى أيّة قبيلة يرجع، وحكاية الانفصال أو التغيير أو التبدُّل، والأعراق وما داخلها من شعوبٍ وقبائل، وما إلى ذلك من معارف اجتماعيّة، أدركتُ من بعد ذلك أنّ معرفتها واجبٌ على كلّ فردٍ من القبيلة، وصُعِقت أنا الذي بالكاد يُمكن أن أعرف اسم جدّي ثمّ أقف لا أعرف من بعد ذلك شيئا، وهو أمرٌ لا أختصُّ بجهْله وعدم طلب العلم به، وإنّما هو ظاهرةٌ تسودُ جيلي والأجيال السابقة عنّي والأجيال اللاّحقة في بلادي، ذهلت أيضا أنّ صحْبي من العُمانيين يختزنون كمّا رهيبا من الحكايات، ومن الأساطير، ومن الوقائع التي تبدو لبعضهم حقائق وأراها من توليد عقل تخييلي له طاقة عجيبة على القصص.

ولذلك، عندما فتحتُ مبحث سردية الخبر في التراث العربي في رسالة الدكتوراه التي أنْجزتُها بإشراف الرائد في علم الأخبار الأستاذ محمّد القاضي، اعتقدتُ أنّ الدخول بالكتابة في الأنساب والحكايات العالقة بها بهذا الشكل المفرط، الذي تتميّز به الآداب العربية، هو من نافلة المباحث، وأنّه اهتمام صفوةٍ من العرب، أرادوا الحفاظ على نِسْبَتهم وانتسابهم أمام دخولِ شعوب أخرى الإسلامَ، شعوبٌ تعرَّبت وانتمت إلى القبائل العربيّة، ولم يُرَد لها أن تذوب في الأصل العربيّ. والحالُ أنّ الأمر لم يكن لهذه الغاية فحسب، بل هو راجعٌ إلى ميزة فطريّة عند العربيّ أنْ يرتبط بأصله، وأن يظلّ موتودا إلى سلفه، مرْتبطا بعرقه، مفتخرا به. والحديث في النسب عند العرب، شفويّا كان في أحاديثِ شقٍّ من سُكّان الجزيرة العربيّة لحدّ اليوم، أو في المنقول المكتوب من كتب جمّة ووفيرةٍ، لم يكن محض روايةٍ لتسلسل النسب، وإنّما النسبُ حكاية، وقَصص تُرْوى، ولذلك عددتُ كُتب الأنساب من المصادر الأولى التي خلَّقت القَصص وولّدت أصوله في تراث العرب، ومن المقامات التي ساهمت بشكلٍ فاعلٍ في إنتاج مدوّنةٍ قصصيّة ما زالت فاعلةً بأشكال مختلفة في الأدب العربيّ. مدوّنات في النسب عديدة، يعسُرُ جمعها ووسْمها بسمةٍ واحدة، تُستَهلُّ تدوينا بكتابٍ له الأثر الكبير في مرويّات العرب الأخباريّة والإحاليّة والتخييليّة والأنسابيّة والسِيَريّة، وهو كتاب «جمهرة النسب» لأبي المنذر هشام بن محمّد بن السائب الكلبي (تـ 204 هـ)، الذي جمّع المرويّات الشفويّة في النسب، ونقلها إلى صحيفةٍ مدوّنةٍ تناقلها عنه الرُّواة وصدّروها منطَلقا رئيسا لكلّ خائضٍ في «علم النَّسب»، الذي ظاهرُه بيانٌ لأصول القبائل العربيّة، وباطنُه حمَّالُ فِكَرٍ ومعتقدات، ومنه تفرّعت مُصنّفات تقترب منه وتبتعدُ، في ذكر أنساب العرب وقصّ حكايات الآباء والأجداد، والصلات والعلائق، الحوادث والوقائع، الأمّهاتُ ومنازلهنّ وما خلّفن من سلالات فانية أو باقية، إلى غير ذلك من معارف وأخبار وقصص قد لا نجد مصادرها إلاّ في كُتب الأنساب، وقد عَدّ محقّق كتاب «جمهرة النسب» هشام بن السائب الكلبي «رائدَ المؤرّخين في علم الأنساب، بما له من مشاركة ملموسة في الحياة الثقافية والفكرية للإسلام. وقد ظل ابن الكلبي لفترات طويلة تجاوزت عصره من أبرز وجوه الإسلام لدى مؤرخي عصره ومَن بعدهم. وقد تجلّى ذلك حين اعتمدت المؤلفاتُ اللاّحقة على كتاباته إلى حدّ بعيد». ولا فائدة في هذا المقام من التوسُّع في عرْض هذه المصنّفات التي تخصّصت في الأنساب العربيّة، فليس هذا مقام عرْضها، ولكن غايتنا توجيه الباحثين إلى ثراءٍ قصصيّ كبير موجود قي هذا المقام النثري ظلّ إلى حدّ اليوم بِكرا، غُفلا، يحتاج دراسةً عميقةً، تتوسَلُ بالأدبيّ واللّسانيّ والتاريخي والأنثروبولوجي، إعمالا للدرس التداوليّ الثقافيّ. ويُمكن أن نقصِر إشارتنا في مثالٍ مبينٍ عن ظاهرة علوّ السرديّة في تتبّع الأنساب، هو كتاب «الأنساب» لأبي المنذر سلمة بن مسلم العوتبي الصحاريّ، الذي توسّع فيه صاحبه في تقَصُّد قصص الأقدمين، وطلب حكايات الأنساب، وهو يبدأ ضَبْطَه للنسب من أوّل الخلْق، ويسير قُدُما عارضا قصّة آدم خلْقا وعصيانا ونزولا إلى الأرض، وحكايات الجنّ، وقصّة قابيل وهابيل وما دار من صراع بينهما، وغير ذلك، ممّا رافق سرد النسب من قصص موجودٍ في القرآن الكريم، أو مأثورٍ في التفاسير، أو مدوّن في مؤلّفات المؤرّخين. ومن ذلك أنّه عند بيانه لنَسَب مالك بن فهْم الأزدي وانتشار ولده، واختياره السكن في أرض عُمان، يروي قصّة جَنّتي «مأرب وما كان من أمرهما وانتقال الأزد منهما حين حُشِروا بسيْلٍ»، ويتوسّع في بيان قصّة الجنّتين الوارد ذكرهما في القرآن، يقول: «وكانت جنّتاهم من وراء السور، وقصورهم داخل الجنّتين. والجنّتان كلّ تؤتي أكلها كلّ حين. وكان أحدهم إذا أراد الماء رفع تلك الأبواب التي تلي جنته بابا، فخرج الماء إلى جداول تخترق في قصورهم، وجنّاتهم، وحدائقهم، وإذا استغنى أرسل الباب. وكانوا قد غرسوا على ذلك الماء الجنّتين اللّتين ذكرهما الله تعالى في القرآن عن يمين وشمال وظلّلوهما حتى كانتا لا تدخلهما الشمس ولا الريح وكان من أمرهما كما ذكر الله تعالى (...) فكانت المرأة تخرج من مأرب، إلى بلد الشّام، تريد بيت المقدس، ومغزلها في يدها، ومكتلها على رأسها، بلا زاد. وكانت إذا أرادت الأكل أصابت مكتلها مملوءًا كلّه ثمر، ممّا ألقته الريح من غير أن تجتنيه، فتأكله. ولم يكن في بلدهم سبُع، ولا حيّة، ولا شيء من الهوامّ يُخاف منه». وقِس على ذلك من أُصول الحكايات التي يُهْتَدى في شِقٍّ من صياغتها السرديّة بهيْكلة القصص القرآنيّ، ويُهْتدى في شِقّ آخر بقوّة المخيَّلة العربيّة على ابتداع «عوالم قصصيّة ممكنة». ولا يحيد العوتبي في روايته عن الثيمات القصصيّة الكُبرى الواردة في القصص القرآني، وهو يجتهد في تعبئة الموتيفات القصصيّة التوسيعية، التي تضخِّم النوى الأصليّة وتفخّمها وتُفصّلها، ليَصْنَع بذلك سُرُودا أُولى يُمكن أن تكون مشاريع روائيّة تستلهم تخييل التاريخ، ولا ننسى أنّ أعمالا روائيّة وسينمائيّة عالميّة كبرى مَتَحت نواها السرديّة من موروثها التاريخي والأسطوري، وهو الأمر الذي يُكوّن ثغرة وَسيعة في أعمال الروائيين العرب اليوم، الذين ظلّ التاريخ بعيدا عن تناولهم التخييلي، التاريخ الذي تكتّلت قصصه حدّ بلوغ أوجها في «ألف ليلة وليلة»، ولذلك، هل يحقّ للناقد أن يستبق الروائيّ وأن يُفتّح له مسالك في الكتابة القصصيّة، تبدو بعيدة المنال، وهي الأقرب؟ هل يحقّ لي أن أتحدث عن قصص ضاربٍ في التاريخ، منغرسٍ في الطبع العربيّ؟

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العربی ة

إقرأ أيضاً:

في روايته البحر الأسود المتوسط.. البراري يرصد انكسارات الإنسان بعد ثورات الربيع العربي

بين الزلزال الكبير الذي ضرب تركيا وسوريا، وثورات الربيع العربي، يرصد الروائي والمسرحي هزاع البراري في روايته الصادرة أخيرا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر الانكسارات والتشوهات التي أصابت إنسان المنطقة.

وتتجول الشخصيات في حوض البحر الأبيض المتوسط الشرقي منه، والجنوبي بشكل أساسي، ليمتد مسرح الرواية على رقعة واسعة من شواطئ البحر الأبيض، وتقع هذه الشخصيات تحت نتائج تحولات جذرية وانكسارات غائرة في الذات الفردية والجمعية، مستجيبة بذلك لحالة التشظي الكبرى التي عانت منها المنطقة، من ويلات حروب محلية وإقليمية لا تتوقف.

الرواية تنتصر للحالة الإنسانية أو المجتمعية بعيدا عن السياسة وتعقيداتها ومنعطفاتها الكثيرة، فيكون الفرد أو المجتمع هو البطل الحقيقي، وصاحب الحضور الطاغي في الرواية. كما أن التاريخ الشخصي لعدد من هذه الشخصيات يستدعي مفاصل مهمة من تاريخ المنطقة منذ نكبة 1948 ونكسة 1967 وأحداثا من الحرب اللبنانية منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، فالشخصيات والأحداث تتحرك عموديا أو أفقيا وتؤشر بارتجاف نحو المستقبل القريب، هي التحولات الكبرى التي ألقت بظلالها على البحر الأبيض، فبدل أن يستفحل فيه البياض، بدأ يكتسي باللون الأسود، وكأنه خزان عملاق للفحم المذاب.

وفضلا عن كتابته الروائية، أنجز البراري عديدا من النصوص المسرحية وحاز على جائزة عويدات اللبنانية لأفضل رواية في الوطن العربي لعام 2001. وجائزة محمد تيمور المصرية لأفضل نص مسرحي عربي 2004. وجائزة أفضل تأليف مسرحي عن مسرحية "ميشع يبقى حيا" في الأردن لعام 2001. كما حصد عديدا من الجوائز الأخرى.

وللبراري من الروايات "الجبل الخالد" (مجموعة قصصية: "حواء مرة أخرى" و"الغربان" و"الممسوس")، و"العُصاة" (نصوص مسرحية)، و"قلادة الدم" (مسرحية)، و"تراب الغريب" (رواية)، و"أعالي الخوف" (رواية)، و"تجاعيد الفراغ" (نصوص).

الكاتب والروائي الأردني هزاع البراري تناول في روايته الأخيرة الانكسارات والتشوهات التي أصابت إنسان المنطقة (مواقع التواصل)

عن روايته الجديدة ومجمل عمله الإبداعي، التقت الجزيرة نت الروائي هزاع البراري وكان معه اللقاء التالي:

بين السياسي والإنساني روايتك الجديدة تأتي ضمن سلسلة روايات الربيع العربي، بين البعد السياسي -الذي تنأى عنه- والبعد الإنساني موضوع روايتك، كيف تقيم الخط الفاصل بين ما هو إنساني وسياسي؟

لا يمكن فصل الفاعل السياسي عن الأبعاد الإنسانية الناتجة عنه، بل إن شراسة هذا الفاعل وضراوته تتبدى في اتساع مساحات العطب والتشوه التي تظهر على الإنسان أو الضحية، وهي نواتج تترك آثار مخالبها على البشر والحجر والزمن والجغرافيا، وبعيدا عن ملامح وسمات وبواعث الفاعل السياسي وامتداداته وتفرعاته، فإن المحقق الجيد يستطيع من خلال دراسة واقع الضحية الاستدلال على الفاعل وأدواته، ومدى قدرته على إحداث جروح غائرة، ونتوءات نفسية وفكرية، ومن ثم تغيير مصائر أفراد أو مجموعات البشرية، بل والمساهمة في تغيير الجغرافيا السياسية أيضا.

تأتي "البحر الأسود المتوسط" بوصفها حالة بحث وتقصي في كل هذه التشوهات وحالات الانكسار الخاصة والفردية، التي تقرأ اجتماعيا وإنسانيا

لذا تأتي "البحر الأسود المتوسط" بوصفها حالة بحث وتقصي في كل هذه التشوهات وحالات الانكسار الخاصة والفردية، التي تقرأ اجتماعيا وإنسانيا، مما يدفع القارئ لاتخاذ موقف ما من كل ذلك، وأن يرى من خلال الأحداث الإنسانية اليومية، ومن خلال تتابع مصائر هؤلاء الناس في شرق البحر الأبيض وجنوبه مدى الخراب المتراكم منذ عقود طويلة وحتى يومنا هذا، بالتالي هي رواية أدبية بالأساس، وليست بحثا تاريخيا، أو توثيقا علميا بحتا وإن كان هذان العاملان يظهران في خلفية الأحداث.

خيال يمتح من الواقع لجأت إلى الواقع لتقاربه روائيا، إلى أي حد يبدو الواقع "المؤلم" محاصرا للمخيلة التي يحتاجها العمل الروائي؟

الرواية مخيال في الأساس، وهذا الخيال يمتح من الواقع المثقل بالتحولات والتناقضات والانكسارات، ولكن وإذا لم يلبس الخيال المحض بملامح الواقع المعاش والقريب، ستبقى الرواية تهيم في الفراغ، لا تلامس الناس ولا ترش بعض الملح على جراحهم.

ولعل موهبة الكاتب تتجلى هنا، أن يجعل من الرواية ميدانا خصبا للخيال المبني على واقع وملامح وتفاصيل الناس العاديين، وألا ينساق للتوثيق الذي يكون أقرب إلى اليوميات أو التقارير الإخبارية، هو أي الكاتب يوظف كل هذه المعطيات في بناء مخيلته، لكن عليه في الوقت نفسه ألا يبني شخصيات من فضاء خارجي، ولا تصير أحداثه أقرب إلى الخيال العلمي، على الناس أن تجد ملامحها في هذه الكتابة، فتؤثر فيها وتتأثر بها.

أنا روائي أباعد بين أعمالي الروائية، فالرواية بالنسبة لي ليست مجرد فكرة وأحداث وبنية، بل يجب أن تعبّر عن تجربة حياتية وفكرية وإنسانية جديدة، جديدة ليس بمعنى انسلاخها عما سبقها، بل أن تكون الرواية معبرة عن حالة نضج إنسانية جديدة، رؤية مغايرة للواقع والحياة والوجود

بين روايتك الأولى وروايتك "البحر الأسود المتوسط"، وإذا جاز لك أن تراها بعين الناقد، ما الذي اختلف فيك بوصفك روائيا وكاتبا وفي تقنياتك الروائية؟

أنا روائي أباعد بين أعمالي الروائية، فالرواية بالنسبة لي ليست مجرد فكرة وأحداث وبنية، بل يجب أن تعبّر عن تجربة حياتية وفكرية وإنسانية جديدة، جديدة ليس بمعنى انسلاخها عما سبقها، بل أن تكون الرواية معبرة عن حالة نضج إنسانية جديدة، رؤية مغايرة للواقع والحياة والوجود.

لذا أنا في "البحر الأسود المتوسط" أعبّر عما أنا عليه الآن من كل هذه التحولات والرؤى والأسئلة الحارة الناتجة عنها، وهذا ينعكس على بنية الرواية، وطريقة معالجة الأحداث والشخصيات، والتعامل مع الزمان والمكان، هنا كل شيء له معطى مختلف، وهذا من مهمة الناقد المتابع الذي يستطيع رصد هذه التحولات الفنية والفكرية، وأن يؤشر على مدى تحققها بالكفاءة المرجوة من عدمها.

الكتابة فعل شمولي تجمع إليك الكتابة المسرحي و التلفزيونية والقصة القصيرة في تجربتك الإبداعية، هل الكتابة متعددة الأجناس تساهم في تشتيت الهوية أم في ترسيخها؟

أنا دائما أقول إن الكتابة عندي هي فعل شمولي، بمعنى أن عماد الكتابة في القصة والرواية والمسرح والدراما التلفزيونية هو الاختلاف في التقنيات و"التكنيك" وفهم أدوات كل جنس -الخصوصية الفنية لكل كتابة- حتى لا تكون الكتابة العابرة للأجناس هي عملية خلط مؤذية، لكن المنبع واحد، وأدوات التعبير وهي الكلمة هي السمة الواضحة، وأنا لا أرى أن التميز هو في التعدد، بل في القيمة الفنية والفكرية في النص المكتوب، وأنا أجد أن الهوية تترسخ في الرواية والمسرح بشكل أساسي، وأنا أراكم في هذين الجنسين بشكل واضح، أما الكتابات الأخرى فهي إطلالات تكون حين تفرض نفسها كفكرة وبنية تستعدي جنسها الإبداعي معها، وهناك أمثلة ناجحة في الكتابة ضمن أجناس متعددة سواء عربيا أو عالميا، ولم تؤثر على رسوخ الهوية.

وأي مجالات الكتابة أقرب إليك؟

الرواية هي المجال الأقرب، خاصة عندما تستولي علي كتفكير وتخطيط وكتابة، لكن المسرح عالم ساحر لا يمكن لشخص يعرف طلاوة سحره إلا من جربه وفتن به، لذا فأنا أحلق إبداعيا بجناحين: الرواية والمسرح، وقد أفاد نصي المسرحي من خبرتي الروائية، ووظفت بعض تقنيات المسرح في بناء المشهد الروائي.

 في تجربتك الكتابية، كيف تصف نفسك وهل تعيش حالة إغواء الكتابة بوصفك كاتبا غزير الإنتاج؟

ربما مرد غزارة الإنتاج أنني أكتب في أكثر من جنس أدبي واحد، وأنا أعتقد أنني من خلال تجربتي تجاوزت حالة الإغواء إلى حالة حوارية داخلية ومكابدة فكرية ونفسية ذاتية، ولكنها تلك الذات التي تشربت ذوات حالية وسابقة ولاحقة، فصارت الكتابة أقرب إلى مواجهة غير مأمونة العواقب بوجه الأسئلة الكبرى، والفراغ المرعبة التي تحيط بنا وكأنها ثقوب سوداء، لا نهاية لها.

مقالات مشابهة

  • الشباب العربي للتغير المناخي يناقش دور الشباب في COP 29
  • "الشباب العربي للتغير المناخي" يناقش دور الشباب في "COP29"
  • عرب كركوك يرفضون وصفهم بالأقلية
  • مجلس الشباب العربي للتغير المناخي يناقش دور الشباب في مؤتمر الأطراف 29 وأهمية الشراكات بين مختلف القطاعات
  • أحمد الفلاحي.. "أجواء الأسئلة"
  • استضافة مهرجان المسرح العربي يعكس إمكانيات سلطنة عمان وإسهامها في تطوير المشهد الثقافي
  • بريطانيا وإيران: تشكُّل الخليج العربي الحديث.. قراءة في كتاب (2 من 2)
  • مصر تحتفظ برئاسة الاتحاد العربي للثقافة الرياضية في انتخابات 2024
  • في روايته البحر الأسود المتوسط.. البراري يرصد انكسارات الإنسان بعد ثورات الربيع العربي
  • شيخ الأزهر يحذِّر من الانسياق خلف الأنظمة التعليمية التي تحمل أهدافًا غير معلنة