لن أخجل حين أعترف أننى ورقية النزعة، أى أفضل قراءة الصحيفة أو الكتاب الورقي، ألمسه بأصابعي، أشم رائحة الورق والحبر التى تشعل ذاكرتى شغفًا وحبًا للاطلاع على المعلومة، قد يرجع هذا إلى طفولتي، التى لم يكن الديجتال ولا مواقع تواصل اجتماعى تتنافس فى سباق محموم لاستلاب حياة القارئ، كنت فى المساء أتلقف الصحف الورقية فى لهفة عاشق بمحبوبته من عم «صلاح صابر» جارنا وكان يعمل مديرًا للمنطقة التعليمية، وفى يوم الجمعة الإجازة حين لا تتوافر الصحف، أشترى صحيفة واحدة من مصروفي، وكانت غالبًا الأخبار، ولا أعلم لماذا، لعل الأهرام حينها كانت تركز أكثر على الإعلانات الكبيرة والمبوبة على حساب المادة الصحفية، أو لعل اللغة الصحفية فى الأخبار كانت أيسر وأنا فى هذه السن.
فى يوم الأحد والخميس أتنافس أنا وشقيقى الأصغر فارس على شراء مجلة سمير وميكي، ويا لروعة الإحساس ونحن نقرأ تلك المغامرات الملونة فى المجلتين، فى مناسبات الأعياد تقدم المجلات هدايا صغيرة ملحقة بالإصدار، مسطرة ملونة، ممحاة ضخمة، لعبة بلاستيك، وكانت فرحتنا هائلة فقد كنا نشعر أن منتج هذه المجلات يكافئنا بالهدايا لأننا نقرأ.
امتد عشقى للقراءة من الصحف إلى مكتبة المدرسة إلى مكتبة قصر الثقافة لدينا فى محافظة سوهاج، وكانت مكتبة عظيمة بها كل ما يشتهيه عاشق القراءة والثقافة بدءًا من أمهات كتب التراث والتراجم المهمة، وكتب الفلسفة وعلم النفس وصولًا إلى قصص المكتبة الخضراء للأطفال، كما كان أبى لديه مكتبة ورثها عن جدى مفعمة بتفاسير القرآن للطبرى وابن كثير، وكتب عن الأنبياء، وقصص أخرى دينية، عشقى للقراء جعلنى أحاول مبكرًا كتابة القصص والشعر ومراسلة تلك الصحف والمجلات التى كانت تشجع الهواة وتنشر لهم، وكان حظى وافرًا من النشر فى تلك المجلات التى راسلتها بالقاهرة.
كل هذه المقدمة جعلتنى اعشق الصحافة بشكل مبكر، ووضعت نصب عينى هدف أن أصبح صحفية، بل حلمت بالسفر كمراسلة خارج الحدود، كنت أتأمل صور المراسلين فى الصحف الكبرى وهى تتوج موضوعات شيقة عن عوالم غريبة خارج مصر، وأحيانًا موضوعات معقدة عن السياسة الدولية كنت أبذل الجهد لأفهمها مع حداثة سنى، ودخلت كلية الآداب قسم الصحافة وكانت حديثة العهد فى جامعة سوهاج.
منذ هذا الحين، لا يمر يوم فى عمرى دون أن أقرأ، صحيفة، كتاب، قصة، أى شيء، يسقط اليوم من عمرى إذا لم أقرأ شيئًا جديدًا، فى رحلاتي، يكون الكتاب أجمل صديق، فيما الكتابة هى الرئة التى أتنفس من خلالها، ولا أتصور أن يقوم أحد ما بسد تلك الرئة ومصادرة قلمي، فى كل تلك الرحلة كان المنتج الورقى رفيقي، أشعر بحميمية خاصة وأنا ألمس الوريقات، أرى شخوص القصة أو الرواية تتحرك فوق الأوراق، تشاغب، تبكي، تضحك، انفعل بها وأتفاعل معها وأرى الصورة فى الصحيفة تنطق، وتعبر عن ألف كلمة.
منذ سنوات كثيرة تنافست الصحف والكتب الديجتال والمواقع الإلكترونية مع الكتب والصحف الورقية، فى الواقع لا أتحمس كثيرًا للقبوع خلف شاشة باردة لمطالعة الأخبار أو قراءة الروايات، رغم أنها صرعة العصر شئت أم أبيت، لكن الناس فيما يعشقون مذاهب، رغم تعاملى مع الأمر الواقع، لكنى لم أحبه، قد يكون فارق الأجيال، خاصة وأنا أرى أولادنا يعيشون يومهم وأعينهم مصلوبة على الشاشات، وليتهم مشغولون بالقراءة المفيدة، بل بالتوافه التى سطحت معلوماتهم وجعلت ثقافتهم ثقافة جوجل «تك أواي»، ولهذا حديث آخر.
وسأركز هنا على الصراع الذى بات حتميًا بين الصحف الورقية والديجتال، لأن الكتب صاحبها أى مؤلفها له مطلق الحرية فى أن ينشر كتابة ورقى أو ديجتال، وعليه أن يتحمل وحده نتيجة اختياره من انتشار الكتاب بصورة موسعة أو محدودية انتشاره، فخسارته المادية قاصرة عليه أو على أشخاص محدودين حوله، الناشر مثلا أو صاحب الموقع الإلكترونى الذى سينشر له الكتاب، ولكن فى الصحف الأمر مختلف تمامًا.. وللحديث بقية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فكرية أحمد جامعة سوهاج كلية الآداب قسم الصحافة المواقع الإلكترونية
إقرأ أيضاً:
مؤسسة مكسيم الخيرية تطلق مكتبة "ن السحار"
في إطار دورها المجتمعي وتتويجًا لجهودها التنموية، أعلنت اليوم"مؤسسة مكسيم الخيرية للتنمية والخدمات"، بالتعاون مع وزارة الثقافة ومحافظة القاهرة، عن إطلاق مكتبة "ن السحار". والتي تُعد مكتبة عامة مجانية، تقع في مكسيم مول شينزو بمحور شينزو آبي وتمتد على مساحة 250 مترًا مربعًا، وتعتبر إضافة نوعية للجهود المبذولة لتعزيز الثقافة والمعرفة.
وشهد الافتتاح حضور عدد من الشخصيات البارزة، علي رأسهم الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، الدكتور إبراهيم صابر خليل،,محافظ القاهرة،والدكتور أحمد بهي، رئيس الهيئة العامة المصرية للكتاب، ومعالي السفير عبد الرؤوف الريدي، رئيس مجلس إدارة مكتبة مصر العامة، إلى جانب الدكتور محمد كرار، رئيس مجلس إدارة مجموعة مكسيم للاستثمار، والسيدة/ نجلاء السحار، مؤسِسة المؤسسة، والسيدة/ نهال عيسى، الرئيس التنفيذي للتسويق بمجموعة مكسيم للاستثمار، بالإضافة إلى عدد من قيادات المجموعة وشخصيات مجتمعية بارزة.
تُعد مكتبة "ن السحار" مشروعًا ثقافيًا يهدف إلى إحياء التراث الثقافي وتعزيز قيم المعرفة والتعليم المستمر. تتيح المكتبة للزائرين الاستفادة من مصادر معرفية متنوعة تشمل الكتب التقليدية والمصادر الرقمية عبر الإنترنت. كما تضم المكتبة أعمالًا أدبية لكبار المفكرين والكتّاب المصريين، بالإضافة إلى الأعمال الكاملة للأديب والروائي عبد الحميد جودة السحار، مما يوفر تجربة تعليمية وثقافية شاملة.
يأتي هذا النشاط ضمن جهود "مؤسسة مكسيم الخيرية للتنمية والخدمات" تماشيًا مع رؤية مصر 2030 والمبادرات المجتمعية التي تستهدف بناء الإنسان المصري من خلال برامج تنموية متكاملة. وتتصدر هذه المبادرات مبادرة رئيس الجمهورية "بداية جديدة لبناء الإنسان المصري"، التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة للمواطنين عبر أنشطة وخدمات متنوعة تركز على مجالات الثقافة، التعليم، الصحة، الرياضة، والتوظيف.
يُعد افتتاح مكتبة "ن السحار" تتويجًا للدعم اللامحدود الذي تقدمه مؤسسات الدولة، ممثلةً في وزارة الثقافة. فقد ساهمت مكتبات مصر العامة بتوفير الدعم الفني والإداري اللازم لضمان تشغيل مكتبة "ن السحار" بكفاءة، إلى جانب تقديم مجموعة واسعة ومتنوعة من الكتب التي تغطي مجالات عديدة لتلبية احتياجات القرّاء بمختلف اهتماماتهم. كما برز هذا الدعم من خلال التعاون الوثيق والتسهيلات الكبيرة التي قدّمتها محافظة القاهرة.
صرّحت السيدة نجلاء السحار، مؤسِسة مكسيم الخيرية للتنمية والخدمات: "أنا ممتنة للغاية لافتتاح المكتبة التي تحمل اسم والدي، الأديب والروائي عبد الحميد جودة السحار. تمثل هذه المكتبة فرصة لإعادة اكتشاف الإرث الأدبي العظيم لعظماء وكتّاب مصر."
وأضافت: "تعمل مؤسسة مكسيم الخيرية على إحداث تأثير إيجابي مستدام في حياة الأفراد والمجتمعات التي نتشارك معها. نحن نسعى جاهدين لتقديم مبادرات متنوعة في إطار المسؤولية الاجتماعية، تهدف إلى تحسين جودة الحياة في مجالات متعددة، مثل التعليم، والصحة، وتمكين الشباب، ودعم الفئات الأكثر احتياجًا. نؤمن أن التنمية الحقيقية تبدأ من الإنسان، ولذلك نركز جهودنا على تقديم حلول مبتكرة وشاملة تسهم في بناء مستقبل أفضل."
من جانبها، صرّحت السيدة نهال عيسى، الرئيس التنفيذي للتسويق في مجموعة مكسيم للاستثمار: "تُعد المسؤولية الاجتماعية جزءًا أساسيًا من رؤيتنا المؤسسية، والتي تعكس التزامنا تجاه المجتمع. نحن نؤمن بأن الاستثمار في مجالات التعليم والصحة والثقافة يسهم في بناء أجيال قادرة على مواجهة التحديات، ويدعم خلق بيئة أكثر استدامة تعزز الاستثمار بمفهومه الشامل."
وأضافت: "يأتي هذا النشاط ضمن جهود المجموعة التي تتماشى مع رؤية مصر 2030 والمبادرات المجتمعية التي تستهدف بناء الإنسان المصري من خلال برامج تنموية متكاملة. وتتصدر هذه المبادرات مبادرة رئيس الجمهورية "بداية جديدة لبناء الإنسان المصري"، التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة للمواطنين عبر أنشطة وخدمات متنوعة تركز على مجالات الثقافة، التعليم، الصحة، الرياضة، والتوظيف."