بوابة الوفد:
2024-08-25@05:39:35 GMT

معشوقتى لا ترحلى «1»

تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT

لن أخجل حين أعترف أننى ورقية النزعة، أى أفضل قراءة الصحيفة أو الكتاب الورقي، ألمسه بأصابعي، أشم رائحة الورق والحبر التى تشعل ذاكرتى شغفًا وحبًا للاطلاع على المعلومة، قد يرجع هذا إلى طفولتي، التى لم يكن الديجتال ولا مواقع تواصل اجتماعى تتنافس فى سباق محموم لاستلاب حياة القارئ، كنت فى المساء أتلقف الصحف الورقية فى لهفة عاشق بمحبوبته من عم «صلاح صابر» جارنا وكان يعمل مديرًا للمنطقة التعليمية، وفى يوم الجمعة الإجازة حين لا تتوافر الصحف، أشترى صحيفة واحدة من مصروفي، وكانت غالبًا الأخبار، ولا أعلم لماذا، لعل الأهرام حينها كانت تركز أكثر على الإعلانات الكبيرة والمبوبة على حساب المادة الصحفية، أو لعل اللغة الصحفية فى الأخبار كانت أيسر وأنا فى هذه السن.


فى يوم الأحد والخميس أتنافس أنا وشقيقى الأصغر فارس على شراء مجلة سمير وميكي، ويا لروعة الإحساس ونحن نقرأ تلك المغامرات الملونة فى المجلتين، فى مناسبات الأعياد تقدم المجلات هدايا صغيرة ملحقة بالإصدار، مسطرة ملونة، ممحاة ضخمة، لعبة بلاستيك، وكانت فرحتنا هائلة فقد كنا نشعر أن منتج هذه المجلات يكافئنا بالهدايا لأننا نقرأ.
امتد عشقى للقراءة من الصحف إلى مكتبة المدرسة إلى مكتبة قصر الثقافة لدينا فى محافظة سوهاج، وكانت مكتبة عظيمة بها كل ما يشتهيه عاشق القراءة والثقافة بدءًا من أمهات كتب التراث والتراجم المهمة، وكتب الفلسفة وعلم النفس وصولًا إلى قصص المكتبة الخضراء للأطفال، كما كان أبى لديه مكتبة ورثها عن جدى مفعمة بتفاسير القرآن للطبرى وابن كثير، وكتب عن الأنبياء، وقصص أخرى دينية، عشقى للقراء جعلنى أحاول مبكرًا كتابة القصص والشعر ومراسلة تلك الصحف والمجلات التى كانت تشجع الهواة وتنشر لهم، وكان حظى وافرًا من النشر فى تلك المجلات التى راسلتها بالقاهرة.
كل هذه المقدمة جعلتنى اعشق الصحافة بشكل مبكر، ووضعت نصب عينى هدف أن أصبح صحفية، بل حلمت بالسفر كمراسلة خارج الحدود، كنت أتأمل صور المراسلين فى الصحف الكبرى وهى تتوج موضوعات شيقة عن عوالم غريبة خارج مصر، وأحيانًا موضوعات معقدة عن السياسة الدولية كنت أبذل الجهد لأفهمها مع حداثة سنى، ودخلت كلية الآداب قسم الصحافة وكانت حديثة العهد فى جامعة سوهاج.
منذ هذا الحين، لا يمر يوم فى عمرى دون أن أقرأ، صحيفة، كتاب، قصة، أى شيء، يسقط اليوم من عمرى إذا لم أقرأ شيئًا جديدًا، فى رحلاتي، يكون الكتاب أجمل صديق، فيما الكتابة هى الرئة التى أتنفس من خلالها، ولا أتصور أن يقوم أحد ما بسد تلك الرئة ومصادرة قلمي، فى كل تلك الرحلة كان المنتج الورقى رفيقي، أشعر بحميمية خاصة وأنا ألمس الوريقات، أرى شخوص القصة أو الرواية تتحرك فوق الأوراق، تشاغب، تبكي، تضحك، انفعل بها وأتفاعل معها وأرى الصورة فى الصحيفة تنطق، وتعبر عن ألف كلمة.
منذ سنوات كثيرة تنافست الصحف والكتب الديجتال والمواقع الإلكترونية مع الكتب والصحف الورقية، فى الواقع لا أتحمس كثيرًا للقبوع خلف شاشة باردة لمطالعة الأخبار أو قراءة الروايات، رغم أنها صرعة العصر شئت أم أبيت، لكن الناس فيما يعشقون مذاهب، رغم تعاملى مع الأمر الواقع، لكنى لم أحبه، قد يكون فارق الأجيال، خاصة وأنا أرى أولادنا يعيشون يومهم وأعينهم مصلوبة على الشاشات، وليتهم مشغولون بالقراءة المفيدة، بل بالتوافه التى سطحت معلوماتهم وجعلت ثقافتهم ثقافة جوجل «تك أواي»، ولهذا حديث آخر.
وسأركز هنا على الصراع الذى بات حتميًا بين الصحف الورقية والديجتال، لأن الكتب صاحبها أى مؤلفها له مطلق الحرية فى أن ينشر كتابة ورقى أو ديجتال، وعليه أن يتحمل وحده نتيجة اختياره من انتشار الكتاب بصورة موسعة أو محدودية انتشاره، فخسارته المادية قاصرة عليه أو على أشخاص محدودين حوله، الناشر مثلا أو صاحب الموقع الإلكترونى الذى سينشر له الكتاب، ولكن فى الصحف الأمر مختلف تمامًا.. وللحديث بقية.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: فكرية أحمد جامعة سوهاج كلية الآداب قسم الصحافة المواقع الإلكترونية

إقرأ أيضاً:

أثر اللغـة في تشكيل الهوية من الكتاب والسنة

قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف السابق الأستاذ بجامعة الأزهر، إن اللغة هي الوعاء الحامل للمعاني والثقافات، ولا شك أنها أحد أهم عوامل تشكيل الهوية والتأثير في بناء الشخصية، فالذي لا يدرك أسرار لغته لا يمكن أن يدرك كنه ثقافة قومه ولا أن يسبر أغوارها.
 

الإمام الأكبر: الأزهر حريص على نشر اللغة العربية وتقديم الدعم لدول إفريقيا حكم طباعة المصحف الشريف بحروف اللغة الإنجليزية



ووضح جمعة مدى خصوصية اللغة العربية في ذلك، فهي لغة القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، وفهم الكتاب والسنة فرض واجب، ولا يتم إلا بتعلم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .

 

أثر اللغة في تشكيل الهوية من الكتاب والسنة 

واستشهدا جمعة بقول الحق سبحانه : ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ ‌يَقُولُونَ ‌إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾.
ويقول سبحانه : ﴿وَإِنَّهُ ‌لَتَنْزِيلُ ‌رَبِّ ‌الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾.
 ويقول سبحانه : ﴿‌وَلَوْ ‌نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ ﴾.
 ويقول سبحانه : ﴿وَإِنَّهُ ‌لَذِكْرٌ ‌لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾.
ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : " أَنَا أَفْصَحُ الْعَرَبِ ، بِيَدَ أَنِّي مِنْ قُرَيْشٍ".
 

وأضاف جمعة أن سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) كان يقول : "تعلموا العربية فإنها من دينكم"، وعن يَحْيَى بْن أَبِي كثير أن كاتبا لأبي موسى الأشعري كتب إِلَى عُمَر بْن الخطاب كتابًا فيه لحن ، فكتب عُمَر إلى أبي موسى الأشعري: إذا أتاك كتابي هَذَا فاضرب كاتبك سوطا واعزله عن عملك .

وقد علل يوهان فك لخلود العربية بقوله : إن لغة القرآن قد صارت في شعور كل مسلم – أيًّا كانت لغته الأصلية – جزءًا لا ينفصل عن حقيقة الإسلام.

وأشار جمعة إلى أن قد عدّ الأصوليون والفقهاء وغيرهم التمكن في اللغة العربية وأدواتها أحد أهم شروط الاجتهاد ، وبلا شك فإن ذلك أحد أهم شروط المفسر وشارح كتب السنة , كما أكدوا أن الناظر في الشريعة والمتكلم فيها أصولا وفروعًا لا بد أن يكون متمكنًا من اللغة ولا يتكلم في شيء من ذلك حتى يكون عربيًّا أو كالعربي في كونه عارفًا بلسان العرب , بالغًا فيه مبالغ العرب الخُلّص , أو مبالغ الأئمة المتقدمين من العلماء واللغويين .

وانتهى جمعة إلى أن فما أحوجنا إلى الاهتمام بلغتنا العربية تعلما وتعليما وإعطائها حقها من الاهتمام الدراسي والتدريسي في جميع مراحلنا التعليمية، وعقد الدورات التدريبية المتقدمة لمعلمي اللغة العربية بما في ذلك أحدث الطرق والوسائل العلمية لتدرسيها خدمة لديننا وكتاب ربنا عز وجل وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وترسيخ هويتنا العربية والوطنية.

مقالات مشابهة

  • أغرب الجرائم.. ملاك الموت.. ممرضة أمريكية تقتل 30 مريضا بحقنة بسبب حبيبها
  • الحصان الخشبي.. "دار أسب"
  • في ذكرى وفاتها.. رحلة أمينة رزق الفنية بين التراجيديا والكوميديا
  • الصحف الأوروبية صباح اليوم.. صدمة إسبانية بسبب بيلينجهام وليكيب: باريس يصيب بالدوار
  • «العم كايد».. أقدم بائع صحف في الأردن وصاحب أهم أكشاك الثقافة
  • جوجل تتوصل إلى اتفاق مع المشرعين لتمويل الأخبار المحلية
  • أثر اللغـة في تشكيل الهوية من الكتاب والسنة
  • الصحف الأوروبية صباح اليوم.. لاجازيتا ديلو سبورت: الإنتر يحلم بدوري الأبطال.. ماركا: جوندوجان وروكي خارج برشلونة
  • مفاوضات غزة – مصر تخشى "السيناريو الأسوأ" من إسرائيل
  • صحيفة تكشف عن مُقترح مُحدّث لتجاوز عقبات مفاوضات غزة