قبل عام 2011 لم يكن اسم براء قاطرجي مع إخوته يتردد ضمن الأخبار والتطورات المتعلقة بمشهد سوريا الاقتصادي والأمني، لكن الأمر تغيّر شيئا فشيئا وبالتدريج، حتى صار يطلق عليهم لقب "رجال الأعمال" رغم أنهم كانوا يفتقدون أي أرضية أو أساس، على صعيد الثروة الطائلة والعقارات.

ولم يقتصر الصعود على حد اللقب فحسب، بل وصل إلى نقطة أصبح فيها "براء" وأخيه حسام  "يلعبون بالأموال" من الشرق إلى الغرب وفقا للمصطلح المحلي في سوريا، واستنادا لـ"الإمبراطورية" مترامية الأطراف ومتنوعة القطاعات، التي أسسوها في السنوات الماضية.

تفوقت تلك الإمبراطورية في تفاصيلها عن تلك التي شيدها رامي مخلوف ابن خالة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، كما يقول الباحث الاقتصادي السوري، كرم شعار، معتبرا أنها "الأكبر حاليا على الإطلاق".

واستعرض شعار سيناريوهين لمقتل براء يوم الاثنين "بضربة جوية إسرائيلية" قرب العاصمة دمشق، وأوضح أن "تصفيته سيكون لها أثر محدود على أعمال آل قاطرجي، لكون جميع الاستثمارات عائلية".

لكن، في حال كانت التصفية "بناءً على تعليمات من النظام السوري"، يمكن أن يكون ذلك مؤشرا على "بداية النهاية لأعمال العائلة ككل"، حسب الباحث الاقتصادي السوري، وهو مدير "مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية".

????قتيلان إثر غارة جوية إسرائيلية على سيارة بالقرب من الحدود بين سوريا ولبنان.

أحد الأفراد الذين ورد أنهم قُتلوا هو محمد براء القاطرجي، وهو رجل أعمال سوري وصديق مقرب للرئيس السوري بشار الأسد.

وكان قاطرجي معروفًا أيضًا بتمويله لحزب الله بالإضافة إلى الجماعات شبه العسكرية الأخرى… pic.twitter.com/VUsROYvK1N

— محمد .. ( ابو عبدالعزيز ) .. (@cr7_50_) July 15, 2024

ولم يصدر أي تعليق رسمي من جانب إسرائيل بشأن الضربة التي نسبت لها الاثنين، وأسفرت عن مقتل براء قاطرجي وأحد أفراد عائلته ويدعى أحمد عبد المعطي قاطرجي، بعد استهداف سيارتهم على طريق الصبورة، قرب دمشق.

ولم يتعاطَ النظام السوري رسميا مع الحادثة، لكن وسائل إعلام شبه رسمية مقربة منه نشرت الخبر، وربطت ملابسات الحادثة بضربة جوية نفذتها طائرة إسرائيلية، كما أطلقت على براء قاطرجي لقب "الشهيد".

وفي غضون ذلك نقلت صحيفة "فاينانشال تايمز"، الثلاثاء، عن مسؤول إسرائيلي قوله إن براء، أو كما يطلق عليه أيضا "محمد براء" كان له في السنوات الأخيرة صلات بمسؤولين كبار في جماعة "حزب الله اللبنانية" و"فيلق القدس" الإيراني.

وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم كشف هويته، أن قاطرجي "كان جزءا من الحرس الثوري والمسؤول عن العمليات الخارجية للبلاد"، ومتهم بـ"تحويل مئات الملايين من الدولارات إلى حزب الله وفيلق القدس وجماعات أخرى".

ويشمل ما سبق، وفق حديث ذات المسؤول "تحويل ملايين الدولارات إلى حزب الله منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية في أكتوبر"، مضيفا أن "اغتيال قاطرجي كان يهدف إلى منع آخرين من القيام بأنشطة مماثلة".

"وسيط بين داعش والأسد"

وكانت الضربة التي أودت بحياة قاطرجي مفاجئة لسببين، الأول أنها كانت "إسرائيلية"، كما نقلت وكالات، بينها رويترز، عن مصادر أمنية.

أما السبب الثاني فقد كشفت عن صلات هذا الرجل مع "حزب الله" و"فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري" الإيراني، التي سبق أن أشارت إليها السعودية ضمن إجراء صنفت بموجبه براء وأخيه حسام على قوائم الإرهاب.

الأخوان المذكوران، وهما في الأصل من مدينة الرقة التي أعلنها "داعش" عاصمة له، كانا قد برزا بعد اندلاع الحرب في سوريا، بعد عام 2011، وصعدا بسرعة، بعدما لعب دور الوسيط والمسّهل للتجارة غير المشروعة بالنفط بين الأسد و"داعش".

ومؤخرا دخلا على خط الوساطة بين نظام الأسد و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، حيث سهلا تمرير شحنات النفط برا، ولا تزال شركتهما تعمل على ذلك حتى الآن، بحسب مصادر محلية.

لم يكن النفط بين "داعش" والأسد القطاع الوحيد الذي تاجر به براء وأخيه حسام بين شرقي سوريا، حيث كان يسيطر داعش، وغربها.

وبالعودة إلى الوراء، كانت وكالة "رويترز" كشفت في عام 2016 أن عائلة قاطرجي اشترت مخزون صوامع الحبوب في دير الزور من تنظيم "داعش".

وعملت فيما بعد على شراء المحصول من المزارعين عبر تجار تابعين لها، بعدما أبرمت اتفاقا مع التنظيم، شمل نقل النفط إلى مناطق النظام، وتوريد بعض السلع والأغذية بواسطة شركة "قاطرجي للنقل"، وفق "رويترز".

"على قوائم العقوبات"

بين عامي 2018 و2020 فرضت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على الأخوين قاطرجي (براء وحسام)، وبعض مصالحهما التجارية.

وجاء ذلك ردا على تجارتهما غير المشروعة في النفط، وتقديم الدعم لنظام الأسد، ودورهما في شحن أسلحة من العراق إلى سوريا.

وتقول "فاينانشال تايمز" في تقريرها، الثلاثاء، إن براء وأخيه كانا على مدى سنوات من الأعضاء البارزين في الدائرة الداخلية للأسد، وعملوا كواجهة لمصالح تجارية واقتصادية غير مشروعة تسيطر عليها عائلة الرئيس وتستفيد منها. 

وقام الأخوان قاطرجي ببناء إمبراطورية تجارية مترامية الأطراف على مدى العقد الماضي، تشمل الأعمال المصرفية والبناء والخدمات اللوجستية والنقل وتجارة النفط غير المشروعة. 

وعلى هذا الطريق، نجحا في كسب ود الأسد وزوجته أسماء، من خلال تمويل الميليشيات الموالية للنظام وغيرها من الجماعات المسلحة المدعومة من إيران.

ويوضح "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن براء قبل مقتله كان "مسؤولا عن تمويل المقاومة السورية لتحرير الجولان، وميليشيات لواء الباقر".

ويقول إنه كان يمول أيضا "ميليشيا محلية يبلغ تعدادها بالآلاف لحماية مصالحه وخدمة للنظام".

وهو صاحب أهم شركة مسؤولة عن توريدات النفط من مناطق سيطرة "قسد" نحو مناطق النظام.

"شركات ومشاريع كبيرة"

وبحسب بيانات رسمية، وإعلانات تنشرها عائلة قاطرجي بنفسها، يعتبر براء ركنا أساسيا في شركات عدة تتبع في معظمها لـ"مجموعة قاطرجي الدولية"، التي يتعدى عملها سوريا ليصل إلى لبنان.

وتتمحور نشاطات تلك الشركات بقطاع النفط والإنشاءات والإعلام والرياضة وتقديم الحراسة الأمنية، مرورا بالسياحة والإسمنت.

وعلى صفحاتهم الرسمية، دائما ما كان حسام وأخيه براء ينشرون صورا شخصية تجمعهم برئيس النظام السوري.

وكان ذلك مستندا على الدور الاقتصادي الذي لعبوه، والسياسي أيضا. 

وبينما كان حسام عضوا في "مجلس الشعب السوري"، عيّن النظام السوري أخيه براء في سبتمبر 2018 ليصبح أحد الممثلين الخمسين للجنة الدستورية التي تقودها الأمم المتحدة.

ومن ناحية أخرى، كان لافتا قبل عامين الإعلان وإسدال الستار عن شركة "بي إس للخدمات النفطية"، ومقرها لبنان.

هذه الشركة كانت تتبع لـ"مجموعة قاطرجي الدولية"، وسمح لمحطات الوقود التابعة لها باستيراد النفط الخام وتكريره في بانياس وحمص، مقابل أجور مالية تُدفع للحكومة.

ومنحت مقابل ذلك الحق ببيع المشتقات النفطية الناجمة عن التكرير في السوق المحلية أو تصديرها. 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: النظام السوری براء قاطرجی حزب الله

إقرأ أيضاً:

أسوأ الأفرع الأمنية التي قهرت وعذبت السوريين (إنفوغراف)

عاش السوريون منذ سيطرة حافظ الأسد على السلطة، تحت قهر أجهزة أمنية محاطة بجدران من السرية والغموض، وتمارس الوحشية بحق السوريين بصورة لا يمكن تخيلها، تسمى بـ"الفروع"، وكل فرع منها يحمل رقما، بات يشكل رعبا للسوريين بمجرد سماع اسمه، وبعض تلك الأرقام، يعرف بأن المعتقل الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود.

وتنقسم تلك الإدارة الأمنية إلى شعب ترتبط جميعا بالقائد الأعلى للجيش منذ زمن حافظ الأسد وطرأت عليها تعديلات طفيفة وبقي جوهر الإجرام والقهر فيها بحق السوريين في زمن الرئيس المخلوع بشار الأسد، وهي المخابرات الجوية، والأمن العسكري والأمن السياسي والمخابرات العامة أو أمن الدولة.

وتتركز مقرات هذه الشعب في العاصمة دمشق، وينتج عنها فروع في كافة المحافظات تحمل رموزا.


في الانفوغراف التالي نستعرض أسوأ الأفرع التي يحتاج السوريون إلى أجيال لتمحى تلك الأرقام ودلالاتها من ذاكرتهم:



مقالات مشابهة

  • نظرة إسرائيل إلى جبهات المقاومة وإيران
  • رئيس الائتلاف السوري: لم نلتق الشرع وسنعود إلى سوريا
  • وسائل إعلام صهيونية: 75 ألف جندي يتلقون العلاج والتأهيل بعد إصابتهم في جبهات القتال
  • نتنياهو يزور جبل الشيخ في سوريا الذي احتله الجيش الإسرائيلي بعد سقوط الأسد
  • الأسلحة الكيميائية وسر نظام الأسد المظلم الذي تخشاه إسرائيل والغرب
  • ملازم في المخابرات الجوية .. الكشف عن هوية الـ'سجين' الذي ظهر مع مراسلة 'سي إن إن'
  • أمير منطقة تبوك يستقبل المواطن عبداللطيف العطوي الذي تنازل عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى
  • أسوأ الأفرع الأمنية التي قهرت وعذبت السوريين (إنفوغراف)
  • ‏البيان الذي يعتقد أنه من الأسد: انتقلت إلى قاعدة حميميم في وقت مبكر يوم 8 ديسمبر
  • مراسلة الجزيرة بموسكو تكشف عن الفندق الذي نزل به الأسد والأموال التي بحوزته